هل تتذكرون أيام الطفولة؟ هل تتذكرون «بُمب العيد» وحالة الصخب الذى كُنا ننشرها فى شوارعنا فى القرية؟ كُنا نتسابق على الحصول على «بُمب العيد» ونقوم بضربه إما على الأرض أو فى حوائط البيوت لكى يُصدِر صوتاً عالياً، كُنا نفعل ذلك فى الصباح ونحن نرتدى ملابسنا الجديدة، لو تتذكرون أن البعض كان يختبئ خوفاً من الصوت الذى يُصدره البُمب، والبعض الآخر كان يذهب بعيداً ويأخذ أحد الجدران الجانبية ساتراً له.. والنتيجة النهائية هى: مُجرد صوت عالٍ، أو فرقعة، أو مجرد (بووووم) نحتفل به خلال أيام العيد الأربعة.
أما الآن، ومع اختلاف العصر، أصبح «بُمب العيد» مختلفاً عن أيامنا، وأصبح «صواريخ صاخبة» تُصدر صوتاً أعلى ومُزعجاً فى أحيان كثيرة، «الصاروخ» طويل إلى حد ما ويصل طوله إلى (٣) سم، أما فى السابق كان البُمب عبارة عن كرة صغيرة من الورق بها مادة تُصدر صوتاً ضعيفاً وملفوفة بسلك دائرى وهى فى المجمل وزنها بسيط جداً، وأصبحت الاحتفالات الصاخبة بالصواريخ لا تتوقف على أيام الأعياد فقط، فمن الممكن أن يتم الاحتفال بالصواريخ هذه بعد مباراة مهمة للمنتخب أو فى أفراح الأصدقاء أو فى نجاح أحد الأشخاص من جيراننا.
لكن -من وجهة نظرى- تطور استخدام (بُمب العيد) أو (صواريخ العيد) تطوراً مذهلاً، وأصبح التطور هزلياً وأقرب لـ(مسرحية)، مسرحية رديئة لأبطال من ورق وممثلين كومبارس ومُخرج يهوى مشاهد الفانتازيا غير الحقيقية وغير الواقعية وغير المحبوكة التى لا تُقنع الأطفال فى مرحلة الـ(KG) لأنها رديئة.. وبما أننا شاهدنا ضرب صواريخ فى منطقة الشرق الأوسط فى رابع أيام العيد فإننى أُشبهها بأنها أقرب لـ(صواريخ العيد أو بُمب العيد)، لما صاحبها من مشاهد مماثلة بالضبط لما نفعله حينما نطلق صواريخ وبُمب العيد، الصواريخ التى أُطلقت فى الشرق الأوسط فى فجر رابع أيام العيد هى مجرد صواريخ صوت لم تصب الهدف لكنها أحدثت صدى كبيراً، أعدادها كبيرة وتأثيرها فى الحقيقة صفر.. لكنى أرى أنه صاحَبتها حالة من الدوشة والصخب الشديدين، وبصراحة فإنهما حالتان مصطنعتان وعبارة عن مشاهد تمثيلية مُجهزة سلفاً لدرجة أن كل الأطراف تعلم تمام العلم بعدد الصواريخ التى أُطلقت والفترة الزمنية التى تستغرقها للوصول لأهدافها وجميع الأطراف تعلم بها والوسطاء يعلمون بها والأمم المتحدة تعلم بها والطرف الذى أُطلقت عليه يعلم بها ومُستعد لاستقبالها وقام بمواجهتها ونجح بنسبة ٩٩٪ وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى قال عنها: وصلت وتصدينا لها مع حُلفائنا وهى صواريخ فاشلة.
ما أريد التأكيد عليه هو: لا تنخدعوا بما يحدث حولنا، لا تنخدعوا بما تُصوره لنا وسائل الإعلام العالمية من أن هناك رشقة عددها (١٨٥) من الطائرات المسيَّرة و(١١٠) من الصواريخ أرض أرض و(٣٦) صاروخ كروز تم إطلاقها، فلابد أن تُكمِلوا الجملة وتقولوا: إنها طائرات مُسيّرة وصواريخ فشنك ومُتفق عليها، مثلما تم الاتفاق عليها مِن قبل وكشف سرها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب حينما قال -فى تصريحات فيديو- كلمات صريحة ولا تحتمل التأويل وكشف عن التفاهمات الأمريكية الإيرانية وكيف كان يتم التنسيق بينهما فى عمليات إطلاق الصواريخ على القاعدة العسكرية الأمريكية فى محافظة الأنبار فى العراق وقال نصاً «لقد اتصل بنا الإيرانيون -وأتحدث لأول مرة عن ذلك- وقالوا: ليس لدينا خيار آخر، علينا أن نضربكم لأننا مُضطرون لكراهيتهم أمام الرأى العام، ولأننا نحترم أنفسنا وتفهمت موقفهم، وفعلاً لقد ضربناهم ويجب أن يردوا، وقالوا سنُطلق ١٨ صاروخاً على قاعدة عسكرية معينة لديكم، ولكن لن يصل أى منها إلى القاعدة العسكرية، فهى صواريخ دقيقة جداً، ولا تخطئ أبداً، فهى موثوقة ودقيقة جداً».. هذه الكلمات الصادرة عن الرئيس الأمريكى السابق -التى لا تحتمل الشك- تؤكد أن هناك تنسيقاً واضحاً فى المواقف، ولهذا يجب علينا ألا ننخدع بعملية الشد والجذب الدائرة الآن فى الشرق الأوسط، والحَذر مما هو قادم.