تُدَمّر غزة بالكامل منذ أكثر من ٢٠٠ يوم، وما زال القانون الدولى غائباً. تمت تسوية غزة بالأرض وأهلها لا حول لهم ولا قوة والعالم فى حالة صمت مُريب، قُضى على مستقبل الأطفال وهُدمت مدارسهم ومستشفياتهم ولا يجدون العلاج المناسب ويموتون جوعاً والمنظمات الدولية غير قادرة على التصدى لإسرائيل، إدانات دولية حبر على ورق، مؤتمرات صحفية لشجب مجازر إسرائيل، لكن لا أحد يتحرك ليقول لإسرائيل STOP.. مُعاناة، مجاعة، حرمان من العلاج والغذاء والدواء والمياه والكهرباء والاتصالات، إنها الإبادة الجماعية بعينها، إنها جريمة حرب، آسف «إنها جرائم حرب» تُرتكب فى حق ٢٫٤ مليون مواطن فلسطينى مُقيم فى قطاع غزة.
انتهى وقت الكلام، رُفعَت الأقلام وجفت الصحف، فاليوم يوم الحِداد على غياب القانون الدولى عن عمد، وللأسف هذا الغياب للقانون الدولى يجد داعمين له ويجد أرضاً خصبة للنمو فى مجلس الأمن، فى اجتماعات مجلس الأمن وأثناء التصويت على قرارات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة أو إدانة إسرائيل أو إعلان الدولة الفلسطينية وانضمامها للأمم المتحدة على الفور يرفع مندوب القوى العظمى يده بسرعة لإعلان اعتراضه والإعلان -بطبيعة الحال- عن حق الفيتو الجاهز لمساندة إسرائيل فى كل الأوقات وفى كل الأحوال مهما ارتكبت من مجازر فى المستشفيات ومهما قامت به من عمل مقابر جماعية، إنه دعم غير طبيعى لإبادة جماعية لشعب يبحث عن الحياة على أرضه وأرض أجداده، إنه لأمر مؤلم.
جميع مقرات المنظمات الإنسانية فى قطاع غزة تم استهدافها، منظمة الصحة العالمية تصرُخ ولا أحد يستجيب لصرخاتها، منظمة الإغاثة الإنسانية دفع عناصرها الثمن وتم استهدافهم بلا رحمة ولا أحد يتحرك.
«أنطونيو جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة» لا يألو جهداً ويتحرك تحركات جادة فى كل الاتجاهات من أجل التحذير من حدوث مجاعة فى غزة ومن اختراق القانون الدولى ومن تهديد الأمن والسلم الدوليين، لكن تحذيراته لا تجد من يستمع لها بل إن «بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى» يشن عليه حملة كبرى ويقول: «لا توجد مجاعة»!
«جوتيرش» فى كل خطاباته فى الأمم المتحدة وأمام معبر رفح وفى كل لقاءاته بزعماء العالم يُطالب باحترام المواثيق الدولية وقال الجُملة الشهيرة: «الشرق الأوسط على حافة الهاوية»، لكن من الواضح أن القوى العظمى أقوى من الأمم المتحدة وأقوى من القانون الدولى وأقوى من العدالة الدولية التى ننتظر تطبيقها فى مجلس الأمن.
٢٠٠ يوم مرت على دمار قطاع غزة -وما زال الدمار مُستمراً- والأوضاع فيه تُدمى قلوبنا ونحن عاجزون أمام القوى العظمى التى تُناصِر الهَدامين الطامعين فى أرض غزة وغازها وثرواتها وسواحلها ضارباً عرض الحائط بالمواثيق الدولية.. ٢٠٠ يوم وهى فى عرفنا بمثابة ٢٠٠ سنة لأن يوم هذا العدوان بسنة، فاليوم يشهد ضربات صاروخية وضحايا من الأطفال والنساء وهدم المنازل وصرخات فى كل مكان ودماء تسيل ودواء مفقود وعلاج غائب ودموع على خدود الكبير والصغير وقلوب مكسورة ومهزومة وأُناساً مُشردين لا يجدون أى مأوى وبالتالى جُثثاً بلا عدد وجنازات لا حصر لها.. وحسبى الله ونِعم الوكيل.