كانت مصر، وستظل، هى حائط الصد الأقوى والمدافع الأول عن القضية الفلسطينية -قضية العرب المركزية- والداعم لحق الشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة.
وفى سجلات التاريخ أسماء أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح قدمتهم مصر خلال حروبها مع إسرائيل من أجل القضية الفلسطينية، منذ بداية النكبة عام 1948 حتى الآن.
وترتبط مصر بقضية فلسطين ارتباطاً عضوياً تقتضيه محددات الأمن القومى العربى، وتحكمه عوامل الجغرافيا والتاريخ والدم بين الشعبين المصرى والفلسطينى.
وجاء قرار مصر بالتدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية، للنظر فى انتهاكاتها لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة مؤكداً للموقف المصرى الداعم -رسمياً وشعبياً- للقضية الفلسطينية.
انضمت مصر للدعوى أمام «العدل الدولية»، رغم أنها أول دولة عقدت اتفاق سلام مع إسرائيل، لكنها أعلنت أنها جاهزة للتعامل مع كل السيناريوهات، ولأنها الأكثر شرفاً فى التعامل مع القضية، فهى لم تُخضع القضية الفلسطينية يوماً -فى أى مرحلة- لحسابات مصالح آنية، ولم تستخدمها أبداً كورقة لمساومات إقليمية أو دولية.
انتبهت مصر منذ بداية العدوان الإسرائيلى الهمجى على «غزة»، لمخطط تهجير الفلسطينيين، بدفع سكان غزة إلى مغادرة أراضيهم لبدء التنفيذ العملى لمخطط تصفية القضية الفلسطينية، وأكد الرئيس السيسى -فى أكثر من مناسبة- رفضه الحاسم لمخططات تهجير الفلسطينيين، سواء من غزة لمصر، أو من الضفة الغربية للأردن.. ووضع الرئيس عبدالفتاح السيسى الخط الأحمر لقطع الطريق على مسارات التفاوض أو المساومة لتنفيذ المخطط.
والرئيس السيسى لم يضع خطه الأحمر لدغدغة مشاعر المنحازين للجانب الفلسطينى، أو كتهديد لفظى للعدو دون مقتضى، لكنه خط يصل بين نقطتين، الأولى.. رفض مصر مخطط تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، والثانية.. تمسُّك الفلسطينيين أنفسهم بالأرض، وصمودهم فى مواجهة العدو المحتل، والخط بهذه الصورة وثيق الصلة بالأمن القومى المصرى، والأمن القومى العربى أيضاً، ومدعوم بجيش قوى لكنه رشيد كما أكد «السيسى» نفسه.
وحتى اللحظة، يقف الشعب المصرى خلف قيادته داعماً ومؤيداً لموقفها فى التعامل مع تطورات العدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة، وجاء تمسك الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة حصول الفلسطينيين على حقهم فى إعلان دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية، معبراً عن جدية الموقف المصرى الراسخ بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى غير المشروع، وإيقاف مسلسل الانتهاكات فى الأراضى المحتلة.
ومصر لا تدعم القضية الفلسطينية بمواجهة إسرائيل وحدها، لكنها تواجه داعميها أيضاً، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وتضع العالم كله أمام مسئولياته السياسية والإنسانية والأخلاقية بتقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، والدفع فى اتجاه عملية السلام، وتفعيل قرار حل الدولتين لضمان حصول الشعب الفلسطينى على حقه فى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
ولا يخفى على أحد ما تتعرض له مصر من ضغوط سياسية واقتصادية، لدفعها لغض الطرف عما يواجه الصراع «العربى- الصهيونى» من تحديات، وما يُعرض عليها من إغراءات لعبور أزمتها الاقتصادية بأمان، لكنها ثابتة على موقفها لأنها -كما قلنا- الأكثر شرفاً فى التعامل.
الشعب المصرى، رغم كل ما يلاقيه من صعوبات معيشية، يرفض المساومة، ويقدم المساعدات الإنسانية «من لحمه الحى» للأشقاء الفلسطينيين، رغم ترهلات المزايدين، وحسناً ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى استاد القاهرة الدولى، خلال مؤتمر «تحيا مصر وفلسطين»، لقطع الطريق على كل المزايدين على الدور المصرى الداعم للشعب الفلسطينى فى غزة، وإشارته إلى نجاح مصر فى فرض إرادتها لضمان النفاذ الآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية، رغم رفض إسرائيل وتعنتها، ووصول المساعدات المصرية لأكثر من 75% من حجم المساعدات الدولية مجتمعة، سواء من الدول -عربية وأجنبية- أو المنظمات، وذلك رغم وضعنا الاقتصادى الصعب.
وهو ما أشاد به «أنطونيو جويتيريش»، سكرتير عام الأمم المتحدة، مثمناً الجهود المصرية ودورها المقدَّر لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
مصر ثابتة على موقفها الداعم للحق الفلسطينى، لم ولن تفرط، وشهادة الضمان مختومة بخاتم الشعب المصرى بأكمله، الذى يقف رهن إشارة قائده لاستكمال المهمة سلماً أو حرباً.. والعالم كله يعلم هذه الحقيقة.