كنا طلبة صغار في الثمانينيات نواجه طلبة الجماعة الإرهابية في كل مكان.. حتي انتقل ذلك فيما بعد إلي الجامعة لنواجه ذات المزاعم بذات العبارات بغباء مع رطانة لا مثيل لهما!لكن نقول: بينما كنا طلبة بدأنا الإهتمام بالشأن العام مبكرا.. نتابع أغلب صحف مصر.. القومي منها والحربي فلن تكن الصحف المستقلة قد ظهرت.
وإذ بصحيفة الأهالي الناطقة بلسان حال حزب التجمع ونشهد علي تصديها لهذا التيار مبكراً جداً تنفرد بحوار صحفي مع سكرتير النيابة الذي سجل التحقيق مع محمود عبد اللطيف المتهم الأول في حادث المنشية.
وجاءت شهادته بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الحادث جرت في الأمور مياه كثيرة لكن كانت حبكة صحفية مهمة قال الرجل فيها ما معناه أنه يشهد أنه تابع التحقيق كاملا مع محمود عبد اللطيف وغيره ولكنه باعتباره الأشهر فيذكره بالاسم ويشهد أنه لم ير أي عنف أو تهديد مورس ضده وأن اعترافاته جاءت كلها بإرادته الحرة الكاملة وهذه شهادة يقولها سيحاسب عليها!
كانت شهادة الرجل قنبلة في وجه تيار هائل من الأكاذيب بما في ذلك أقلام في الصحف القومية لم تستح من دعم الإخوان في كذبة تاريخية لمجرد أنها تحقق أهم انتقاماً سياسياً من الستينيات ومن جمال عبد الناصر نفسه!
كان الزعم بأن محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر عام ١٩٥٤ أنها تمثيلية أشرف علي إخراجها ناصر نفسه هو التيار الكاسح في الشارع المصري بل والعربي.. إلا بعض التيارات السياسية المعادية بطبيعتها للجماعة الإرهابية، لكن لا يمتلكون من الأدوات الإعلامية ما يصل برأيهم للناس قي مقابل كتب وصحف ومساجد وزوايا ومنابر في كل مكان وأشرطة كاسيت تعزف جميعها لحنا واحداً يقول بكذب القصة، وأنها من تنفيذ الدولة وقتها!
كنا نناقش المزاعم الإخوانية بالمنطق.. فما الذي يدفع زعيم ثورة لها شعبية جارفة لمثل هذا التمثيل؟ ويقع فيه ضحايا بالفعل؟! هل للتخلص من الإخوان كما قالوا؟! وبنصيحة من أستاذ دعاية امريكي؟! وهل كان ناصر وقد حل الأحزاب كلها بجرة قلم يحتاج إلى مبرر؟! ولو احتاجه فهل بهذه الطريقة؟! ليس لسقوط ضحايا فقط، لكن التي تظهر النظام بأنه ضعيف مهتز يمكن العدوان علي قائده، ولا إجماع عليه من الشارع المصري؟!
وماذا عن اعترف الجناة؟ سيردون بالحجة الدائمة: اعترفوا تحت التعذيب! مرت الأيام بين هذا الجدل.. حتى ظهر بعد ٢٠١١ خليفة عطوة.. الذي أقر بأنه وهو أحد المتهمين الكبار بالمحاولة بصحتها.. وأنه حصل على حكم بالإعدام لكن خفف لصغر سنه فقد كان دون الثامنة عشر.
لكن قبل ذلك وبعده توالت الاعترافات الأخرى، بعضها جاء للتاريخ كما فعل محمد فريد عبد الخالق، وكان قد تجاوز التسعين، وهو يشهد علي العصر علي شاشة قناة الجزيرة ثم في حوار مع جريدة الأحرار عام ٢٠١٠ فيقول: إنه كان يوجد شباب متحمس من الإخوان، وهي خلية من خلايا النظام الخاص في إمبابة يرأسها هنداوي دوير.
وعندما عرفت ذهبت إليه، وقلت له: يا هنداوي، الصدام يا ابني مع جمال والجيش غلط، واحنا أصحاب فكر، أرجوك.. أن تترك هذا الأمر، وذهبت إلى المستشار حسن الهضيبي، وقلت له الموضوع، فقال: أنا لا أوافق على ذلك، وقال لي: أرجوك يا فريد، امنع هذه الحركة.. فقلت له: أنا لست المرشد، ولا تضعها في رقبتي، وأنت تتحمّل مسؤوليتك أمام الله كمرشد ، ولم يسمعوا الكلام، وحدث ما حدث "!
بالطبع كان المرشد ذكيا.. فإن كان يريد وقف الجريمة لتحرك هو علي الفور.. لكنه شعر أن الموضوع تسرب خارج التنظيم الخاص فأراد حماية نفسه!
ورغم أن الاعترافات توالت صراحة بعد وصول الجماعة للسلطة ظنا منهم أنهم لن يتركوها أبدا وبالتالي يتباهون بالحادث فكان ذلك علي المنابر وفي الحوارات الصحفية والتلفزيونية، إلا أن القرضاوي يحاول إيجاد العذر فيعترف ويقول علي قناة الجزيرة.
في مذكراته " سيرة ومسيرة " التي سبق الاشارة اليها : "القرضاوى نصا، إن حادث المنشية مسئول عنه هنداوي دوير ومجموعته، وأن قناعة دوير كانت قائمة على أن النظام كله قائم على عبد الناصر وأن رصاصة واحدة له كفيلة بالقضاء على ثورة يوليو"!
انتهى كلام القرضاوي الذي اعترف بمثله مهدي عاكف في فيلم تسجيلي لقناة الجزيرة أيضا عن العنف السياسي في عام ٢٠٠٠ او ٢٠٠١ وهو ما قاله أحمد رائف أحد أعضاء تنظيم ١٩٦٥لكن القرضاوي يتحدث عن قناعة هنداوي دوير وليس جماعته لكن جاءت اعترافات المدير السابق لمكتبه هو شخصياً عصام تليمة الذي قال عبر صفحته علي فيس بوك في ٢٠١٨حرفيا: "إنه يعرف من تورطوا فيها وأن أحدهم مازال حيا و» مستشيخ » وإن مرشد الجماعة مأمون الهضيبى كان يعرف من أطلق النار على عبد الناصر فى حادث المنشية ولكن أغُلقت أفواه الناس عنها بأمر صدر من المستشار مأمون الهضيبى. وأضاف : إنه كان شاهداً على منع مرشد الجماعة أشخاصاً كانت شهادتهم مهمة "!!!!كثيرون اعترفوا..وفضحوا نصف قرن من الكذب..وبدورنا خلفهم..نفضح مزيد ومزيد من الأكاذيب !