حكومة التاكسى الأبيض.. قصف جبهة!!

محمد فتحى

محمد فتحى

كاتب صحفي

حتى الآن لم تتدخل الحكومة فى أزمة التاكسى الأبيض وأوبر، تستطيع أن تقول إن الحكومة مرتبكة إزاء الموقف، أو لم تسمع عنه أصلاً! تستطيع أن تقول إن الحكومة تنتظر مصيبة تحدث حتى تتدخل، فلما كانت البوادر هى (كمائن) نشرت «الوطن» عنها من أصحاب التاكسى الأبيض لسائقى أوبر وتسليمهم (تسلم أهالى) للشرطة، التى أطلقت سراحهم بعدها بقليل، لم نسمع أيضاً عن تدخل الحكومة، أزيدك من الشعر بيتاً وأسألك: من هوالمتحدث الرسمى باسم حكومة شريف إسماعيل، أو مستشارها الإعلامى الذى يتعامل مع الناس؟

قبل أن أطلق التاكسى الأبيض طلقة بائنة لا رجعة فيها سألنى السائق: هما ليه لسه ماجابوش رئيس حكومة بعد محلب؟ يظن الرجل أن المنصب شاغر حتى الآن، بينما الحقيقة أن رجلاً صموتاً عبوساً (لا أتحدث الآن عن كفاءته بل عن سماته الشخصية) هو الذى يترأس حكومة يقول أحد وزرائها إنه بصدد التعاقد مع شركة أجنبية لإدارة محطات السكة الحديد الخاصة بنا، لأننا (فاشلون) فى إدارتها!!

هذه حكومة تستحق الدعم لكننا لا نستحق منها الدعك الذى نراه، لا سيما أن المهندس شريف إسماعيل (زى النسمة) حتى إنك لا تشعر بوجوده، ولا أعرف هل هذه ميزة أم عيب، لكن أعرف أن الحكومة (كعادتها) متأخرة خطوات عما يحدث.

تأخرت فى التدخل فى أزمة الأطباء فتطور الأمر وتفاقم حتى وصل لجمعية عمومية ذات نكهة ثورية عُقدت أمس وسط تعاطف ودعم لم تعرفه نقابة لسنوات وسنوات، تأخرت الحكومة فى إحداث إنجاز حقيقى يحسب لها ولو على سبيل (اللقطة) التى يجيدها آخرون بشدة، لنخرج من حالة رئيس الوزراء النحلة الذى يلف ويلف ويلف وكنا ننتقده لنزوله الدائم ونطالبه بسيستيم، لحالة رئيس وزراء يدرس ويدرس ويدرس ويفتتح جناحاً لسك العملة فى معرض الكتاب، بعد افتتاحه لمعرض الكتاب نفسه بعدة أيام!!

تأخرت الحكومة فى التواصل الحقيقى مع الناس، فلم يعد يشعر أحد بوجودها، وصارت أحداث مثل قطار بنى سويف أحداثاً روتينية نتعامل معها بشكل عادى بعد أن كنا ننتقد رؤساء حكومة الإخوان لأنهم لم يذهبوا لزيارة المصابين، وحين كانوا يفعلون كانوا ينصرفون هاربين من هجوم الناس عليهم هناك.

تأخرت الحكومة -كثيراً- هى وسابقتها فى إحداث أى أثر إيجابى من أى نوع فى ملف الإعلام الرسمى وتلكأت انتظاراً للقوانين رغم وجود الخطط والخبراء، ورغم خسائر ماسبيرو، ورغم وجود كوادر، ورغم أن حال إعلامنا الرسمى (يكسف).

تأخرت الحكومة فى (ضبط الأداء)، والواقع أن العالم كله فى فلسفة الإدارة السياسية التى يتكئ عليها خرج من مرحلة (النظام) إلى مرحلة (التنغيم والتناغم)، وهى المرحلة التى نعيش فيها لكن بشكل عكسى تماماً، وبشكل سلبى تماماً، فحقيقة الأمر أن هناك تناغماً، لكن فى الإخفاق والتراجع وعدم إدراك مشكلات الواقع التى تعمى أضواء إنذارها الأعين، لكن الحكومة (مغمضة)!!

فى أزمة التاكسى الأبيض والأوبر غابت الحكومة بدلاً من الاستفادة من تجربة أوبر الناجحة، وإقرارها على سائقى التاكسى الأبيض، وهو ما يحدث فى العديد من دول العالم مثل ألمانيا التى يشترك التاكسى فيها فى أوبر ويتبع تعليماته، ولأن الأفكار المستحدثة غريبة على هذا البلد، ولأن الحكومة تسمع متأخراً عن الأزمة وعن كل شىء لا يتحرك أحد.

حتى الحكومات السابقة لم تستفد من تجربة الجونة مع التوك توك الذى يعد المواصلة الرئيسية هناك، لكنه تابع لشركة متخصصة تراقب سائقيه وتعينهم وتوفر لهم المرتبات والتأمين الصحى، ولذلك التوك توك هناك نعمة، وله تسعيرة ثابتة، وكل هذا لأن هناك (نظام) يعمل (بتناغم) لتحقيق راحة المواطن أو سعادته التى تسعى إليها علوم الحوكمة فى العالم أجمع.

كان لإبراهيم محلب، وتكرار اسمه هنا نظراً للأثر الذى أحدثه وسط الناس التى تطالب بعودته، وسيعود، وسأذكركم، كان لمحلب طريقة ذكية فى التواصل مع الإعلام حتى ذلك الذى ينتقده، كان يحاول أن يتواصل معه مهما هاجمه، ولم يكن يسمح لنفسه بأن يضعه فى مرتبة الخصومة، كان يشرح للإعلاميين ويلتقى بهم ويتعامل مع نقدهم بمنتهى التفهم، ويصدر مستشاريه ومعاونيه لاقتحام العديد من المشكلات ومتابعتها، ومع ذلك كنا ننتقده ونقول إنه بلا رؤية، رغم حركته الدائبة، الآن عرفنا أنه: «ولا يوم من أيامك يا محلب»، وعرفنا أن شريف إسماعيل كان يجب أن يتعلم من التجربة، لأن المقارنة ليست فى صالحه، لكنه لا يريد، ونحن لا نريد إلا أن ينجح، فنجاحه، مهما هاجمناه، نجاح لنا جميعاً، وفشله، مهما ساندناه، فشل لنا جميعاً.

كنا نتمنى أن تكون الحكومة الحالية مثل الأوبر، لكنها للأسف مثل التاكسى الأبيض، تشتكى من المواطن، لا تريد أن تطور من نفسها وتريد أن تشتكى من الحال، وتلغى أى كلام عن انتقادها باعتباره يعطل المسيرة.

ونفسى أعرف: هى فين المسيرة.. فيييين المسييييرة.. فييييين المسييييرة..

لكنى أرد على نفسى: طب هى فين الحكومة؟ (بصوت عم أيوب)