موقف «القرضاوى» من أزمة الإخوان المسلمين (2 - 2)

ذكرنا فى المقال السابق، عن الموضوع نفسه، أن الشيخ «القرضاوى» وهو يتوسط فى موضوع حل الخلافات بين فريقين من الإخوان متصارعين على السلطة والقيادة والمنهج المستقبلى، هل هو الإصلاحى أم الثورى، وعن الاستراتيجية المستقبلية وتكلفتها، وقد عقد الشيخ سلسلة من اللقاءات مع لجنة مساعدة له، وتوصل إلى أربع نقاط عامة:

أولاً: وحدة الصف لمواجهة التحديات الكبيرة التى تشهدها مصر والمنطقة. ولست أدرى ماذا يقصد الشيخ بالتحديات الكبيرة؟، هل تشمل تلك التحديات، الإرهاب، خصوصاً «داعش» وأخواتها، وتشمل العنف، والمخططات التى تسير نحو التقسيم فى المنطقة؟ وهل تشمل تلك التحديات القواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية وغيرها فى الخليج أم أن التحديات هى ضرورة عودة ما يسميه -خطأً- الإخوان وأعوانهم وحلفاؤهم والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بالشرعية؟ أم هى الهيمنة الأمريكية فى المنطقة، أم هى إسرائيل والاستعداد لمواجهة الصهيونية؟ وكيف يتم ذلك إذا ادعاه الإخوان اليوم، وهم ينسقون مع الأمريكان، وللأسف فإن مخططات الإخوان كلها -اليوم- ضد وحدة المنطقة وضد وحدة مصر؟ وهى تصب فى صالح إسرائيل ومصلحتها؟

ثانياً: يطالب الشيخ بالمحافظة على مؤسسات الجماعة، وحسن استثمار طاقات أبنائها وإمكاناتهم. أين هى مؤسسات الجماعة فى مصر اليوم؟ بعد أن نرى الإخوان يعملون العنف أينما استطاعوا، ويعملون سراً فى دعوة كانت أوضح من الشمس وأضوأ من القمر. ولماذا لم يحافظ عليها الإخوان بعد الثورة، كما حافظوا عليها قبل الثورة حتى أيام «مبارك»، وتحملوا الضغوط دون الدعوة لثورية ولا إلى عنف، ولا إلى تحالف مشبوه، وكان شعارهم الذى رفعوه: المشاركة لا المغالبة. فلما جاءوا إلى الحكم غالبوا ونسوا المشاركة، ولم يتركوا مجالاً للمشاركة، وأعطوا ظهرهم للشعب كله. وقد طالبهم الشعب بتغيير الحكومة فلم ينصتوا للشعب، وطلب منهم كذلك انتخابات رئاسية مبكرة فكان عندهم «ودن من طين وودن من عجين» للأسف الشديد.

ثالثاً: يدعو الشيخ إلى الالتزام بالمسار الثورى السلمى. أين هو المسار الثورى اليوم عند الإخوان؟. ثورة 30 يونيو العظيمة قامت ضد الإخوان، وضد أخطائهم العديدة فى الحكم. وأين موقع السلمية بعد المظاهرات والتفجيرات وتشكيل مجموعات العنف والمقاومة، والمناداة بقتل الشرطة والجيش والتفجيرات العديدة؟

أما المادة رابعاً من «البيان القرضاوى»، التى تدعو الإخوان أن يكونوا على قدر المسئولية فى نصرة إخوانهم ومدافعة عدوهم، فهى مادة غريبة جداً. من هم إخوان الإخوان الذين يلزم نصرتهم؟ ومن هم العدو الذى يجب مدافعته؟. هل يستطيع الشيخ أو من معه أن يوضح هذه النقاط وما يقصد بها فى بيانه؟.

لا أدرى إذا كان الشيخ «القرضاوى» أو الإخوان أو أنصار الإخوان يستطيعون تحديد أنصارهم وأعدائهم؟ المحاولة يا مولانا، تغريد خارج السرب، ولا ترتكب جماعة أو مؤسسة الأخطاء التى ارتكبها الإخوان بعد الثورة وأثناء توليهم الحكم، ثم يكتب لها الاستمرار فى أى بلد آخر وليس فى مصر وحدها.

وهنا كان ينبغى أن يضع «القرضاوى» واتحاد علماء المسلمين واللجنة التى حاولت الإصلاح بين الإخوان -أن يضعوا- أخطاء الإخوان أمام أعينهم، وينصحوا الإخوان بأن ينظروا إلى أخطائهم، خصوصاً الصراع مع النظام القائم فى مصر اليوم، الذى حما الله تعالى به مصر من الصراع الأكبر ومن الإرهاب الأسود أو من انتصار الإرهاب أو التغلغل الأمريكى. وأود هنا أن أذكر الشيخ ومن معه بهذه الأخطاء التى ارتكبها الإخوان فكرههم الشعب المصرى أو معظمه، ولم يعد يثق فيهم. أذكر منها أهم عشرة أخطاء أو نقاط على سبيل المثال لا الحصر:

1- تقريب أهل الثقة وإهمال أهل الخبرات والتجارب الكبيرة من غير الإسلاميين.

2- ضعف أو عدم الوفاء بالوعود والعهود العديدة التى قطعوها على أنفسهم.

3- الدخول فى صراع مع بعض أو معظم أهم مؤسسات الدولة.

4- تعميق الانقسام والاستقطاب السياسى والدينى فى المجتمع.

5- الإعلان الدستورى الفرعونى المعيب لتحصين القرارات الرئاسية.

6- الاستجابة المتأخرة أو غير المكتملة لمطالب الشعب.

7- الخطاب المشين إلى «بيريز» الذى وصفه بالصديق العزيز.

8- ضعف الرؤية والشفافية، وضعف مصارحة الشعب، الذى افتقد إلى المصارحة سنوات عديدة، وكان ينتظر طريقة جديدة للحكم، خصوصاً ممن زعموا الإسلامية.

9- مؤتمر نصرة سوريا المشين الذى أراد به الإخوان أن يجاهدوا فى سوريا كما جاهد بعض العرب فى أفغانستان، ولم يفهموا الدروس فى أفغانستان ولا فى المنطقة العربية.

10- إهمال الحوار الوطنى الحقيقى والتركيز على الحوار مع المحبين والمنتفعين فقط.

هذه مجموعة من أهم الأخطاء وليست كلها وإلى حديث آخر، عن رسالتى إلى الإخوان اليوم.

وأرجو أن يشاهد الشيخ واللجنة، بل واتحاد علماء المسلمين جميعاً الفيديو على اليوتيوب بتاريخ 12/3/2013 الذى نصحت فيه الإخوان من قناة دريم مع الإعلامية جيهان منصور بعد أن منعونى من قنواتهم، وحددت فيه السيناريوهات المتوقعة فى مصر والإخوان فى الحكم، فتهكموا ما تهكموا، وغرتهم الأمانى، وما استجابوا لنصائح الناصحين.

والله الموفق..