من فودة إلى ناعوت.. ما يلفظ من قول إلا لديه "ازدراء أديان"

كتب: مها طايع

من فودة إلى ناعوت.. ما يلفظ من قول إلا لديه "ازدراء أديان"

من فودة إلى ناعوت.. ما يلفظ من قول إلا لديه "ازدراء أديان"

"ازدراء الأديان" تهمة تلحق من يخالف العقائد الدينية، ويحاول التحريف فيه، وبالرغم من أن المادة 65 من الدستور تنص على "حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر"، فإن المادة 98 من قانون العقوبات والمختصة بازدراء الأديان تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه‏، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخري لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف الدينية المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية‏".

الأمر لم يعد قاصرا على التحريف في الدين فقط، بل طال كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة تصدر عن أي مبدع أو باحث أو شخصية عامة، ‏ولم يفلت بعض المشاهير من تصريحاتهم التي تؤدي بهم إلى قضية بالمحاكم، تحت مسمى "ازدراء الأديان"، وكان آخرهم الكاتبة فاطمة ناعوت، بحبسها 3 سنوات، وقبلها إسلام بحيري الذي صدر ضده حكم بالسجن 5 أعوام مع الشغل والنفاذ، وطالت الاتهامات الكاتبة نوال السعداوي، حتى طالب مجمع البحوث الإسلامية بإسقاط الجنسية المصرية عنها بعد نشر إحدى مسرحياتها، في واحدة من أبرز محاكمات الأفكار والمصادرة على حرية التفكير، فضلًا عن اتهام ابنتها الدكتورة منى حلمي بنفس التهمة، بسبب دعواتها إلى إضافة اسم الأم مع اسم الأب للأطفال.

قبل 3 أشهر، اتهم المغني الشعبي شعبان عبد الرحيم، بازدراء الأديان، وذلك عندما قام بارتداء عمامة علماء الأزهر، وهو يقرأ مقاطع من القرآن في أحد الفيديوهات، وتسبب الفيديو في موجة من الانتقادات لشعبان عبد الرحيم بحجة السخرية من علماء الأزهر، وقوله بعد الانتهاء من تلاوة القرآن "بس خلاص".

وواجه الإعلامي إبراهيم عيسي، أثناء تقديمه لبرنامج "هنا القاهرة" المذاع على قناة "القاهرة والناس" الفضائية، على خلفية ذكره للمعزول "مرسي" أعقبها بتلاوة بعض آيات القرآن وهو ساخرًا، فتقدم عدد من المحامين ببلاغ يتهمونه بازدراء الأديان، حتى قضت محكمة جنح الدقي حكما ببراءته من التهمة.

نفس التهمة "ازدراء الأديان" ألقت بشباكها على الإعلامي باسم يوسف مقدم برنامج "البرنامج"، بعد تقدم بعض المحامين التابعين لنظام الإخوان ببلاغ ضده، ودفع حينها 15 ألف جنيه كفالة، وكان المستشار طلعت عبد الله النائب العام الأسبق صدق على البلاغ وتحول إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه.

وتقدم المحامي سمير صبري ببلاغً يتهم المخرجة إيناس الدغيدي، بتطاولها على الذات الآلهية، حيث روت في أحد أحلامها، قائلة: "حلمت إنى كلمت ربنا حيث كنت أسبح في نهر، وتعبت فرأيت صخرة توقفت للاستراحة بجوارها، وعندما نظرت حولي لم أجد أحدًا سوى الكون، ولم أشاهد حولي أحدا"، وتابعت خلال استضافتها ببرنامج "مفاتيح" المذاع على فضائية "دريم" قائله: "بعد ذلك كلمت ربنا، وقلت له يا ربى في حاجات من أقاويل الأنبياء، أنا مش مقتنعة بيها، وإذا كان ده غلط فسامحني، فعقلي مش قادر يجيبها".

واتهم الشاعر حلمى سالم بالتهمة ذاتها، بسبب قصيدته "شرفة ليلى مراد" وسحبت منه جائزة الدولة، بينما واجه الدكتور نصر حامد أبو زيد، نفس المصير، حيث تم اتهامه بالكفر بسبب أبحاثه التى تقدم بها لنيل درجة الأستاذية وحكم فيها بالتفريق بينه وبين زوجته، وعلاء حامد بسبب "مسافة فى عقل رجل.. محاكمة الإله" التى حكم عليه فيها بالسجن 8 سنوات وغرامة 2500 جنيه.

وسّلم الدكتور فرج فودة من تهمة ازدراء الأديان، ولم ترفع ضده قضايا، لكنه كُفر من قبل مشايخ الأزهر، حيث كان ينادي طوال حياته بالدولة المدنية وإبعاد السياسة عن الدين، حتى شنت أكثر الجماعات الدينية رسمية، وهى جبهة علماء الأزهر، هجومًا شرسًا وصل إلى إهدار دمه، واغتيل في نهاية الأمر بسبب قناعاته، في 8 يونيو 1992، وكانت المفاجأة عند سؤال المحكمة للمتهم بقتله عن سبب ارتكابه للجريمة، أجاب أنه لم يقرأ لفرج فودة مطلقًا، ولن يقرأ له، لأنه لأ يعرف القراءة والكتابة أصلا، لكنه سمع من شيخه أن فرج فودة كافر ومُهدر دمه.

 

 

 

 


مواضيع متعلقة