أكرم تيناوى: خطورة الانهيار الاقتصادى أكبر من الصراعات السياسية.. ولا يمكن حل الأزمة بكلمة من الرئيس.. والدولار لن يتجاوز 7 جنيهات

كتب: إسماعيل حماد

أكرم تيناوى: خطورة الانهيار الاقتصادى أكبر من الصراعات السياسية.. ولا يمكن حل الأزمة بكلمة من الرئيس.. والدولار لن يتجاوز 7 جنيهات

أكرم تيناوى: خطورة الانهيار الاقتصادى أكبر من الصراعات السياسية.. ولا يمكن حل الأزمة بكلمة من الرئيس.. والدولار لن يتجاوز 7 جنيهات

حذر أكرم تيناوى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك المؤسسة العربية المصرفية من استمرار الدفع بالبلاد نحو أزمات سياسية متلاحقة تضرب عصب الاقتصاد الذى وصل إلى مرحلة من الخطورة تهدد وضع البلاد على أعتاب مرحلة انهيار اقتصادى، لافتا إلى أن أبرز مخاوفه خلال المرحلة الحالية يتمثل فى مدى تأثر قرار صندوق النقد الدولى بالأحداث السياسية التى تشهدها البلاد فى الوقت الراهن. وقال تيناوى إن الحالة الاقتصادية المتأخرة التى وصلت إليها البلاد لا يمكن إصلاحها بكلمة أو إجراءات رئاسية لتهدئة الأجواء، فالدولة تحتاج إلى 90 يوما من الاستقرار التام لمعاودة النمو مرة أخرى، لافتا إلى أن الأمر لم يعد فى يد الحكومة من الأساس خاصة فيما يتعلق بالصراع السياسى. * ما وجهة نظركم فى تأثير الأزمات السياسية سواء كانت مفتعلة أو كرد فعل على إجراءات معينة على الأوضاع الاقتصادية من ناحية وعلى القطاع المصرفى من ناحية أخرى؟ - أولا لا بد من التأكيد على أن الأوضاع الاقتصادية مرتبطة دائما بالاستقرار السياسى، فبدون تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى، فإن الاقتصاد يعانى ويتحمل فاتورة الاضطراب، وإن ما وصلت إليه الحالة الاقتصادية فى الوقت الحالى يضع مصر على حافة الهاوية، وهو أخطر بكثير مما يحدث فى التحرير ومما قد يحدث غدا أو بعد غد، فخطورة الوضع الاقتصادى تحدٍ أكبر من الصراعات السياسية التى تتصدر المشهد حاليا. * لماذا؟[Quote_1] - لأن الاتجاه نحو الانهيار الاقتصادى هو أسوأ ما يمكن أن تصل إليه أى دولة فى العالم، فبتراجع قدرتها على توفير العملة الصعبة لتغطية عمليات استيراد السلع الاستراتيجية الحيوية لها مثل القمح والمواد البترولية كالبنزين، يضع البلد على حافة الهاوية، وإن ما شهدته مصر من أزمات فى البنزين وازدحام محطات الوقود بطوابير «التاكسيات» و«السيارات» لعدم وجود بنزين بها لم تكن أزمات مفتعلة بل كانت أزمة فى توفير الغطاء النقدى الأجنبى لها فى ظل تراجع إيرادات الدولة من العملات الصعبة كإحدى تبعات الأحداث. الوضع الآن لم يعد كسابق عهده حيث إن الدولة أصبحت مطالبة بسداد فورى لقيمة الشحنات المستوردة دون تأجيل، على عكس ما كان يجرى فى وقت سابق، حيث كانت تتم جدولة قيمة الشحنات على أقساط لمدة 3 شهور على سبيل المثال، وذلك نتيجة لانخفاض التصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية على خلفية الأزمات السياسية والأمنية التى شهدتها بعد الثورة. * إذن ما معنى التذبذبات القوية التى شهدتها البورصة الأيام الماضية، وتحديدا بعد الإعلان الدستورى؟ - الانهيار الحاد الذى شهدته البورصة مؤشر لعدم ثقة المستثمر الأجنبى أو المحلى فى الاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل الأحداث الجارية وحالة الزخم السياسى. واليوم أصبح الاحتياطى النقدى للبلاد فى حدود 15.5 مليار دولار، بعد أن كان 36 مليار دولار، وأن ما يحافظ على استقراره وحقن نزيفه عبارة عن ودائع وضعتها الدول العربية وهذا يعنى أن كل موارد الدولة من العملة الأجنبية تسدد احتياجاتها من النقد الأجنبى لتغطية احتياجاتها الأساسية المستوردة من الخارج، يعنى «من دقنه وفتله زى ما بيقولو»، ولا يمكن الاستمرار فى الاعتماد على ودائع الدول الأخرى التى توضع لدى «المركزى» ومن الممكن سحبها فى أى وقت، لأنه طالما تعيش الدولة على ودائع ومنح اعلم أنها فى خطر كبير. * إذا أقدم الرئيس على اتخاذ قرارات أو إجراءات تخلق نوعا من الهدوء على مستوى الساحة السياسية فهل ذلك سيدفع الاقتصاد إلى الاستقرار؟ - أحذر من أن الخطر الاقتصادى أكبر بكثير جدا مما يحدث فى الوقت الراهن، وإذا اتخذ الرئيس إجراءات لتهدئة الأجواء، سيتجه الوضع إلى استقرار مترقب نوعا ما بسبب محاصرة حالة الاحتقان، لكن لا يمكن حل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد بكلمة أو موقف، بل يحتاج إلى 90 يوما أمانا من الاستقرار التام، بما يعنى عدم وجود اعتصامات أو إضرابات أو «تحرير» أو «جامع الفتح» أو غيره، وأن تستقر الأمور فى الدولة ونبدأ فى الإنتاج لتبدأ مؤشرات النمو فى اتخاذ طريقها الصحيح لأعلى على أن تعود السياحة إلى نشاطها بشكل تدريجى بعد 3 شهور. * لماذا 90 يوما بالتحديد؟ - لأن التاريخ أثبت بعد حادثة الأقصر أن السياحة لم تعد إلى نشاطها بشكل جيد مرة أخرى إلا بعد 90 يوما من الاستقرار التام، وهذا هو التحدى خلال المرحلة المقبلة. * هل أصبحت الكرة الآن فى ملعب الحكومة لتحقيق ذلك الاستقرار؟ - ماذا ستفعل الحكومة فى ظل المعترك السياسى الراهن؟ الحكومة ليس فى يدها أى شىء، خاصة فى ظل التظاهرات السياسية فى كل الميادين، فقد وصلنا إلى مرحلة تحتاج فيها الدولة إلى استقرار سياسى وناس قلبها على البلد بعدها يمكننا تحقيق النمو المنشود، والمشكلة تكمن فى ارتفاع نسبة البطالة التى يجب توظيفها فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل 90% من الناتج المحلى لملء فراغهم، لأن الفقر خلق البلطجة، ويدفعهم إلى الخروج فى التظاهرات والاعتصامات التى تطالب برفع الأجور، والدولة إن استطاعت زيادة المرتبات مرة فلن تستطيع تحمل أعباء زيادتها مرات أخرى إلا إذا كان هناك إنتاج. * ماذا عن القطاع المصرفى ومؤشرات الأداء فى ظل الأحداث؟ - نحن كبنوك بدأنا نشعر بانكماش اقتصادى واضح جدا، فعملاء الاقتراض كانت حدود تسهيلاتهم الائتمانية تدور بين 60% و70% انخفضت إلى ما بين 40% و30% وهو ما يعنى أن تلك المصانع والشركات لا توجد لديها توجهات توسعية أو نمو وهو ما ينعكس على أداء القطاع المصرفى ومعدلات التشغيل الائتمانية.[Image_2] * ما مدى خطورة الوضع الاقتصادى خلال الفترة المقبلة؟ - أول ما أخشاه هو حدوث أى أزمة فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، بعد أن حصلنا على موافقة مبدئية منه على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار بعد ولادة قيصرية، والتى شهدت حالة من الرفض قبل انتخاب الرئيس من قبل التيارات الإسلامية بمجلس الشعب، التى قالت إنه ربا وقت حكومة الجنزورى ثم وافقت عليه بعد انتخابات الرئاسة فى ظل عهد حكومة «قنديل» من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، إلا أن الدفع بالبلاد 180 درجة نحو أزمة سياسية مرة واحدة، يدعو للخوف من موقف صندوق النقد الدولى، «وأنا اليوم حاطط إيدى على قلبى وبقول يارب كمصرى يحب بلده، وعارف قيمة القرض، حتى الموافقة عليه، لأن لو لم [Quote_2]يتم ذلك فسندخل فى نفق مظلم». * كيف ترى أهمية القرض من وجهة نظرك؟ - أولا الدولة تعانى عجز موازنة يقترب من 200 مليار جنيه، وإذا وافق صندوق النقد الدولى على التمويل ما هى إلا شهادة ثقة أكبر من قيمة القرض نفسه ونستطيع بعدها الحصول على تمويلات من جهات أخرى بشروط ميسرة أكثر، بخلاف جذب الاستثمار الأجنبى إلى السوق المحلية. * إذا تراجع الصندوق عن منح مصر القرض فإن مصر ستكون فى مرحلة مبكرة من الاعتماد على النفس، بحسب ما قاله أحد أعضاء حزب الحرية والعدالة، فهل ذلك صحيح؟ - أنا عندى تساؤل بسيط فى هذا الشأن، هل ترى أن هذا منظر دولة تعتمد على نفسها اقتصاديا؟ بلاش.. من أول الثورة حتى اليوم اعتمدنا على أنفسنا فى إيه؟ ولو كان فيه اعتماد على النفس كان عجز الموازنة والاحتياطى النقدى وصل إلى المرحلة المتأخرة التى نشهدها حاليا؟ ليست تلك هى القضية إذن، ولا يوجد ما يمنع الاقتراض طالما أنت تعلم غرض القرض لكن إذا كان السبب يتعلق بسد عجز الموازنة العامة للدولة فإن ذلك خطأ كبير، ولابد أن يكون موجها لمشاريع استراتيجية فى قطاعات حيوية بالدولة. * ما تداعيات الأحداث السياسية على مستوى سعر الصرف؟ - لست ممن يرى أن الدولار سيرتفع إلى 7 و8 جنيهات، بسبب الإدارة الحكيمة للبنك المركزى على مستوى السياسة النقدية، لكننا نحتاج إلى استقرار لأن «المركزى» تكلف كثيرا للحفاظ على حالة الاستقرار تلك ولا نستطيع أن نستمر فى الاعتماد على «المركزى» لتوفير النقد الأجنبى فى ظل انخفاض إيرادات الدولة من العملات الصعبة، وإذا ما لم تستقر الأمور سنصل إلى مرحلة نجد فيها تغييرا حقيقيا لسعر الدولار بسبب تراجع ضخ العملات الأجنبية فى السوق، بخلاف ارتفاع المضاربات فى ظل الأحداث السياسية وهو ما سيضع عبئا على سعر الصرف لكنه لن يصل إلى 7 جنيهات. * حصة البنوك الإسلامية تتراوح بين 5 و8%، فهل يدفع تراجع شعبية التيار الإسلامى كما يرى البعض تقديرات نمو الصيرفة الإسلامية إلى الانخفاض؟ - أولا حصتها لا تزال بسيطة ولا تمثل وجود طلب قوى على المنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة، لأن لدينا 3 بنوك إسلامية بالكامل «كان ظهر ذلك الطلب على حجم ميزانياتها»، فهل ترى أن لديها معدلات نمو فى الودائع أو التمويل يوازى نمو السوق المصرفية؟ إذا حدث أن هناك أموالا لم تدخل الجهاز المصرفى لعدم وجود منتجات إسلامية ثق تماما أننا كبنوك تجارية سنقدم تلك المنتجات، وبالتالى فإن تصاعد شعبية التيار الإسلامى أو تراجعها لن تؤثر على نمو البنوك الإسلامية فى السوق المحلية. * بعد أن كانت 6 مليارات فى 2007 انخفض إجمالى أصول البنك إلى 4.8 مليار فى 2010 ثم ارتفع مرة أخرى إلى 5.4 مليار بنهاية العام الماضى.. نريد تفسيرا لذلك؟[Quote_3] - البنك كان يتبع سياسة مختلفة عن الوقت الراهن لذلك كان فى طريقه إلى الانكماش وتتراجع أصوله، وعندما توليت منصبى برئاسة البنك فى نوفمبر 2010، ولأن خبراتى تمتد إلى أكثر من 20 عاما فى البنوك الأجنبية، بدأنا فى تنفيذ سياسة توسعية، ضاعفنا من خلالها محفظة التمويل إلى 2 مليار جنيه بعد أن كانت مليار جنيه فقط، وهو ما يعادل حساب عميل واحد فى بنوك أخرى، بخلاف مضاعفة الأرباح خلال العامين الماضيين لترتفع إلى 40 مليون جنيه بنهاية العام الجارى مقارنة بـ 22 مليون جنيه. * حصتكم السوقية أقل من 0.5% من القطاع المصرفى، فما خطتكم التوسعية للثلاث سنوات القادمة؟ - نخطط للوصول بحصتنا السوقية إلى 2.5% مقارنة بإجمالى وحدات الجهاز المصرفى قبل نهاية 2015، وهى خطة طموح جدا، خاصة فى ظل النمو المستمر للسوق، لكننا نخطط لتحقيق نمو أسرع من متوسط نمو الجهاز المصرفى لزيادة حصتنا، وبخلاف ما قمنا به من مضاعفة ربحية البنك خلال العامين الماضيين، نفكر أيضاً فى مضاعفة ربحية البنك مرة أخرى خلال الـ 3 سنوات المقبلة لتتجاوز أرباح مصرفنا الـ 80 مليون جنيه بنهاية 2015. * كيف ستحققون تلك الاستراتيجية على مستوى معدلات التشغيل؟ - نعمل على تنفيذ استراتيجية مع بداية العام المقبل لمضاعفة القروض إلى 4 مليارات جنيه والودائع لتصل إلى 9 مليارات جنيه خلال السنوات الثلاث المقبلة، بخلاف توجهاتنا لزيادة معدلات التشغيل بالبنك، وهى مخاطرة عالية جدا لكننا نريد التوسع بقوة مع مراعاة الجودة والجدارة وتحسين الخدمات وكل خطوة ستكون مدروسة بعناية فائقة. * ما توجهاتكم نحو الاستثمار فى بورصة الأوراق المالية؟ - لا توجد لدينا توجهات للاستثمار فى الأوراق المالية أو الاستثمار المباشر فهى ليست ضمن استراتيجية البنك. * من المفترض أن البنك يعتزم زيادة رأسماله خلال الفترة المقبلة فهل يسمح الوضع الحالى للبلاد بذلك؟ - سنقوم بزيادة رأسمال البنك بقيمة 15 مليون دولار تعادل 91 مليون جنيه، قبل نهاية الشهر المقبل كما أننا فى مرحلة نهائية للاستحواذ على مبنى تجارى كبير ليكون المركز الرئيسى للبنك فى وقت قلت فيه الاستثمارات، بتكلفة فى حدود 300 مليون جنيه تقريبا. * ذكرتم أن نسبة التعثر للبنك 2% قبل فترة، فكم وصلت النسبة حاليا؟ - انخفضت إلى 1% فى الوقت الحالى ولدينا فريق عمل جيد جدا فى إدارة ملف الديون المتعثرة. * انتهيتم من تطبيق «بازل 2» فى وقت لا تزال فيه بنوك محلية تعمل على تطبيقها، فما خطتكم لتطبيق «بازل 3»؟ - نعكف حاليا على الإعداد للبدء فى تطبيقها ومن المتوقع الانتهاء من توفيق كافة مقرراتها بالكامل فى فترة تصل إلى 3 سنوات. * فى الفترة الأخيرة بدأت البنوك بالاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير لما لها من عائد قوى على الاقتصاد الوطنى وتشغيل العمالة، فما خطتكم فى هذا الشأن؟ - المجموعة الأم تريد البدء فى تمويل ذلك القطاع وتم تكليف فروع مصر للبدء فى تمويله، انطلاقا من السوق المصرية ثم يتم تعميمه فى الدول الأخرى التى توجد بها المجموعة، وبالفعل بدأنا فى وضع استراتيجية لاقتحام قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحفظة قدرها 300 مليون جنيه نبدأ فى تنفيذها مطلع العام المقبل، انطلاقا من 5 فروع فى المحافظات ثم تعميمها على كافة فروع البنك التى تبلغ 28 فرعا.