تطبيق "الاتفاق النووي الإيراني" انفراجة بين واشنطن وطهران على حساب "الرياض"

كتب: أ ف ب

تطبيق "الاتفاق النووي الإيراني" انفراجة بين واشنطن وطهران على حساب "الرياض"

تطبيق "الاتفاق النووي الإيراني" انفراجة بين واشنطن وطهران على حساب "الرياض"

يكرس دخول الاتفاق حول الملف النووي الإيراني حيز التنفيذ، مترافقا مع تبادل سجناء غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، التقارب بين البلدين على حساب السعودية، الحليف التاريخي لواشنطن.

وتنفي واشنطن رسميا، أي خطط للمصالحة مع إيران، وكذلك أي تغيير في تحالفاتها في الشرق الأوسط، لكن بعض المحللين يلفتون إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما، تأمل في إقامة "توازن" بين الخصمين الخليجيين، الرياض وطهران، سعيا لوضع حد للحروب التي تهز المنطقة مثل الحرب المدمرة في سوريا.

فبعد تجربة تدخلاتها العسكرية في الشرق الأوسط في العقدين السابقين، راهنت الولايات المتحدة على اعتماد سياسة انفراج مع عدوها اللدود الإيراني، بعد 35 عاما من القطيعة في علاقاتهما الدبلوماسية، مجازفة بذلك بإهمال حليفها السعودية.

ولخص فريدريك ويري من مؤسسة "كارنيجي" للأبحاث، الوضع بقوله: "رؤية أوباما بالنسبة للخليج تقوم على التوازن، وإن توصلت الرياض وطهران إلى تفاهم، فذلك يسهل انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط لتتوجه نحو آسيا"، مشيرا إلى سياسة "إعادة التموضع" الأمريكية في آسيا والمحيط الهادئ، التي يسعى أوباما لانتهاجها منذ 2009، إلا أن ويري رأى أن التصعيد الأخير بين السعودية وإيران، "قضى على هذا الطموح لإرساء التوازن".

ويتواجه الخصمان الكبيران، المملكة العربية السعودية وإيران، بصورة غير مباشرة، عبر النزاعين الدائرين في سوريا واليمن وأيضا في العراق ولبنان.

وفي مطلع يناير، تحولت عداوتهما إلى مواجهة مكشوفة، فقطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، بعد أن تعرضت سفارتها لهجوم من قبل إيرانيين غاضبين من السعودية، لإعدامها رجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر، وحرصت الدبلوماسية الأمريكية التي حذرت مسبقا الرياض في الكواليس، من مخاطر إعدام النمر، على الامتناع عن اتخاذ موقف مع أي جانب، واكتفت بالدعوة إلى الصلح.

واعتبر كريم سجادبور الاختصاصي في شؤون إيران لدى "كارنيجي"، أن هذا الحياد الذي أبدته الولايات المتحدة يطرح مشكلة.

- "ميل إلى الفرس" -

وقال المحلل: "ما يميز الرئيس أوباما عن الرؤساء الآخرين منذ 1979، هو أنه في هذه الأزمة الإيرانية السعودية، لم تصطف الولايات المتحدة بوضوح إلى جانب السعودية، بينما كانت على الدوم في الماضي يدا بيد مع المملكة، وذلك يثير بالتأكيد غضب الرياض".

واضاف سجادبور: "هناك في الخليج، هذه الفكرة بأن أوباما يبدي ميلا إلى الفرس، إلى الحضارة الفارسية، وأنه ليس لديه الميل نفسه إلى دول الخليج (العربية)".

واستطرد المحلل: "المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، والتي تحظى بحماية المظلة العسكرية الأمريكية، "لديها نوع من الغيرة الاستراتيجية، وتخوف أساسي من أن تميل الولايات المتحدة مجددا نحو إيران، وتقيم شكلا من التوازن الإقليمي، وسيكون ذلك عودة إلى استراتيجية الركنين الأساسيين، التي اعتمدها الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون في سبعينيات القرن الماضي، وتستند إلى أن الرياض وطهران ضامنان للأمن في الخليج.

لكن هذه العقيدة انتهت مع الثورة الإيرانية في 1979، واحتجاز رهائن لـ444 يوما في السفارة الأمريكية، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أبريل 1980.

وعاودت الولايات المتحدة وإيران، الاتصالات في ضوء المفاوضات حول الملف النووي، التي انطلقت مجددا في خريف 2013 بعد 18 شهرا من المحادثات السرية، وتوج ذلك بإبرام اتفاق فيينا التاريخي في 14 يوليو الماضي، ثم دخوله حيز التنفيذ أمس السبت، ويفترض أن يضمن الاتفاق عدم امتلاك طهران القنبلة الذرية، مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران بصورة تدريجية، فيما يعد الاتفاق محطة هامة في مجال حظر الانتشار النووي، كما يسجل نجاحا للحوار الأمريكي الإيراني.

- معادلة مستعصية -

وخير دليل على هذا النجاح، تبادل السجناء المعلن أمس السبت، بين الولايات المتحدة وإيران، وهو سيناريو لم يكن ممكنا تصوره قبل بضعة أشهر، ما حدا بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إلى القول إن الدبلوماسية لطالما كانت خيارنا الأول، والحرب وسيلتنا الأخيرة.

وكذلك، فإن حادث الثلاثاء الماضي، حين ضل 10 بحارة أمريكيين طريقهم في المياه الإقليمية الإيرانية، تمت تسويته في خلال 24 ساعة، فيما أشاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بفضائل "الحوار" مع واشنطن بعيدا عن "تهديدات" الماضي.

في المقابل وجه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في أثناء لقاء الخميس الماضي في لندن مع كيري، انتقادا شديدا لـ"حصيلة إيران في مجال الحرب والتدمير والإرهاب وزعزعة الاستقرار والتدخل في شؤون الدول الأخرى".

وراى ألبرتو نائب رئيس معهد بحوث إعلام الشرق الاوسط "ميدل إيست ميديا ريسيرتش أنستيتيوت"، أن الولايات المتحدة نفذت "مجازفة محسوبة" بتقاربها مع طهران، لكن المعادلة تبدو مستعصية، وتساءل السفير الأمريكي السابق: "كيف يمكن إعادة الدفء إلى العلاقات مع إيران دون إثارة الحليف السعودي؟".


مواضيع متعلقة