الأبقار المقدسة و25 يناير

ليس عيباً ولا جرماً أن يعلن أحدهم وجهة نظره الرافضة أو المتحفظة على ثورة 25 يناير، تلك حرية رأى لا يجوز مصادرتها مهما كان نوع الماسورة التى تصرف لنا تلك الآراء.

العيب هو أن يمنح أحدهم لنفسه سواء كان نائباً أو سياسياً الحق فى اتهام شباب أشعلوا تلك الثورة، وجيش أعلن حمايتها ودعمها منذ اللحظة الأولى بالتآمر والخيانة، أما الجريمة فهى مكتملة الأركان بهؤلاء النواب الذين أرادوا تحويل وجهة نظرهم الرافضة أو الكارهة أو المتربصة بثورة يناير إلى قنبلة أسفل قبة البرلمان تعطله أو تنسفه حينما يريدون.

الذين يكرهون هذا الوطن ليسوا فقط من يفخخون طرقاته بالعبوات الناسفة أو يحرضون على قتل جنوده فى سيناء، بل أخطرهم من يسحب مصر مرة أخرى لكى تعيش فى المنتصف بين ميدانين؛ الأول يسكنه أهل 25 يناير، والثانى لتجمع المصالح الذى استعاد شبابه بعد 30 يونيو، ولكل ميدان متطرفوه، وفى كل ميدان منجنيق يقذف حجارة التخوين والعمالة والإساءة والإهانة على الآخر، وفى المنتصف وطن مظلوم لا يحصل منهما سوى على التدمير.

ولكى ترى بعين عادلة كل من ينفخ فى نار «ثورتنا أحسن من ثورتكم» وجب عليك أن تسأل: أيهما أصلح لمصر.. النفخ فى نار فتنة «ثورة مين الأحسن»، أم النظر لمستقبل قائم على احترام إرادة شعب خرج فى ثورتين وضحى بالكثير من دماء أبنائه فى معركتين؛ الأولى ضد نظام فاسد سعى لتوريث وطن، والثانية ضد نظام إخوانى أراد تأميم مصر لمصلحة التنظيم الإرهابى؟!

قطعاً احترام إرادة الشعب هى الخيار، والنظر إلى المستقبل القائم على إنقاذ مصر من فتنة العراك الداخلى ونار المنطقة المضرمة هو الضرورة.

لا تسمح لهم يا عزيزى أن يسحبوك لمدرجات الدرجة الثالثة حيث الجمهور الذى يترك المباراة ويتفرغ لتبادل السباب والاتهامات، لا تغرق معهم فى مستنقع «ثورتنا أحسن من ثورتكم»، لا تصدق هؤلاء الصادحين بكراهيتهم لثورة 25 يناير تحت قبة البرلمان والمتلذذين بإهانة شهدائها تحت غطاء حصانة نيابية بحجة حرية الرأى والتعبير، أنت من قبلى تعرفهم بسيماهم رموزاً لقمع الحريات تم ضبطهم من قبل متلبسين برفع شعارات «تغور الحرية» من أجل الاستقرار، وكانوا أول الساخرين من الشباب الرافض لبعض القوانين المقيدة للحريات، والآن تتجلى المفارقة المسرحية أمامك وأنت تراهم يطالبون بحرياتهم فى تشويه سمعة ثورة 25 يناير دون وثيقة أو دليل، فهل حلال على السادة النواب الكارهين لـ25 يناير أن يحولوا ما يريدون إلى أبقار مقدسة لا يجوز الاقتراب منها نقداً أو تعليقاً، وحرام على ثورة أطاحت بنظام فاسد أسس له «مبارك» أن تكون مجرد حمل صغير لا تخون ولا يساء لسمعتها ولا يهان شهداؤها؟!