لأن «جنينة» ليس فاسداً

محمد فتحى

محمد فتحى

كاتب صحفي

هشام جنينة ليس هو الموضوع، لكن الموضوع هو: فيه فساد والّا مفيش فساد؟؟

الإجابة النموذجية التى أسمعها منك الآن هى: فيه فساد طبعاً، لكن ليس للدرجة التى قال عنها «جنينة»، التى كشفتها اللجنة المشكلة من الرئيس السيسى نفسه..

وهنا يجب أن أسألك نفس السؤال بطريقة مختلفة: ماذا فعلت الدولة فى مواجهة الفساد؟؟

إجابتك النموذجية التى أعرفها هى: الدولة تواجه الفساد بالطبع، ألم تر ما فعلته الدولة مع وزير الزراعة، ومع محمد فودة، ومع أحد رجال الأعمال، الذى سبق أن تبرع لصندوق «تحيا مصر»، فلم يحمه تبرعه من كشف فساده.. الدولة تحارب الفساد طبعاً..

وهنا يجب أن أسألك السؤال التالى: هل تحارب الدولة الفساد كما يجب لتجفيف منابعه، ومواجهته مواجهة صارمة؟؟

والحقيقة أنه لا تعنينى إجابتك الآن، لأن يقينى أن الإجابة عن هذا السؤال بالفم المليان: لااااااااا. وعلى استعداد -لو فاضى يوم من أول النهار- أن أقول لك مظاهر فساد يعرفها الجميع، ولا يحقق فيها أو يمنعها أحد، لكن بما أنك مش فاضى، فدعنى أقل لك بصراحة، إنه منذ فترة وهشام جنينة يحارَب من العديد من مؤسسات الدولة لأسباب تتعلق بتصفية حسابات قديمة تتعلق بكون الرجل من رموز تيار استقلال القضاء الشهير، الذى واجه مبارك ونظامه وداخليته ووزارة عدله فى فترة من الفترات، أو الطرمخة على وقائع بعينها تخص أشخاصاً، وجهات، لم يردوا على ملاحظات المركزى للمحاسبات، أضف لذلك قيام بعض الإعلاميين باستخدام برامجهم كمنصة تشويه للرجل، بعيداً عن الرد المنطقى المعلوماتى، الذى اتبعته مؤسسة الرئاسة، فربحت هذه الجولة أمام الناس على الأقل، حتى لو سمعنا رداً تأخر من «جنينة» ولجانه وجهازه، فالواقع أن «اللقطة» اتاخدت، وأن هناك تقصيراً فى المنهج، الذى استخدمه جنينة، واكبه ما يمكن أن نسميه فساد الاستدلال، وهو ليس فساداً لهشام جنينة، كما يريد البعض أن يوحى، فنفس ما يفعله «جنينة» الآن فعله أيام الإخوان، ولم يرد عليه أحد سوى بالتشويه والشتيمة، والمرة الوحيدة التى تم الاهتمام بما قال تفنيداً وتحقيقاً كانت النتيجة هى البيان، الذى نُشر بمنتهى الشفافية، والذى أكرر أننا فى انتظار رد المستشار هشام جنينة عليه، أو اعتذاره على الملأ، ليؤكد أنه قد تم تضليله من موظفيه، أو ربما كشفاً لمستور لا نعرفه، للدرجة التى جعلت الرجل يصرح تصريحاً مقتضباً، مؤكداً أن رده سيعقب «25 يناير» منعاً لتسخين الناس، وهو ما لا يمنع مساءلته أمام مجلس نواب متربص بالرجل، لكنه لا يمنع أيضاً من أن نسأل العديد من الأسئلة:

فأولاً: لماذا لم ترد مؤسسات الدولة بنفس طريقة مؤسسة الرئاسة على ما وجه إليها من الجهاز، فتشكل لجاناً تفند ما قاله الرجل والجهاز المركزى بحقها، أم أنهم معترفون؟ أم أنهم ينتظرون سقوط الرجل؟؟ هل تريد مثالاً: وزارة الداخلية على سبيل المثال وليس الحصر.

وثانياً: لماذا تركوا «جنينة» وتصريحاته كل هذا الوقت دون رد، ولماذا التباطؤ الشديد فى التحقيق فى البلاغات، التى تقدم بها الجهاز ضد العديد من وزارات ومؤسسات الدولة؟؟

وثالثاً: لماذا لا يكون الرد دائماً بالمعلومات والقرائن والدلائل بعيداً عن التشويه الشخصى والاتهامات بالأخونة وقيادة مؤامرات على البلد؟؟ وأى دولة هذه التى يسقطها رجل أو جهاز؟؟ ألا تستحون؟؟!!

ورابعاً: انتهت لجنة الرئاسة لوجود مبالغة وتضخيم وتضليل، بحسب تعبيرها، فهل يعنى ذلك عدم وجود فساد؟؟ وإذا كان الأمر فيه مغالطة فيما يقرب من 400 مليار، فهل يعنى الأمر الاعتراف بـ200 مليار فساد هى باقى مبلغ الـ600 مليار؟؟ وإن الأمر عادى؟؟ إنتو بتلاقوا المليارات دى فى الشارع يا كباتن؟؟

وخامساً: كيف تتكون لجنة تقصى الحقائق من ممثلين لجهات اختصمها جنينة، بل ولماذا تكون بعضوية نائبه، الذى تم تعيينه بشكل مفاجئ من رئاسة الجمهورية، والذى يتردد اسمه لخلافته.

وسادساً: رجل قال هناك فساد قيمته كذا، فردوا عليه بتقرير يثبت أن الفساد قيمته أقل، هل هذا يستدعى تحويل الرجل للنيابة وإطلاق البلاغات، أم التحقيق فى الفساد يا متعلمين يا بتوع المدارس؟؟

أخيراً: كان الرئيس من الذكاء بحيث لا يستخدم القانون، الذى أصدره بشأن عزل رؤساء الجهات الرقابية ضد «جنينة»، والذى ستنتهى مدته فى سبتمبر المقبل، ومن الدهاء بأن جعل أمر تقرير لجنة تقصى الحقائق فى أيدى برلمان سينهش الرجل، أتمنى أن يكون من الحكمة ليدرك أن تشويه هذا الرجل لن يصب فى مصلحة المحاربة الحقيقية للفساد، الذى هو موجود، بينما نحن مختلفون فى حجمه!!