«عبدالرحمن» فشل فى الحصول على وظيفة حكومية فاشتغل فى التراحيل: «إيه اللى رماك ع المر»

كتب: جهاد عباس

«عبدالرحمن» فشل فى الحصول على وظيفة حكومية فاشتغل فى التراحيل: «إيه اللى رماك ع المر»

«عبدالرحمن» فشل فى الحصول على وظيفة حكومية فاشتغل فى التراحيل: «إيه اللى رماك ع المر»

فى قرية أبوكساه يجلس عبدالرحمن عبدالحفيظ، 49 سنة، الأب لخمسة أولاد، يحكى عن مشواره الطويل فى البحث عن عمل قائلاً، إنه من عمر 20 سنة قدم فى وظائف متعددة فى قطاع الصحة، وفى التربية والتعليم، والشرطة وفى الأوقاف، ولكن لم يجد أى فرصة عمل.

{long_qoute_1}

«طلعت أشتغل فى مزارع فى الصحرا من سن 15 سنة»، هكذا يقول عبدالرحمن، مشيراً إلى أنه بسبب ضيق الحال اضطر للعمل منذ طفولته فى ظروف صعبة، حيث كان يقضى أكثر من 90 يوماً يعمل فى إحدى المزارع على الطريق الصحراوى.

وعن الظروف المعيشية الصعبة التى يتحملها العاملون باليومية فى المزارع، يقول: «فور وصولنا للمزرعة بعد السفر نقضى ليلتنا تحت الشجر، ثم نبنى فى اليوم التالى أكشاكاً من البوص، لنحتمى فيها ليلاً»، مضيفاً أن الطقس يكون شديد البرودة لكون تلك المزارع مكشوفة فى الصحراء، وكل ما يتوفر لهم مجموعة من البطاطين الخفيفة، أما الطعام الذى يقدم للعاملين فى المزارع كله وجبات بسيطة وليست جيدة سواء فول أو عدس، ويضيف عبدالرحمن أن مدير المزرعة يقرر أن يطعم العمال بأقل تكلفة ممكنة وأحياناً لا يتكفل بهذا العبء، ويتركهم يبتاعون أطعمتهم من اليومية المقررة لهم.

يقول عبدالرحمن إن شباب المحافظة جميعهم يعانون من ندرة الوظائف، ولذلك يخرجون للعمل فى مزارع الفاكهة الموجودة فى الأماكن الصحراوية، وذلك من شهر أبريل وحتى نهاية شهر يوليو، أما فصل الشتاء فهو أكثر قسوة، حيث يخرج شباب القرية ليجمعوا محصول الطماطم والبرتقال من المزارع المجاورة: «بنبقى مش قادرين نحط إيدينا على حبة البرتقال من البرد».

وعن ساعات العمل يقول عبدالرحمن، العمل بيبدأ من الساعة 7 صباحاً، وحتى الساعة 8 مساء، حيث تأتى عربيات نقل محملة بالأقفاص التى سيتم جمع المحصول فيها، وتلك تعتبر وسيلة النقل الوحيدة للرجال أيضاً، حيث يقفون فى الخلف، ويصطدم الهواء البارد بوجوههم وأجسادهم، حتى يصلوا إلى مكان العمل، ويقوموا بمهامهم كاملة.

يقول عبدالرحمن إن المزارع تستعين بعمال تتراوح أعمارهم من 12 سنة حتى 70 سنة، حيث تكون يومية الرجل البالغ 70 جنيهاً أما الطفل 40 جنيهاً، ويضيف عبدالرحمن قائلاً، إن كثيراً من التجار يفضلون عمالة الأطفال، لأن يوميتهم أقل، ويجبرونهم على العمل لساعات أكثر. «السماسرة أنواع فيه اللى بياخد حقه من التاجر بس، وفيه اللى الله يجازيه بيقطع من يومية العامل كمان»، هذا ما يؤكده عبدالرحمن أن سماسرة العمالة اليومية تختلف، وفقاً لضمير السمسار نفسه، وأنه لا توجد معايير محددة يسير بها السمسار، حيث من الممكن أن يتفق مع التاجر، منذ البدء بأنه سيحصل على 10 جنيهات مقابل كل عامل يوفره للمزرعة، وهناك بعض السماسرة الذين لا يكتفون بذلك ويقتطعون نسبة كبيرة من يومية العامل.

يقول عبدالرحمن إنه بالرغم من كافة المصاعب التى تعرض لها أثناء عمله فى مزارع فى الصحراء، ولكنه كان مجبراً على أن يجعل أولاده يخرجون للعمل، بمجرد أن تصل سنهم إلى 15 سنة، قائلاً «عندى ولدين الاتنين مقدموش على وظايف، وخليتهم يشتغلوا فى المزارع، والبنات سيبتهم فى البيت».

أما عن الحوادث الأليمة التى شهدها، فيقول إنه أثناء عمله فى المزارع قام طفل من العمال بأكل ثمار من المشمش فى صوبة زجاجية سبق رشها بالمبيدات بدقائق، وبالرغم من أنهم حملوا الطفل إلى المستشفى وتعرض لغسيل معدة، ولكن كل ذلك لم يكن كافياً حيث توفى الطفل فى الحال، ولم يتكفل صاحب المزرعة بأى تعويض لأسرته، وبعدها بعدة أعوام شهدت قرية أبوكساه حادثاً أليماً، حيث فقدت خمسة من رجالها فى حادث على الطريق الصحراوى أثناء رحلتهم للعمل، ولم يتكفل أى أحد بصرف تعويضات لذويهم، بل اضطرت نساؤهم لأن يرسلن أطفالهن للعمل أيضاً.

 

 


مواضيع متعلقة