خـطــاب السـلام

خـطــاب السـلام
وأما الذين قضوا فى سبيل الدفاع عن الذكريات
وعن وهمهم، فلهم أجرهم، أو خطيئتهم، عند «ربهمو»..
حرام حلال
حلال حرام..
* * *
.. ويا أيها الشعب، يا سيد المعجزات، ويا بانى الهرمين!
أريدك أن ترتفع
إلى مستوى العصر. صمتا وصمتاً..
لنسمع وقع خطانا على الأرض
ماذا دفعنا لكى نندفع..
ثلاث حروب.. وأرض أقل
وخمسون ألف شهيد.. وخبز أقل
وتأميم أفكار شعب يحب الحياة.. ورقص أقل
فهل نستطيع المُضى أماماً؟ وهذا الأمام حُطام
أليس السلام هو الحل؟
عاش السلام
* * *
.. وبعد التأمل فى وضعنا الداخلى
وبعد الصلاة على خاتم الأنبياء، وبعد السلام علىّ..
وجدتُ المدافع أكثر من عدد الجند فى دولتى
وجدتُ الجنود يزيدون عما تبقى لنا من حبوب
لهذا، سأطلبُ من شعبى الحر أن يتكيف فوراً
وأن يتصرف خير التصرف مع خطتى:
سأجنح للسلم إنْ جنحوا للحروب
سأجنح للغَرب إنْ جنحوا للغروب
سأجنح للسلم مهما بنوا من حصون، ومهما أقاموا
على أرضنا، ليعيش السلام
* * *
حروب.. حروب.. حروب.. أما من قـيـادة
لتوقف هذا العبث!
وتوقف إنتاج مستقبل غامض من جثث!
أفى الغاب نحن لنقتل جيراننا الباحثين على أرضنا عن وسادة؟
وما الحرب، يا شعب، إلا غرائز أولى
خلاف صغير على الأرض. وما الأرض إلا رمال على الرمل
هل..
دمُّكم، أيها الناس، أرخص من حفنة الرمل؟
عمّ نفتش فى الحرب، يا شعبى الحر، هل عن سيادة؟
أمعنى السيادة أن نتقوقع فى ذاتنا،
ونعادى العدو المصاب بداء التوسع والخوف؟
فليتوسع قليلاً، لماذا نخاف.. لماذا نخاف؟
فهل تستطيع الجرادة أن تأكل الفيل، أو تشرب النيل؟
فى الأرض متسعٌ للجميع، وفى الأرض متسعٌ للسعادة..
ونحن، هنا، ثابتون..
هنا فوق خمسة آلاف عام من المجد والحب، مهما يمر الظلام
وعاش السلام.
* * *
ورثْتُك، يا شعب، يا شعبى الحر، عن حاكم ضللك
وحطم فيك البراءة والورد، ما أنبلك
وجرك للحرب من أجل بدو أباحوا نسائك مُذ دخلوا منزلك
ولم يدفعوا الأجر. لا شـىء فى السوق.. لا شىء. من حَلَّلَك
لبدو الصحارى. وحَرَّم لحم الخراف عليك؟ ومن بدَّلك
وقادك نحو سراب العروبة حتى توحَّد من شتتوا أملك؟
وَرَثْتُك، يا شعب، يا شعبى الحر، عن حاكم قتلك
وآن أوان الحقيقة. فليرجع الوعى للوعى..
لن أُمهلك
سوى ساعتين، لتنسى الزمان الذى أهملك
وإلا سأعلن إضراب زوجاتكم فى المضاجع: إما الصيام
عن النوم ما بين أفخاذهن، وإما السلام.
* * *
أنا عودة الوعى. لا وعى حولى، ولا وعى قبلى، ولا وعى بعدى
عرفتُ التصدى
عرفتُ التحدى
وجربتُ أن أستقل عن الشرق والغرب، لكننى لم أجد
غير هذا التردى..
ففى عالم ينقسم:
إلى اثنين: شرق وغرب فقط
يكون الحياد شطط..
فمَن نحن؟ هل نحن شرق.. ولا رزق فى الشرق؟
فى الشرق حزب النظام الحديدى، فى الشرق تنمية للنمط
ولا شىء فى السوق غير الخُطط..
وهل نحن غربٌ؟ وفى الغرب أعداؤنا ينشرون اللّغط؟
عن الحاكم العربى، وفى الغرب رامبو وشامبو وكوكا وجينز وكنز
وديسكو وسيرك، وحرية للقطط
فمن نحن؟ هل نحن حقا غَلَط؟
لنقضى ثلاثين عاماً من الحرب، والحل فى الغرب، هل نحن حقاً
غلط؟
ليهرب منا الطعام
أمَا كُنتَ تدرك، يا شعب، أن الطعام سلام
* * *
.. ويا أيها الشعب، آن لنا أن نُصحح تاريخنا
كى نضاهى الحضارات قولاً وفعلاً
وآن لنا أن نُلقن أعداءنا السلم، درساً وحلاً
سنقطع عنهم جميع الذرائع، كى لا
يفروا من السلم. ماذا يريدون؟ ماذا
يريدون، كل فلسطين؟ أهلا وسهلاً
يريدون أطراف سيناء؟ أهلاً وسهلاً
يريدون رأس أبى الهول.. هذا المراوغ فى الوقت؟ أهلاً وسهلاً
يريدون مرتفعات الهجوم على الشام؟ أهلاً وسهلاً
يريدون أنهار لبنان؟ أهلاً وسهلاً
يريدون تعديل قرآن عثمان؟ أهلاً وسهلاً
يريدون بابل كى يأخذوا رأس «نابو» إلى السبى؟ أهلاً وسهلاً
سأعطيهم ما يشاءون منا وما لا يشاءون كى آخذ السلم..
والسلم أقوى من الأرض، أقوى وأغلى
فهم بخلاءٌ لئامٌ
ونحن كرامٌ كرامٌ
وعاش السلامُ!
* * *
.. ومن أجل هذا السلام أعيد الجنود من الثكنات إلى العاصمة
وأجعلهم شرطةً للدفاع عن الأمن ضد الرعاع
وضد الجياع
وضد اتساع المعارضة الآثمة
فليس السلام مع الآخرين هناك
سلاماً مع الغاضبين هنا..
هنا لن تقوم لأى فئات يسارية قائمة
سأفرُم لحم اليسار، وأحجب ضوء النهار
عن الزُّمرة الناقمة
وفى السجن متسع للجميع
من الشيخ حتى الرضيع
ومن رجل الدين حتى النقابى.. والخادمة
فليس السلام مع الآخرين هـناك
سلاماً مع الرافضين هنا..
هنا طاعة وانسجام
ليحيا السلام
* * *
.. وأما الذين قضوا فى سبيل الدفاع عن الذكريات
وعن وهمنا، فلهم أجرهم، أو خطيئتهم عند «ربهمو»..
وما فات فات
ومَن مات مات..
سأقضى على الذكريات..
سأُلغى احتفالات يوم الشهيد لننسى الضغينة
سأحرُث مقبرة الشهداء الحزينة
وأرفع منها العظام لتُدفن فى غير هذا المكان
فُرادى فُرادى..
فلا حق فى دولتى للتجمع، حياً وميتاً، لئلا يثير «الفسادا»
ولا حق للموت أن يتمادى
ويقضم نسياننا الحر منا..
سأكسر كل المدافع حتى يفرخ فيها الحمام
سأكسر ذاكرة الحرب..
ناموا كما لم تناموا
غداً تُصبحون على الخبز والخير.. ناموا
غداً تُصبحون على جنتى، فاستريحوا وناموا
يعيش السلام
يعيش النظام
شالوم.. سلام!