خطاب الجلوس

خطاب الجلوس
سأختار شعبى..
سأختار أفراد شعبى..
سأختاركم، واحداً واحداً، من سلالة أمى ومن مذهبى..
سأختاركم كى تكونوا جديرين بى..
إذن، أوقفوا الآن تصفيقكم كى تكونوا جديرين بى..
وبحبى..
سأختار شعبى سياجاً لمملكتى، ورصيفاً لدربى..
قفوا.. أيها الناس يا أيها المنتقون كما تنتقى اللؤلؤة
لكل فتى امرأة
وللزوج طفلان: فى البدء يأتى الصبى
وتأتى الصبية من بعد. لا ثالث وليعم الغرام..
على سنتى، فأحبوا النساء ولا تضربوهن إن مسهن
الحرام
سلام عليكم.. سلام سلام
سأختار مَن يستحق المثول أمام مدائح فكرى
ومن يستحق المرور أمام حدائق قصرى
قفوا، أيها الناس حولى خاتم
لنصلح سيرة حواء.. نصلح سيرة آدم
سأختار شعباً محباً، وصلباً، وعزباً
سأختار أصلحكم للبقاء وأنجحكم فى الدعاء لطول
جلوسى
فتباً لما فات من دولٍ مزقتها الزوابع!
لقد ضِقت ذَرعاً بأمية الناس، يا شعب.. يا شعبى الحر..
فاحرس
هوائى من الفقراء، وسرب الذباب وغيم الغبار
ونظِّف دروب المدائن من كل حافٍ، وعارٍ، وجائع
فتباً لهذا الفساد، وتباً لبؤس العباد الكسالى
وتباً لوحل الشوارع!
سأختار شعباً من الأذكياء، الودودين، والناجحين
سأختاركم وفق دستور قلبى
فمَن كان منكم بلا علةٍ.. فهو حارس كلبى
ومَن كان منكم طبيباً.. أُعيِّنه سائساً لحصانى الجديد
ومَن كان منكم أديباً.. أُعيِّنه حاملاً لاتجاه النشيد
ومَن كان منكم حكيماً.. أُعيِّنه مستشاراً لصك النقود
ومَن كان منكم وسيماً.. أُعيِّنه حاجباً للفضائح
ومَن كان منكم قوياً.. أُعيِّنه نائباً للمدائح
ومَن كان منكم بلا ذهبٍ، أو مواهب.. فلينصرف
ومَن كان منكم بلا ضجر ولآلئ.. فلينصرف
فلا وقت عندى للقمح والكدح.. ولأعترف
أمامك أيها الشعب.. يا شعبى المنتقَى بيدىّ
بأنى أنا الحاكم العادل
أنا الحاكم المتسامح والعادل
كرهت جميع الطغاة، لأن الطغاة يسوسون شعباً من الجهلة
ومن أجل أن ينهض العدل فوق الذكاء المعاصر.. لا بد من
برلمان جديد، ومن أسئلة:
من الشعب، يا شعب، هل كل كائن
يُسمى «مواطن»؟
تُرى هل يليق بمن هو مثلى قيادة لص وأعمى وجاهل؟
وهل تقبلون لسيدكم أن يُساوى ما بينكم أيها النبلاء..
وبين الرعاع اليتامى الأرامل؟
وهل يتساوى هذا الفيلسوف مع المتسول؟ هل يذهبان إلى
الاقتراع معاً كى يقودوا العوام، سياسة هذا الوطن؟
وهم أغلبيتكم أيها الشعب، هم عددٌ لا لزوم له إذا أردتم
نظاماً جديداً لمنع الفتن..
إذن سأختار أفراد شعبى..
سأختاركم واحداً واحداً كى تكونوا
جديرين بى، وأكون جديراً بكم
سأمنحكم حق أن تخدمونى
وأن ترفعوا صُوَرى فوق جدرانكم
وأن تشكرونى لأنى رضيت بكم أمة لى..
سأمنحكم حق أن تتملوا ملامح وجهى فى كل عام جديد
سأمنحكم كل حق تريدونه..
حق البكاء على موت قط شريد
وحق الكلام عن السيرة النبوية فى كل عيد
وحق الذهاب إلى البحر فى كل يوم تريدون..
لكُم أن تناموا كما تشتهون: على أى جنب تريدون.. ناموا!!
سأمنحكم حقَّكم فى الهواء، وحقكم فى الضياء، وحقكم فى
الغناء..
سأبنى لكم جنة فوق أرضى.. كُلوا ما تشاءون من طيباتى
ولا تسمعوا ما يقول ملوك الطوائف عنى..
وأنى أحذركم من عذاب الحسد!
ولا تدخلوا فى السياسة إلا إذ صدر الأمر عنى
لأن السياسة سجنى..
هنا الحكم شُورى، هنا الحكم شُورى
أنا حاكم مُنتخَب
وأنتم جماهير مُنتخِبة
ومِن واجب الشعب أن يلمس العتبة
وأن يتحرى الحقيقة ممن دعاه إليه، اصطفاه، حماه من
الأغلبية، والأغليبة مُتعِبة مُتعبَة..
ومِن واجب الشعب أن يتبرأ من كل فرد نَهَب
وغازل زوجة صاحبه، أو زنى، أو غَصَب
ومِن واجب الشعب أن يرفع الأمر للحاكم المُنتخَب
ومن واجبى أن أوافق، من واجبى أن أُعارِض..
فالأمر أمرى، والعدل عدلى، والحق ملك يدىّ
فإما إقالته من رضاى
وإما أحالته للسراى
فحق الغَضَب
وحق الرضا، لى أنا الحاكم المُنتخَب
وحق الهوا والطَرَب
لكم كلكم، فأنتم جماهير مُنتخِبة!
أنا الحاكم الحر والعادل
وأنتم جماهيرى الحرة العادلة
سننشئ منذ انتخابى دولتنا الفاضلة
ولا سجن بعد انتخابى، ولا شعر عن تعب القافلة
سأُلغى نظام العقوبات من دولتى، فمَن أراد التأفف، خارج شعبى، فليتأفف
ومن شاء أن يتمرد خارج شعبى، فليتمرد
سنأذن للغاضبين بأن يستقيلوا من الشعب، فالشعب حر
ومن ليس منى ومن دولتى، فهو حر
سأختار أفراد شعبى، سأختاركم واحداً واحدة..
مرة كل خمس سنين
وأنتم.. تذكوننى مرة كل عشرين عاماً إذا لزم الأمر، أو مرة
للأبد..
وإذا لم تريدوا بقائى، لا سمح الله، إذا شئتم أن يزول البلد
أعدت إلى الشعب ما هبّ أو دبّ من سابق الشعب كى أملك
الأكثرية، والأكثرية فوضى
أترضى، أخى الشعب! أترضى بهذا المصير الحقير.. أترضى؟
معاذك!
فقد اخترتُ شعبى واختارنى الآن شعبى
فسيروا إلى خدمتى آمنين
أذنت لكم أن تخروا على قدمىَّ ساجدين
فطوبى لكم، ثم طوبى لنا أجمعين