سيادة الرئيس.. سوريا!

نشأت الديهى

نشأت الديهى

كاتب صحفي

مصر وسوريا جمعهما رحم واحد على مر التاريخ، دولتان بشعب واحد حيث الجذور الضاربة فى أعماق أعماق التاريخ، فكانت الحضارات التى علمت البشرية، وكما يقال من وعى التاريخ فى صدره فقد أضاف أعماراً إلى عمره، ولأننا نقرأ التاريخ فقد علمنا أن مصر المحروسة لم تطلها أيدى مستعمر إلا من البوابة الشرقية، وقطعاً لم تصل جحافل المستعمر إلى أرض مصر إلا بعد سيطرته أولاً على سوريا أو بلاد الشام، فمنذ الهكسوس والتتار إلى الفرنسيين والإنجليز والعثمانيين كانت الكارثة تحل بمصر بعد حلولها فى بلاد الشام، من هنا كان مفهوم الأمن القومى المصرى لا يرتبط بالحدود الجغرافية بقدر ما يرتبط بنقاط الخطورة التى تنطلق منها الكوارث حتى ولو كانت فى آخر الكرة الأرضيّة، وكما قال محمد على باشا لولده إبراهيم باشا إن من يريد أن يحافظ على هذه البلاد عليه أن يصوب عيناً من عيونه إلى جبال الأناضول شمالاً والعين الأخرى إلى منطقة البحيرات العظمى فى القلب الأفريقى، من هنا فإن الاهتمام بما يجرى فى سوريا ليس خياراً تفرضه روابط الإخوة بل تفرضه قواعد الأمن القومى والبعد الاستراتيجى، والخطر المحيط بمصر، الذى يمثل حزاماً نارياً لم نشهده على مر التاريخ يجعل إعمال العقل شيئاً من الجنون، فكل ما جرى ويجرى يمثل كابوساً مزعجاً للجميع، لكن مصر اجتازت مراحل الخطر والحمد لله، والفضل كذلك لأصحاب الفضل وجزاؤهم يستوفى من رب العباد، حيث اجتازت الخطر وفطنت مبكراً إلى ما يحاك لها وللمنطقة بأسرها، سيادة الرئيس أعلم أنك إنسان قبل أن تكون جنرالاً وأعلم أنك صاحب قلب كبير وعقل وحكمة تجعلنى أحادثك حديثاً بلا محاذير، عندما جلس مرسى مع حوارييه فى استاد القاهرة وانتفض كإرهابى عتيد ومجرم مخضرم وأوصت صيحات التهليل الدامية قال قطعنا العلاقات مع سوريا! بجهل وبغباء قطع الحبل السرى، قطع الأرحام، دعا إلى ما سماه الجهاد، ألا لعنة الله على الظالمين والأغبياء والخونة والعملاء والمأجورين من مرسى إلى حوارييه إلى مناصريه إلى مؤيديه من الجهلاء، لكن مرسى رحل يا رجل وحوارييه افرنقعوا وتشتتوا فى كل الأصقاع، وأنت اليوم على ثغور الوطن كما الصقر تدافع وتحمى وتبنى وتعمر وتصحح كل الأخطاء، فلماذا لا تعيد الحبل السرى بين مصر والشام؟ لماذا لا تصل الرحم بين الأشقاء؟ آل سعود معنا مساندون وداعمون وقطعاً سيغضبون من خطوات كهذه، لكن التاريخ لا يلتفت إلا للقرارات الصعبة، وأنا أنتظر منك القرار الصعب، أدعوك لإعادة العلاقات بين البلدين ولا تلتفت للآخرين، سوريا منا ونحن من سوريا رغم أنف الآخرين، كل الآخرين! هل يعقل يا سيادة الرئيس أن تكون لقطر وتركيا وإسرائيل سفارات فى مصر وسوريا محرومة من وجود سفارة لها فى قلب القاهرة؟! أنا أتعجب وأستغرب أن تتم دعوة كل دول العالم لحفل افتتاح قناة السويس عدا أربع دول هى تركيا وإسرائيل وإيران وسوريا! ألهذا الحد نضع سوريا فى سلة واحدة مع أعدائنا! إننى أستشعر المرارة فى حلق وقلب كل سورى عروبى أصيل، إن عودة السفارة والسفير وعودة مقعد سوريا فى جامعة الدول العربية سيكون تضميداً لجراح يجب أن تلتئم بسرعة، فنزيف السوريين نزيف لمصر، وأنت تعلم يقيناً ذلك وأكثر، سيادة الرئيس صل رحمك يرحمك الله.