.. و5 من أسرة واحدة «عاشوا وماتوا غلابة»

08:13 م | الجمعة 01 يناير 2016

جدران غير مطلية من الحجر الجيرى، سُلّم دون أسوار، وأحواش تزدحم بالبهائم، ورائحة الروث تفوح فى جنبات المكان، وفى المنتصف تجلس النساء متشحات بالسواد. داخل منزل يطل على ضفاف النيل بقرية «سنديون» التابعة لمركز فوه بمحافظة كفر الشيخ، يستند سامى جميعى، 16 سنة، بظهره إلى أحد الجدران معلقاً نظره بسقف المنزل. بات الشاب وحيداً بعدما أفرغ الموت عليه منزله، إذ راح جميع أفراد عائلته غرقى فى النهر، ضحايا معدية متهالكة استقلوها خلال رحلة عودتهم إلى قريتهم قادمين من قرية ديروط التابعة لمركز المحمودية بمحافظة البحيرة، على الشاطئ الآخر للنيل. «قالوا لى قبل ما أنام خلّيك هنا عشان البيت ما يفضاش.. وراحوا وسابونى لوحدى العمر كله والبيت فضى عليا»، يقولها «سامى» وهو يمسك بصورة والده ووالدته، رحل الجميع، الأب مصطفى جميعى، 50 عاماً، والأم سميرة القريطى، 45 عاماً، والأبناء «محمود»، 25 عاماً، و«إسراء»، 18 عاماً، و«آية»، 10 أعوام. يقول «سامى» إن أسرته خرجت أمس الأول لزيارة خطيبة شقيقه الأكبر «محمود» الذى عاد للتوّ من الإسكندرية حيث يعمل، لتهنئة الخطيبة بالمولد النبوى، حاملين معهم «حلاوة المولد»، لكن جثامين الجميع استقرت فى قاع النيل بعد أن غرقت بهم المعدية المتهالكة. «والدى الذى يعمل فى تجارة المواشى، اعتاد عبور النيل يومياً إلى البر الآخر، حيث تستقر سوق المواشى»، مشيراً إلى أنه أخبره منذ أيام قليلة بأنه كاد يغرق فى النهر خلال عبوره على متن المعدية، بسبب زيادة صاحبها الحمولة، لتستوعب عدد العابرين من الجانبين.

يتدخل عمّه محمود جميعى محمِّلاً صاحب المعدية، الذى يُدعى محمود خليل، المسئولية، مؤكداً أن أهل البلد حذّروه مراراً من خطورة القارب الصغير، فيما يتأسف الخال على مصير شقيقته وزوجها وأبنائهما بقوله: «عاشوا غلابة وماتوا غلابة، ومن غير تمن».