العمل الخيرى كنا نحلم به معاً

كتب: د. عبلة الكحلاوى

العمل الخيرى كنا نحلم به معاً

العمل الخيرى كنا نحلم به معاً

عندما أتذكر زوجى الذى أتنفس محبته أذكركم بحسن العشرة فهى خير متاع الدنيا

تزوجت فى مرحلة مبكرة من العمر‏، ‏ حيث اختار لى والدى زوجى اللواء مهندس ياسين بسيونى ‏(‏رحمه الله‏)‏ وهو أحد أبطال أكتوبر، وكان أحد المهندسين الخمسة الذين سافروا إلى ألمانيا لإحضار الأنابيب اللازمة لتفجير خط بارليف.

وكنت لا أعرفه ولم أره من قبل ولكننى استجبت لرغبة أبى الذى كان يعرفه جيداً ويثق فى أخلاقه.

عشت مع زوجى أسعد أيام حياتى فكان نعم الزوج، وتوجت هذه السعادة بإنجابنا ثلاث بنات، وقد تعلمت من زوجى الكثير فقد كان عصامياً، دمث الأخلاق، وعطوفاً، فكان أعظم رجل رأيته فى حياتى، عشت معه واحداً وعشرين عاماً، لست مبالغة إذا قلت إننى كنت أشعر أننى أعيش فى الجنة بكل ما تعنى الكلمة من معنى، فكان رجلاً حنوناً وكريماً وعطوفاً على كل خلق الله وليس أسرته فقط.

وقد شجعنى على الدراسة وعشنا فترة فى مكة المكرمة، وخلال هذه الفترة أعددت رسالة الماجستير ثم حصلت على الدكتوراه، وكنت ألقى دروساً للسيدات فى الحرم المكى، ورغم مضى سنوات على رحيل زوجى فإننى أشعر بأنه ما زال بجوارى، كنت أحب فيه كل شىء الرفق والحنان معى أنا وبناتى وفى الوقت نفسه الحزم وقوة الشخصية فى عمله بالقوات المسلحة، حيث كان يغيب عنا أحياناً بسبب ظروف الحرب ومقدماتها، ومع هذا كنا نشعر أنه معنا يدبر لنا أمور حياتنا ونستشيره فيها، ومن شدة حبى له أنشدت فيه شعراً وكتبت الكثير من القصائد.

دموعى تتسابق عندما أتذكر وفاته فقد كان صدمة حياتى، حيث إننى ظللت فترة طويلة لاأصدق أنه توفى. ولولا إيمانى بالله لأصابنى الجنون من شدة حبى له، وبلغ من شدة حزنى عليه أننى كنت أراه فى المنام بكثرة وفى رؤى مبشراً لأنه كان من الصالحين والمجاهدين.

وما زلت أحتفظ فى دولاب ملابسى ببدلته العسكرية التى كان يرتديها أثناء حرب أكتوبر، وأنظر إليها وأعطرها وكأننى أراه أمامى فهو لم يفارقنى أبداً رغم وفاته منذ سنوات بعد مرضه، ولم يخرجنى من هذه الصدمة إلا باتجاهى للعمل الخيرى بتأسيس جمعية الباقيات الصالحات التى ترعى مرضى الزهايمر والمسنين والأطفال مرضى السرطان بالإضافة إلى محو الأمية وتوصيل المياه للقرى المحرومة، هذا فضلاً عن العديد من الأنشطة الأخرى وكانت وفاة زوجى الدافع الأكبر لذلك فقد شعرت أنى تزوجت العمل الخيرى.. وأسأل الله أن نلتقى فى الفردوس الأعلى.

 


مواضيع متعلقة