من أغانى «أم كلثوم والعندليب» إلى «أوكا وأورتيجا».. السقوط إلى هاوية الفن

كتب: رنا ممدوح وهبة شريف

من أغانى «أم كلثوم والعندليب» إلى «أوكا وأورتيجا».. السقوط إلى هاوية الفن

من أغانى «أم كلثوم والعندليب» إلى «أوكا وأورتيجا».. السقوط إلى هاوية الفن

«إذا أردت أن تتعرف على أخلاق الشعوب، استمع إلى موسيقاها»، تلك الكلمات أطلقها مؤلف الموسيقى الألمانى روبرت شومان قبل عشرات السنوات من الآن، كلمات بسيطة تؤكد على أهمية الموسيقى ودورها المؤثر والفعال فى أخلاق المجتمع، فهى تلعب دوراً مهماً فى التنشئة الاجتماعية، وشتان الفارق بين أخلاق جيل نشأ على أغانٍ هادفة ذات قيمة ومعنى لكل من أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب والشيخ سيد درويش ومن سار على دربهم من المطربين، وجيل نشأ على أغانٍ هابطة قائمة على الإثارة والكلام الفاضح، وبين هذا وذلك حدثت فجوة أخلاقية فى المجتمع المصرى. {left_qoute_1}

ظهرت الأغانى الشعبية والمهرجانات منذ عدة سنوات ولم تلبث حتى فرضت نفسها فى الشارع المصرى ويستمع إليها جمهور عريض من طبقات اجتماعية مختلفة، واتخذ الشباب والأطفال مغنى المهرجانات قدوة لهم وباتوا يسيرون على دربهم فى طريقة تحدثهم وقصات الشعر وتقليد حركاتهم، فضلاً عن إحراز المراهقين والأطفال للأسلحة البيضاء لاستخدامها فى الرقص والغناء مثلما يفعل المغنون الشعبيون.

الدكتور محمود الحلوانى، أستاذ الاتجاهات المعاصرة للفنون والغناء بجامعة القاهرة، أكد أن الأغانى الشعبية لها قواعد ومعايير من حيث الكلمات واللحن والمطرب والآلات الموسيقية والملابس. وأن ما نشاهده فى عصرنا هذا من أغانٍ لـ«أوكا وأورتيجا» ومن على شاكلتهم فهو لا يمت للموسيقى الشعبية بصلة، وإنما هو نوع من العشوائية والتهريج من حيث الكلمات والموسيقى والأداء. وأشار الحلوانى إلى أن الأغانى الشعبية الآن تعبر عن واقع مرير من الفوضى والانفلات الأخلاقى والبلطجة المنتشرة فى الشارع المصرى والأحياء العشوائية. وتابع: «للأسف تلك الأغانى الهابطة لقيت رواجاً كبيراً فى الإعلام والسينما»، منتقداً أوضاع الأغانى والسينما المصرية وشن هجوم على «آل السبكى» واصفاً إياهم بتجار المواشى لأن أفلامه وما يقدم بها من أغانٍ اعتمدت على الكلمات الهابطة والإثارة الجنسية للمراهقين كما أنها تدعم وتبرر للبلطجة وتروج للمخدرات والخمور والدعارة. ورأى «الحلوانى» أن الحل للنهوض بالفن هو أن تعود الدولة للإنتاج السينمائى والمسرح والتليفزيون ونشر الوعى فى المدارس وتعليم النشء الموسيقى والرياضة للرقى بذوق أطفالنا وشبابنا الضائع.

من جانبه، رأى نادر جورج، موزع موسيقى وعضو نقابة الموسيقيين، أن الموسيقى لغة وثقافة تعبر عن الشعوب، وأن الموسيقى فى حالة تطور مستمر، والموسيقى الشعبية تطور طبيعى للموسيقى فى ظل أخلاقيات المجتمع وثقافته، قائلاً: «الموسيقى الشعبية هتاخد وقتها وهييجى الأسوأ أو الأفضل منها، حسب مستوى الثقافة أو التعليم السائد»، وأضاف أن اللغة المتداولة فى الأغانى الشعبية تعبر عن واقع متدنٍّ ثقافياً وتعليمياً. وتابع قائلاً: «مانقدرش نحكم على الأغانى الشعبية لأن لها جمهورها اللى بيعبر عنها والمستمع له الحرية فى اختيار ما يسمعه وفقاً لثقافته ووعيه».

الشاعر أمين حداد، تطرق إلى ما يتعلق بالرقابة الفنية، معتبراً أن ضعف الرقابة كان عاملاً أساسياً فى انتشار والترويج للأغانى الشعبية الهابطة ذو الكلام المبتذل وللقضاء على ذلك فلابد من تدعيم اللغة العربية والرقابة على المصنفات الفنية.

وأوضحت ضحى محمد، طالبة بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن تلك الأغانى ما هى إلا إسفاف ولا توجد بها الحان، بل رتم واحد تسير عليه بقية الأغانى بكلامها البذىء الذى يجعل الفتاة سلعة، بحسب وصفها، واتفقت معها فى السياق نفسه «سمية محمد» سيدة فى الخمسينات من عمرها، مؤكدة أن الأغانى الشعبية الحالية لا ينبغى أن يطلق عليها فن من الأساس، أو وصف من يؤدونها بأنهم فنانون، تضيف: «الفرق واضح بين جيل تربى ونشأ على كلمات أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب ومن صار على دربهما وجيل آخر تربى على أغانٍ وكلمات هابطة مثل «أبو بنطلون مقطوع خُش فى الموضوع، وأنا شارب تلاته ستيلا».

وأكدت مدام عائشة ربة منزل، أن الشباب فقد التذوق الجمالى للفن نتيجة سماعه الأغانى الهابطة، وأضافت فى غضب: «الشباب ودانه باظت وبقى جيل فاشل بسبب الأغانى الموجودة اللى بتثير جواهم الجنس وهمهم كله البنات»، وأبدى أحمد علاء، محاسب بأحد البنوك، خوفه على مستقبل أطفاله الصغار من الأغانى التى تفسد الأخلاق ولا يستطيع أحد منعهم من سماعها لأنها موجودة فى كل مكان بالشارع والتليفزيون، محملة بالألفاظ البذيئة والخادشة للحياء، وتابع قائلاً: «بطلت أروح السينما علشان الأغانى الهابطة دى فى كل الأفلام المصرية».

فى المقابل، تبنى محمد أنور، طالب بجامعة حلوان، رأياً مختلفاً، حيث أكد أن الأغانى الشعبية تعبر عن الواقع ومشاكله وهموم الناس، ومدح الطالب «أحمد» الأغانى الشعبية قائلاً: «مالها الأغانى الشعبية بتعبر عننا وبنرقص عليها وبتحيى أى فرح وبتخلى الناس ترقص من غير ما نفهم الكلام».


مواضيع متعلقة