حقوقيون: «خطوبة الدقهلية» انتهاك صارخ للطفولة

10:04 م | الجمعة 25 ديسمبر 2015

استنكر عدد من الحقوقيين ما نشرته «الوطن»، فى عددها الصادر، أمس، بعنوان «خطوبة طفلين تشعل غضب التواصل الاجتماعى»، مؤكدين أنه انتهاك صارخ للطفولة وتشويه لبراءة الطفلين، من خلال مظاهر غير مقبولة تسىء للكرامة الإنسانية، ومستنكرين غياب الدور الذى يلعبه المجلس القومى للطفولة والأمومة، تجاه تلك الواقعة. {left_qoute_1}

وأدانت الدكتورة عزة العشماوى، نائب رئيس اللجنة الأفريقية لخبراء حقوق الطفل بالاتحاد الأفريقى، الفيديو الذى تداولته مواقع التواصل الاجتماعى لحفل خطوبة طفلين فى العاشرة من عمرهما بمحافظة الدقهلية، ووصفته بأنه انتهاك صارخ للطفولة، بتشويه البراءة المتمثّلة فى مظاهر غير مقبولة للكرامة الإنسانية. وقالت إن ظهور الطفلة بملابس ومكياج صارخ يسلبها حقها فى التمتُّع بالبراءة، وارتداء ملابس ملائمة تحفظ كرامتها، وتنمّى مهاراتها وقدراتها وفقاً لطبيعة المرحلة التى تمر بها، وهى مرحلة ما قبل المراهقة، كما أن بث صورها على مواقع التواصل الاجتماعى تم بشكل مهين لها بين أقرانها فى المدرسة والمجتمع.

وأضافت «العشماوى» أن زواج الأطفال يعد خرقاً للدستور وقانون الطفل وكل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية التى صدّقت عليها مصر بتعريض أخلاق وكرامة الطفلة للخطر، مما يتطلب محاسبة ولى أمرها الذى عرّضها لهذا الخطر، لافتة إلى أن الطفلين المنشورة صورهما لا يمكن انعقاد الخطبة بينهما فى هذه المرحلة العمرية، بما يخالف القانون، وعلى الرغم من عدم إتمام عقد القران، فإن ذلك يعتبر تشويهاً لصورتهما، وغرساً لمفاهيم لا يفهمونها. وحذّرت «العشماوى» الأُسر المصرية من تكرار الأمر نفسه، ولو على سبيل الدعابة، لأنه صورة سيئة للتعامل مع الأطفال، وإهداراً لكرامتهم.

وطالبت نائب رئيس اللجنة الأفريقية لخبراء حقوق الطفل، مجلس النواب الجديد، بتبنى قضية زواج الأطفال وإنفاذ حقوق الطفل الواردة بالدستور وتعديل ما يلزم من قوانين لمواءمتها، لا سيما بعد رفع تحفّظ مصر على المادة «21 ب» من الميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل الخاصة بمنع زواج الفتيات أقل من 18 سنة. وناشدت وسائل الإعلام رفع الفيديو وعدم نشره، لكونه مهيناً للكرامة الإنسانية للطفلين، وطالبت المجتمع المدنى بتوعية أولياء الأمور بخطورة ما حدث.

وقال محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن زواج وخطبة الأطفال أصبح معتاداً وسط نقص الوعى فى حمايتهم، رغم وجود التمويل الكافى للتدريب على التوعية، مشيراً إلى وجود ضرورة ملحة فى تفعيل الاتفاقيات الدولية، وأن يكون المجتمع «صديقاً للطفل»، ويُعلى مصلحته الأولى فى الأساس، وأن القانون نظّم مسائل الزواج ووضع شرطاً صريحاً، بأن يكون سن الزواج 18 سنة ميلادية للذكر و16 للأنثى.

وأوضح أنه لا يجوز توثيق عقد الزواج لمن هم دون سن الـ18 عاماً وفقاً لقانون الأحوال الشخصية المصرى، أى أنه يجب أن يتجاوز الزوجين سن الطفولة المحدّد بنص المادة 2 من القانون 12 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، وكذا نص المادة 80 من الدستور المصرى المعدل، التى نظمت، وحدّدت سن الطفولة.

وانتقد «البدوى» تعامل المجلس القومى للطفولة والأمومة مع هذه القضية، وأكد أن خط النجدة ينتظر بلاغاً حتى يُحقق فى القضية، لافتاً إلى أن الإعلامى جابر القرموطى حاول من خلال حلقة من حلقات برنامجه، أمس الأول، الاتصال بخط نجدة الطفل لمدة 10 دقائق للإبلاغ عن واقعة زواج الأطفال، حتى يبدأ المجلس التحقيق فى الواقعة، إلا أن جميع الخطوط كانت مشغولة، ولم يرد عليه أحد، لافتاً إلى أنه لا بد من إعادة النظر فى هيكلة المجلس مرة أخرى، خاصة أن الدور الذى يلعبه تراجع، وأصبح منعدماً. واستنكر رضا الدنبوقى، الناشط الحقوقى والمدير التنفيذى لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، اتخاذ أسرة الطفلين قرار ارتباطهما، واصفين الواقعة بأنها اعتداء على طفولتهما وعودة لفكرة تزويج القاصرات. وقال «الدنبوقى» إن الفتاة التى تتزوّج قبل 18 عاماً، تعد طفلة لم تعطَ فرصة كافية لتنضج من الناحية العاطفية والاجتماعية والجسدية والعقلية، ولم يُتح لها المجال لتطوير مهاراتها وتنمية إمكاناتها المعرفية واكتشاف ذاتها، ومعرفة مدى قدرتها على تحمّل المسئوليات العامة والأسرية، وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به، حيث تصبح فى أقل من عام أماً وهى طفلة، وبالتالى تصبح مشاركتها فى المجال العام مسألة شبه مستحيلة.

وأكد أن الزواج المبكر يعنى بالضرورة الحرمان من التعليم، بسبب الانقطاع عن الدراسة، علاوة على أن الإقدام عليه مخالفة لقانون الطفل وللاتفاقيات الدولية، بسبب حرمان الأنثى من الفرص المتساوية فى التعليم والتطور والنمو، كما هو محدد فى اتفاقية حقوق الطفل، كما يعنى الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية.