السياسة النقدية: حرب «القط والفأر» بين البنك المركزى والسوق السوداء.. الجولة مستمرة

كتب: إسماعيل حماد

السياسة النقدية: حرب «القط والفأر» بين البنك المركزى والسوق السوداء.. الجولة مستمرة

السياسة النقدية: حرب «القط والفأر» بين البنك المركزى والسوق السوداء.. الجولة مستمرة

بدأ البنك المركزى المصرى عام 2015 بحزمة من القرارات التى ظلت حتى الآن مثاراً للجدل فى سوق صرف النقد الأجنبى، ورغم أن القرارات قضت على السوق السوداء للعملة الصعبة لتحفيز الاستثمار وضبط إيقاع السوق لمدة تصل إلى شهرين فإنها سرعان ما عادت بشكل جديد وأشد قسوة خلال النصف الثانى من العام الحالى، كما لو كانت حرباً بين «قط وفأر».

وكان أبرز تلك الإجراءات الشهيرة التى أطلق عليها السوق «قرارات فبراير» وضع حد أقصى للإيداع النقدى بالدولار «كاش» فى البنوك، بواقع 50 ألف دولار شهرياً و10 آلاف يومياً، وهو ما أدى إلى بيع أكثر من 80% من تحويلات المصريين العاملين فى الخارج البالغة نحو 19 مليار دولار فى البنوك عوضاً عن السوق السوداء، وفقاً لتصريحات هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى المستقيل، ورغم ذلك استمرت الفجوة فى ميزان المدفوعات فى الارتفاع وهو الفارق بين استخدامات الدولار وإيراداته، إلا أن المساعدات العربية غطت تلك الفجوة.

وشهد العام الماضى أيضاً تخفيضاً لقيمة الجنيه أمام الدولار عدة مرات متتالية، بقيمة 89 قرشاً أى ما يعادل نحو 12.4% ليصل إلى مستوى 803 قروش قبل نحو شهر، إلا أن ذلك الانخفاض تراجع بعد أن قام البنك المركزى بضخ مبالغ ضخمة من الدولار تجاوزت قيمتها 1.2 مليار دولار بعد الإعلان عن تولى طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى، كان من شأنها تخفيض الدولار أمام الجنيه بواقع 20 قرشاً ليستقر عند مستوى 783 قرشاً حالياً وبمحصلة ارتفاع للدولار بلغت 69 قرشاً بنسبة نمو قدرها 9.6%.

{long_qoute_1}

وأسفرت تعاملات العام الذى تفصلنا عن نهايته أيام معدودة عن ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى خلال الـ11 شهراً الأولى منه بنحو 1.1 مليار دولار، ليسجل 16.422 مليار دولار بنهاية نوفمبر الماضى، فيما وصلت أرصدته لدى البنك المركزى إلى ما يتجاوز 20 مليار دولار إثر حصول مصر على حزمة من المساعدات العربية، التى بلغت قيمتها 6 مليارات دولار بعد مؤتمر مارس الاقتصادى الذى تم عقده فى مدينة شرم الشيخ.

وقام «المركزى» مؤخراً بعدة إجراءات لإعادة التوازن لسوق الصرف وتوجيه الحصيلة الدولارية إلى الأنشطة التى تلبى احتياجات المواطنين وتوسعة قاعدة المتعاملين وصولاً إلى الشركات الصغيرة التى كادت تغلق أبوابها بسبب الصعوبة فى الحصول على العملة الصعبة وسط سوق مليئة بالشركات الكبيرة، التى لديها قدرة أكبر على توفير احتياجاتها من العملة من السوق السوداء، التى نشطت فى أسواق خارجية إثر تضييق «المركزى» الخناق عليها فى الداخل، وذلك بعد أن قام البنك المركزى وبنوك القطاع العام بتدبير ما يتجاوز 4 مليارات دولار للإفراج عن البضائع المحتجزة فى الموانئ، وهو ما أثار ردة فعل إيجابية لدى المستوردين والصناع الذين اشتكوا طيلة الفترة الماضية من نقص فى توافر العملة الصعبة محلياً.

ومؤخراً وضع «المركزى» 4 تعريفات جديدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة هى «المتوسطة»، و«الصغيرة»، و«الصغيرة جداً»، و«متناهية الصغر» يتم تحديدها بناء على 3 معايير أساسية لتعريف المشروعات، هى: حجم الأعمال (نسبة المبيعات مقابل الإيرادات السنوية)، وحجم العمالة، ورأس المال المدفوع، فى خطوة انتظرتها السوق طويلاً جاءت بسبب تفاوت تعريفات البنوك لتلك الفئة من الشركات، وهو ما تطلّب وضع تعريف موحد وفقاً للمتبع فى معظم دول العالم، بغرض توفير بيانات وافية ودقيقة عن القطاع، كما تطلّب الأمر إجراء تعديلات على بعض التعليمات الرقابية القائمة، منها القواعد المنظمة لتسجيل الائتمان بالبنك المركزى المصرى، وأسس تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء، وتكوين المخصصات.

{long_qoute_2}

بخلاف إطلاق مبادرة لتأجيل أقساط القروض على العاملين فى قطاع السياحة المنتظمين فى السداد، نظراً للظروف الطارئة التى يمر بها قطاع السياحة، خاصة أنها خارجة عن إرادتهم وطالب «المركزى» البنوك بإعادة النظر فى تأجيل أقساط ديون العاملين فى قطاع السياحة المنتظمين فى السداد، التى حصلوا عليها من البنوك فى وقت سابق لأغراض استهلاكية، لمدة 6 شهور بدأت من أكتوبر الماضى.

تغيير إدارة البنك المركزى المصرى خلال نوفمبر الماضى أدى إلى تغيير فى طريقة إدارة السياسة النقدية للبلاد، حيث تم القضاء على فكرة الاتجاه لتخفيض سعر العملة بشكل مستمر وهو ما أربك السوق السوداء التى لا تزال نشطة حتى الآن، بالإضافة إلى إبداء «المركزى» تعاونه بشكل أكبر مع الوزارات المختصة بالملف الاقتصادى، وعزز ذلك تفعيل المجلس التنسيقى للسياسة النقدية بمشاركة وزارتى المالية والصناعة والبنك المركزى والدكتور فاروق العقدة والدكتور محمد العريان كخبيرين من العيار الثقيل تحت رئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء.


مواضيع متعلقة