«بوتين» كما يريد أن يراه العالم: طيار.. بطل قومى.. و«مصارع لا يقهر»

كتب: يسرا زهران

«بوتين» كما يريد أن يراه العالم: طيار.. بطل قومى.. و«مصارع لا يقهر»

«بوتين» كما يريد أن يراه العالم: طيار.. بطل قومى.. و«مصارع لا يقهر»

لا يقبل الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» أن يرى العالم منه إلا ما يريد رؤيته. يعرف كيف يصنع صورته بإتقان لينقل الانطباعات التى يريدها بالضبط لمن يراه. يختار أن يظهر على شاشات العالم فى ملابس ومواقف غير تقليدية بالنسبة لأى رئيس دولة. صور «تبدو» وكأنها تكسر بغرابتها حاجز الغربة بينه وبين الناس. يتعامل معها الغرب أحياناً بنوع من الانتقاد اللاذع، كأن زعماءه يغارون لأنهم لا يملكون جرأة «بوتين» فى استعراض نفسه. إلا أن الزعيم الروسى يعتبر تلك الانتقادات دليلاً على نجاح طريقته فى لفت الأنظار، وتشجيعاً له على مزيد من الاستعراض والنجاح.

{long_qoute_1}

لكن ما لا يعرفه زعماء الغرب هو أن «استعراض» بوتين لم يكن لينجح لو أن تلك الهالة من الإبهار لا تخفى تحتها حقيقة راسخة لرجل صلب، مصنوع من فولاذ الأزمات التى طحنت الاتحاد السوفيتى فى سنوات عزه وانهياره. هذا رجل عرف معنى القوة، ومعنى فقدانها ثم استعادتها من جديد. عرف معنى الانتقال من عالم الظل والسر فى المخابرات إلى عالم الضوء والأعين المتركزة فى عالم السياسة، وعرف أيضاً معنى أن يرى العالم كل صغيرة وكبيرة فيه، وكيف يتقن تقديم نفسه لتلك الأعين الشرسة التى تسمى عدسات الكاميرات لتصبح تحت إمرته، تنقل دون أن تدرى ما يريد توصيله للناس.

عرف «بوتين» كيف يتلاعب بالأضواء والظلال، لكن زوجته السابقة «لودميلا» لم تقدر عليها ولا عليه.

فى الحلقة الثانية من الكتاب الفرنسى «بوتين: المسار السرى»، يواصل المؤلف الروسى الأصل «فلاديمير فيدوروفسكى» قراءته للجانب الذى لا يعرفه كثيرون عن الرئيس الروسى، جانب حياته الخاصة، وتفاصيله الشخصية التى لا يرى العالم منها إلا ظاهرها فى معظم الأحيان. حاول الكتاب الفرنسى أن يقرأ أيضاً بداية تكون الطموح السياسى الذى تحول فيما بعد لطموح رئاسى لـ«بوتين»، شهد ذروته فى عهد الرئيس الروسى الأسبق «بوريس يلتسين»، الذى بدا وكأنه يقدم مقاليد السلطة راضياً للرجل الذى نجح فيما بعد فى أن يعيد أمجاد روسيا من جديد.

{long_qoute_2}

يقول الكتاب الفرنسى: «أحياناً، يطرح بعض المقربين من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سؤالاً عليه: ما الذى يمكن أن يغيره فى حياته لو عاد به الزمن إلى الوراء؟ ما هى القرارات التى يتمنى لو أن الفرصة قد تأتيه مرة ثانية لتغييرها. ويكون الرد الذى يأتيهم من بوتين هو: بكل صراحة، عندما أنظر إلى الوراء لا أجد أخطاء فعلية. لن أغير أى قرار من القرارات التى اتخذتها فيما مضى. أعتقد أن المسار الذى اخترته لنفسى يسمح لى بالاستمرار فى المكانة التى أصبحت فيها اليوم».

كثيراً ما يحب العالم اختلاس نظرة عن طبيعة الحياة الخاصة بالرئيس الروسى، ويجيد هو تقديم نفسه فى صور غير تقليدية، تجد طريقها إلى الصحف العالمية لتقدمه بشكل غير معتاد بالنسبة لرئيس دولة، فهو أحياناً يقود سيارته رباعية الدفع فى طرقات الشرق الأقصى، أو يمارس الرياضة مرتدياً حزامه الأسود الذى يشير لتفوقه فى لعبة «الجودو» التى يمارسها منذ صباه، أو وهو يعتنى بالحيوانات فى ريف مدينة «سان بطرسبرج» التى كان يشغل فيها منصب نائب العمدة لفترة من حياته، أو وهو عارى الجذع فوق حصان خلال جولة على الحدود الروسية مع منغوليا. إلا أن طبيعة الإيقاع اليومى لفلاديمير بوتين تعكس انضباطاً شديداً لا يمكن إلا أن يصل به إلى النتيجة التى يسعى إليها كما يقول، وهى أن يحافظ على توازن حياته فى كل المستويات.

ويضيف الكتاب: «منذ سنوات صباه، ظلت ممارسة الرياضة جزءاً أساسياً وحيوياً لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لفلاديمير بوتين. كما أن الساعات الأولى من يوم الرئيس الروسى تبدأ عادة بدقة وتخطيط كبيرين. هو لا يستيقظ فى المعتاد قبل التاسعة صباحاً، فهو، مثله مثل الرئيس السوفيتى الأسبق جوزيف ستالين، يظل يمارس مهامه الرئاسية من متابعة أعمال واستقبال زوار حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً ولذلك ينام متأخراً. وبمجرد أن يستيقظ من النوم يتجه، قبل أن يتناول أى شىء، إلى صالة الألعاب الرياضية الخاصة به ليمارس بعض التمارين العضلية، فهو بالفعل يحرص على الحفاظ على لياقته البدنية. ثم يبدأ فى ممارسة السباحة بلا كلل فى حمام السباحة الخاص به، وبعد تلك التدريبات الشاقة، يبدأ فى مساعدة عضلاته على الاسترخاء فى حمام جاكوزى ساخن يُلحق به آخر بارداً لمساعدة الطاقة على التدفق فى جسده. وبعدها بفترة، قرب الظهيرة، يبدأ بوتين فى تناول إفطاره الذى يتكون عادة من الحبوب وبيض مسلوق، ومشروب طبيعى لدفع الطاقة فى جسده، إضافة إلى بعض خضراوات طازجة متبلة بالثوم. وفى الواحدة ظهراً تتجه سيارته المرسيدس الخاصة إلى مكتبه فى قصر الرئاسة الروسى، أو الكرملين، ليبدأ مهام عمله الرئاسى الخاصة بذلك اليوم».

ويتابع الكتاب: «مرت حياة بوتين الخاصة بأزمة، كشف بنفسه تفاصيلها فى خريف ٢٠١٣ عندما وقع طلاقه من زوجته الأولى لودميلا. وصف الرئيس الروسى طلاقه بأنه انفصال تم بين أصدقاء. كان قراراً مشتركا بينى وبينها. عرفنا أن زواجنا قد انتهى، وأننا لم نعد نرى بعضنا تقريباً. وأكدت لودميلا كلام زوجها السابق قائلة: لقد كان قراراً مشتركاً بالفعل». وعلى ما يبدو، فإن أحد الأسباب التى أدت إلى الانفصال كانت المشغوليات التى لا تنتهى للرئيس الروسى بحكم منصبه. ويقول بوتين خلال لقائه مع قناة «روسيا ٢٤»: إن عملى كله يفرض علىّ أن أكون شخصية عامة يعرف الكل تفاصيل حياتها بالكامل. هذا أمر قد يروق للبعض وقد لا يروق للبعض الآخر. هناك بعض الأشخاص لا تتوافق تركيبتهم ببساطة مع هذا الأمر. ربما حتى أن «لودميلا» قد صمدت لثمانية أو تسعة أعوام.

من جانبها قالت لودميلا: إن فلاديمير غارق تماماً فى عمله، وأبناءنا قد كبروا وصاروا يعيشون حياتهم. شعرت أن الأمور قد عادت لسابق عهدها وأن كلاً منا يحيا حياته الخاصة، أنا من ناحيتى لا أحب على الإطلاق أن أكون شخصية عامة، إلا أن هذا الطلاق لن يؤثر على صداقتنا المستقبلية. سوف نظل إلى الأبد أصدقاء مقربين. إننى أشعر بالامتنان لفلاديمير لأنه ساندنى كثيراً فى حياتى.

ولا يبدو أن طبيعة عمل بوتين كانت تناسب لودميلا فى معظم مراحلها، سواء كان رئيساً لروسيا، ترصد كل تحركاته فى النور، أو حتى عندما كان يعمل فى الظل، ضابطاً فى المخابرات السوفيتية فى بداية حياته. لقد بدأ الرئيس الروسى الحالى مهام عمله الأولى كضابط للمخابرات السوفيتية فى ألمانيا الشرقية. وقتها، لا يمكن إنكار أن المستوى المعيشى الذى كان يقدمه لزوجته قد تحسن بشكل لا يقاس. صار لدى الزوجين الشابين سيارة وشقة تابعة لعمل بوتين، إلا أن لودميلا بدأت تُظهر تحفظاتها على القيود التى يفرضها عليها عمل زوجها. تقول: عندما كان فلاديمير يعمل فى الـ«كى جى بى» كنا نحيا حياة منعزلة بشدة، حياة مليئة بالقيود والممنوعات. كانا يعيشان بالفعل فى مجتمع شبه منغلق، يقتصر على ضباط المخابرات وأسرهم، لا يخرج عن نطاق خمس شقق يقيم فيها ضباط المخابرات السوفيتية فى ألمانيا وأربعة أخرى لضباط المخابرات العسكرية. كان مقر عمل بوتين يقع على بعد خطوات من منزله، فى الوقت الذى اكتفت فيه لودميلا بالاهتمام بطفلتيهما «ماشا» التى وُلدت فى ليننجراد، و«كاتيا» التى رأت عيناها النور فى ألمانيا.

لكن، بعيداً عن تلك الاضطرابات فى حياته الشخصية، كانت فترة العمل فى ألمانيا الشرقية واحدة من أهم الفترات التى شكلت كيان بوتين. كانت تلك هى فترة منتصف الثمانينات من القرن الماضى التى شهدت انتخاب آخر رئيس للاتحاد السوفيتى «ميخائيل جورباتشيف»، كان الحظ ساعتها قد ابتسم من جديد لبوتين عندما تم اختياره لتلقى تدريب استخباراتى خاص، تمهيداً لبدء عمله خارج الحدود الروسية فى أكاديمية الاستخبارات الخارجية فى موسكو. ويصفه أساتذته ومدربوه القدامى بأنه طالب لا يُشق له غبار. يقولون: لم يكن يسبب أى مشاكل، ولم يكن هناك أى مجال ولا إمكانية للتشكيك فى نزاهته. كما أنه كان منغلقاً على نفسه بدرجة كبيرة.

وهكذا تم إرسال الميجور» فلاديمير بوتين إلى ألمانيا تحت الاسم الكودى «بلاتوف». أما هو فيقول إنه: «فى فترة التدريبات، كان من الواضح جداً، ومنذ البداية، أنهم يعدّوننى للذهاب إلى ألمانيا، لأنهم كانوا يركزون على ضرورة عملى على تحسين لغتى الألمانية». وبالفعل، تم إرسال الضابط الشاب إلى ألمانيا الشرقية ليعمل فى قلب مقر العمليات الاستخباراتية السوفيتية، وليتعاون بشكل وثيق مع البوليس الألمانى السياسى الموالى للاتحاد السوفيتى والمعروف باسم «ستاسى». كانت مهام «بوتين» فى تلك الفترة تتضمن تنظيم عدة عمليات للاختراق وجمع المعلومات على عدة مستويات. ووفقاً لكلامه هو نفسه، فإن تركيزه الخاص كان على وزارة الخارجية الألمانية والقائمين عليها والعاملين فيها.

كان نطاق عمل بوتين هو ما يمكن وصفه بالاستخبارات السياسية. كان عليه أن يقوم بجمع المعلومات المطلوبة حول رجال السياسة، وخطط العدو المحتملة. جزء من هذه العمليات يتضمن بالطبع تجنيد المصادر، وجمع المعلومات ومعالجتها، ثم إعادة إرسالها لقيادته فى «موسكو». كان عمله على الأخص يركز على جمع المعلومات عن الأحزاب السياسية الألمانية وتوجهاتها وقادتها الحاليين ومستقبلها المحتمل، لمعرفة أى منهم يمكن أن يشكل تهديداً فى المستقبل للمصالح السوفيتية، وما الذى يمكن أن تكون عليه أوراق التفاهم السوفيتية خلال أى نوع من المفاوضات مع أى من هذه الأطراف. ولم تكن هناك أى ملاحظة لرؤسائه على عمله فى تلك الفترة، ربما باستثناء الإشارة إلى «عيب» يُعتبر فى عالم المخابرات ميزة، وهو أن فلاديمير بوتين ليس اجتماعياً.

والواقع أن الفترة التى قضاها «بوتين» فى ألمانيا قد ساعدته كثيراً فيما بعد عندما عاد إلى الاتحاد السوفيتى ليواصل عمله بعيداً عن دائرة المخابرات «المباشرة» هذه المرة، بصفته نائباً لمحافظ أو عمدة مدينة سان بطرسبرج «أناتولى سوبتشاك». لم يستغرق بوتين طويلاً قبل أن يحظى بثقة رئيسه ويصبح عن جدارة ساعده الأيمن الذى يعتمد عليه العمدة فى كل شىء. وكثيراً ما كان بوتين يصاحب رئيسه فى جولاته الخارجية، خاصة إلى ألمانيا التى ظل يحتفظ بعلاقاته الوثيقة فيها، إلى جوار إيطاليا وفرنسا، وكان أحياناً يقوم بدور المترجم الخاص له، وساعدته تلك الجولات على أن يلتقى ويعزز علاقاته بالكثير من الشخصيات السياسية البارزة مثل المستشار الألمانى الأسبق «هيلموت كول».

إلا أن المناسبة الجديرة بالذكر هنا هى التى التقى فيها فلاديمير بوتين بوزير الخارجية الأمريكى الأسبق، الداهية هنرى كيسينجر.

التقى بوتين خلال إحدى جولاته مع رئيسه «سوتشباك» بـ«كيسينجر»، ولسبب ما، صارح «بوتين» كيسينجر بأنه كان يعمل فى جهاز المخابرات السوفيتية، ورد عليه «كيسينجر» رداً مدهشاً عندما قال له فى جملة واحدة: «إن كل الرجال الشرفاء قد بدأوا عملهم فى المخابرات». والواقع أن بوتين لم يفقد قط انتماءه ولا اعتزازه بجهاز المخابرات السوفيتى حتى عندما لم يكن يعمل رسمياً به. ويذكر الكل له فيما بعد تلك الواقعة التى كان يعقد فيها اجتماعاً فى المطار مع «آل جور»، نائب الرئيس الأمريكى الأسبق «بيل كلينتون»، وقام أحد موظفى القنصلية الأمريكية بدفع جنرال روسى يعمل فى الاستخبارات السرية، لم يسكت «بوتين» حتى أبدى اعتراضه وقام بالتصعيد عبر القنوات الدبلوماسية حتى تم استدعاء الدبلوماسى الأمريكى على الفور.

وهكذا، لم يكن من الغريب عندما تولى بوتين رئاسة المخابرات فيما بعد، فى ٢٠ يوليو ١٩٩٩، أن يؤكد تقديره لقدرة رجال المخابرات على التكيف فى أحلك الظروف، كما فعل هو نفسه خلال سنوات عمله السياسى. كان على اقتناع دائم وتام بأن عملاء المخابرات هم الأكثر قابلية للعمل والاستمرار بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، لأنهم أدركوا قبل غيرهم حتمية انهياره واستعدوا لذلك على الفور. كما أن تعاملهم المستمر مع العالم الخارجى، خاصة دول أوروبا الغربية، قد جعلهم مستعدين للتعامل مع هذه التحديات الكبرى التى ستواجههم فى إطار فهمهم التام لطريقة تفكير تلك الدول من حولهم. وكانت خبرات «بوتين» التى اكتسبها خلال عمله الخاص كضابط مخابرات، وليس عمله السياسى، هى التى أتاحت إدارة المخابرات بنجاح فى تلك الفترة.

لقد بدا من الواضح، منذ عهد الرئيس الروسى الأسبق، والضعيف «بوريس يلتسين»، أن روسيا أصبحت فى حاجة لرجل قوى جديد يعيد أمجادها إليها. كان رئيس الوزراء الروسى فى عهد «يلتسين»، «يفجينى بريماكوف» يقف، بعدائه وعلاقاته غير الطيبة مع الرئيس الروسى وجماعته التى تلاحقها الاتهامات بالفساد، لكنه كان يحمل أيضاً، عبء سنه المتقدمة على كتفيه. لسبب ما، بدا أن كل القوى المؤثرة فى البلاد تنقل رهانها على رئيس المخابرات الروسية ليصبح هو رئيس الوزراء التالى، والأكثر قوة فى عهد «يلتسين». ولعب رجال المخابرات السوفيتية دوراً لا يمكن إنكاره فى دفع رئيسهم وزميلهم فى لعبة توازنات القوى.

ساعد رجال الـ«كى جى بى» السابقون، ومن جاءوا بعدهم من رجال المخابرات الروسية، رئيسهم «بوتين» على وضع نفسه على الساحة، ثم تدعيم سلطته فيما بعد. كان هؤلاء الرجال قد عرفوا سنوات طويلة من الإهانة قبيل انهيار الاتحاد السوفيتى، وعانوا من فشل الحرب السوفيتية فى أفغانستان، ومن تقليص عدد الموظفين والموارد، وشعروا بحاجتهم لأن يستعيدوا مكانتهم على الساحة من جديد. جاء معهم ضباط الجيش الروسى، الذين عانوا بدورهم من فشل العمليات العسكرية الروسية فى الشيشان التى تمت فى عهد «يلتسين» وتسببت فى فقدان سبعة آلاف قتيل روسى. وكان ما يطالب به قادة الجيش مقابل دعمهم لـ«بوتين» هو أن يتم إشراكهم فى عملية اتخاذ القرار السياسى فى البلاد، وأن يتم تدشين سياسة «قوة عظمى» فى روسيا، قائمة على إعادة التسليح والبناء ولو بشكل ضئيل نسبة لما كان عليه الحال فى عهد الاتحاد السوفيتى.

أما «الحلفاء» الذين انخدعوا تماماً فى دعمهم لـ«بوتين» خلال صعوده للسلطة، فكانوا طغمة رجال الأعمال المحيطين بـ«يلتسين»، الذين كانوا ينتفعون من فساد الرئيس الأسبق، ويخشون من ضعفه وتداعيه فى نفس الوقت، وكانوا يتصورون أن دعمهم لـ«بوتين» يمكن أن يساعدهم على مد واستمرار نفوذهم فى مرحلة ما بعد «يلتسين»، دون أن يتم فتح ملفات الفساد الخاصة بهم. جاء معهم مجموعة أخرى من رجال الأعمال الذين طالما ربطتهم صلات تقليدية بقصر الرئاسة الروسى، أو الكرملين، مثل شركة الطاقة الكبرى فى روسيا «غازبروم». لم تكن مجموعة رجال الأعمال التى دعمت سلطة «بوتين» فى واقع الأمر مجموعة متجانسة، تتفق فى المصالح والأهداف والرؤى، لكنهم كانوا يتفقون فى دعمهم لـ«بوتين»، بعضهم حفاظاً على صالح البلاد، وبعضهم الآخر حفاظاً على مصالحهم.

وهكذا، لم يستمر «يفجينى بريماكوف» رئيساً للوزراء، ولم يصمد خليفته الضعيف «سيرجى ستيباشين» طويلاً فى منصبه مع كل القوى التى اصطفت ضده، وفى أغسطس ١٩٩٩ أصبح «فلاديمير بوتين» هو رئيس الوزراء الروسى الجديد. وقتها قال «يلتسين» عن أسباب اختياره لـ«بوتين» لكى يشغل هذا المنصب: «إن أكثر شىء دفعنى لاختياره هو ذلك الحزم السياسى الشديد الذى يتميز به. لقد دخل فلاديمير بوتين عندما كان رئيساً للمخابرات فى مواجهات عديدة مع رئيس الوزراء بريماكوف الذى أراد أن يفرض نفوذه وسيطرته على جهاز المخابرات ويجعله تحت إمرته، إلا أن كل هذه المحاولات لم تُجد نفعاً مع بوتين، ولم يبد أنه يهتز أمام الضغط ولا التهديد. كان يرفض بوضوح أن يتحول إلى لعبة فى مسرح الألاعيب السياسية الكبير».

«بوتين».. ستالين الصغير

وُلد فى 7 أكتوبر عام 1957

اشتهر بحبه لرياضات فنون الحرب وكرة المضرب

والده عمل طباخاً فى أحد بيوت جوزيف ستالين

تخرج فى كلية الحقوق بجامعة لينينغراد عام 1975

أدى الخدمة العسكرية فى جهاز أمن الدولة

 

 

 


مواضيع متعلقة