وزير الإعلام السورى السابق: الضربات الروسية حققت فى 20 يوماً ما لم يحققه تحالف أمريكا فى سنة ونصف.. وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011

كتب: محمد حسن عامر

وزير الإعلام السورى السابق: الضربات الروسية حققت فى 20 يوماً ما لم يحققه تحالف أمريكا فى سنة ونصف.. وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011

وزير الإعلام السورى السابق: الضربات الروسية حققت فى 20 يوماً ما لم يحققه تحالف أمريكا فى سنة ونصف.. وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011

{long_qoute_1}

أكد وزير الإعلام السورى السابق الدكتور مهدى دخل الله، رئيس قسم الصحافة فى حزب البعث العربى السورى الحاكم، أن سقوط الدولة السورية كارثة للمنطقة العربية سيؤدى إلى التقسيم الفعلى للمنطقة، قائلاً فى حواره مع «الوطن»، إن السبيل الوحيد للحل فى سوريا هو الحوار وصناديق الاقتراع، وليس العنف والاحتكام إلى الخارج.

وحول العمليات الدولية فى سوريا، أوضح «دخل الله»، أن نتائج غارات التحالف الدولى الذى تقوده أمريكا على العراق وسوريا بعد عام ونصف من انطلاقها «صفر»، ما يعنى أن أمريكا لا تزال بحاجة إلى «داعش» ودوره فى خدمة سياسة الفوضى الخلاقة، فيما حققت فى المقابل الغارات الروسية نتائج مدهشة. وشدد الوزير السابق، على ضرورة أن تكون هناك اتصالات معلنة بين مصر والحكومة السورية، لأن مصيرهما التاريخى مشترك.. وإلى نص الحوار:

■ بداية، كيف ترى إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية؟

- ما فعلته تركيا بالتأكيد مخالف لأحكام القانون الدولى، وسبق أن قلت إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، خطر يهدد السلام الدولى بتصرفاته، التى تحول دون جهود محاربة الإرهاب، وعودة الدولة السورية إلى قوتها واستقرارها، فتركيا أسقطت مقاتلة كانت فى مهمة ضد الإرهاب، ما يؤكد أنها الداعم الأكبر لتنظيم داعش الإرهابى. {left_qoute_1}

■ بخصوص الضربات الجوية الروسية فى سوريا، كيف جرى التنسيق مع «موسكو» لبدء ضرباتها؟

- التنسيق قائم منذ فترة فى إطار الترويكا (سوريا وروسيا وإيران)، وهناك تنسيق أشمل فى إطار مجموعة (4+1) أو (سوريا وروسيا وإيران والعراق + المقاومة اللبنانية)، لكن التنسيق الضيق والأهم بشأن تلك التفاصيل كان بين «دمشق»، و«موسكو»، ثم جاءت القمة بين بشار الأسد، الرئيس السورى، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، فى 20 أكتوبر لتؤكد المستوى العالى للتنسيق.

■ هناك تحليلات تتحدث عن أن عمليات روسيا من شأنها إشعال حرب عالمية ثالثة، ما رأيك؟

- الحروب ذات منطق مجنون، وكل الاحتمالات واردة، لكن التحليل والمتابعة يؤكدان أنه لن تشتعل حرب عالمية ثالثة، لأن روسيا وأمريكا موجودتان بشكل مباشر فى المنطقة، وأى صدام بينهما ربما يؤدى لكارثة كبرى لا يستطيع أحد تحمل نتائجها، بما فى ذلك موسكو وواشنطن.

■ ما المصالح التى تستهدفها روسيا من شن ضربات ضد مواقع الجماعات المسلحة فى سوريا؟

- المسئولون الروس، أعلنوا أن دوافعهم هى الشعور بخطر الإرهاب المتفاقم على المصلحة القومية الروسية وأمنهم القومى، ومن هنا التقت المصلحتان السورية والروسية فى محاربة الإرهاب، فدمشق أيضاً ترى فى الإرهاب خطراً كبيراً على مصالحها وأمنها واستقلالها ووحدة أراضيها.

■ هل نحن فى مرحلة حرب بالوكالة؟ وما تأثير ذلك على مستقبل المنطقة؟

- فى رأيى لا، ليست حرباً بالوكالة لأن هناك تفاهماً، ولو بالحد الأدنى بين موسكو وواشنطن على محاربة عدو واحد هو الإرهاب، كما أن الحضور الروسى فى السماء السورية شرعى لأنه جاء تلبية لطلب رسمى سورى، أى أنه يأتى فى إطار احترام سيادة سوريا، وهو ما تؤكده جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة السورية.

■ ما الجماعات المستهدفة من تلك الضربات وحدودها المكانية؟

- الغارات الروسية تشمل كل الجماعات المسلحة التى تعيث قتلاً وتدميراً فى سوريا، أما المعارضة السياسية الوطنية فهى موجودة ومعترف بها فى «دمشق»، وتشارك فى مجلس الشعب، ومنها حزب مشارك فى الحكومة الائتلافية، إلى جانب عشرة أحزاب أخرى وعدد من المستقلين. {left_qoute_2}

■ وماذا عن نتائج الضربات حتى الآن وإلى أى مدى ساعدت الجيش السورى؟

- النتائج مدهشة، خصوصاً إذا تمت مقارنتها بعمليات التحالف الدولى الذى تقوده أمريكا، فهى لا تُسمن ولا تُغنى من جوع، مجرد «جعجعة بلا طحين»، فالجيش السورى يتقدم براً بقوة تحت حماية سلاح الجو الروسى والسورى، وأعتقد أن هذا التقدم سيستمر وسيتصاعد فى المستقبل القريب.

■ ولكن مع تلك الضربات الروسية فما زال «داعش» يتقدم فى حلب؟

- هذا سوء تفسير للمعلومة، حدث تقدم لـ«داعش» فى قرية من قرى حلب، لكن فى إطار صراعها مع مجموعات إرهابية أخرى كالنصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وتنظيم «جيش الفتح». أما فى المواجهات مع الجيش العربى السورى فلم يكن هناك سوى تراجع الإرهاب سواء داعش أو غيره. وبالنسبة للجيش ليس مهماً هل هذه القرية أو تلك تحت سيطرة «داعش» أم «النصرة» أو غيرهما فكلهم إرهابيون.

{long_qoute_2}

■ هل لك أن تعطينا توصيفاً دقيقاً عن المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السورى والأخرى الخارجة عن سيطرته؟

- ظهرت معلومات مضللة بأن الإرهابيين يسيطرون على 50٪ من الجغرافيا السورية، وهذا غير صحيح، من يروج هذه الكلام يضم البادية السورية (شبه الصحراء السورية) إلى مناطق الإرهابيين، وهذه البادية وحدها تشكل أكثر من 35 ٪ من الأرض السورية وليست فيها تجمعات بشرية كبيرة، وإنما مجرد قرى صغيرة بدوية، أما آبار النفط والفوسفات بها فهى فى أيدى الدولة.

■ هل لدى أمريكا رغبة جادة فى القضاء على «داعش»، وهل أسهمت غارات التحالف الدولى فى تحجيم التنظيم؟

- نتمنى أن تكون لديها الرغبة، لكن التجربة تثبت العكس تماماً، فالأمريكيون موجودون فى سماء سوريا والعراق منذ سنة ونصف تقريباً والنتيجة صفر، بل إن الإرهاب تمدد واتسع فى البلدين تحت أنظار الطائرات الأمريكية، ما يضعنا أمام تفسيرين: إما أن سلاح الجو الأمريكى فاشل وضعيف ولا حول له ولا قوة، وهذا شىء صعب التصديق. وإما أن «واشنطن» لا تزال بحاجة وظيفية لـ«داعش» والإرهاب كأداة أساسية فى سياسة «الفوضى الخلاقة»، لذلك فهى لا تحاربها بالجدية المطلوبة.

فى المقابل، فإن الطائرات الروسية أبلت بلاءً حسناً بالتنسيق مع الجيش السورى على الأرض وسلاح الجو السورى، وحققت فى أول عشرين يوماً من حيث النتائج كمياً ونوعياً ما لم يحققه التحالف الأمريكى فى سنة ونصف.

■ ما دور قطر فى سوريا، وما الذى تقدمه للمقاتلين هناك؟

- هناك تسابق محموم بين دولتين عربيتين، واحدة منهما قطر، لدعم الإرهاب دعماً مطلقاً فى سوريا ولتدمير سوريا تدميراً منهجياً، وهذا الشىء تعترف به البلدان تحت شعار «دعم الشعب السورى لمحاربة الإرهاب»، ولكن شر البلية ما يضحك، فلك أن تتصور أن هاتين الدولتين تتحدثان عن الاستبداد والديمقراطية، بينما فى سوريا دستور جديد لنظام شبه رئاسى يشبه تماماً الدستور الفرنسى، وما يزيد على 23 حزباً سياسياً، معظمها لها أعضاء فى البرلمان، وهناك انتخابات دورية رئاسية وبرلمانية منتظمة بحضور مراقبين دوليين من المجتمع المدنى فى دول مختلفة بما فيها الولايات المتحدة، والسؤال: أين هاتان الدولتان من الديمقراطية؟ ما أجمل المصريين عندما يقولون «إللى اختشوا ماتوا». {left_qoute_3}

■ ماذا يعنى سقوط النظام السورى بالنسبة للمنطقة العربية؟

- سقوط الدولة السورية كارثة للمنطقة العربية خصوصاً بعد احتلال العراق، فذلك سيؤدى إلى التقسيم فعلياً، ماذا سيحدث فى المنطقة بعد ذلك؟ هل سيسلم لبنان والأردن ومصر من التقسيم؟ بل هل ستسلم السعودية واليمن وغيرهما من الدول العربية ذات المساحات الكبيرة؟، أرى أن سقوط سوريا وتقسيمها يعنى نهاية لحقبة امتدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ظهرت فيها الدول العربية بشكل مستقل، وهذا يعنى أن المنطقة كلها ستدخل فى فوضى عارمة تكون الكلمة الأولى فيها للإرهاب وداعميه.

■ ما تعليقك على أن النظام السورى ممثل لإيران فى المنطقة العربية ومجرد ذراع لها؟

- هذا ادِّعاء مُضحك، وأنا هنا أطرح بعض الأسئلة، لماذا تصبح سوريا تابعة لإيران وترفض عروضاً سخية طوال عقود من «واشنطن» كى تكون تابعة للولايات المتحدة؟. إن أردت أن تكون تابعاً هل تتبع «طهران» أم «واشنطن»؟، وفى المقابل لماذا لا نقول إن إيران تابعة لسوريا ما دامت إيران تدعم المقاومة وتواجه إسرائيل بقوة، وهذا هو جوهر الموقف السورى، لكن وفقاً للحقيقة والواقع فإن العلاقة ليست تبعية لأن البلدين، سوريا وإيران، متمسكان تماماً بالاستقلال، ولو أنهما أقل تمسكاً بالاستقلال لما عادتهما الولايات المتحدة إلى هذا الحد.

■ ما المطلوب من مصر تجاه سوريا وأزمتها؟

- الشعب السورى عاتب على مصر، وكما يقول السوريون «العتب على قدر المحبة»، فما ينتظرونه من مصر لا يمكن أن ينتظرونه من أى دولة أو شعب فى العالم كله، لأن المصريين شركاء السوريين فى المصير منذ الفراعنة وحتى جمال عبدالناصر، وهذه حقيقة تاريخية. والجيش العربى السورى هو الجيش الأول لدى المصريين، وقد خاض الجيشان كل المعارك معاً منذ حرب فلسطين 1948 حتى أكتوبر 1973، ومن أزمة الكويت 1959 حتى أزمة الكويت 1991. إن انتصار الشعب المصرى بهذه القوة والإرادة على تنظيم الإخوان هو حدث يؤكد وحدة الشعبين، وهو انتصار لسوريا كما هو انتصار لمصر، وكل ما نريده أن تصبح القاهرة من جديد قائداً للوطن العربى.

■ هل لك ملاحظات على الاتصالات بين «القاهرة» والمعارضة السورية؟

- اتصال القاهرة مع المعارضة السورية علناً بينما هى لا تتصل علناً مع الحكومة السورية، يُضعف دور أرض الكنانة، لأن الوسيط النزيه ينبغى أن يكون على علاقة واحدة مع الطرفين، فعندما يذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى لمناقشة الأزمة السورية مع الرئيس «بوتين» فى موسكو، فإن دمشق أكثر قرباً ولا حاجة لمترجم بين رئيس أرض الكنانة ورئيس قلب العروبة النابض سوريا.

■ هل ترى أن مصر كان يخطط لها أن تكون مثل سوريا، لكنها نجحت فى تجنب الأمر؟

- منذ عهد الفراعنة مروراً بمملكة «تدمر» وتحريرها مصر من روما، وبعد ذلك عهد صلاح الدين والمماليك وصولاً إلى محمد على، وجمال عبدالناصر، كان مصير مصر وسوريا واحداً بشكل مدهش. إنها الجغرافيا والتاريخ. ففى العصر الحديث خاضت سوريا ومصر جميع الحروب معاً، منذ حرب فلسطين الأولى وحتى حرب أكتوبر، وكان الجيش الأول (سوريا) والجيشان الثانى والثالث (مصر) كتلة واحدة، هذه حقائق أهم وأعلى من قيادات البلدين. لذلك إن أرادت القيادات فى «القاهرة» و«دمشق» أن تثبت وطنيتها أمام شعبها فعليها الالتزام بهذه الروابط البنيوية بين البلدين، ولنعد قليلاً إلى الستينات والسبعينات، كانت هناك ثلاث دول عربية حقيقية وثلاثة جيوش عربية حقيقية هى العراق ومصر وسوريا، ونلاحظ اليوم أن هذه الدول بالذات كيانات مستهدفة من قبل أمريكا وإسرائيل، لأنها الدول الثلاث الوحيدة التى يمكن أن تحقق آمال العرب، فالتاريخ هو الذى يقول إن الدول العربية الكبرى كانت دمشق وبغداد والقاهرة، كمراكز للدولة الأموية والعباسية والفاطمية، كما يؤكد التاريخ أنه عندما تصاب سوريا بشر تتألم مصر والعكس.

■ فى نهاية الحوار، ما المخرج للأزمة السورية؟ وهل من الممكن أن تعود سوريا إلى ما قبل 2011؟

- لن تعود سوريا إلى ما قبل 2011، لأن الدستور تغير بشكل بنيوى وأصبح يلتزم بمعايير النظام شبه الرئاسى الموجود فى فرنسا وروسيا ودول عديدة. وهو نظام قائم على «سيادة صندوق الاقتراع» والتعددية السياسية والحزبية.

 

 

وزير الإعلام السورى السابق أثناء إحدى مرات تكريمه


مواضيع متعلقة