محمود مسلم يكتب: الخدمات والمال والجنرالات والشهرة.. مفاتيح النجاح

كتب: محمود مسلم

محمود مسلم يكتب: الخدمات والمال والجنرالات والشهرة.. مفاتيح النجاح

محمود مسلم يكتب: الخدمات والمال والجنرالات والشهرة.. مفاتيح النجاح

المرجح أن ادعاءات تزوير الانتخابات لمن قرروا المقاطعة نتيجة فشلهم الشعبى، بالإضافة إلى مزاعم حل البرلمان، وكذلك تأجيل الانتخابات أكثر من مرة، أسباب رئيسية لظاهرة العزوف عن المشاركة، التى يجب الاعتراف بها، وبحث أسبابها بشكل علمى، لأنها تمثل خطورة على الحياة الديمقراطية، بل ومستقبل مصر، لأن التيارات الدينية تجيد اللعب عندما تتراجع نسب المشاركة، ولا يمكن فصل هذه الظاهرة عن تكرارها فى انتخابات أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة ونقابتى المحامين والأطباء.. ولا يمكن للحكومة أن تبرر ضعف المشاركة فى الانتخابات والتى وصلت إلى ٪28.3 والتى تمثل نحو نصف نسبة المشاركة فى برلمان 2011، بأنها توازى النسب العالمية، وقبل أن يرددوا هذا الكلام عليهم معرفة أن مشاركة محافظة السويس فى انتخابات برلمان 2011 وصلت 72٪ بينما تراجعت فى انتخابات 2015 إلى 18٪ فقط. {left_qoute_1}

أما نتائج الانتخابات، فقد تحكمت فيها بعض العناصر هى بالترتيب: «الخدمات - المال - رجال الجيش والشرطة السابقون - المشاهير»، فبالنسبة للخدمات فقد استطاعت عائلات كثيرة الحفاظ على مقعدها ومعظمهم رجال أعمال مثل طلعت السويدى ديرب نجم - محمود فريد خميس «بلبيس» - معتز محمد محمود على حسن «قنا» - عادل منصور عامر «القناطر الخيرية» - محمد عصمت السادات «تلا المنوفية» - محمد عطية الفيومى «طوخ» - محمود عثمان «إسماعيلية» - معتز الشاذلى «الباجور» - أحمد فؤاد أباظة «أبوحماد» أما المال فقد ظهر فى دوائر عديدة واستطاع عدد من المرشحين الوصول إلى مجلس النواب عبر ضخ ملايين الجنيهات، حيث انتشرت الرشاوى السياسية بصورة لم تظهر من قبل وعجزت اللجنة العليا للانتخابات عن مقاومة هذه الظاهرة.

رجال الجيش والشرطة كانوا أكثر حظاً فى هذه الانتخابات وتجاوز عددهم 50 نائباً لأول مرة فى تاريخ البرلمان، أبرزهم: حمدى بخيت «مدينة نصر» - سلامة الجوهرى «زفتى» - تامر الشهاوى «مدينة نصر» - مدحت الشريف «مصر الجديدة» - محمود محيى الدين «أشمون المنوفية» - على الدمرداش «المطرية» - مليجى فتوح «قويسنا» - حاتم باشات «الزيتون». {left_qoute_2}

كما أن الشهرة، خاصة التى ارتبطت بمواقف ضد الإخوان خلال ثورة «30 يونيو» وتأييد «السيسى»، قد أسهمت كثيراً فى نجاح البعض، خاصة من يخوضون الانتخابات لأول مرة فى بعض الدوائر مثل سمير غطاس «مدينة نصر» - عبدالرحيم على «الدقى والعجوزة» - إيهاب الخولى «إمبابة» - محمد أبوحامد «الوايلى والظاهر»، بالإضافة إلى دخول فاطمة ناعوت «مصر الجديدة» مرحلة الإعادة.

مال مزاج المصريين إلى التجديد، فخرج معظم النواب القدامى، حتى وإن نجح بعضهم فى دخول الإعادة على غير المتوقع، نظراً لغيابهم الإعلامى واستهدافهم من قبل منافسيهم مثل: حسين مجاور «المعادى» - د.مصطفى السعيد «ديرب نجم» - حيدر بغدادى «الجمالية» - الحسينى أبوقمر «الغواص بورسعيد» - شيرين أحمد فؤاد «الوايلى والظاهر» - أحمد شيحة «الدرب الأحمر والخليفة - طلعت القواس «عابدين وباب الشعرية» - عصام عبدالغفار «الحامول وبيلا» - نايف جيرة الله «منيا القمح» - عبدالمحسن أبوالخير «المحلة» - فخرى طايل «تلا - المنوفية» بينما استطاع نواب آخرون الوصول إلى البرلمان، رغم عضويتهم السابقة قبل ثورة يناير على رأسهم د.على المصيلحى «أبوكبير» - أيمن معاذ «منوف» - إلهامى عجينة ويسرى المغازى «بلقاس - الدقهلية» - محمود نبيه حسانين «منية النصر» - إيهاب العمدة «الزاوية الحمراء والشرابية»، كما وصل عدد نواب «الوطنى» إلى أكثر من 120 نائباً معظمهم ليسوا من الصفوف الأولى، لكن الغريب أن كثيراً من رموز المعارضة فى برلمان 2011 لم ينجحوا فى الاحتفاظ بمقاعدهم فى برلمان 2015 مثل محمد عبدالعليم داود وكيل البرلمان «فوة ومطوبس» وطارق سباق «روض الفرج وشبرا» - باسل عادل «مدينة نصر»، د.عمرو الشوبكى «الدقى والعجوزة» - محمد المالكى «المطرية»، سيد خليفة «كفر الشيخ - النور» كما لم ينجح محمد عبدالعزيز أحمد مؤسسى «تمرد» فى دخول جولة الإعادة بشبرا الخيمة أول.

هناك أيضاً ظاهرة الأبناء التى سيطرت على الانتخابات، خاصة فى الصعيد والدلتا، لكن الجديد فيها نجاح أبناء نواب المعارضة السابقين فى دخول البرلمان فى دوائر مدينة وأبرزهم هيثم أبوالعز الحريرى «الإسكندرية» - خالد عبدالعزيز شعبان «حدائق القبة» - طارق فاروق متولى «السويس».

{long_qoute_2}

من الظواهر الإيجابية فى هذا البرلمان نجاح المرأة فى دوائر شعبية مثل د.شادية ثابت ونشوى الديب «إمبابة» - إيناس عبدالحليم «المنصورة» - دينا عبدالعزيز «حلوان» منى جاد الله «الجمالية» - رانيا السادات «الزهور ببورسعيد» - غادة موسى «دمياط» - ثريا الشيخ «شبرا الخيمة ثان»، كما أن الأقباط استطاعوا النجاح فى غير الدوائر التى تتميز بوجود قبطى، فلم ينجح قبل ثورة يناير سوى الوزير يوسف بطرس غالى فى دائرة المعهد الفنى بشبرا، ورجل الأعمال رامى لكح فى «الظاهر والأزبكية» والاثنان نجحا بتأثير نفوذ الوزير وأموال رجل الأعمال، أما الآن فقد نجح أقباط فى دوائر عديدة ويكفى حصول سمير غطاس على أعلى الأصوات فى «مدينة نصر»، إيليا باسيلى «مدينة السلام»، نبيل بولس «باب الشعرية»، ثروت بخيت «عين شمس»، بالإضافة إلى مقعدين فى دائرتى ملوى وشبرا.. من الإيجابيات أيضاً تفوق عدد من الكوادر السياسية الذين يدخلون البرلمان للمرة الأولى من دون أموال، بل إنهم واجهوا منافسة شرسة من الرشاوى السياسية، ومنهم د.صلاح حسب الله «شبرا الخيمة» - د.محمد عبدالغنى «الزيتون» - المحاسب سيد فراج «حدائق القبة» - محمود حسين «بورسعيد»، بالإضافة إلى الصحفى أحمد بدوى «طوخ» والذى نجح من الجولة الأولى.  {left_qoute_3}

استطاع المستقلون حسم معظم المقاعد الفردية بل وثلثى قائمة «فى حب مصر» لتكون لهم السيادة على البرلمان على مدى 5 سنوات، فى ظل قانون يمنع تغيير الصفة الحزبية، وقد استطاع حزب المصريين الأحرار حصد مقاعد الأكثرية بـ65 نائباً يليه مستقبل وطن (الحصان الأسود للانتخابات) بـ51 مقعد، والاثنان يضمان نواباً من الوطنى، ثم الوفد بـ40 مقعداً، كما ظهرت أحزاب أخرى تدخل البرلمان لأول مرة مثل المحافظين، الحركة الوطنية، حماة الوطن، الشعب الجمهورى، الحرية، مصرالحديثة، الحرية، الصرح، كما فاز حزب السلام الديمقراطى بـ5، وحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بـ4 مقاعد، والتجمع بمقعد واحد، بينما اختفت أحزاب وكيانات تملأ الدنيا ضجيجاً بسبب المقاطعة مثل «الدستور- التحالف الشعبى - التيار الشعبى»، واكتفوا بإدانة البرلمان على «فيس بوك» فى الوقت الذى حقق فيه توفيق عكاشة المركز الأول على مستوى مصر بـ94 ألفاً و500 صوت، يليه العميد محمود محيى الدين فى دائرة أشمون بالمنوفية بـ85 ألفاً و116 صوتاً، والغريب أن دائرة أشمون ضربت القواعد الانتخابية المتعارف عليها حينما صوت فى الإعادة 34٪ من نسبة الناخبين متجاوزين نسبة من ذهبوا فى الجولة الأولى التى وصلت 29٪ فقط.

{long_qoute_1}

لقد كان الرئيس السيسى الغائب الحاضر فى هذه الانتخابات، فإذا كان البعض قد أرجع العزوف فى الانتخابات لتراجع شعبيته، فإن آخرين قد أكدوا أن السبب الرئيسى يرجع لثقة الناس فى الرئيس وعدم رغبتهم فى الإتيان ببرلمان يعرقله، لكن النتائج أكدت أن كل الناجحين تقريباً لا يعارضون الرئيس السيسى كلياً، بل إن كثيراً من المرشحين بذلوا جهداً كبيراً لإثبات أنهم لم يعارضوه يوماً، من أجل المرور إلى البرلمان، لكن المؤكد أن هذا الأمر لن يستمر وسيختلف النواب فى التفاصيل مع سياسات الرئيس لكنهم سيساندونه بقوة فى قضايا دعم الدولة.

البعض يحاول الآن تشويه البرلمان الذى أتى به الشعب حتى ولو بنسبة 28٫3٪، وهو أمر ليس له علاقة بالديمقراطية، خاصة أن الشعب كما قال الزعيم عبدالناصر هو القائد والمعلم، وعلى الذين قاطعوا ألا يلوموا إلا أنفسهم، خاصة أن الانتخابات لم تزوَّر، وكانت نزيهة بشهادة أمريكا وكافة المنظمات الدولية والمحلية، وعليهم أن يكفوا عن تشويه البرلمان حتى يبدأ أعماله، خاصة أن هذا المجلس أمامه على المدى القصير تحديات كثيرة أبرزها اختيار الرئيس وهيئات مكاتب اللجان وإقرار القوانين التى صدرت بعد دستور 2014 فى 15 يوماً، وعلى المعترضين دائماً أن يتذكروا أنهم عارضوا تشكيل قائمة موحدة فإذا بها تكون المنقذ لأنها تضم كفاءات كثيرة سيثرون البرلمان، كما أن من توقع فشلها عليه مراجعة نفسه خاصة أن القائمة اكتسحت الانتخابات دون إعادة واستطاعت لمّ شمل الأحزاب والمستقلين، وإن كنت لا أتوقع استمرار هذا التحالف أو الائتلاف.

توقعت قبل الانتخابات أن المستقلين ستكون لهم الكلمة العليا فى البرلمان وأن الأحزاب مجتمعة لن تستطيع حصد الأغلبية وأن نصيب النور سيتراجع عن برلمان 2011 بكثير، والإخوان لن يكون لهم نصيب على الإطلاق حتى لو استعانوا بالصفوف الثانية أو الثالثة من جماعتهم، وأن أكثر من 90٪ من نواب البرلمان سيكونون قريبين من الرئيس السيسى بدرجة أو بأخرى.. وقد تحقق كثير مما ذكرته.. والآن أتوقع ألا يستطيع أحد احتواء النواب للدرجة التى يتخيلها البعض، فكل نائب يتعامل على أنه جاء بذراعه، وأن العام الأول سيشهد شداً وجذباً حتى تستقر الأمور، ولن تكون هناك كتل معروفة يستطيع أحد توقع اتجاهاتها فى البرلمان مع كل قضية مطروحة بأن طبيعة الموضوع هى التى ستحدد مَن المؤيد ومَن المعارض، وعلى كل الأحوال سيكون برلمان 2015 أفضل بكثير من برلمان 2011 على عكس توقعات أو أمنيات البعض!!


مواضيع متعلقة