فرقة «شريف إسماعيل» المسرحية..!

11/28/2015

عبدالعظيم درويش

كاتب صحفي

بين «واقع» يعيشه نحو 90 مليون مواطن -تكتسب ملامحهم «سمرة النيل»- بكل حقائقه وآماله وآلامه.. وبين «صورة» تسعى الحكومة -حتى بالتمثيل- إلى إقناعهم بأنها «حقيقة ثابتة» يحتار المواطن دائماً، فما يراه شىء وما تسعى الحكومة إلى إقناعه بوجوده شىء آخر «قلبى بيقول لى كلام.. وأنت بتقول لى كلام».. وهو أمر يُحسب للحكومة اجتهادها للحصول على «الأوسكار».

فى تكتم شديد.. وبـ«خباثة» واضحة المعالم غادر رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل يوم الأربعاء قبل الماضى مطار القاهرة فى طريقه إلى ألمانيا، لإجراء فحوصات طبية «خد بالك من فحوصات طبية»..

إقدام رئيس الوزراء على هذه الخطوة يعد اعترافاً صريحاً بفشل حكومته ووزيره للصحة فى إيجاد «منظومة صحية وطبية» يطمئن معها على إمكان إجراء هذه الفحوصات فى مصر بدلاً من «بلاد الرايخ»!!

أعتقد أن المهندس «شريف» له كل الحق فيما أقدم عليه فهو «رئيس وزراء واحد» أما نحن فبقية الـ90 مليون مواطن ولنا المستشفيات التى تسابق «القطط» مرضاها وتقاسمهم أكلهم.. ويتزاحم3 أو 4 مرضى على سرير واحد وبقيتهم فى طرقات المستشفى.

سفر المهندس «شريف» يكشف بوضوح أن زياراته للمستشفيات هو وسابقه المهندس «محلب»، وتصريحاتهما المتكررة عن إصلاح المنظومة الصحية كان مجرد «تمثيل فى تمثيل»!.

فى مشهد ساذج غاب عن الأفلام المصرية -حتى فى وقت مخرج الروائع الراحل حسن الإمام- اصطف 4 وزراء «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزير التنمية المحلية ووزيرة التعاون الدولى ووزير الداخلية، آه والله وزير الداخلية» أمام أمن مطار شرم الشيخ وقد خلعوا الأحذية والجواكت والساعات ووضعوا كافة المتعلقات الشخصية على جهاز كشف المفرقعات، وخضعوا للتفتيش ذاتياً أثناء عودتهم من مدينة السلام بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء الذى عقد هناك -وفق صورهم المتتابعة على الصفحة الأولى من جريدة «الوطن» أخيراً- «مش أوى كده.. ده مشهد لا يقنع حتى عبيط القرية»..!

فى مشهد آخر لم يلحظ وزير العدل المستشار أحمد الزند أن ما نطق به أمر يستحق أن يكون الشقيق الرابع «للغول والعنقاء والخل الوفى» أى «المستحيل الرابع» إذ قال: «إن المواطن المصرى يستطيع أن يعيش يومه بـ3 جنيهات أو جنيهين».. ولا أجد تفسيراً لمقولة المستشار «الزند» سوى تبرير من اثنين: إما أنه كان يقصد أسعار ثلاثينات القرن الماضى، وهو بذلك يستحق أن يُبدل منصبه ليصبح فى هذه الحالة «وزير الحقانية وليس العدل».. وإما أنه مقتنع فعلاً بقدرة هذا «المواطن الجن» الذى يستطيع أن يعيش بجنيهين يومياً «طبعاً بعد أن يتسول عليهما 100 جنيه أخرى من أهل الخير»..!!

القضية لا تقف عند وزراء الحكومة، بل تمتد إلى بقية السلطات، إذ وفقاً لما كتبه الزميل الشاب حسن عثمان بجريدة «الوطن»، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى حينما دخل إلى لجنة الانتخابات البرلمانية ليدلى بصوته طلبت منه رئيسة اللجنة إظهار بطاقة الرقم القومى، وسلمتها لأحد الموظفين باللجنة الذى قرأها عبر جهاز القارئ الآلى، وتأكد من «سلامتها» وأحقية صاحبها «أى الرئيس» فى الإدلاء بصوته داخل اللجنة «شوف إزاى» وبعدها قام الرئيس بالتوقيع فى كشوف الحضور، ثم تسلم بطاقته مرة أخرى، ليحصل بعد ذلك على ورقة التصويت.!!

فى النهاية لا أجد وصفاً يعبر عن مجلس الوزراء وبعض من ممثلى سُلطات الدولة سوى تعبير «فرقة المهندس شريف إسماعيل المسرحية»..!