«حُب» قائمة سيف اليزل و«جمهورية» الجبالى

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

رأيت النخب فى الكواليس بعيداً عن الأضواء وكاميرات القنوات، شاهدت أحاديثهم الصريحة بعيداً عن توازنات الكلام ودبلوماسية الوصف فى حضور المشاهدين، تابعت المصالح وشبكتها فى دولة صار الفساد فيها متعدد الدرجات والألوان بشكل مُنفر. ولذا رفضت صكوك الوطنية التى يمنحها الشعب اليوم لكل من قال كلمة أو تصدى لموقف دون فهم الحقيقة -بمن فيهم شخصى المتواضع الذى لا يرقى لهؤلاء الكبار- تماماً كما رفضت صكوك التدين التى احتكرها تجار الدين عبر سنوات طويلة وبخاصة فى عهد الإخوان، فكلاهما -صكوك الوطنية والتدين- ليس بيد أحد ولا يحتكرها أحد ولا يعلم حقيقة التدين أو الوطنية سوى الله.

ولأننى أعلم طبيعة المشهد الذى نحياه اليوم فى بلادى أيدت قائمة «حب مصر» فى الجولة الأولى، وشاركت فى الترويج لها، رغم ما كان بها من وجوه استحلت الوجود على كل الموائد وأدمنت تبعية السيد أياً كان السيد، ولكن شجعتنى أسماءً جديدة لمعت بها فقبلتها بمنطق التاجر الذى عليه بقبول الشروة كما هى بحلوها ومرها. ثم رأيت أنه من الحكمة عدم منح كل الأصوات لقائمة واحدة تحتل 120 مقعداً بالبرلمان فدعوت لتأييد قائمة التحالف الجمهورى فى الجولة الثانية لتحقيق التوازن تحت قبة البرلمان فالسلطة المطلقة لقائمة واحدة مفسدة مطلقة وتبعية مطلقة.

ولكن للأسف لم تكن كلتا القائمتين على مستوى الحدث كما لم تكونا على قياس مصر وقامتها. كنت أظنهم كباراً فى بلد أكبر، ولكنهم مارسوا أفعال الصغار بشكل محزن وهو ما دفعنى للتساؤل: «أهؤلاء جميعهم يدعون انتماءهم للدولة؟ أهؤلاء يتحدثون عن حب الوطن؟ أتلك القائمة تقول إنها تسعى لجمع المصريين فى حب مصر؟ وتلك تؤكد أنها تحالف جمهورى؟ يا خسارة.

جاءت البداية كشجار الأطفال بشكل عجيب حينما صدرت تصريحات قائمة «الحب» بأن حسام خيرالله ليس بفريق ولكنه لواء!؟ فكان الرد من قائمة «التحالف» بأن «خيرالله» فريق بإثبات اللجنة العليا، وأن «سيف اليزل» عميد وليس بلواء؟! أهذا مبعث خلاف يا سادة؟ ألا تدركون حجم المؤسسة التى كنتم تنتمون لها؟ وتواترت التصريحات بينهما بشكل مفزع، والتى وصلت للقول بأن المستشارة تهانى الجبالى بقائمة التحالف من «الفلول» بل «أم الفلول»!! وكيف ردت هى بمؤتمر صحفى اخترق الصمت الانتخابى لتؤكد أن هناك تحالفاً بين قائمة فى حب مصر والإخوان فى الكويت، ثم رد أسامة هيكل عليها بأنها كاذبة وعليها أن تلم نفسها؟! ما هذا العبث؟ أين كانت «الجبالى» من خيانة المنافسين قبل الانتخابات؟ وإن علمت بالخيانة وقت الصمت فلِم لَم تقُم بإبلاغ السلطات ومنح الخبر لجهات إعلامية لتتحقق من الموضوع وتظهره للرأى العام؟ وهل اكتشفت قائمة «الحب» فجأة أن «الجبالى» من الفلول -ولا أعلم معنى لتلك الكلمة السخيفة لأن الإنسان صنفان إما فاسد وإما صالح؟- وهل كان يفرق مع قائمة «الحب» أن يكون حسام خيرالله فريقاً أو لواء؟ ألم يكن من بينكما راشد ليدرك الصورة بأكملها، وأن العالم يشاهد ويتابع الأحداث فى بلادنا بدأب وأنه فسر ما يحدث بينكما بأنه انقسام فى جبهة 30 يونيو، التى لا يمثلها أى منكما بل الشعب المصرى وليس لأى أحد المن على الشعب بأى موقف أو فعل؟ وأكررها: «يا خسارة»، وأختم حديثى معكم بمقولة الفاروق ابن الخطاب حين قال: «أظل أهاب الرجل حتى يتكلم فإن تكلم سقط من عينى أو رفع نفسه».