الانتخابات المبكرة هى الطريق للفوضى!!

مصطفى بكرى

مصطفى بكرى

كاتب صحفي

التصريحات التى أدلى بها عبدالمنعم أبوالفتوح «الإخوانى المعروف» ورئيس حزب «مصر القوية» عن الانتخابات الرئاسية المبكرة، هى واحدة من حلقات مخطط الفوضى، وإشاعة عدم الاستقرار فى البلاد، وإحداث الأزمات التى من شأنها تقويض كيان الدولة، ومؤسساتها المختلفة.

لقد خرج علينا المرشح الرئاسى السابق بحديث أدلى به إلى برنامج «بتوقيت القاهرة» على قناة «بى.بى.سى» البريطانية يدعو فيه إلى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى مصر، بزعم أن ذلك من شأنه أن يجنب أى نظام سياسى الفشل.

وراح عبدالمنعم أبوالفتوح يهدد ويتوعد ويقول: إن البديل للانتخابات المبكرة فى مصر هى «الفوضى»، موضحاً أن الوطن لم يعد يتحمل التظاهر والفوضى.

وقال حكيم عصره وزمانه: «إن الانتخابات المبكرة فى مصر إما أن تثبت الرئيس وتجدد الثقة فيه وهذا حق الشعب، وإما أن تأتى بجديد، موضحاً أنه لا يرى أية إيجابيات ذات قيمة تحققت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى»!!

لقد تناول الكثير من الإعلاميين والصحفيين هذه الدعوة بقدر كبير من السخرية والاتهام المباشر، ليس فقط لأنها تتجاهل الواقع بكل مفرداته، ولكن أيضاً لأن الحديث عن أن الانتخابات المبكرة تحمى البلاد من الفوضى هو أقرب إلى «الهزل» السياسى!!

لقد شهدت البلاد أزمات وانقسامات وسعياً دؤوباً لطمس هوية الوطن والتفريط فى ترابه، ولم نسمع لعبدالمنعم أبوالفتوح صوتاً، أو اعتراضاً، بل ظل الرجل وفياً لمواقف الإخوان، وجرائمهم فى حق الوطن حتى اللحظة الأخيرة، وبدا أمام الناس وكأنه متواطئ معهم.

وعندما تحركت القوى الشعبية والفصائل السياسية تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لإنقاذ البلاد من خطر الفوضى والانقسام، كان عبدالمنعم أبوالفتوح من أوائل الذين سموا ذلك «انقلاباً» على الرئيس الشرعى المنتخب!!

لقد تجاهل «أبوالفتوح» فى هذا الوقت حقائق الواقع وغضبة الجماهير وثورتها لإنقاذ البلاد، وعاد إلى أصله «الإخوانى» الذى لم يبارحه حتى وإن أعلن ذلك ليوجه كل الإدانات إلى هذه الثورة العظيمة وانحياز الجيش المصرى لها، حتى لا تدفع البلاد إلى حرب أهلية يدفع الوطن ثمنها.

ولا ترتكز دعوة «أبوالفتوح» الجديدة إلى أية أسباب موضوعية، أو وقائع تاريخية سابقة، فالرئيس الذى يتحدث عنه «أبوالفتوح» هو رئيس حاز ثقة نحو 97٪ من أصوات الناخبين فى انتخابات رئاسية نزيهة، بينما حصل «مرسى» على نسبة لا تزيد على 52٪ فى انتخابات مشكوك فيها.

وإذا كانت غالبية الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لمحمد مرسى، باستثناء جماعته، قد ثاروا عليه، فإن من انتخبوا الرئيس السيسى لا يزالون يثقون فيه وفى أدائه ويدعمون مواقفه ويتصدون لخصومه.

إن مشهد تكالب الجماهير على دعوة الرئيس السيسى لهم بالتبرع لحفر قناة السويس هو أبلغ رد على هذه الادعاءات، حيث تم جمع أكثر من 64 مليار جنيه طواعية من الناس فى ثمانية أيام لهذا المشروع العظيم الذى تم إنجازه فى الموعد الذى حدده الرئيس.

إن عبدالمنعم أبوالفتوح وأمثاله يعرفون تماماً الحالة التى كانت تعيشها مصر منذ تولى «مرسى» وحتى عزله بإرادة شعبية، كان الانقسام والتآمر على الشعب ومصالح البلاد هو العنوان، وكان هدف إحلال الجماعة محل الدولة هو الهدف، وكانت الأوضاع فى البلاد تزداد تدهوراً، وكانت الخيانة لترابنا الوطنى ولمياه نهر النيل وللحاضر والمستقبل هى التى حركت هذا الشعب العظيم لإسقاط حكم الجماعة خلال ساعات محدودة.

وإذا كان «أبوالفتوح» يروج فى وسائل الإعلام الأجنبية «أن الانتخابات الرئاسية المبكرة تجنب النظام السياسى الفشل» فهو منطق مغلوط، وافتئات على الحقيقة، وتأكيد على التخلف السياسى الذى كان واحدة من سمات جماعة الإخوان طيلة تاريخها، فبدلاً من الحديث عن أن الاستقرار الذى تحقق يمضى قدماً إلى الأمام وأن الإنجازات لا تتوقف، وأن بناء مؤسسات الدولة كان إحدى علامات هذا الاستقرار، إذا به يروج لفكرة الفشل، الذى لا محل له فى سياق الادعاءات الزائفة التى يروجها.

إن الانتخابات الرئاسية المبكرة هى الوسيلة التى يهدف من خلالها «أبوالفتوح» وجماعته وأسياده فى الغرب إلى النفاذ بها إلى الجسد المصرى، بهدف تفتيته، ودفعه إلى الفوضى، ذلك أن المخطط الجديد يضع هذه القضية على جدول أعماله للفترة القادمة، خاصة بعد صعود نجم «السيسى» كقائد قومى عربى، يهدف إلى محاصرة مؤامرة «الشرق الأوسط الجديد» بعد أن تمكن من القضاء عليها فى مصر، فهو يمد يده لسوريا ويدعم التحرك الروسى على أرضها، ويواجه الإرهاب فى ليبيا واليمن وهى البلاد التى تعرضت لمؤامرة الربيع «العبرى» الذى استهدف إسقاط الدولة واستنزافها وضرب مؤسساتها وإشعال الحرب الأهلية تمهيداً لتقسيمها وتفتيتها!!

إن عبدالمنعم أبوالفتوح الذى يهدد: إما الانتخابات المبكرة أو الفوضى إنما يتجاهل أن مصر الآن غير مصر الأمس، وأن زمن حكم «السيسى» هو زمن بعث «الأمل» وهو على النقيض من فترة حكم الإخوان التى أطفأت الشموع فى وجوه المصريين ووضعت البلاد على حافة الحرب الأهلية.

إننا ندرك عن يقين أن المخطط الجديد الذى يسعى إلى التحريض ضد مصر ونظامها الوطنى، سوف يستخدم كل الآليات القذرة، والعملاء والمأجورين، الذين يمهدون للسيناريو الجديد، والذى بدأت حلقاته تظهر جلياً هذه الأيام، غير أنهم يتجاهلون أن وعى الشعب المصرى أصبح أكبر من أن يتعرض لحملات التزييف والتشويه التى تعرض لها أثناء وعقب ثورة والخامس والعشرين من يناير.

.. ويتجاهل هؤلاء أيضاً أن التجارب المحيطة، التى استطاعوا فيها تدمير الدول وإحداث الفوضى على أراضيها أصبحت حصناً لحماية مصر وشعبها من الانزلاق إلى هذا المعترك مرة أخرى.

لقد دمروا العراق وعاد الأمريكان يعتذرون، وجاء تونى بلير ليؤكد كذب ادعاءات أسلحة الدمار الشامل التى كانت المنفذ لضرب العراق وإسقاط نظامه الوطنى، ونفس الأمر بالنسبة لبقية الدول التى سقطت فى يد الإرهاب ولم تحقق ما سمى بالتجارب الديمقراطية الحديثة، حتى أطلقت الجماهير مصطلح «الربيع العبرى» بدلاً من مصطلح «الربيع العربى» الذى كان سائداً لفترة من الوقت للتأكيد على أن كل ما جرى كان لمصلحة «إسرائيل» وهيمنتها على الأوضاع فى المنطقة واستمرار سيطرتها على الأراضى المحتلة.

لكل ذلك، فإن دعوة «أبوالفتوح» ليست أكثر من حلقة فى مؤامرة تستوجب مساءلته أمام القضاء بتهمة التحريض ضد النظام وإشاعة الفوضى فى وقت تواجه فيه البلاد حالة حرب مع الإرهاب وتحديات ضخمة من كل اتجاه.