د. حسن عماد مكاوى: عقوبة المخالفات غير رادعة.. وشطب المرشح سيوقف «المال السياسى» والرشاوى الانتخابية

كتب: أحمد ربيع

د. حسن عماد مكاوى: عقوبة المخالفات غير رادعة.. وشطب المرشح سيوقف «المال السياسى» والرشاوى الانتخابية

د. حسن عماد مكاوى: عقوبة المخالفات غير رادعة.. وشطب المرشح سيوقف «المال السياسى» والرشاوى الانتخابية

قال الدكتور حسن عماد مكاوى، رئيس لجنة متابعة وسائل الإعلام، المنبثقة عن اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، إن التليفزيون الرسمى للدولة لا يركز على الانتخابات، وأنه ارتكب عدة مخالفات لضوابط الدعاية الانتخابية، إلا أنه اعتذر عنها وتلافاها، على عكس عدد من القنوات الخاصة التى واصلت اختراق ضوابط الدعاية الانتخابية. وأضاف رئيس لجنة متابعة وسائل الإعلام بـ«العليا للانتخابات»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن اللجنة رفضت إعلانين تليفزيونيين كانت قائمة «فى حب مصر» بصدد عرضهما على وسائل الإعلام، وذلك لاعتبارها «القائمة الوطنية»، ما يعنى أن باقى القوائم غير وطنية، والوطنية ليست حكراً على أحد. ولفت «مكاوى» إلى أن اللجنة تقوم بإنذار القنوات المخالفة لضوابط الدعاية الانتخابية، إلا أنه طالب بزيادة عقوبة المرشحين مستمرى اختراق الضوابط حتى شطبه من قوائم المرشحين لمقاعد البرلمان، لافتاً إلى أن ذلك سيكون رادعاً للمال السياسى، والرشاوى الانتخابية.

{long_qoute_1}

■ ما طبيعة عمل لجنة متابعة ما يذاع فى وسائل الإعلام عن الانتخابات؟

- لجنة متابعة ما يذاع فى وسائل الإعلام عن الانتخابات منبثقة من اللجنة العليا للانتخابات، وهى لجنة ذات طبيعة فنية ومكونة من مجموعة من الخبراء فى مجال الإعلام المسموع والمرئى، وتضم خبرات من كبار الإذاعيين والتليفزيونيين وأساتذة الإعلام وأعضاء من المجلس القومى لحقوق الإنسان و4 ممثلين للقنوات الفضائية، وهى معنية بمتابعة كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية ويذاع فى القنوات الرسمية أو الخاصة بشرط أن تكون قنوات حاصلة على ترخيص من مصر بمعنى أن القنوات التى تعمل فى مصر وليست مصرية مثل «إم بى سى وأوربيت وروتانا» لا تخضع للمتابعة، نحن نقوم بمتابعة 32 قناة، وأصدرنا 23 تقريراً تم رفعها للجنة العليا للانتخابات منها 18 تقريراً يتعلق بالمرحلة الأولى للانتخابات، وحريصون على رفع تقرير يومى للجنة العليا عن مخالفات القنوات الفضائية.{left_qoute_1}

■ هل يتم متابعة الانتخابات طوال فترة العملية الانتخابية أم خلال الفترة المحددة للدعاية فقط والمحددة بـ17 يوماً؟

- قرار إنشاء اللجنة نص على المتابعة من بداية الدعاية الانتخابية، ولكن لاحظنا أنه قبل هذا الموعد ارتكاب 7 قنوات فضائية خاصة انتهاك هذا الموعد ببدء الدعاية مبكراً، فخاطبنا اللجنة العليا للانتخابات لاتخاذ إجراء مع هذه القنوات أو تفويضنا لبدء المتابعة وإرسال التقارير، وبالفعل تم تفويضنا وأصدرنا تقريراً مجمع رصدنا فيه مخالفات القنوات من 20 حتى 29 سبتمبر وكانت الانتهاكات من جانب 7 قنوات، وأرسلنا بها تقريراً إلى اللجنة العليا وتم توجيه إنذارات إلى هذه القنوات، ومنذ يوم 29 سبتمبر كنا حريصين على إرسال تقرير يومى يرصد مخالفات القنوات.

■ ما المعايير التى يتم على أساسها رصد انتهاكات ومخالفات القنوات الفضائية لضوابط الدعاية والتغطية الإعلامية؟

- المعايير مشتقة من الأداء الإعلامى أثناء الانتخابات فى أى دولة ديمقراطية بمعنى ضرورة أن تراعى القناة الحيدة والمساواة عند التعرض للعملية الانتخابية وأن تركز على المعلومات أكثر من الآراء ولا تخلط بين الأخبار والآراء ولا تخلط بين المادة الإعلامية والمادة الإعلانية، وعدم الجواز لأى مترشح ممن يعملون فى تقديم البرامج أن يظهر خلال فترة الانتخابات حتى إن كان يقدم برامج غير معنية بالانتخابات لأن مجرد ظهوره على الشاشة يعتبر دعاية غير مباشرة له كمرشح.

أيضاً من المعايير تركيز المرشح حينما يتم استضافته على برنامجه الانتخابى دون أن يجرح فى مرشحين آخرين أو برامج أخرى، وعدم استخدام أى شعارات دينية أو المساس بالوحدة الوطنية أو يثير الفتنة.

{long_qoute_2}

■ ولكنك تعلم أن الحيدة والموضوعية من الصعب تحقيقها فى الإعلام؟

- ندرك هذا الأمر تماماً ولا نطلب إعطاء المرشحين فرصاً متساوية بالكامل، الحيدة المقصود بها عدم التركيز على حزب معين أو مرشح معين وإغفال باقى المرشحين، الحياد الكامل غاية لا تدرك، ولكن لا بد أن يكون هناك شىء من التوازن بما يتيح للناخب أن يفكر فى برنامج المرشح ويختار بشكل سليم.

■ هل اللجنة لديها صلاحيات أم أن دورها قاصر فقط على رصد المخالفة ورفع تقارير بها للجنة العليا؟

- دورنا أن نتابع المخالفة ونصفها فى أى قناة وفى أى برنامج وطبيعتها، بحيث يكون التقرير واضحاً أمام اللجنة العليا، أما توقيع العقوبات فهو شأن العليا للانتخابات بحسب القانون، وهناك 3 أنواع من العقوبات؛ وهى أن تقدم القناة التى ارتكبت مخالفة اعتذاراً، فإذا تكررت المخالفة يمكن أن يتم صياغة الاعتذار من جانب اللجنة العليا للانتخابات ويكون شديد اللهجة وتلتزم القناة بنشر الاعتذار وبه نقد شديد للسياسة التحريرية لها، والعقوبة الأخيرة منع القناة من تغطية أى شىء يتعلق بالانتخابات سواء فى شكل إعلان أو برامج لفترة تحددها اللجنة العليا حسب تقييمها للمخالفة.

■ هل هذه العقوبات كافية؟

- ليست كافية، ومن وجهة نظرى الشخصية كنت أتمنى أن تكون العقوبات أشد من ذلك تصل إلى حد شطب المرشح، وكانت هناك مخالفات للدعاية تتطلب شطب المرشح كما كان هناك استخدام للمال السياسى والرشاوى الانتخابية التى تحتاج إلى قرارات حاسمة لأنها ستشكل رادعاً لباقى المرشحين.{left_qoute_2}

■ ما أكثر القنوات المخالفة؟

- «الفراعين» وتم رصد اختراق يومى لها لضوابط الدعاية والتغطية الإعلامية، ولم تلتزم رغم توجيه إنذارات كثيرة لها، وكذلك قنوات «العاصمة والحياة ودريم».

■ ما طبيعة هذه المخالفات؟

- الغالبية العظمى من المخالفات كانت تتركز فى استضافة مرشح والدعاية له بشكل فج، وهذا المرشح لا يقوم بتوضيح برنامجه، التغطية الإعلامية لكل القنوات لم تكن موفقة بالشكل الكافى، وجميع القنوات قصرت فى التعريف بالمرشحين، كما أن معظم المرشحين لم يكن لديهم برامج انتخابية واضحة وإنما كلمات فضفاضة وإنشائية، وكان كل مرشح يقوم بمهاجمة منافسه أكثر من التعريف بنفسه وبرنامجه الانتخابى، وكل هذا كان أحد أسباب عزوف الجماهير عن المشاركة فى الانتخابات.

■ من أكثر المرشحين أو القوائم المخالفة؟

- هناك مرشحون فرديون كان واضحاً اختراقهم لقيم وقواعد المجتمع، ووصل الأمر إلى أن أحمد موسى مقدم برنامج «على مسئوليتى» على قناة «صدى البلد» كان يقول إنه يعمل فى قناة خاصة ومن حقه أن يقول ما يريد وأن الحياد والمساواة أمر يتعلق بالتليفزيون الرسمى، وهذا خطأ بالطبع ويدل على عدم فهم وجهل لدور الإعلامى الصحيح.

الدكتور حسن عماد مكاوى

■ لاحظنا هجوماً على حزب النور مقابل محاباة لقائمة «فى حب مصر» هل تم رصد ذلك؟

- رصدناه وبشكل مكثف وبعدد كبير من المخالفات، بغض النظر عن موقفى الشخصى من حزب النور، ولكن طالما أن حزباً سُمح له بالترشح فلابد أن نكفل له كل الحقوق والواجبات الخاصة بالأحزاب الأخرى.

حزب النور والتيارات الإسلامية، بغض النظر عن موقفى الشخصى منها، واجهت هجوماً شديداً جداً، وتم رصد ذلك فى جميع القنوات.

■ ماذا تضمنت تقاريركم للجنة العليا للانتخابات بشأن هذه المخالفات؟

- كانت توجه إنذارات لهذه القنوات وفى الفترة الأخيرة بدأت اللجنة العليا تقوم بتفعيل العقوبات، وحدث ذلك بالفعل، وخلال الأيام القليلة المقبلة سيتم تفعيل العقوبات على قنوات أخرى بمنعها من التغطية الإعلامية لأى شأن انتخابى خلال فترة معينة.

■ كيف يمكن إلزام قناة بعدم إذاعة أى شأن من شئون الانتخابات؟

- قرار اللجنة بالمنع هو بمثابة حكم قضائى، فإذا لم تلتزم القناة به تكون قد خرقت القانون وأحكام القضاء، وقد حدث بالفعل أن قناة «دريم» كانت هى الوحيدة التى تم منعها من متابعة الانتخابات لمدة يومين وخرقت ذلك وتم إرسال المخالفة للجنة العليا وناشدناها أن توقع عقوبة مشددة كأن يتم المنع من تغطية الانتخابات بالكامل، ويفترض أن مدينة الإنتاج الإعلامى باعتبارها تملك حق البث، يتم إخطارها بصورة من القرار لكى تقطع البث عن القناة المخالفة.

وعلى الرغم من أن وقف بث القناة ليس من ضمن العقوبات المنصوص عليها ولكن نحتاج إلى ذلك، وأعتقد أنه لو تم قطع البث لن تكون مخالفة لأنه يعد تفعيلاً للقانون وقرارات اللجنة، ولكن السؤال: من لديه القدرة على تنفيذ القرار؟!.{left_qoute_3}

■ هل لم يتم رصد أى مخالفات للتليفزيون المصرى؟

■ تم رصد مجموعة من المخالفات فى القنوات الرسمية والإذاعة المصرية، ولكنها مخالفات ليست كبيرة، وتم إنذار التليفزيون المصرى ولكنه فى الحقيقة بادر بتقديم اعتذار وأذاع المخالفة فى برامجه ونشرات الأخبار وتعهد بعدم التكرار.

■ هل وجود اللجنة داخل ماسبيرو يفقدها حيدتها؟

- لا إطلاقاً، وجودنا داخل ماسبيرو مجرد مكان ولا توجد أى تدخلات نهائياً من جانب الدولة، ولا نقبل أى تدخلات من أى شخص.

■ ما أكثر القنوات التزاماً بمعايير التغطية الإعلامية للانتخابات؟

- التليفزيون المصرى، وهذا يرجع إلى أنه يقدم عدداً محدوداً من البرامج وعدم تركيزه على الانتخابات، فضلاً عن تقديمه معلومات أكثر من تقديم قضايا قابلة للنقاش والجدل، ومن القنوات الخاصة قناة «النهار» التى لم يتم رصد أى مخالفة لها، بينما فى المقابل نرى أن «الحياة» و«أون تى فى» من بين القنوات التى لم تلتزم بالمعايير؛ فالأولى كان كل تركيزها على الدعاية لحزب الوفد، والثانية الدعاية لحزب «المصريين الأحرار»، قناة «الفراعين» أيضاً كان يظهر عليها بشكل دائم بالمخالفة للمعايير، توفيق عكاشة رغم أنه مرشح.

■ هل تم رصد قيام القنوات الفضائية بعمل دعاية كبيرة لقائمة «فى حب مصر»؟

- رصدنا ذلك فى الإعلام الخاص، فضلاً عن أننا رفضنا إعلانين لقائمة «فى حب مصر» لكوننا نقوم بمراجعة الإعلانات المتعلقة بالانتخابات قبل بثها وإذاعتها، فعلى الرغم من أننا فى فترة الدعاية الرسمية فإنه تم رفض إعلان القائمة لذكر كلمة «القائمة الوطنية»، فهذه تعتبر مخالفة لأنها تعكس أن باقى القوائم الانتخابية غير وطنية، فالوطنية ليست حكراً على أحد.

■ كيف ترى أداء الإعلام ودوره فى الفترة الأخيرة؟

- الإعلام المصرى بـ«عافية شوية»، ويعانى لأنه فى حالة كبيرة من الارتجال والفوضى غير المسبوقة، والسبب وجود فراغ تشريعى كامل ينظم العمل الإعلامى سواء المطبوع أو المرئى خاصة الإعلام الفضائى وإعلام مواقع التواصل الاجتماعى، وما يحدث فى الفترة الأخيرة أن كل القنوات الإعلامية ووسائل الإعلام تمارس كل حقوقها ولا تؤدى واجباتها تجاه الدولة، طبعاً أى إعلام منصف فى الدنيا لا بد أن يكون إعلام نقد ويقف على يسار السلطة أياً كانت هذه السلطة حتى يكشف الفساد والعورات ويصوب الأخطاء ويكون بمثابة المرآة التى ترى من خلالها الحكومة والسلطة القائمة أوجه العيوب وأوجه الفساد وتحاول تصحيحها، وإذا لم يفعل ذلك لا يكون إعلاماً، ولكن هناك ثوابت لا يجوز أن نتعرض لها ومتغيرات يجب أن نتعرض لها.. الثوابت الأساسية مثلاً نظام الدولة وما يتعلق بالوحدة الوطنية بين نسيجى الأمة المسلمين والأقباط، وما يتعلق بالنظام السياسى القائم على التعددية، وأعمدة الدولة الأساسية.. مثلاً فى كثير من الأحيان يتم مهاجمة جهاز الشرطة هجوماً قاسياً جداً، وأنا مع أى انتقاد لضابط أو فرد شرطة أو حتى وزير الداخلية طالما أنه ارتكب شيئاً مخالفاً للقانون، ومن واجب الإعلام أن يبرز ذلك، لكن هناك فرقاً بين مهاجمة من ارتكب الخطأ والمطالبة بمعاقبته ومحاكمته، وبين مهاجمة جهاز الشرطة بالكامل، فأنا أرفض الهجوم على الأجهزة لأنها أعمدة أساسية فى الدولة، لكن داخل الأجهزة قد يكون هناك من يرتكب أخطاء ومخالفات فهذه علينا أن نركز عليها.

{long_qoute_3}

■ هل الإعلام قبل ثورة 25 يناير كان أفضل من الآن؟

- كان هناك نظام أياً كان هذا النظام، فرغم أنه سيئ وفاشى فإنه نظام يتحرك الإعلام فى إطاره، وكان يجب أن نقيم نظاماً بديلاً للنظام الذى تم هدمه، أما وأنه لم يحدث ذلك أصبحت الأمور أكثر فوضوية وعشوائية، النظام السيئ كان به بعض الجوانب الإيجابية ولكن اللانظام أكثر فوضوية وسوءاً، وهذا ما نعانى منه الآن، فحدث تبادل للأدوار؛ الناشط السياسى أصبح مقدم برامج والمقدم أصبح ناشطاً سياسياً، فضلاً عن ترهل الأحزاب وضعفها الشديد وعدم وجودها فى الشارع المصرى، ما جعل الإعلام يتبنى دور الأحزاب، وكل قناة وكل صحيفة أصبحت بمثابة حزب يعبر عن آراء سياسية.. من حق الإعلام أن ينتقد أوضاعاً معينة باعتباره مراقباً وليس سلطة أعلى من سلطات الدولة، وللأسف حدث خلط بين هذين الأمرين.

■ هذا الرأى يعكس أنك مع تقييد حرية الإعلام؟

- أنا مع تنظيم الإعلام وليس تقييده، وحريص على التأكيد على كلمة «تنظيم». التقييد بمعنى أن أجعل هناك سلطة ما تراقب العمل الإعلامى. فى المقابل على الحكومة الإسراع فى إصدار مشروع قانون تداول المعلومات لأنه لكى يكون لدى معلومات صحيحة ودقيقة يلزم أن تكون هناك معلومات متاحة، ولا أعرف لماذا تأخر هذا المشروع لأنه سيتيح المعلومات من مصادرها الصحيحة ومن يمتنع عن الإدلاء بها من المسئولين يعاقب على ذلك، وهذا المشروع من شأنه أن يحدث طفرة كبيرة فى الأداء الصحفى والإعلامى.

مطلوب أيضاً نقابة للإعلاميين، لأنها تحدد من هو الإعلامى لأنه الآن أصبح الإعلام مهنة من لا مهنة له، ورأينا قنوات فضائية بها مخالفات وفضائح كثيرة أوقعتنا فى مشاكل سياسية مع دول أخرى ومشكلات اجتماعية واقتصادية، رأينا لاعب كرة معتزلاً أو ممثلاً خبتت عنه الأضواء يقدم برامج دون أى شروط أو قيود ويظهر على الشاشة أمام الملايين من المشاهدين.

■ كيف ترى أداء التليفزيون المصرى فى ظل الحديث عن هيكلة ماسبيرو؟

- ماسبيرو يخضع للقانون رقم 13 لسنة 1979 وتعديلاته الذى يجعل اتحاد الإذاعة والتليفزيون محتكراً للترددات الإذاعية والتليفزيونية، أى أنه جهاز حكومى اعتاد كل من يعمل به على أن يتلقى تعليمات وينفذها، ودائماً كان وزير الإعلام يطلق عليه «وزير التليفزيون» لأنه كان يتحكم فى تعيين القيادات واختيار البرامج وأيضاً تحديد ما يذاع فى نشرات الأخبار، ما يعنى أنه كانت هناك تدخلات كبيرة، والدور الذى يلعبه ماسبيرو هو تفسير وتبرير أى تصرفات ترتكبها الحكومة سواء كانت صواباً أو على خطأ، وبالتالى لا يمكن استضافة أى شخصيات معارضة للحكومة، وظل هذا الأمر كذلك إلى أن قامت ثورة 25 يناير فى 2011، وبعدها لم يعد معمولاً بالقوانين وبالتالى فقد ماسبيرو البوصلة، فقد الشخص الذى يقدم له التعليمات والتوجيهات، فحدث شكل من أشكال العشوائية الشديدة جداً فى الأداء، لدرجة أنك تجد برنامجاً يتناول قضية معينة بطريقة معينة فى قناة، ويأتى برنامج آخر فى نفس القناة يتناول نفس القضية بطريقة أخرى أو عكسها تماماً، وذلك نتيجة استخدام الإعلاميين فى ماسبيرو مهاراتهم وإمكانياتهم الخاصة وهو ما لم يعتادوا عليه وبالتالى حدث حالة من الارتباك الكبير بعد 25 يناير.

ماسبيرو لديه إمكانيات كبيرة جداً وقوية فى البنية الأساسية من معدات وتجهيزات واستديوهات وأجهزة إرسال، وهو أيضاً يستحوذ تقريباً على 51% من مدينة الإنتاج الإعلامى ومن شركة النايل سات، بالإضافة إلى الطاقة البشرية الكبيرة التى وصلت إلى درجة الترهل نتيجة دخول أشخاص إلى ماسبيرو عن طريق القرابة أو الوساطة فأصبحوا الآن عالة على الجهاز ويمتصون معظم دخله.

أضف إلى ذلك أنه تم إرغام ماسبيرو على إقامة مشروعات جديدة ربما لم يكن راغباً فيها مثل مدينة الإنتاج الإعلامى والنايل سات، فهى مشاريع أجبر ماسبيرو على الدخول فيها بالديون وكانت ديونه حوالى 7 مليارات جنيه وتضخمت من الفوائد فأصبحت الآن حوالى 22 أو 23 ملياراً، والمشكلة الأساسية التى تواطأ فيها ماسبيرو مع الدولة هى أن ماسبيرو لم يدفع أقساط الفوائد والديون لسنوات كثيرة جداً والدولة تقاعست عن مطالبته، وكانت تكتفى بتقديم الفوائد والديون ورقياً لصالح بنك الاستثمار وهو بنك حكومى أيضاً وماسبيرو مدين له، فالديون أصبحت تتراكم، وبعد ثورة يناير أصبح التليفزيون المصرى مطالباً بسداد ما يقرب من 23 مليار جنيه، وأتصور أن الدولة أو مجلس النواب المقبل عليهما دور كبير تجاه ماسبيرو من خلال إعفاء التليفزيون المصرى من فوائد هذه الديون أو أن تكون هناك فترة سماح للسداد، بالإضافة إلى دعمه بموارد جديدة أو موارد إضافية يستطيع من خلالها أن ينتج برامج، لأنه فى الوقت الحالى لا يحصل ماسبيرو سوى على 220 مليون جنيه يتم إنفاقها على الأجور والمرتبات، ولا توجد أى مخصصات بالبرامج للإحلال والتجديد للأجهزة أو للتطوير أو تقديم إنتاج جديد من مسلسلات أو برامج، وإذا لم يتم تنفيذ هذا المقترح فلن يستطيع ماسبيرو أن ينهض أو يسترد عافيته. أما الحديث عن الهيكلة فى ظل ما شرحته فلن تكون لها فائدة.

■ تعنى أن تدخل وزارة التخطيط فى هيكلة ماسبيرو خطأ؟

- تدخل وزارة التخطيط فى هيكلة ماسبيرو هو أمر خاطئ لأنهم غير متخصصين، فالمسألة تحتاج إلى علاج جذرى وهى إعفاء ماسبيرو من الديون ووجود إدارة رشيدة، وأتصور أن الهيئة الوطنية للإعلام التى نص عليها الدستور يجب أن تضم شخصيات عندها خبرة فى الاقتصاد والإدارة والمالية حتى تكون لها رؤية مختلفة لاستثمار هذه الإمكانيات بشكل أفضل.

■ كيف ترى سقف الحريات فى الإعلام؟

- عالٍ للغاية لدرجة مزعجة، الحرية لا بد أن يقابلها مسئولية، الجميع يمارس الحرية دون أن يقدم ما يتوجب عليه من مسئولية.

■ هل المسئولية بمعنى عدم انتقاد النظام الحاكم؟

- لا، تنتقد الرئيس وتنتقد الحكومة وتنتقد أى سلطة موجودة، لكن لا تنتقد الدولة، فالدولة باقية ولابد أن يحرص الجميع على بقائها وعلى استمرارها وعلى نهضتها فالحكومات متغيرة، إنما الخلط الدائم أنه يتم تقييم الحكومة ونقدها على أنها الدولة. علينا أن ننتقد الأخطاء والكشف عنها لأن هذا فى صالح الحكومة قبل أن يكون فى صالح الإعلام، والحكومة الرشيدة هى التى تستمع إلى أصوات المعارضين والإعلام، ومصر بعد ثورتين كبيرتين لا يوجد أحد بها فوق النقد حتى ولو كان رئيس الجمهورية، ولكن النقد الموضوعى الذى يكشف ما هو خاطئ ولا يكون فى شكل تربص أو اصطياد، فهناك فرق بين اصطياد الأخطاء وكشف الأخطاء، فكما يقدم الإعلام السلبيات عليه أن يبرز الإيجابيات وأن يعرض حلولاً لمعالجة السلبيات، وألا يزرع اليأس فى قلوب المواطنين لأن التركيز فقط على السلبيات يؤدى إلى حالة من الضيق والإحباط التى تدفع بالناس إلى التراخى والإحساس بعدم الأمل وهذا ليس مطلوباً.

■ ما تقييمك لحديث الرئيس السيسى عن الإعلام؟

- الرئيس أصاب فى انتقاده للإعلام، وهو حينما ينتقد ليس بصفته رئيساً للجمهورية وإنما بوصفه مواطناً مصرياً، فهو لمس شكوى قطاعات كبيرة جداً من الجماهير المصرية التى استاءت من بعض الأداء الإعلامى الذى أصبح خارجاً عن القيم والتقاليد والأصول، مثل التركيز على الراقصة التى ترشحت للانتخابات، وبرامج السحر والشعوذة وبرامج زواج المثليين وإغفال أشياء كثيرة، فنحن نريد التركيز خلال هذه الفترة على تكريس قيمة العمل والإنتاج، وانتقاد الرئيس للإعلام كان له ما يبرره نتيجة الأداء السيئ للإعلام، وحينما تحدث الرئيس عن اصطفاف الإعلام لم يكن يقصد إعلام الحشد للنظام الذى كان موجوداً قبل ثورة يناير، ولكنه يقصد الاصطفاف بمعنى الحرص على كيان الدولة وأركانها وثوابتها، وهذا لا يعنى على الإطلاق عدم انتقاد السلبيات أو الكشف عنها.

 


مواضيع متعلقة