السيسى.. «بيان عملى على المُعلم»..!

عندما يغضب الرئيس، يسارع الجميع فى محاولة لوأد أسباب غضبه.. وعندما ينفعل الرئيس، ويتأثر بأى حدث أو مأساة يسارع الجميع من المسئولين ومتصدرى مواقع العمل العام بحثاً عن علب «الكلينيكس» -قوية.. قوية.. وكلها حنيّة- لتجفيف الدموع التى تنساب أنهاراً تحفر «أخدوداً على وجناتهم».. وعندما يستحضر الرئيس من خلفيته العسكرية التعبير الأشهر -الذى يعرفه كل من يلتحق بالمؤسسة الوطنية «القوات المسلحة»- «بيان عملى على المعلم» يصطف الجميع أمامه ليعيدوا أداء ما عرضه الرئيس..!!

نعم، كنا هكذا منذ قديم «الزمن» وظللنا على ما نحن عليه حتى بعد «ثورتين».. ويبدو أننا سنظل عليه لفترة أدعو الله سبحانه وتعالى أن تكون قصيرة.. فلا أفكار.. ولا مبادرات.. ولا قرارات.. ولا حتى مجرد اقتراحات وهو أضعف الإيمان.. ويبدو أن أجهزة الدولة جميعها «مرفوعة من الخدمة مؤقتاً» انتظاراً للرئيس..!

وللحق، فربما يكون تحرك المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء إلى الإسكندرية فى أعقاب «مهزلة السيول» هى الاستثناء الوحيد الذى تم دون انتظار «تعليمات وتوجيهات الرئيس»، وإن كنت أشك فى أنها جاءت بمبادرة خالصة من جانبه، وليست عبر اتصال تليفونى من الرئيس.

وعلى الرغم من هذه «المبادرة» -إن كانت بالفعل مبادرة من جانب المهندس إسماعيل- فإنها اقتصرت على مجرد تعبيرات عاطفية عن دعم ومساندة المتضررين دون أن تتحول إلى إجراءات بالتعويض إلا بعد أن تفقد الرئيس المناطق المنكوبة فى الدلتا!

قبل نحو الشهر أعرب الرئيس عن غضبه من بعض الممارسات الإعلامية سواء فى التليفزيون أو فى الصحف المطبوعة، وأعلن اعتزامه «الشكوى للشعب»، باعتباره صاحب الكلمة العليا.. وبعدها بساعات فقط سارع الإعلاميون والصحفيون إلى عقد اجتماعات وطرح رؤى متنوعة تستهدف ضبط المنظومة الإعلامية، كما لو كانت هذه الممارسات لم تلفت نظر أى منهم أو أنها كانت هى كل «المأمول» من الإعلام: «برامج تتاجر بمعاناة المواطن.. وأخرى تخاطب عقول البسطاء بحواديت عن الجن والعفاريت.. وثالثة يتحول فيها مقدم البرنامج إلى زعيم سياسى.. ورابعة تتحول إلى فاصل «ردح» بين الضيوف بعضهم بعضاً أو مع مقدم البرنامج.. ومقالات تخلط بين حرية التعبير وبين التطاول والتشكيك!!

بعد وقوع «كارثة الطائرة الروسية» وتداعياتها السلبية على السياحة لم يتحرك أحد، حتى فاجأ الرئيس الجميع بوجوده فى مطار شرم الشيخ، ليطمئن على إجراءات التأمين وأحوال السائحين، ودعماً للحركة السياحية فى مدينة السلام.. وبعدها «انفجرت «ماسورة» الدعم.. مجلس الوزراء قرر عقد جلسته الأسبوعية هناك «الثلاثاء الماضى».. وزراء يقودون رؤساء هيئات وزاراتهم فى تظاهرات لـ«لفت أنظار الرئيس».. وآخرون يقررون تنظيم رحلات لأعضاء وموظفى الوزارات إلى هناك.. نقباء المهن يقدمون على ذات الفعل.. مقدمو برامج «التوك شو» التليفزيونية ينقلون كاميرات برامجهم إلى المدينة.. فنانون ينطلقون إلى شرم الشيخ دعماً لها وربما تلفت «فساتين الفنانات» أنظار المنتجين ليكتسبن دوراً فى فيلم تُعد أوراقه الآن «وأهه حج وبيع سبح»..!!

القضية ليست تحسباً لغضب الرئيس.. أو توجيهاته.. أو «بيانه العملى على المعلم» حتى يتحرك المسئولون.. فلا بد من قرار دون ارتباك.. تصرف دون ارتعاش الأيدى.. رؤية محددة الملامح لمواجهة الأزمة دون انتظار.. وإذا ظل الوضع على ما هو عليه، فمن حق الرئيس إلغاء مناصب رئيس الوزراء والوزراء ورؤساء الهيئات، وليصبح أيضاً «نقيباً» لكل النقابات المهنية!!