الشرطة الفرنسية تتعقب متواطئين محتملين مع منفذي "هجمات باريس"

كتب: (أ ب)-

الشرطة الفرنسية تتعقب متواطئين محتملين مع منفذي "هجمات باريس"

الشرطة الفرنسية تتعقب متواطئين محتملين مع منفذي "هجمات باريس"

أوقفت الشرطة الفرنسية، اليوم، متواطئين محتملين مع 8 أشخاص شنوا هجمات إرهابية استهدفت جمهور حفل ومباراة كرة قدم ومقاهي، بسلسلة من التفجيرات الانتحارية وعمليات إطلاق النار، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 127 شخصا، في الهجمات الأكثر دموية بفرنسا في وقت السلم.

وتوحد قادة العالم في التعبير عن التعاطف والسخط إزاء الحادث، وزادت شرطة نيويورك التدابير الأمنية، وتواصل أشخاص من شتى بقاع العالم مع أصدقائهم وذويهم في فرنسا.

أثار العنف تساؤلات عن أمن ملايين السائحين الذين يفدون إلى باريس، وعن فعاليات عالمية دورية تستضيفها عاصمة النور، حيث تم نشر عناصر من الجيش لدعم الشرطة في محاولة استعادة النظام.

وأعلن أحد أكثر المقاصد السياحية ازدحاما في أوروبا، ملاهي "يورو ديزني" بشرق باريس، غلق أبوابه اليوم، الذي كان من المعتاد أن يكون يوما مزدحما، في تطور نادر.

لا يزال منفذو الهجمات لغزا، وكذلك جنسياتهم ودوافعهم وعددهم الدقيق، وكانت السلطات قالت إن 8 أشخاص قتلوا، 7 منهم في تفجيرات انتحارية، وهو أسلوب جديد للإرهاب في فرنسا، وأطلقت الشرطة النار على مهاجم آخر فأردته قتيلا.

في السياق، قالت الناطقة باسم مكتب النائب العام أجنيس تيبو ليكويفر، إن السلطات لا تستطيع أن تستبعد مسؤولية مسلحين آخرين متورطين في الهجوم ولا يزالوا طلقاء.

حاول المحققون تحديد متواطئين على مستوى أقل ربما لعبوا أدوارا داعمة، وتحول الشك تجاه متطرفين إسلاميين يشعرون بسخط إزاء العمليات العسكرية الفرنسية التي تستهدف تنظيم "داعش" والجماعات الموالية لتنظيم "القاعدة"، والذين شنوا في وقت سابق من العام الحالي هجوما على مكتب الصحيفة الساخرة "شارلي إيبدو" ومواقع يهودية في فرنسا.

من جانبه، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، حالة الطوارئ وعقد اجتماعا أمنيا خاصا صباح اليوم، متعهدا بمعركة "بلا رحمة" مع أعداء الدولة بعد ما وصفها بهجمات إرهابية غير مسبوقة.

وفي انعكاس لمخاوف في عواصم أوروبية أخرى من خطر هجمات منسقة أو تقليد لما حدث في باريس، عقدت الحكومة البريطانية اجتماعا مع لجنة الطوارئ الأمنية (كوبرا) بإشراف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

وتم شن الهجمات، على 6 مواقع على الأقل، في تتابع سريع، واستهدفت 3 تفجيرات انتحارية مواقع حول الملعب الوطني "ستاد دو فرانس" الواقع شمالي باريس، حيث كان أولاند يحضر مباراة ودية في كرة القدم بين المنتخبين الوطنيين الفرنسي والألماني.

وفي التوقيت نفسه تقريبا، حطم وابل من الرصاص كؤوس النبيذ في حي سياحي في باريس، بينما استهدف المسلحون سلسلة من المقاهي الشعبية المزدحمة في ليلة معتدلة الطقس بشكل غير معتاد من ليالي نوفمبر، حيث قتل ما لا يقل عن 37 شخصا، وفقا للمدعي العام لباريس فرانسوا مولين.

وبعد ذلك، اجتاح المهاجمون مسرح بتكلان بينما كان يستضيف الفرقة الغنائية الأمريكية "إيجلز أوف ديث ميتال"، حيث أطلقوا النار على الجمهور المذعور واتخذوا بعض الأشخاص رهائن.

وعندما تدخلت الشرطة، فجر 3 أشخاص أحزمتهم الناسفة، ما تسبب في مقتلهم، وفقا لقائد شرطة باريس ميشيل كادو.

وفجر مهاجم آخر قنبلة في شارع فولتير قرب قاعة موسيقية، وفقا لمكتب المدعي العام، وشهد مسرح بتكلان الخسائر الأكبر.

وأظهر تسجيل مصور لهاو من شرفة شقة قرب الموقع، والذي تم بثه على الموقع الإلكتروني لصحيفة "لو موند" اليوم، بعضا من مشاهد الذعر في حين فر عشرات من إطلاق النار خارج المسرح إلى ممر على جانب الشارع.

وكان شخص واحد على الأقل مستلقيا على الأرض ويتلوى فيما مر عشرات بجواره، بعضهم ينزفون أو يعرجون، وتوجهت الكاميرا بعد ذلك إلى الشارع، حيث أظهرت أشخاصا يجرون جثتين على الأرض.

أجهش سيلفان (38 عاما)، الذي كان يشاهد الحفل الموسيقى، بالبكاء بينما روى ما شهده أثناء الهجوم، متحدثا عن فوضى وفرار في هدوء مقتضب خلال إطلاق النار.

وقال سيلفان، لـ"أسوشيتدبرس"، مشترطا عدم الكشف عن بقية اسمه خوفا على سلامته، "كنت أشاهد الحفل وسط عدد كبير من الحضور. أولا سمعت صوت انفجارات، واعتقدت أنها ألعاب نارية، وسريعا ما شممت رائحة بارود وفهمت ما يحدث.. كان هناك إطلاق نار في كل مكان في شكل موجات، استلقيت على الأرض، ورأيت اثنين من مطلقي النار، لكنني سمعت أشخاصا آخرين يتكلمون.. بكوا قائلين إنه خطأ أولاند، وسمعت واحدا من مطلقي النار يقول (الله أكبر)".

كان سيلفان من بين عشرات الناجين الذين تم تقديم المشورة والبطانيات لهم في مبنى البلدية حيث أقيم مركزا لإدارة الأزمة.

من جانبه، أعلن أولاند حالة الطوارئ وأمر بإغلاق حدود البلاد، على الرغم من أن مسؤولين قالوا في وقت لاحق إنهم يعيدون فرض الحواجز الحدودية التي تم إزالتها عندما أقامت أوروبا منطقة سفر مفتوحة في ثمانينيات القرن الماضي.

وتعهد أولاند، في خطاب متلفز في وقت لاحق، بأن تقف الأمة ثابتة وموحدة قائلا: "فرنسا حازمة، فرنسا موحدة، فرنسا مترابطة وفرنسا لن تسمح لنفسها بأن تترنح، حتى إذا كان اليوم، هناك مشاعر غامرة في مواجهة هذه الكارثة، هذه المأساة، التي تعد عملا بغيضا، لأنها همجية".

وأدان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي كان يتحدث للصحفيين في واشنطن، "هجوما على البشرية جمعاء"، واصفا هجمات باريس بأنها "محاولة مشينة لترويع المدنيين الأبرياء"، وتعهد بالقيام بكل ما يلزم للمساعدة في تقديم الجناة إلى العدالة.

في السياق، قال مسؤول أمريكي يتلقى تقارير من وزارة العدل، إن مسؤولي الاستخبارات لم يكونوا على علم بأي تهديدات قبل هجمات أمس.

أعلنت ملاهي ديزني لاند غلق أبوابها اليوم، الذي يعد مزدحما في العادة، ولكنها قالت إن الخطوة اتخذت للتعاطف وليس لأسباب أمنية، مضيفة في بيان أنها سوف تبقي على أبوابها مغلقة، في ضوء الأحداث المأساوية الأخيرة في فرنسا وفي دعم للمجتمع ولضحايا هذه الهجمات الشنيعة.

يشار إلى أن نحو 14.2 مليون شخص زاروا ملاهي ديزني العام الماضي.

وكان من المقرر أن تستضيف باريس 80 من قادة الدول، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في "قمة المناخ" الأسبوعين المقبلين.

وفي يونيو المقبل، من المرتقب أن تستضيف باريس كأس الأمم الأوربية، حيث يعد ملعب دو فرانس بباريس، أحد الملاعب الرئيسية في البطولة.

كما من المنتظر أن يستضيف مقر اليونسكو في باريس قادة الدول، الإثنين المقبل، في منتدى حول مكافحة التطرف.

وألغى الرئيس الإيراني حسن روحاني، زيارة مقررة بعد هجمات أمس، كما ألغى أولاند زيارته المقررة لتركيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.

كانت فرنسا شددت الإجراءات الأمنية منذ يناير الماضي، عندما هاجم متطرفون صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، بسبب رسوم كاريكاتورية جسدت النبي محمد، فضلا عن هجوم استهدف متجرا للسلع الخاصة باليهود.

ومساء أمس، استهدف مسلحون مجموعة من الشباب في حفل موسيقي، وسكان المدينة الذين كانوا يحتفلون بنهاية الأسبوع ويشاهدون مباراة في كرة القدم.

تشعر السلطات الفرنسية بقلق خاص إزاء التهديد من مئات المتطرفين الإسلاميين الفرنسيين الذين سافروا إلى سوريا وعادوا إلى الوطن، محملين بمهارات تمكنهم من شن أعمال عنيفة.

وقال بريان مايكل جنكينز، خبير في الإرهاب وكبير مستشاري رئيس مؤسسة راند الأمريكية: "رغم أنه لم يتضح بعد من المسؤول عن هجمات مساء أمس، إلا أن داعش على قمة قوائم المشتبه بهم عند الجميع".

وأضاف جنكينز أن الهجوم الذي استخدم أسلوب "مهاجمين متعددين في هجمات منسقة على مواقع متعددة"، يردد التوصيات التي نشرتها مجلة "دابق" الخاصة بالجماعة المتطرفة على الإنترنت، خلال فصل الصيف.

وتابع "السؤال المهم الذي يراود الكثيرين الآن هو: هل هؤلاء المهاجمين، إذا ما تبين أنهم على صلة بإحدى المجموعات في سوريا، كانوا إرهابيين محليين أم كانوا مقاتلين عادوا إلى البلاد بعد أن خدموا" مع الدول الإسلامية، مستطردا "هذا سيكون سؤالا مهما".


مواضيع متعلقة