الإعلام البديل: مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعى.. ممنوع الاقتراب أو «الترويض»

كتب: دارين فرغلى وحسن عثمان

الإعلام البديل: مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعى.. ممنوع الاقتراب أو «الترويض»

الإعلام البديل: مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعى.. ممنوع الاقتراب أو «الترويض»

أكد عدد من خبراء الاتصالات فى مصر عدم قدرة الدولة على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى أو حجبها أو السيطرة عليها؛ لعدم وجود مظلة تشريعية لذلك، مطالبين الدولة بأن تستغل هذه المواقع فى معرفة مدى رضاء الناس عن أداء الحكومة، لأن مستخدمى الإنترنت فى مصر يمثلون نحو 25% من المواطنين، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك من يستغل هذه المواقع فى بثّ بعض الإشاعات والأخبار غير الحقيقية. {left_qoute_1}

قال المهندس طلعت عمر، عضو الجمعية المصرية لمهندسى الاتصالات: «إن مواقع التواصل الاجتماعى أو الفضاء الافتراضى أو أى شىء على شبكة الإنترنت لن تستطيع الدولة السيطرة عليها، لأن المفاتيح ليست فى يد الدولة، وهذه برامج وتطبيقات يتم إعدادها وإداراتها خارج البلاد، وليس للدولة أى دخل فيها، وليست قادرة على حجبها، ولن تستطيع التحكم فيها»، مشيراً إلى أن العالم كله حتى الآن لم يستطِع أن يسيطر على ما تقوم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى بنشره على شبكة الإنترنت، موضحاً أن مصر لا تمتلك تكنولوجيا حجب مواقع التواصل الاجتماعى.

وأضاف أن الدولة لن تستطيع أن تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعى أو تتحكم فى ما يُنشر عليها، لأنه لا يوجد تشريع ينصّ على ذلك، ولكن فقط تستطيع أن تحاسب من يسىء استخدامها إذا كان هناك مظلة تشريعية تجرِّم ذلك وتحمى الناس وحقوق المجتمع على الفضاء الإلكترونى، وهذا غير موجود.

وقال إن مصر تحتاج إلى تشريع يحكم التعامل مع هذه المواقع، مشيراً إلى أن «بعض الأشخاص يستطيعون أن يستخدموا مواقع التواصل الاجتماعى من أى مكان فى العالم وينشروا ما يريدون، ولن تستطيع الدولة السيطرة على هذه المواقع».

من جانبه أكد المهندس خالد نجم، وزير الاتصالات السابق، أن على الدولة أن تسأل نفسها أولاً ما إذا كانت فى حاجة إلى مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى أو السيطرة عليها، أم أنها تحتاج فقط إلى أن تكون على دراية بما يحدث فى هذا العالم الافتراضى، موضحاً أنه يجب على الدولة أن تشعر بنبض الشارع وتوجهاته وما يؤثر فى المواطنين وما لا يؤثر فيهم من خلال المتابعة الجيدة لمواقع التواصل الاجتماعى، التى يستحيل منعها أو حجبها.

وأضاف الوزير أن سيطرة الدولة على مواقع التواصل الاجتماعى شىء غير وارد على الإطلاق لأنه لا توجد دولة فى العالم تستطيع أن تسيطر على هذه المواقع، باستثناء الصين التى حجبت «فيس بوك»، ولكنها حالياً تتراجع عن هذا القرار حتى تستطيع التواصل مع العالم بشكل كامل.

وقال «نجم»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»: «إن الدولة تقع بين مأزقين، الانفتاح الكامل لمواقع التواصل الاجتماعى مما يؤدِّى إلى إساءة استخدام هذه المواقع وخطورتها على الأمن القومى، والمأزق الثانى هو مراقبة هذه المواقع أو حجبها أو رصدها، ويُعتبر هذا تقييداً للحريات العامة، موضحاً أن مصر تقع فى المنتصف بين الدول التى لا تقيِّد الحريات والتى لا تترك المواقع تهدِّد الأمن القومى».

وأشار «نجم» إلى أنه على الدولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة ضمن المؤشرات التى تقيس بها مدى رضا المواطنين عن أداء الحكومة والخدمات المقدمة لهم ومعرفة توجهاتهم، مع الوضع فى الاعتبار أن نحو 40% من الشعب المصرى لا يعرف القراءة والكتابة، بالإضافة إلى أن نحو 50% من المتعلمين لا يستخدمون الإنترنت فى حياتهم العادية، مشيراً إلى أن الدولة إذا اعتمدت على ذلك فيجب أن تعلم أنها تقيس رأى نحو 25% من عدد المواطنين فى الدولة.

من جانبه قال الدكتور أحمد الحفناوى، أستاذ الاتصالات بجامعة القاهرة والعضو السابق بالاتحاد الدولى للاتصالات، إن الدولة تستطيع حجب أى موقع من مواقع التواصل الاجتماعى أو مراقبته بشكل كامل، ولكنها لا تسعى لذلك.

وأضاف «الحفناوى»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الدولة لا تسعى لذلك لأنها من الناحية الفنية تستطيع المراقبة أو الحجب، ولكنه من الناحية الاقتصادية مكلف للغاية، ويحتاج إلى أمر قضائى. ونفى المهندس ياسر القاضى، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن تقوم الدولة بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعى، موضحاً فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن ما قد يتم ترويجه عن أن الدولة تراقب مواقع التواصل الاجتماعى كلام عارٍ تماماً من الصحة، مطالباً المواطنين بألا ينساقوا وراء الإشاعات.

من ناحية أخرى، كشف آخر التقارير الصادرة عن «فيس بوك»، أصدرته شركة إيماركتينج إيجيبت، أن مصر فى المركز 14 على مستوى العالم بنسبة نحو 1.75% من إجمالى نحو 1.3 مليار مستخدم لـ«فيس بوك» فى العالم، وفى المركز الأول بين الدول العربية بنسبة نحو 30% من إجمالى نحو 75 مليون مستخدم للموقع فى المنطقة العربية. أما أهم ثلاثة أغراض لاستخدام «فيس بوك»، ففى المقدمة جاء «التواصل مع الأصدقاء والأقارب» بنسبة 83% من المستخدمين، ويليه الحصول على أخبار ومعلومات بـ77%، وفى المرتبة الثالثة الترفيه والتسلية بنحو 48% فقط من المستخدمين.

وبسؤال المبحوثين عما إذا كانوا توقفوا عن استخدام «فيس بوك» لفترة تزيد على أسبوعين، اتضح أن 42% منهم اتجه إلى التوقف عن استخدام «فيس بوك»، ونحو 50% منهم فسروا هذا بضيق الوقت والانشغال، فى حين أن نحو 43% منهم لم يكن لديهم سبب محدَّد سوى الشعور بالملل.

وكشف أحدث التقارير الصادرة عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن عدد مستخدمى الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول فى مصر بلغ 24.73 مليون مستخدم بنهاية يوليو الماضى، بينما بلغ إجمالى مستخدمى الإنترنت عن طريق USB 4.7 مليون مستخدم.

وبلغ عدد مستخدمى الإنترنت فائق السرعة 3.5 مليون مشترك، وأكد التقرير أن عدد مستخدمى الإنترنت عن طريق الوصلة غير الشرعية نحو 10 ملايين. وفى سياق متصل أكد خبراء إعلاميون أن إعادة تأهيل المواقع الإخبارية أمر لا بد منه، وأنه ليتمّ ذلك يجب تفعيل تشريعات قانونية لتنظيم العمل داخل المواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل العاملين بها مهنيّاً حتى يتم تنقية الفضاء الإلكترونى من المواقع غير المهنية، فى ظل عزوف الناس عن شراء الصحف الورقية واتجاههم إلى معرفة الأخبار عن طريق المواقع الإلكترونية. وقال الدكتور محرز غالى، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن التضييق على المواقع الإخبارية يُعتبر ضرباً من الخيال، خاصة فى ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعى التى تمكن أى شخص من نشر أى شىء يريده والتعبير عن رأيه بمنتهى الحرية. ويرى «غالى» أنه لكى يضمن التزام تلك المواقع بالمهنية والموضوعية فيجب تقنين أوضاعها أولاً، قائلاً: «لا بد أن يحدث تعديل على قانون الصحافة يتم فيه إدراج المواقع الإلكترونية، حتى نتمكن من محاسبة غير المهنيين فى تلك المواقع».

وتابع «غالى»: «فور ظهور المواقع الإخبارية فى التسعينات طالبنا بضرورة تحويل تلك المواقع إلى شركات مساهمة وتقديم دراسة جدوى للحصول على تراخيص تؤكد أنها سيكون لها مكان فى السوق وأنها ستحقق عائداً ماديّاً، بالإضافة إلى ضرورة تقديم ضمانات لحقوق الصحفيين العاملين بها فى حالة توقف الموقع فى أى وقت، وبالطبع هذه الإجراءات والضمانات ستقنن إصدار المواقع وسيكون لدينا عدد أقل بكثير يمكّن القائمين على المجال الإعلامى من متابعتها والإشراف المهنى عليها».

الأمر نفسه أكدته الدكتورة نجوى كامل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، قائلة «إن معظم الشعب المصرى يشتكون من الإعلام لا الرئيس عبدالفتاح السيسى فقط فى خطابه الأخير، فهناك فوضى إعلامية غير مسبوقة، وهى نتيجة جهل بعض العاملين فى مجال الإعلام الذين لا يستطيعون التمييز بين المعلومة والإشاعة». وأضافت «كامل»: «فى ما يخصّ المواقع الإخبارية فإن المشكلة تنحصر فى عاملين رئيسيين: تأخر إصدار قوانين منظمة للإعلام والصحافة، وتأخر وجود نقابة للإعلاميين لتكون مسئولة عن متابعة ما تنشره تلك المواقع وتأديب المخالفين فيها لقواعد المهنية». وتابعت أستاذ الإعلام: «ليس من حق أى شخص إصدار موقع إخبارى دون أن يكون مؤهَّلاً لذلك، لذلك يجب عمل دورات تدريبية لكل العاملين فى المواقع الإخبارية قبل بدء العمل بها، وهذا سيضمن لنا أن تقل تلك الأخطاء المهنية الكارثية التى يرتكبها بعض العاملين فى المواقع الإلكترونية».

واستطردت: «المجتمع يجب أن يكون له دور كبير فى استبعاد المواقع الإخبارية غير المهنية، وقد رأينا هذا عندما قاطعوا برنامج ريهام سعيد اعتراضاً منهم على عمل رأوه غير مهنى، لذا فمقاطعة المصريين لتلك المواقع من أهم أساليب إعادة تصحيح الأوضاع فى المجال الإعلامى».


مواضيع متعلقة