جلطات فى شرايين الإعلام المصرى

نشأت الديهى

نشأت الديهى

كاتب صحفي

عفواً أيها العقل.. فقد تخلى عنك الكثيرون ممن ينتمون زوراً وبهتاناً إلى الجماعة الإعلامية، غاب العقل واختفى العقلاء تماماً من المشهد واعتلى المنابر الإعلامية نماذج كريهة، فبين شخصيات هلامية تتسم بكل سمات السطحية والضحالة والتفاهة إلى شخصيات موجهة وفق أجندات محددة تكمن كارثة الإعلام المصرى، فبكل أسف وأسى ليس أمامنا إلا إعلامى جاهل يفخر بجهله وآخر موجه من جماعات المصالح فى الداخل والخارج، وثالث يبحث عن الإثارة أياً ما كانت تداعياتها على المجتمع، ورابع يتخذ من المنبر الإعلامى وسيلة للابتزاز والضغط لتحقيق مصالح شخصية على حساب القيم والمبادئ والقانون، بيد أنه من نافلة القول أن التعميم هو أول طريق الضلال فهناك نَفَر من الإعلاميين ما زالوا يقبضون على مبادئهم وسط هذه الأجواء الضبابية الملوثة والمسمومة، لكن هيهات هيهات أن ترتفع أصواتهم وتستمر منابرهم، فهم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، لكن المؤكد أن المجتمع المصرى ما عاد يستطيع أن يتحمل هؤلاء أكثر من هذا، لكن السؤال الذى يطرح نفسه.. من هو المسئول عن حماية المجتمع من هذا الكم غير المسبوق من التجاوزات الإعلامية؟ أليست الدولة هى المسئولة عن تفعيل وتطبيق قواعد الدستور والقانون؟ إذن.. لماذا تقاعست الدولة عن القيام بواجبها لتنظيم هذه الفوضى الإعلامية غير المسبوقة؟ لن أكون متجاوزاً إذا قلت إن الدولة ساعدت بصمتها عن هذا الفلتان الإعلامى غير المسبوق، فالدولة تشتكى مر الشكوى من الأداء الإعلامى وبشكل علنى، لكنها تقوم فى نفس الوقت بتدليله والتعاون معه وعلى استحياء، إن حزمة ما يسمى بالبرامج الحوارية التى تقدم كجرعة يومية للمواطن المصرى تمثل فى مجملها سبباً أساسياً فى تعكير المزاج العام، كما تتسبب بشكل مباشر فى خلق حالة من الضبابية وعدم اليقين والشك والارتباك الشديد، إن معظم هؤلاء لا يقدمون إعلاماً أو أخباراً أو رأياً أو تحليلاً.. فكل ما يقدمونه هو أهواء شخصية وأمراض نفسية وعقد تاريخية.

حيث فتحوا لأنفسهم نوافذ تطل مباشرة على ساحات وميادين الفساد، وأصبح هؤلاء فى غفلة من الدولة وغيبة من الضمير من أصحاب مئات الملايين، هؤلاء هم الأعلى صوتاً بما يملكون من منابر جعلت لحسابهم على حساب الوطن وأوجاعه وآلامه وأحلامه، هذا غير إعلام الابتزاز الذى يقدمه المشهلاتية والمخلصاتية، الصورة قاتمة ومخيفة وأكرر بضمير حى وعقل بارد أن الدولة هى المسئول الأول عما جرى وعليها أن تسارع بوضع حد وحل لهذه الفوضى فى ضوء الدستور والقانون، وسأكون أكثر اتساقاً مع الواقع وأكثر احتراماً لقناعاتى، وأقول لا يجب أن ننتظر البرلمان للقيام بهذا الدور «فالبرلمان بيبان من عنوانه»، نحن أمام أزمة كبيرة ودقيقة وتحتاج إلى حلول عاجلة وعادلة بعيداً عن التمترس أمام الأفكار والأدوات البالية التى لن نصل من خلالها إلا إلى وضع أسوأ من ذلك بكثير، على الدولة أن تقف على مصادر تمويل الوسائل الإعلامية وتتحقق من نظافتها أمنياً واقتصادياً وعليها أن تسارع بتشكيل الكيانات المؤسسية التى تنظم وتدير المشهد الإعلامى المنفلت من عقال المهنية والوطنية والقواعد الاخلاقية «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ».