انقطاع الإنترنت يعيد الجزائريين إلى العصر ما قبل الرقمي

انقطاع الإنترنت يعيد الجزائريين إلى العصر ما قبل الرقمي
ما زال الجزائريون مقطوعين عن العالم لليوم الخامس، بسبب عطل في الكابل البحري الذي يربط البلاد مع أوروبا، لكن تأثير ذلك يبقى محدودا على الاقتصاد في بلد لا تعتمد تجارته الداخلية كثيرا على التكنولوجيا الرقمية.
وأظهر هذا الانقطاع المفاجئ للإنترنت مدى ارتباط الجزائريين بالعالم الافتراضي، حتى أن الأحاديث في الشارع وعناوين مختلف وسائل الإعلام ليس لها موضوع آخر، وقال محمد، موظف بنك، إن الجزائريين في ظل انقطاع الإنترنت مثل "جنين قطع عنه الحبل السري الذي يربطه بأمه"، أما الطبيبة حسيبة فقالت "لقد أعادنا إلى عصر ما قبل التاريخ".
ورأى الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار إنه "حتى وإن كانت الجزائر لا تعتمد في اقتصادها على التكنولوجيا الرقمية بشكل كبير فإن الجزائريين تأثروا كثيرا بانقطاع الإنترنت، والدليل أنه الشغل الشاغل لهم منذ يوم الخميس".
وأعلنت شركة الاتصالات الجزائرية، أمس الأحد، أن الجزائر فقدت 80% من قدرتها على الاتصال بالإنترنت منذ أربعة أيام بعد انقطاع كابل بحري للألياف البصرية يربط الجزائر بفرنسا، الأمر الذي أحدث اضطرابات شديدة في هذه الخدمة، بحسب المدير التنفيذي للشركة الجزائرية للاتصالات أزواو مهمل.
ومنذ الخميس، بات الاتصال يمر فقط عبر خط ثانوي بين الجزائر العاصمة وباليرمو بإيطاليا تصل قدرته القصوى إلى 80 جيجا بايت، بينما حاجة البلاد هي 405 جيجا بايت. وقامت الشركة بتوزيع القليل من التدفق الذي بقي لها على "مؤسسات الدولة ومتعاملي الهاتف النقال" حتى يتمكنوا من ضمان خدمة 3 جي.
ومن أصل 34 مليون مشترك في النقال يستخدم 10 ملايين هواتفهم ولوحاتهم للاتصال بالإنترنت، بينما يشترك مليونان بخدمة "أي دي إس إل" بحسب يونس قرار، الذي كان إلى وقت قريب مستشار وزيرة البريد وتكنولوجيا الاتصال إيمان هدى فرعون.
وأقفلت مقاهي الإنترنت أبوابها في جميع أنحاء البلاد وهي التي كانت لا تخلو من الشباب الذين يقصدونها للتحادث عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو لممارسة اللعب عبر الشبكة العنكبوتية إلى أوقات متأخرة.
كما تزامن الانقطاع مع موعد إرسال الاستدعاءات لعشرات الآلاف من الجزائريين الذين أودعوا طلبات السكن المدعم من الدولة، ما زاد في حالة التذمر. وعبرت صحيفة "الوطن" عن هذا التذمر بعنوان "المواطنون على وشك الإصابة بنوبة عصبية" بسبب المشاكل التي لحقتهم من هذا الحادث.
أما صحيفة "الخبر" فروت قصة طبيب لم يتمكن من الحصول على الملف الطبي لأحد مرضاه المغتربين من المستشفى الأمريكي في باريس، ما عقد حالته. وفي مواقع التواصل الاجتماعي ثارت ثائرة المدونين ضد الوزير الشابة إيمان هدى فرعون (37 سنة) التي عجزت أمام أول أزمة واجهتها.
مدونة من بومردا بالضاحية الشرقية للجزائر ذهبت إلى حد توجيه نداء للوزيرة عبر تويتر "سيدتي اقطعي عنا الأكسجين وأعيدي لنا الإنترنت". وما زاد من غضب الجزائريين أن الحادثة ليست الأولى، فقد سبق أن شهدت الجزائر انقطاعين في 2003 و2009 دون أن تستبق الأحداث.
وأطلقت الجزائرية للاتصالات وهي شركة حكومية مشروعا لإنجاز كابل ثالث بين وهران (غرب) وفالنسيا بإسبانيا منذ 2009 إلا أن التعقيدات الإدارية أخرت الأشغال. وبراي يونس قرار يجب أن تكون للجزائر "عدة حلول أخرى غير المرور عبر البحر ومن أماكن مختلفة: خط أرضي عبر الحدود البرية مع تونس والمغرب وحتى مع إفريقيا في الجنوب، إضافة إلى الاتصال بالأقمار الصناعية"، وأضاف "من حسن حظنا أننا لم نطلق الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية وإلا لكانت الكارثة أكبر".
ومازال التسوق عبر الإنترنت محدودا جدا في الجزائر، علما بأن الدفع الإلكتروني عبر الإنترنت غير متوفر، ما قلل من الأزمة على المستوى المحلي. كما لم يتوقف العمل في البنوك، واستمر العمل على تحويل الأموال بشكل عادي بحسب موظف في بنك القرض الشعبي الجزائري الذي أوضح أن خطا خاصا يربط البنك ببلجيكا للتحويلات المالية وهذه لم تتأثر بتاتا.
واعترف مدير اتصالات الجزائر أمام الصحفيين، الأحد، أن شركته التي تحتكر الإنترنت عبر الهاتف الثابت "لم تكن جاهزة لزيادة موجة مستخدمي الإنترنت في الجزائر"، بخاصة لدى الشباب، بما أن "51% من الاستخدام يخص فيسبوك ويوتيوب" حسبه. وأضاف أن أشغال إصلاح الكابل البحري بدأت مساء السبت ومن المنتظر أن تنتهي قبل نهاية الأسبوع إذا سمحت بذلك الأحوال الجوية.
وأوضح أن الفنيين الذين أتوا من فرنسا على متن باخرة متخصصة تمكنوا من رفع جزء من الكابل المتضرر بطول 100 متر. وبحسب اتصالات الجزائر فإن انقطاع الكابل نجم عن إلقاء سفينة بمرساتها في هذه المنطقة خلافا للقواعد، وقد رفعت الشركة شكوى ضد مجهول بهذا الخصوص.