مأساة "الأخوين إيلان" في الإسكندرية.. والد "علي وأحمد" يحكي لـ"الوطن" رحلة الموت تحت المطر

كتب: محمد شنح

مأساة "الأخوين إيلان" في الإسكندرية.. والد "علي وأحمد" يحكي لـ"الوطن" رحلة الموت تحت المطر

مأساة "الأخوين إيلان" في الإسكندرية.. والد "علي وأحمد" يحكي لـ"الوطن" رحلة الموت تحت المطر

عقارب الساعة تشير إلى السابعة صباحا، في منزل "خالد علي" الكائن بمنطقة "البيطاش" في الإسكندرية، صمت المنزل يقطعه صوت المنبه مختلطا بأصوات الرعد في الخارج، أهل المسكن يعاودون نشاطهم بعد سبات في ليلة ممطرة، لتبدأ وقائع يوم اعتادوا تكرار أحداثه، الأب يخرج إلى عمله، والأم تتوجه لغرفة "أحمد وعلي" لتوقظهما، الطفلان يغالبان النوم ويستيقظان فالوقت حان للذهاب إلى المدرسة، تجهز "أم علي" الإفطار والأمتعة لنجليها، ويدفعها الخوف عليهما من البرد والمطر لاصطحابهما إلى المدرسة، وإحضار بعض المستلزمات الدراسية لهما من "محرم بك"، وما إن وطأت أقدامهم أرض الشارع حتى وجدوا أنفسهم في بركة ماء والأمطار تغرقهم، وكأنها علامة من القدر، بأن رحلة الصغار إلى المدرسة شاقة ولن تخلو من المخاطر، فهي رحلة أفضت إلى الموت.

{long_qoute_1}

طفل ملقى على وجهه تحت عجلات السيارات الغارقة في مياه المطر، وشقيقه ألقى به كابل الموت على أحد الأرصفة، وأم منكوبة أصابتها شظايا حارقة خطفت بجسدها بعيدا عن أعين المارة والكاميرات، وفرق الإهمال أرواحهم، مشهد كتب نهاية أسرة "خالد"، العامل بإحدى شركات "رصف الطرق" بالإسكندرية، والذي ما زال يكرر كلمة واحدة "مش هسيب حق عيالي".

قبلة في المساء على جبين "علي" وأحمد"، آخر ما يتذكره الأب من "اللقاء الأخير": "رجعت البيت يوم السبت بالليل، أكلت لقمة وقعدت معاهم، وسألتهم عاملين ايه في المدرسة، وقلت لهم أجدعنوا نفسي أشوفكم حاجة كويسة، بعدها أديت لكل واحد فيهم مصروفه وبوستهم، ودخلت نمت، ومشفتهمش الصبح، لأني بخرج بدري".

{long_qoute_2}

لم يكن "خالد" يعلم أن اللقاء الذي جمعه بنجليه أول أمس سيكون الأخير: "كانوا رايحين مع أمهم (محرم بك)، كانوا طالبين منهم ورق في المدرسة لازم يجيبوه، ساعتها كانت المطرة شديدة، وكابل الترام وقع عليهم في وسط الشارع"، يتوقف "خالد" عن الحديث فجأة، ويحاول أن يغالب أحزانه، وفي مخيلته مشهد طفليه في ثلاجة المشرحة: "كنت عاوز أشوفهم حاجة كبيرة، علي كان عنده 10 سنين، وأحمد 4 سنين، أنا راضي بقضاء ربنا، بس مش هسيب حقهم يضيع".{left_qoute_1}

معاناة أسرة "خالد" لم تنتهِ بوفاة الطفلين، فيروي "الأب" مأساة 9 ساعات قضاها هو وشقيقه لاستخراج تصريح دفنهما "من الساعة 12 ولحد 9 بالليل مش عارفين نخرج تصريح دفن العيال، أخويا راح الصحة في الإبراهيمية مرتين ورجعوه بحجة إن الورق ناقص، وأنا قعدت أتحايل على وكيل النيابة علشان يديني تصريح دفن ومش راضي إلا باستجواب أمهم العيانة المحروقة، وفي الآخر انفعل عليا، وقال لي أخرج برة هحبسك، أقوله عيالي في تلاجة المشرحة، يقولي إحنا عارفين مصلحتهم، مصلحتهم إيه ما راحوا العيال في شربة ميّة".

{long_qoute_3}

وعن حالة "أم الطفلين" الآن، يقول الأب: "أمهم فضلت مرمية في الشارع، وجسمها محروق من شظايا كابل الكهربا، ومحدش سأل فيها، ولا حتى خدوها مستشفى، إلا لما جينا خدناها وروحنا بيها للدكتور، قال الحرق اللي في جنبها محتاج جراحة، ده غير حالتها النفسية، انهارت تماما لما عرفت بموت العيال، وأنا معادتش فاضل لي في الدنيا غيرها هي والواد الصغير سبع سنين".{left_qoute_2}

"خد 20 ألف جنيه وأديني عيل من عيالك"، كلمات والد "علي وأحمد" لمندوب وزارة التضامن الاجتماعي، الذي حضر إليه ليبلغه بصرف تعويض 10 آلاف جنيه لكل طفل، ما أثار غضب "خالد"، الذي رفض الحصول على أي تعويض مادي عن أبنائه، "مش هاستلم منهم أي تعويض، ومش هسيب حق عيالي، وهلجأ للقضاء علشان أي واحد تسبب في إهمال أو فساد لازم يتحاسب، حتى استقالة المحافظ دي مش فارقة معايا، استقالته مش هترجع لي عياله اللي ماتوا".


مواضيع متعلقة