بروفايل| محمد شيرين فهمي.. "الهيبة وميزان العدل"

03:51 م | الخميس 15 أكتوبر 2015

رئيس الدائرة 11 جنايات القاهرة، صاحب الوجه القضائي الصارم، يعتبر أقوى وأشهر قاضٍ اعتلى منصه الجنايات، ولٌقب بـ"السيطرة" لمهارته العالية في السيطرة على جلساته وإدارتها على الوجه الأمثل بالشكل الذي يحفظ للقضاء هيبتة، ويشهد له من يحضر محاكماته من مسؤولي الأمن وممثلي وسائل الإعلام والمحامين بالقوة والحزم في إدارة الجلسة.

لا يتهاون محمد شيرين فهمي عما يحدث في جلساته من تجاوزات حيث قام بحبس رجال أمن وصحفيين وسكرتير الجلسة وحاجب المحكمة لتجاوزهم وخروجهم عن نظام الجلسة، واعتاد "شيرين" على تنبيه المحامين الحاضرين بجلساته إلى الحفاظ على مظهرهم من حيث "رباط العنق" و"ارتداء روب المحاماة" و"الحفاظ على الصياغة اللغوية وقواعد النحو والصرف أثناء المرافعة" و"عدم مضغ العلكة" وكان له في ذلك مواقف عديدة.

ولـ"شيرين" مقولة شهيرة فى إحدى جلساته نالت إعجاب الجميع وكشفت عن تمسكه بالحق والعدل وهي "الحق ننشد لا سواه فإن بدا وأزيل ما غشى وكان ملثما"، "نقولها صراحة يا ذئب يوسف ما سفكت له دما".

وعرف عنه دقته في دراسة القضايا التي يعهد بها إليه والاعتدال في أحكامة فهو يزن الأدلة بميزان العدل، وأحكامه تحظى بالقبول والموافقة أمام محكمة النقض باستثناء حكم "حبارة"، والذي أودعت حيثياته في 460 صفحة وأثنى عليه رجال القانون، وأيدته نيابة النقض، إلا أنه أثار جدلا قانونيا حول اختلاف وجهات النظر بشأن توقيع قضاة الدائرة على مسودة الحكم وتطبيق قواعد قانون المرافعات المدني على الأحكام الجنائية وما زال الجدل مستمرا بين مؤيد ومعارض.

وعلى الرغم من قوته المعهودة ولكنه بدا عليه الحزن الشديد فور علمه باغتيال النائب العام السابق الشهيد المستشار هشام بركات والتأثر عندما نعاه وأشاد بحضور نجله محمد هشام بركات بجلسة محاكمة المعزول محمد مرسي بعد الحادث، وتأثر جميع الحضور في تلك اللحظة الموجعة لحزنه.

وكان التزام شيرين فهمي بقواعد العدالة هي الدافع وراء اختياره للتحقيق والفصل في العديد من قضايا الإرهاب، التي تتعلق بقادة جماعة الإخوان، حيث قام بالتحقيق في قضية "قضاة من أجل مصر"، والذين ثبت تورطهم مع جماعة اﻹخوان، وقام بإحالة 40 قاضيا من مختلف الهيئات القضائية إلى المحاكمة التأديبية، كما تولى فهمي التحقيق في واقعة التنصت على مكتب النائب العام، المتهم فيها النائب العام الأسبق المستشار طلعت عبدالله، والنائب العام المساعد السابق المستشار حسن ياسين، والتحقيق في قضية "اﻹسراف الإعلامي"، والتي تورط فيها عدد كبير من مختلف الهيئات القضائية، كما حقق مع قضاة "تيار الاستقلال" المتهمين بالتوقيع على "بيان رابعة العدوية"، وهي القضية التي ضمت 75 من رموز القضاء، وعلى رأسهم المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق، والمستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق، والمستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية السابق، والمستشار حسام الغريانى رئيس محكمة النقض، محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض، المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والتي أحال فيها 59 قاضيًا لـ"التأديب والصلاحية"، وما زال التحقيق مستمرا في هذه القضية مع الرموز غير القضائية.

كما تولى الفصل في قضية حازم أبو إسماعيل، مؤسس حزب "الراية السلفي" والمرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية، وقضى بمعاقبته بالسجن لمدة 7 سنوات فى قضية "تزوير أوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية" وأيدت محكمة النقض حكمه، كما تولى الفصل في قضية القياديين الإخوانين "البلتاجي وصفوت حجازي"، والمعروفة إعلاميًا بـ"تعذيب شرطيين باعتصام رابعة العدوية"، وقضى بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد عشرين سنة، وأيدت نيابة النقض الحكم، كما أنه أول من قام بتفعيل النصوص القانونية بمعاقبة المتهمين الذين يتجاوزون في حق المحكمة وأيدته محكمة النقض.

ويتولي شيرين الآن نظر قضايا تشغل الرأي العام، وهي "التخابر مع قطر" المتهم فيها المعزول محمد مرسي، و"كتائب أنصار الشريعة"، وقضية "مقتل الصحفية ميادة أشرف"، "أحداث التبين" و"بولاق أبو العلا".

يمتلك شيرين فهمي سجلا تاريخيا مليئا بالعديد من المناصب القيادية المهمة، حيث تولى منصب رئيس نيابة التهرب الضريبي، ورئيس نيابة الشؤون المالية، ورئيس نيابات مجمع مصر الجديدة، ورئيس نيابة الأموال العامة العليا، ومحامي عام نيابات الإسماعيلية، ومحامي عام شمال القاهرة ومحامي عام شرق القاهرة، وتولى التحقيق آنذاك في القضايا التي شغلت الرأي العام لأيام طويلة، كما تولى التحقيق في قضية "الريان" وشركات توظيف الأموال وكشوف البركة.

وتولى التحقيق في قضية "رشوة البترول"، المتهم فيها وكيل وزارة البترول، ومستشار رئيس مجلس الوزراء، وتولى التحقيق في قضية "الرشوة الكبرى لوزارة الصناعة"، والتي كانت أول قضية لمحاربة فساد بالمراكز القيادية، واتهم فيها 27 وكيل وزارة ورئيس شركة "راكتا كما شغل منصب قيادي بمكتب شؤون أمن الدولة، وعمل بالتفتيش القضائي، وتدرج في محاكم الجنايات ونظر أثناء ذلك العديد من القضايا المهمة منها قضية ممرضة الإسكندرية (الممرضة عايدة) التي تحولت فيما بعد إلى مسلسل تليفزيوني، حتى شغل منصب رئيس محكمة جنايات القاهرة عام 2010.

وشنت الجماعات الإرهابية حربا عنيفة على شيرين فهمي، للنيل منه، والتأثير عليه في أحكامه، لكنها حرب باءت بالفشل، ويعود التزام وقوة وحزم محمد شيرين فهمي إلى نشأته في أسرة عسكرية فهو نجل اللواء فهمي خيري، الضابط بالجيش المصري حفيد عبدالحميد باشا خيري مدير سلاح الفرسان الملكي في عهد الملك فؤاد والملك فاروق، وجد والده أحمد خيري كان ضابطاً بالجيش ومُعلم الأسرة الملكية.