المواليد يموّلون عجز الموازنة

نائل السودة

نائل السودة

كاتب صحفي

طريف هو وجديد طلب السيد وزير المالية استثناء بعض الجهات من رد فوائضها للموازنة العامة للدولة فى وقت تعانى فيه الموازنة من عجز وقلة حيلة!

وبناء عليه أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء قراراً باستثناء سبع هيئات وجهات من تطبيق أحكام المادة 14 من قرار رئيس الجمهورية لسنة 2015 بربط الموازنة العامة للدولة، وهذه الجهات هى جهاز الخدمات العامة لوزارة الدفاع وصندوق مشروعات أراضى وزارة الداخلية وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة وصندوق إسكان القوات المسلحة وصندوق تمويل المتاحف العسكرية وجهاز مشروع الخدمات الوطنية وجهاز الصناعات والخدمات البحرية، وظاهرٌ أنها جهات ذات نشاط اقتصادى ضخم.

نفهم أن يطلب الاستثناء الوزراء المختصون لأسباب يحسبونها ويقدرونها ويعلنونها للشعب، كما حدث مع القرار رقم 68 لسنة 2015 الذى أصدره السيد وزير الدفاع بإعفاء 574 منشأة عسكرية ما بين ساحات، وأندية، ومنافذ بيع، وفنادق، ودور سينما، ومسارح من الضرائب العقارية (لا تخضع أى من الوحدات الواردة فى الكشف المرفق بالقرار إلى لجان الحصر والتقدير وفقاً لما تقتضيه اعتبارات الدفاع والأمن القومى)، ولكن أن يطلب وزير المالية ما هو ضد زيادة المالية دون أن يقدم برهانه وأسبابه لهذا الاستثناء فهذا أمر يدعو للدهشة والاستنكار والسؤال عن إدراكه لطبيعة عمله ومدى قدراته فى زيادة موارد وحماية مال الشعب الذى يلزم إلحاقه بالموازنة العامة للوطن فى ظل زيادة الدين العام والحاجة الملحة لزيادة تمويل الموازنة وخفض عجزها. هل كلفه أحد بطلب؟

ولا بد أن هذه الأموال المستثناة مقدّر لها مسار لا يعلمه إلا العاملون عليها، فهل هى ذاهبة لعمل وطنى عظيم أم أنها لصناديق خاصة كإخوتها من أموال الصناديق التى لم يتوقف إنشاؤها رغم قيام الثورة ولم تدخل إيراداتها الموازنة رغم ضخامتها (إيراداتها فى العام 2010/2011 حوالى مائة مليار جنيه)، وكمثال لموارد هذه الصناديق: الرسوم التى يدفعها الطلاب فى المدارس والجامعات، وزوار المستشفيات الحكومية، وغرامات المرور وتراخيص السيارات!

الشعب الذى يئن نصفه فقراً ويدفع فى كل هذه الصناديق التى استشرت وتفشت بالآلاف لا يعرف أين تذهب أموالها ولمن وبأية طريقة. وعلى الرغم من فساد تم إعلانه من الجهاز المركزى للمحاسبات حول بعض منها فإن إجراء لم يُتخذ وحساباً لم يتم لأن من بيده اتخاذ الإجراء هو المتهم: السلطة التنفيذية!!

الصناديق فكرة السادات الذى كان يرى أن إفساد المسئولين يضمن الولاء والطاعة والسكوت والاستقرار والاستمرار!

هذا كله يتركه السيد وزير المالية لبعض العاملين يغرفون منه بل ويضيف إعفاء لجهات أخرى وينهمك الآن بصفته المساعد المخلص ليوسف بطرس على زيادة رسوم تنمية الموارد واستمارات الكشوف الرسمية ورسوم قضائية وكذا الرسوم التى يدفعها المواطن لاستخراج شهادة ميلاد، وغيرها، فضلاً عن زيادة رسوم جمركية وغير جمركية فى ظل حكومة عاجزة عن إدارة العمل وابتكار سبل للإنتاج والتنمية، ما أدى إلى ارتفاع كبير فى الأسعار.

من تختاره الحكومة ليموّل عجزها ويخفى خيبتها؟ هل هو الأب الذى وُلد له طفل جديد فى ظل ظروف قاسية لا تعلم عنها شيئاً ولا تساعد فيها شيئاً بل تزيدها قسوة؟

ثم من يراقب كل هذه الأموال سواء كانت فى صناديق على بابا أم كانت مستثناة؟