«موشيه ديان» يعترف: حساباتنا تجاه الجيش المصرى كانت خاطئة

كتب: محمد سعيد

«موشيه ديان» يعترف: حساباتنا تجاه الجيش المصرى كانت خاطئة

«موشيه ديان» يعترف: حساباتنا تجاه الجيش المصرى كانت خاطئة

«اليوم الأول من الحرب كان قاسياً جداً، فخسائرنا فى الرجال لم تكن طفيفة، وقد فقدنا أراضى ومواقع بالغة الأهمية، وكان واضحاً للجميع أن سوريا ومصر أفادتا فى هذا اليوم من عنصرين فى منتهى الأهمية: المبادرة، وتفوق كبير بالرجال والعتاد». يعترف وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق موشيه ديان بالهزيمة المريرة فى المذكرات التى كتبها ونُشرت فى إسرائيل وخارجها.

يكتب الرجل الذى شغل أهم منصب فى إسرائيل أثناء حرب أكتوبر عن هزيمة قواته، فيقول: «فى المراحل الأولى من الهجوم كان توازن قوات المشاة بنسبة واحد إلى عشرة لصالح الجيش المصرى، حيث إن وحدات الهجوم المصرية كانت تضم 100 ألف رجل، مقابل 8500 من رجالنا، فيما كان خمسة آلاف جندى إسرائيلى يواجهون فى الجولان 45 ألف سورى فى وحدات الهجوم».

وعن انتصارات المصريين كتب ديان: «حقق المصريون انتصارات ملموسة، وألحقوا بنا ضربة قاسية، فاجتازوا القناة، ورموا الجسور، ونقلوا إلى ضفتها الأخرى الدبابات، والمشاة، والأسلحة المضادة للدروع. فلم ننجح فى منعهم، ولم نتمكن من أن نُنزل بالمهاجمين إلا خسائر طفيفة: حوالى المائة بين قتيل وجريح، وعدد ضئيل من المعدات».

وبشأن الوضع الحرج فى منطقة القناة اعترف وزير الدفاع الإسرائيلى: «طيراننا سيواجه، عندما يتدخل فى اليوم التالى، مجهولاً اسمه الطيران المصرى، وشبكة صواريخه المضادة، الأمر الذى ينبئ بعملية غالية. فإننا بحاجة إلى نسبة كبيرة من الحظ لإنهاء معارك اليوم التالى لصالحنا».

وبعد مضىّ 14 ساعة على بدء الهجوم سجل موشيه ديان فى يومياته: «الوضع فى الشمال أخذ يتدهور، فثمة وحدات سورية تمكنت من اختراق خطوطنا فى قطاع حسنية، 22 كليومتراً جنوبى القنيطرة».

ويواصل: «وفى صباح اليوم التالى وقبل السادسة بقليل، وصلت إلى مقر قيادة الجبهة الشمالية، لأسمع أن جميع خطوط دفاعنا فى القطاع الجنوبى من الجولان قد انهارت، فالسوريون قهروا وحدات لواء البراق، وتقدموا من مرتفعات الجولان، فوصلوا إلى منتصف الطريق، إلى نهر الأردن. أما قوات الاحتياط المدرعة التى أُرسلت إلى القطاع فلن تتمكن من مواجهة العدو قبل الظهر»، هكذا كتب وزير الدفاع.

أما المواقع الإسرائيلية المتقدمة الأخرى فوصفها ديان فى كتاباته: «بقيت معزولة عن الجميع، فقاتل رجالها بشراسة بطولية. وفى أكثر الحالات قُتل ضباطها فى مراحل القتال الأولى، ورفض بعضهم أوامر الانسحاب أو الاستسلام، لكن فى النهاية عندما أحاط بها العدو، وجدت تلك المواقع نفسها عاجزة عن الاستمرار فى المقاومة. وكان المشرق آخر المواقع التى سقطت».

وأوضح موشيه ديان أنه لم يجر الإعداد التقنى والعملى لمواجهة الهجوم. فالوحدات المدرعة التى من المفترض أن تقف بين المواقع كانت على بعد عشرة كيلومترات إلى الخلف، فلما بدأ الهجوم وتحركت المدرعات للوصول إلى التحصينات وجدت المصريين فى انتظارها، وتعرضت لنيران المدافع المضادة للدروع التى كانت تصلها من جانبى القناة فتعطل القسم الأكبر منها ولم يستطع أن يقدم المساعدة اللازمة.

مزيداً من الاعترافات الموجعة يلقيها ديان فى يومياته عندما يقول: «حرب يوم الغفران مختلفة، فهى لم تكن حرباً قاسية فحسب، بل دارت أيضاً فى أجواء خطرة، ففيها واجهت إسرائيل قوات ضخمة مجهزة بعدد هائل من الدبابات والمدافع والصواريخ أرض- جو، القوية والفعالة. قضاؤهم على مائة دبابة لم يكن من شأنه أن يثير أى شعور بالنشوة، فى حين أن سقوط أحد مواقع خطوطهم الأمامية المحصنة، أو سقوط 30 من دباباتهم فى عملية واحدة كان يزج بالبلاد كلها فى جو من القلق».

يواصل ديان الاعتراف: «الفارق الأساسى بين حرب أكتوبر وحرب 67 هو فى القوة العربية المتفوقة على كل ما كان يسع العرب حشده فى السابق. وهذا الأمر أدى إلى مضاعفة خسائرنا، وفرض على قواتنا بذل أقصى الجهود، فبالرجال والعتاد كانت الجيوش العربية التى دخلت حرب يوم الغفران تزيد ثلاثة أضعاف تقريباً على القوات التى شاركت فى حرب الأيام الستة».

{left_qoute_1}

أما على المستوى القتالى للجنود العرب فكتب ديان: «يمكن اختصاره بالآتى: لم يعمدوا هذه المرة إلى الهرب الذى كان فى الماضى صفة مشتركة لهم، ففى حرب يوم الغفران لم يهربوا، حتى عندما كانوا يتعرضون لخسائر جسيمة ويشعرون بأن المعركة خاسرة، فقد كانوا ينسحبون. كذلك، تحسنت المزايا التكتيكية للجندى العربى هذه المرة، فإن ثمة وحدات قد قاتلت حتى آخر جندى، والقيادات تميزت بالجدارة وبإجادة استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية التى وقعت تحت تصرفها، فقد صح حدسى بأننا حتى لو نجحنا هذه المرة بالتفوق عليهم فلن نشهد انهيار الجيوش العربية انهياراً كاملاً».


مواضيع متعلقة