صالة العرض سوق للباعة الجائلين.. والضحية الزوار

01:08 ص | الأحد 27 سبتمبر 2015

صخب وضجيج لا ينتهى إلا ببدء العرض، فداخل صالة العرض بالسيرك القومى تتحول الدقائق التى تسبق العرض إلى جحيم، العاملون فى كافتيريا السيرك يتركون مكان عملهم وينطلقون داخل الصالة، كل منهم يعلق حول رقبته حاملاً خشبياً ممتلئاً عن آخره بكل المسليات التى يحتاجها زوار السيرك «مياه معدنية، حلوى، شيبسى، مياه غازية، لب، سودانى، فيشار... إلخ»، فتتحول الصالة إلى ما يشبه السوق التى تعمها الفوضى وسط انزعاج زوار السيرك الذين وصفوا الوضع بـ«المزرى».

{long_qoute_1}

«زلابية يا هانم، حاجة ساقعة يا بيه، عصير، طب تتصور مع الأسد يا حبيبى، طب صورة مع التعبان وفرّج صحابك عليها»، هكذا يتجول العاملون بـ«كافتيريا» السيرك القومى، بين الجمهور داخل الصالة وينادون على بضائعهم التى تزيد أسعارها على الضعف، لاستغلال الفترة التى تسبق العرض فى بيع أكبر كمية ممكنة لتحقيق استفادة حتى لو كانت على حساب «صداع الجمهور».

«إحنا بندخل جوه السيرك نبيع عشان نقدم خدمة أفضل للجمهور، ولو مادخلناش الناس بتكسل تخرج تشترى ولو مابعناش هنعيش منين؟»، حسب سالم عواد، أحد العاملين بكافتيريا السيرك، مؤكداً أن «الكافتيريا» تعانى من مواسم ركود كالأعياد، حيث إن الزائرين يجلبون معهم المأكولات والمشروبات إلى داخل العرض، مما يضع العاملين فى أزمة تتعلق بأجورهم: «أنا واحد شغال هنا من 40 سنة، علّمت عيالى، فيهم دكتور واللى خريج تربية وحقوق وسياحة وفنادق، لو مابعناش للزبون هنعلمهم منين؟ ما هو إحنا أجرنا بيتوقف على نسبة البيع طول الشهر».

رفض الرجل الخمسينى وصف البعض له ولزملائه بأنهم سبب فى تحويل السيرك إلى سوق للباعة، إذ إن المنطقة المحيطة بالسيرك لا يوجد بها أكشاك لبيع المأكولات، فضلاً عن أن أولياء الأمور لن يسمحوا لأطفالهم بالخروج من البوابات، نظراً لسرعة السيارات أمام السيرك: «إحنا أسعارنا أغلى من بره لأننا بنوفر عليهم كتير، وأنا لو مابعتش مش هعرف أعيش».

يقول الرجل إن مسئولى «الكافتيريا» لم يكتفوا بتقديم الخدمات للزائرين فحسب داخل الكافتيريا، بل حرصوا على ضخ أكبر عدد من العاملين كى ينتشروا داخل وخارج صالة العرض، حتى يجد المواطنون من يستقبلهم وقت وصولهم للسيرك، مشيراً إلى أن العاملين بالكافتيريا لا يطبق عليهم نظام التأمينات الاجتماعية، ما يجعلهم أكثر حرصاً على بيع المأكولات حتى يستطيعوا سد حاجتهم فى حال تعرضهم لأى أذى أو مكروه قد يلحق بهم أثناء تأدية عملهم داخل السيرك.

حال «عواد» لم يختلف كثيراً عن عادل فتحى، أحد العاملين بالكافتيريا، الذى يتقاضى راتباً ضئيلاً مقارنة بسنوات عمره التى أفناها فى خدمة السيرك، ما يجعله حريصاً على التنقل داخل صالة العرض لبيع أكبر كمية من المسليات والمشروبات التى يطلبها الأطفال من أهاليهم، ما يجعل الوالدين يلجأون لشرائها منهم حتى يضمنوا كفّ أطفالهم عن إلحاحهم المتواصل قبل بدء العرض.

بين باعة يملأون المكان عن آخره، تجد على الجانب الآخر روبى علام، مدرب الشبل «نانسى»، يجلس على مدخل السيرك، وإلى جواره مصور السيرك، ليعرضا خدماتهما على الزائرين بالتقاط صور لأطفالهم إلى جوار الشبل، وتختلف أسعار صور الرحلات عن العائلات والأفراد: «بقالى 18 سنة مدرب أشبال، بقعد بيه على مدخل السيرك عشان الأطفال ياخدوا صور تذكارية مع نانسى قبل ما تكبر ونعزلها عن الناس، هى دلوقتى عمرها 9 شهور لو تمت سنة ماينفعش أقعد بيها تانى وسط الناس»، قالها «روبى»، مؤكداً أنه يعمل داخل السيرك القومى منذ قرابة العشرين عاماً، فهو يرى أنه يمتلك خبرات كثيرة تؤهله للتعامل مع الأشبال وتدريبها وكذلك نظافتها.