«دبح» و«تشفية» و«تقطيع».. رحلة الأنثى مع الساطور

كتب: مى القهوجى

«دبح» و«تشفية» و«تقطيع».. رحلة الأنثى مع الساطور

«دبح» و«تشفية» و«تقطيع».. رحلة الأنثى مع الساطور

لم تعد تكترث للدماء التى لطخت ملابسها ولا لتلك الروائح الكريهة المنبعثة من كل مكان، فالمدبح هو بيتها الثانى الذى عاشت فيه أزهى سنوات عمرها، تقول بدرية زكى، 45 عاماً، جزارة وبائعه لحم فى المدبح لمنطقة السيدة زينب بأنها تعمل هناك منذ أكثر من ثلاثين عاماً وتعتبر هذه المهنة ميراثها الوحيد من أبيها وجدها؛ فهى فى عمر الثانية عشرة كانت تذهب مع والدها وتراقب ما يحدث داخل المدبح وكانت فى هذه السن الصغيرة تستطيع عمل كل شىء فى الجزارة باستثناء الذبح، ولكنها تمكنت منه بعد اكتساب الخبرة الكافية فيه وذلك على الرغم من أنها ما زالت تجرح نفسها أحياناً بالساطور رغم قدرتها على الذبح بمهارة.{left_qoute_1}

ورغم صعوبة وقسوة عملها، فإنها ما زالت بداخلها أنثى تحاول إظهارها بالكردان ذهبى اللون الذى يتدلى من عنقها والكثير من الأساور الذهبية التى تزين يديها. وتؤكد أنها تتعامل مع زوجها كأنثى برومانسية وتفصل بين طباعها فى عملها عن طباع حياتها الشخصية.

أصبحت «بدرية» بحسب كلام جميع العاملين بالمدبح، إحدى العلامات المميزة فيه، وبرغم من القوة والقسوة الملازمين للمهنة فإنها تتمتع بخفة الظل التى تجعلها محبوبة من الجميع.

«بدرية» التى لا تمانع فى أن تقوم هى بعملية الذبح، وبخاصة فى «العواقيد» أو المعروف بصغار المواشى، لكن كبارها يأتى مذبوحاً من المجازر المعروفة. وتقوم أيضاً بسمط الرأس والكوارع وما تسميه بـ«حلويات المدبح» من كرشه وفشة وممبار، ثم تقوم بتنظيفها، ثم يتم عرض اللحم للبيع أو توريده للجزارين.

وتؤكد أنها الآن تعانى من ركود وتوقف حركه البيع والشراء بشكل كبير بسبب زيادة الأسعار؛ وبرغم مهنتها، لكنها تقول: «بقالى أكثر من شهر مش عارفة أجيب لحمة لأولادى». وتقترح لحل الأزمة زيادة الرقابة على مربى الحيوانات وعلى التجار وزيادة منافذ القوات المسلحة التى تقدم لحماً جيداً وبأسعار مناسبة مما سيدفع الجزارين لخفض السعر. بينما تقول سامية عبدالراضى الجالسة على طبق كبير يشبه طبق الغسيل تنظف فيه ما تسميه بـ«حلويات المدبح»، إحدى العاملات فى المدبح أنها تعمل فى المدبح منذ عشرين عاماً، ولكنها تخاف من الذبح فيقتصر عملها على تقطيع اللحم وتنظيف «الحلويات» ونقل أكياس اللحوم بين المخازن والمحلات، وتتمم عملية البيع بين المدبح والجزارين ولها دور أيضاً فى تنظيف الشارع فى نهاية كل يوم.

وترى «سامية» أن العمل بالمدبح أسهل للرجل عن السيدة، لكنها تحبه واعتادت عليه.

وتؤكد أن رؤية الدم بصورة مستمرة يقوى القلب، ولكنها توضح أن قوة القلب تكون فى العمل فقط، بينما هى فى المنزل وفى حياتها الإنسانية غير ذلك. وتوضح أن العمل فى المدبح أفقدها الكثير من أنوثتها، فعلى الرغم من زواجها من جزار، فإنهما انفصلا لكونها لم تتمكن من الفصل بين قسوة المهنة وحياتها الخاصة، صارت ملوثة بطباع المهنة فى نبرة الصوت التى غلظت بعض الشىء، والمظهر الذى لم تهتم لأمره يوماً. «سامية» التى لا تعرف مهنة غير التى تعملها فى المذبح، قررت أن تورثها إلى صغيرها الذى لا يتعدى الـ15 عاماً بعد فشله فى التعليم، ليتعلم فنون الصنعة.

 

امرأة تقوم بتنظيف حواشى الذبائح


مواضيع متعلقة