«لا توجد تجارة حرة».. «الوطن» تقرأ كتاب مستشار الرئيس الأمريكي الذى قد يرسم خطواته القادمة (الحلقة الأولى)

«لا توجد تجارة حرة».. «الوطن» تقرأ كتاب مستشار الرئيس الأمريكي الذى قد يرسم خطواته القادمة (الحلقة الأولى)

«لا توجد تجارة حرة».. «الوطن» تقرأ كتاب مستشار الرئيس الأمريكي الذى قد يرسم خطواته القادمة (الحلقة الأولى)

مع بداية الشهر الجارى، استيقظ العالم على دوى حرب تجارية شرسة بين الولايات المتحدة والصين. خرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يوم ٢ أبريل، ليعلن عن «خطة الحماية الاقتصادية لعام ٢٠٢٥»، التى اعتبرها كثير من المراقبين استراتيجية تجارية لا تعرف التفاهم، ولا تريد إلا «استعادة المستقبل الاقتصادى الأمريكى الذى تعرض للسرقة»، أو على حد تعبير كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «إن نهب أمريكا سوف ينتهى».

الخطة قدمها «ترامب» وفريقه للعالم على أنها «الرد الأمريكى» على عقود متراكمة من الممارسات التجارية غير العادلة مع العالم كله بشكل عام، ومع الصين بشكل خاص. وعلى طريقة الرئيس الأمريكى، التى تدغدغ مشاعر أنصاره، أظهر «ترامب» أن خطته الجديدة هى دفاع عن العامل الأمريكى، وحائط صد أمام التلاعب الأجنبى بمصير أمريكا، وخطوة ضرورية لإعادة التفوق الصناعى الأمريكى إلى ما كان عليه. واختار «ترامب» ولاية «أوهايو» الأمريكية، التى تحمل تاريخاً من تدهور الصناعات فيها، ليعلن منها «خطة تحرير» اقتصاد البلاد، والتى جعل جزءاً أساسياً منها شعار «صُنع فى أمريكا أولاً»، الذى يطالب المؤسسات الأمريكية بإعطاء الأولوية للمنتجات التى يتم تصنيعها فى أمريكا حتى لو كانت بدائلها الأجنبية متوافرة بأسعار أرخص، مع فرض رسوم جمركية مقابلة على الدول التى تفرض جمارك على المنتجات الأمريكية.

كانت تلك الخطة انعكاساً للعديد من الأفكار التى لا يخفيها «ترامب» منذ فترته الرئاسية الأولى: أن مفهوم التجارة الحرة قد دمر الطبقة الوسطى الأمريكية، وأن العولمة التجارية قد جعلت خصوم أمريكا، مثل الصين، يزدادون ثراءً على حساب الولايات المتحدة، وأن المرحلة القادمة تحتاج إلى المواجهة وليس إلى المشاركة.

كعادة سياسات «ترامب» الأخرى، كان الكلام يفتقر فى كثير من أجزائه إلى تفاصيل محددة وواضحة، ويكتفى بالوعود الكبيرة والعبارات الرنانة الصادمة، لكن الرسالة التى لا يمكن تجاهلها عندما تأتى من رئيس أكبر دولة فى العالم كانت تقول باختصار: إن الولايات المتحدة لن تلعب بعد اليوم حسب قواعد الاقتصاد العالمى، وإنها قررت أن تعيد كتابة هذه القواعد من جديد.

تأثير «لايتهايزر» واضح فى خطابات «ترامب» التى يرى فيها استخدام الاتفاقيات التجارية كسلاح وأن الصين هى أكبر تهديد على أمريكا

ثم وجه «ترامب» ضربته الأولى الفعلية إلى الصين فى ٤ أبريل، قائلاً إنه لو لم تتراجع الصين عن فرض رسوم جمركية بنسبة ٣٤٪ على واردات الولايات المتحدة، فسوف يرد بفرض تعريفة جمركية بنسبة ٥٠٪ على كل المنتجات الصينية التى تدخل الولايات المتحدة، ليدخل اقتصاد أكبر دولتين فى العالم بعدها فى تنافس شرس على رفع الرسوم الجمركية، حتى وصل يوم الجمعة الماضى إلى نسبة ١٢٥٪ على واردات البلدين، ولتعلن الصين أن هذا التراشق الجمركى واستمرار أمريكا فى رفع الرسوم الجمركية، رداً على الصين، أمر يكاد يتحول إلى «مزحة» أو «نكتة» فى تاريخ الاقتصاد العالمى.

كتاب «لا توجد تجارة حرة» رؤية من الداخل لعملية صنع القرار الأمريكى حول اتفاقيات التجارة العالمية

لكن الأسواق المالية التى شهدت هزات، والاستثمارات التى تعرضت لصدمات، وحكومات العالم التى وجدت نفسها مضطرة لإعادة حساباتها، لم تر فى الأمر مزحة، وإنما تهديد. لم يعد الأمر مجرد استعراض عضلات سياسى من الرئيس الأمريكى، لكنه تحول إلى إعلان لحرب تجارية واقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.

حرب لا يعرف أحد ما الذى يمكن أن يحدث فيها، ولا إلى أى مدى سوف تصل، ولا ما الذى يمكن أن يوقفها. والأهم، أن أحداً لا يعرف ما الذى يدور فى عقل «ترامب»، ولا ما يمكن أن تكون عليه تحركاته القادمة فيها.

روبرت لايتهايزر لم يكن مجرد مسئول حكومى ولكن «عقل مدبر» أعاد صياغة سياسة «ترامب» التجارية من جديد

وهنا، عاد اسم روبرت لايتهايزر، المستشار السابق للرئيس الأمريكى، إلى الأذهان بقوة من جديد.

هو الرجل الذى شغل منصب الممثل التجارى للولايات المتحدة خلال فترة «ترامب» الرئاسية الأولى عام ٢٠١٧، وكان البعض يصفه بأنه أكثر الشخصيات نفوذاً وتأثيراً فى صياغة السياسة التجارية لإدارة «ترامب»، والتى لا يخفى فيها انتقاده للصين، ورفضه لوجود نظام تجارى متعدد الأطراف، وضرورة استخدام الرسوم الجمركية كسلاح لحماية الصناعات والعاملين الأمريكان، بشكل يتفق تماماً مع شعار «أمريكا أولاً» الذى يتبناه «ترامب».

وعندما عاد الرئيس الأمريكى الأسبق إلى الحكم لفترة رئاسية ثانية، تردد أن «لايتهايزر» سوف يشغل منصب وزير الخزانة فى الإدارة الجديدة، وأن هذا يعنى وجود «عدو لدود» للصين فى قلب فريق «ترامب»، خاصة أن الرئيس الأمريكى، تحت تأثير مستشاره فى فترته الأولى، قد بدأ فى فرض تعريفات جمركية ضخمة على الواردات الصينية منذ عام ٢٠١٨، وأعاد التفاوض حول العديد من الاتفاقيات التجارية مع الصين وكندا والمكسيك، وكان مقتنعاً تماماً بأفكار «لايتهايزر» التى يرى فيها أن زيادة الرسوم الجمركية على الدول الأخرى ليست مجرد إجراءات عقابية، ولكنها وسيلة لإعادة التوازن للتعاملات التجارية، وأن العجز التجارى (كما هو حال الولايات المتحدة أمام الصين التى يميل الميزان التجارى لصالحها) هو علامة على الضعف القومى، ولذلك ينبغى على الولايات المتحدة أن تبدأ فى فك الارتباط بينها وبين الصين (بمعنى تقليل الاعتماد الاقتصادى المتبادل بينهما) بشكل استراتيجى وتدريجى للحفاظ على مكانتها الصناعية وقوتها على المستوى السياسى والدولى.

لكن «ترامب» لم يعين «لايتهايزر» فى منصب رسمى فى الحكومة، وإن ظل مستشاره السابق مقرباً منه حتى خلال حملته الرئاسية الثانية عام ٢٠٢٤. وظل تأثير ونفوذ «لايتهايزر» واضحاً على سياسات الحزب الجمهورى ككل فيما يتعلق بالتجارة الدولية، حتى رأى البعض أنه لم يكن أبداً مجرد مسئول حكومى وإنما «عقل مدبر» أعاد صياغة وتشكيل السياسة التجارية لـ«ترامب» وحزبه من جديد.

وحتى مع وجود مستشارين جدد حول الرئيس الأمريكى فى فترته الرئاسية الثانية، يقدمون له آراء جديدة حول الاتفاقيات التجارية مع دول العالم، فإن تأثير «لايتهايزر» يظل واضحاً فى خطب وعبارات الرئيس الأمريكى، من خلال أفكاره التى يرى فيها أن الاتفاقيات التجارية يمكن أن يتم استخدامها كأسلحة وأدوات سياسية، وأن الصين تحديداً تشكل أكبر تهديد اقتصادى وسياسى للولايات المتحدة، وأنها تستغل الاتفاقيات والممارسات التجارية الدولية غير العادلة للحصول على مكاسب على حساب الولايات المتحدة، وأنه لا بد على أمريكا أن تعيد النظر فى تعاملاتها مع الصين، وألا تتعامل معها أبداً كشريك تجارى عادى مثل باقى الدول.

الممثل التجارى الأمريكى السابق: الصين ستجد طريقة للرد على رفع الرسوم الجمركية لكن الخيارات محدودة أمام «بكين»

ويمكن القول أن الفكرة الأساسية التى يبنى عليها «ترامب» جزءاً كبيراً من شعبيته بين أنصاره عند الحديث عن المواجهة التجارية مع الصين، هى الفكرة التى صاغها له «لايتهايزر»، من أن التجارة واتفاقياتها بشكل عام لا بد أن تصب فى صالح العمال والصناعات الأمريكية، وليس الشركات متعددة الجنسيات، أى إن السياسات التجارية للبلاد لا بد أن تجعل مصالح أمريكا الوطنية هى أولويتها القصوى، وليس الاتفاقيات متعددة الأطراف مع الشركاء الدوليين، وبذلك يصبح شعار «ترامب» غير المنطوق هو: «أمريكا أولاً.. والتجارة ثانياً»، وليس العكس.

والواقع أن فريق «ترامب»، فى إدارته الجديدة، كان يضم خبراء لهم وجهات نظر تختلف عن «لايتهايزر»، وتراعى مصالح المستثمرين وأصحاب الشركات متعددة الجنسيات ممن يوصفون برجال بورصة «وول ستريت»، هؤلاء الذين يرون أن مسألة الرسوم الجمركية يمكن أن تكون أداة استراتيجية فى لعبة المصالح المالية وليست وسيلة لحماية الصناعات والمصالح الوطنية. لكن «ترامب» لم يفرط فى أفكار «لايتهايزر»، وقام بتعيين جايميسون جرير، كبير موظفى «لايتهايزر» السابق، ليشغل نفس المنصب الذى شغله رئيسه من قبل: ممثلاً تجارياً للولايات المتحدة خلال فترة رئاسته الثانية، ليرسل بذلك إشارة واضحة للجميع بأن فكر وتأثير «لايتهايزر» سيظل يضع بصمته على كل التعاملات التجارية المستقبلية للولايات المتحدة.

ثم تحولت الإشارة إلى إعلان حرب تجارية وصريحة ضد الصين.

من يتابع تصريحات الرئيس الأمريكى الأخيرة، فى أبريل الحالى، حول الرسوم الجمركية مع الصين، لا يمكنه أن يتجاهل حضور «لايتهايزر» وأفكاره فيها. كأنه واضع «الكتالوج» الذى يسير عليه «ترامب»، و«مهندس» سياساته وتحركاته القادمة فى تعاملاته مع الصين. لذلك، صار من الضرورى قراءة كتاب شديد الأهمية، قام «لايتهايزر» بتأليفه ونشره فى نهايات عام ٢٠٢٣، تزامناً مع الحملة الانتخابية الثانية للرئيس «ترامب»، حاملاً عنوان «لا توجد تجارة حرة»، وضع فيه خلاصة أفكاره، والمبادئ التى يشاركه فيها الرئيس الأمريكى حول التعامل التجارى مع شركاء وأعداء الولايات المتحدة، ومن الذى يعتبره صديقاً أو عدواً من الناحية التجارية. أى إن الكتاب كان يقدم رؤية من الداخل لعملية صناعة القرار الأمريكى فيما يتعلق بالتعاملات والاتفاقيات التجارية الدولية.

لكن الأهم أن «لايتهايزر» استخدم فى كتابه لغة تصل إلى المواطن الأمريكى العادى، الذى لا يفهم كثيراً فى تفاصيل الاقتصاد، ولا يريد إلا إجابات مبسطة عن الأسئلة التى تشغل ذهنه: لماذا تنظر أمريكا إلى الصين كتهديد؟ ما الذى يمكن أن يفعله «ترامب» لكى يجعل أمريكا «عظيمة مجدداً» (شعار حملته الدائم) أمام تزايد نفوذ «بكين» حول العالم؟ كيف يمكن أن تحقق أمريكا أقصى مصلحة فى تعاملاتها مع الدول الأخرى؟ لماذا يعانى الاقتصاد الأمريكى والصناعات فيه أمام الدول الأخرى؟.

بالتالى، كان كتاب «لايتهايزر» أقرب إلى «المادة الخام» الأولى التى يبنى «ترامب» عليها خطاباته، ويستقى منها أفكاره وعباراته، عندما يقف أمام أنصاره ومتابعيه ليوضح لهم الأسباب التى تدفعه لاتخاذ قرار ما فى حربه التجارية الحالية. كأن الكتاب «صدى صوت» لما يدور فى عقل الرئيس الأمريكى، أو أنه على العكس، أعطى الرئيس الأمريكى صوتاً مسموعاً لما كتبه مستشاره على الورق.

اقرأ مثلاً هذه الفقرة من كتاب «لايتهايزر»، التى يتحدث فيها عن الخطة التى يراها ضرورية للتعامل مع الصين من أجل استعادة هيبة أمريكا مجدداً، وانظر هل هناك فارق كبير بين ما كتبه «لايتهايزر» وما يصرح به «ترامب». يقول «لايتهايزر» فى كتابه: «إن الحكومة الصينية تعد خصماً فتاكاً، من أجل ذلك، فإننا بحاجة إلى سياسة اقتصادية ودولية لما أسميه بـ«فك الارتباط الاستراتيجى» أو الانفصال الاستراتيجى بيننا وبين الصين. لا بد أن تستمر العلاقات الاقتصادية بيننا إلى المدى الذى تستفيد منه الولايات المتحدة والعمال والمزارعون وأصحاب الأعمال، وأن تتوقف عند الحد الذى نتعرض فيه للضرر. لا بد لنا أن نحقق التوازن والعدالة فى تعاملنا مع الصين، وأن ننهى اعتمادنا الحيوى عليها، ونقلل الاستثمارات فى جميع الاتجاهات، ونوقف الاعتماد المتبادل بيننا فى مجال التكنولوجيا. والواقع أنه على مدى أربع سنوات، خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس «ترامب»، بدأت الإدارة الأمريكية فى تطبيق هذه السياسة بالفعل، وللمرة الأولى عام ٢٠١٧، فى تقريرها حول استراتيجية الأمن القومى، وصفت الإدارة الأمريكية الصين بأنها «منافس استراتيجى»، وشجبت عدوانيتها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. وفى هذا السياق، قال الرئيس «ترامب» إن الاستراتيجية الأمريكية تعترف للمرة الأولى أن الأمن الاقتصادى جزء من الأمن القومى. ولتنفيذ سياسة فك الارتباط الاستراتيجى مع الصين، لا بد أن يكون الهدف الأول لسياسات الولايات المتحدة الاقتصادية هو إعادة التوازن. لقد انتقل ما يقرب من ٦ تريليونات دولار من ثروتنا إلى الصين بسبب العجز فى الميزان التجارى. وبالطبع، فإن جزءاً من إعادة هذا التوازن يعنى القيام بالأمور التى تجعل اقتصادنا أقوى. نحن بحاجة لخفض الضرائب، وإلغاء التشريعات غير الضرورية، وأن تكون لدينا سياسة اقتصادية صلبة لفرض هذا التوازن المطلوب».

«لايتهايزر»: زيادة الرسوم الجمركية أداة بسيطة يسهل مراقبتها وتوقع نتائجها لإعادة التوازن التجارى بيننا وبين الصين ولا بد من تنفيذها على مراحل

ومن وجهة نظر «لايتهايزر»، فإن سلاح رفع الرسوم الجمركية من أهم الأدوات التى يمكن لأمريكا استخدامها فى مواجهة الصين. تماماً كما فعل «ترامب» مؤخراً. يقول «لايتهايزر» فى كتابه: «إننى أقترح آلية لإعادة هذا التوازن المطلوب بيننا وبين الصين، هذه الآلية تتمثل فى فرض رسوم إضافية على كل الواردات الصينية، ورفع وتقليل هذه الرسوم بما يتناسب مع الوصول إلى تبادل تجارى متوازن بين البلدين. إن الرسوم الجمركية هى أداة بسيطة ومرنة ويسهل فرضها، ومن السهل نسبياً مراقبتها، ولدينا تصور عام لما يمكن أن تكون عليه نتائجها. كذلك، فإن زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية يمكن أن تساعد على تقليل عجزنا المالى لأنها سوف تتيح للحكومة الأمريكية جمع مليارات الدولارات كعائد إضافى».

وكما لو كان «لايتهايزر» يستشرف المستقبل فى كتابه، ويتوقع ردة فعل الصين العنيفة على رفع الرسوم الجمركية على وارداتها للولايات المتحدة كما فعلت مؤخراً فى حربها التجارية مع «ترامب»، يقول المستشار الأمريكى: «بالطبع، فإن الصين سوف تعترض على ذلك، وسيعترض معها أصحاب الأعمال الأمريكية فى الصين، وكذلك أصحاب الأعمال التى تعتمد على الواردات القادمة من «بكين»، لكن النفع العام الذى سيعود على العاملين الأمريكان وعلى البلاد كلها لا بد أن يكون أكثر أهمية من مخاوفهم».

ويواصل: «الأرجح أن الصينيين سوف يجدون وسيلة للرد، لكن على حسب المدى الذى سيصلون إليه، فإن ذلك سوف يسهم أيضاً فى فك الارتباط الاستراتيجى بيننا. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة بيننا قد بلغت حداً من الخلل يجعل الخيارات محدودة أمام الصين. لذلك أقترح تنفيذ هذه السياسة بشكل واضح، وعلى مراحل زمنية محددة لتقليل الاضطرابات المتوقعة والسماح لأصحاب الأعمال بتغيير ممارساتهم الحالية. إن فرض هذه الرسوم الجمركية سوف يعيد جزءاً كبيراً من عمليات التصنيع، بما فيها إنتاج الهواتف الخلوية وأجهزة الكمبيوتر إلى أمريكا، وإلى حلفائها كذلك فى بعض الحالات».

إلا أن «لايتهايزر» كان حريصاً فى كتابه على توضيح أنه لا يريد أن يتم النظر إلى سياسة زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لأمريكا باعتبارها عملاً عدائياً ضد «بكين». يقول: «نحن بحاجة إلى أن نكون واضحين بشأن أهدافنا، وأن نبلغ الجانب الصينى وأصحاب الأعمال لدينا بنوايانا وأغراضنا. نحن لا نحاول تحجيم النمو الاقتصادى العادل للصين، لكننا نريد دفع تقدمنا نحن إلى الأمام. من المهم ألا يكون هناك أى إساءة فهم فيما يتعلق بأهدافنا».

رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لأمريكا إذاً هو الخطوة الأولى من وجهة نظر «لايتهايزر» لإعادة التوازن فى العلاقات التجارية بين البلدين.. والخطة التى اقترحها العقل المدبر لترامب ما زالت تحمل المزيد

رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لأمريكا إذاً هو الخطوة الأولى من وجهة نظر «لايتهايزر» لإعادة التوازن فى العلاقات التجارية بين البلدين، وهى التى قام بها الرئيس «ترامب» بالفعل، وما زلنا نشاهد تداعياتها دون أن نعرف نهايتها حتى اليوم. لكننا لو واصلنا السير مع كتاب «لايتهايزر»، فسنجد أن الخطة التى يقترحها «العقل المدبر» لـ«ترامب» ما زالت تحمل المزيد، وأن هناك خطوات ومقترحات أخرى يمكن للولايات المتحدة تطبيقها من أجل وضع حد لتزايد النفوذ الصينى الذى تراه أمريكا الآن تهديداً وجودياً لها.

ولو كان الرئيس «ترامب» قد بدأ بالفعل فى وضع تصور مستشاره السابق موضع التطبيق من خلال رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، فمن الممكن جداً أنه سيواصل تنفيذ باقى مقترحاته التى لا تهدف إلا إلى تحقيق المصلحة الأمريكية فى مواجهة «استغلال» الآخرين كما يرى أصحابها. وكل مقترح من مقترحات «لايتهايزر» التالية لا يقل فى خطورته وتداعياته عن مقترحه الأول بزيادة الرسوم الجمركية، ما يعنى أننا ربما ما زلنا فى المرحلة الأولى، ونقطة البداية من حرب تجارية كبرى بين أكبر اقتصادين فى العالم، حرب ما زالت تتشكل ملامحها، وتحمل لنا الكثير فى المستقبل القريب.

ولهذا قصة أخرى.

2134


مواضيع متعلقة