«القدس».. محاصرون بين المعاناة والحزن ينتظرون الأمن والسلام

«القدس».. محاصرون بين المعاناة والحزن ينتظرون الأمن والسلام
فى مدينة الفداء، حيث سُفك الدم الأول للسيد المسيح، ما زالت الجراح مفتوحة، وما زال الصليب مرفوعاً على أكتاف الفلسطينيين الذين يعيشون أسبوع الآلام بكل تفاصيله، لا كذكرى روحية بل كواقع يومى من الحصار والموت والرجاء المُعلق بالصلاة.
راعى كنيسة المهد: الأطفال يُقتلون والأرض ما زالت تُغتصب والاحتفالات دينية فقط
الأب عيسى ثلجية، راعى كنيسة المهد فى بيت لحم، يتحدث من قلب مدينة الميلاد والصلب، لـ«الوطن»: «أجواء أسبوع الآلام هذه السنة مختلفة، أو هى نفس أجواء العام الماضى، لأننا حتى السنة الماضية لم نحتفل بعيد الميلاد ولا بأسبوع الآلام ولا بعيد القيامة مثلما هو معتاد، فالحرب ما زالت مشتعلة، الأطفال يقتلون، والأرض ما زالت تُصادر»، وصفها بثقل الألم الذى لا يُقال، بل يُعاش.
فى مدينة كان يُفترض أن تعجّ بالسياح والحجاج، بالكهنة والمصلين، لا يُسمع اليوم سوى صدى الصلوات داخل جدران الكنائس، فالصلوات لم تُلغَ، والاحتفالات الروحية ما زالت قائمة، لكنّها باتت تختصر الأمل كله: «فى الكنيسة لا نستطيع إلغاء شىء من طقوس الأعياد وأسبوع الآلام، الصلاة صارت عزاءنا الوحيد، ورجاءنا الذى نتمسك به لنواجه الحرب، الشر، والظلم، من دون صلاة، ليس لنا مكان نلتجئ له»، يقول الأب ثلجية، فى وصف لجوء الفلسطينيين للصلوات، حين تضيق بهم الأرض.
المسيحيون فى فلسطين يعيشون «أسبوع الآلام» خطوة بخطوة مع المسيح
تغيب القدس عن أهلها، ويغيب عن وجدانها السلام: «المسيحيون اليوم يفتقدون سلام القدس، وسلام الرب الذى جاء ليمنح محبة وعدلاً لكل العالم»، يؤكد راعى كنيسة المهد، بينما تتبدد صورة المدينة التى كانت رمزاً للعدالة، ويغيب عنها الحجاج والسياح.
«نفتقد الناس الذين كانوا يحضرون من كل العالم، نحتاجهم معنا، فى وجودهم أمل، وفى غيابهم ألم، القدس تريد أن ترجع مدينة للمحبة، مش للحواجز والحرب»، فحين يُسأل إن كانت المدينة، التى وُلد فيها السلام، ما زالت تعرف العدل، يجيب بلا تردد: «العدل مفقود، والحرية والمحبة والسلام مفقودة، بلد المسيح... بلد الميلاد... أصبحت بلد الوجع والانتظار، كل عام ننتظر العودة للعيش فى عدالة حقيقية، رحمة حقيقية، محبة صادقة بس كل سنة نتوجع أكثر».
أسبوع الآلام هذا العام لا يُختصر فى قراءة النصوص الدينية أو المشاركة فى القداسات، الفلسطينيون، كما يقول الأب ثلجية: «يعيشونه بكل معنى الكلمة، خطوة بخطوة مع المسيح.. المسيح تألم، ونحن نتألم، عاش الصعوبات، ونحن نعيشها كل يوم، مشينا درب الصليب خطوة خطوة، لسه ما وصلنا للقيامة، بس نؤمن أنها قادمة». ويختم بصوت مملوء برجاء: «ندعو لأن يكون عيد القيامة قيامة حقيقية لشعب فلسطين ليرجع له السلام، الأمن، المحبة، العالم كله لازم يقف مع الشعب الفلسطينى، لأنه من حقنا نعيش... نعيش بحرية، بأمان، بسلام حقيقى»، ففلسطين التى أعطت العالم المسيح، ما زالت تنتظر أن يأتيها خلاصها، وبين كنيسة المهد ودرب الآلام، تصلى فلسطين أن يأتى صباح القيامة، ويُرفع عنها الحجر كما قام المسيح بعد الآلام.