ترامب يضرب بـ«دستور الآباء» عرض الحائط.. «الحديث عن ولاية ثالثة ليس مزحة»

ترامب يضرب بـ«دستور الآباء» عرض الحائط.. «الحديث عن ولاية ثالثة ليس مزحة»
ففى مقابلة مع برنامج «واجه الصحافة» على شبكة «إن بى سى نيوز»، لم يستبعد الرئيس الأمريكى السعى لتعديل الدستور من أجل تمهيد الطريق أمامه للترشح لولاية ثالثة، قائلاً إنه لا يمزح بشأن هذه الفكرة، وأضاف أن «الكثير من الناس طلبوا منى ذلك، إنهم يرغبون فى أن أخدمهم لولاية ثالثة»، وأضاف أن هناك آليات يجب العمل عليها، حتى يمكن من خلالها تجاوز الحد الأقصى المسموح به فى الدستور الأمريكى الذى يحدد الرئاسة لولايتين فقط، وتابع «ترامب» قائلاً: «من وجهة نظرى فإن أمامنا طريق طويل، وأنا فى الوقت الراهن أركز على الحاضر».
«نيويورك تايمز»: نائب جمهورى يقترح تعديلاً على الدستور يتطلب تأييد ثلثى أعضاء الكونجرس والموافقة عليه «مهمة مستحيلة»
ويحظر التعديل الـ22 من الدستور الأمريكى، الذى تم إقراره عام 1951، انتخاب أى شخص لرئاسة الولايات المتحدة أكثر من مرتين، وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، فى تقرير لها، إلى أنه بعد بث المقابلة مع الرئيس «ترامب»، عاد البيت الأبيض ليؤكد من جديد أن تركيز الرئيس ينصب فى الوقت الراهن على ولايته الحالية، وأنه «من المبكر جداً إثارة مثل هذه الفكرة»، وقال ستيفن تشيونج، مدير الاتصالات فى البيت الأبيض: «الأمريكيون يدعمون بأغلبية ساحقة الرئيس ترامب وسياساته القائمة على مبدأ أمريكا أولاً»، وأضاف أن ترامب يركّز على «إصلاح كل الأضرار» التى سبَّبتها إدارة سلفه الرئيس الديمقراطى السابق، جو بايدن، وجعْل أمريكا «أمة عظيمة» من جديد.
ومنذ تنصيبه رسمياً رئيساً للولايات المتحدة لولاية ثانية أثار «ترامب» فكرة الولاية الثالثة عدة مرات فى مناسبات عامة، وكان غالباً ما يتناول الأمر على سبيل المزاح، ولكنه هذه المرة أكد خلال المقابلة أنه ينظر إلى الأمر بجدية، وقال لمقدمة البرنامج «كريستن ويلكر»: «لا، أنا لا أمزح»، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما ناقش سيناريوهات قد تتيح له العودة إلى الحكم بطريقة غير تقليدية، مثل ترشح نائبه الحالى، جيه دى فانس، فى 2028، ثم التنازل له عن المنصب بعد الفوز، مضيفاً: «هناك طرق أخرى»، لكنه رفض الإفصاح عنها.
وبعد ثلاثة أيام من أداء «ترامب» اليمين لولايته الثانية، فى 20 يناير الماضى، قدم النائب الجمهورى عن ولاية تينيسى، آندى أوغلز، مشروع تعديل دستورى يتيح لـ«ترامب» الترشح لولاية ثالثة، ولكن صحيفة «نيويورك تايمز» أشارت إلى أن طرح هذا التعديل للتصويت يتطلب الحصول على تأييد ثلثى أعضاء الكونجرس، وأضافت أن إقرار تعديل بهذا الشأن يجب أن يحظى بموافقة ثلاثة أرباع الولايات الأمريكية، واعتبرت أن هذا الأمر «مهمة مستحيلة» من الناحية العملية.
وخلال المقابلة أشارت «ويلكر» إلى أنها سمعت «ترامب» يمزح بشأن الولاية الثالثة عدة مرات، لكن الرئيس رد عليها بكل وضوح قائلاً: «لا، أنا لا أمزح»، وعندما سألته مقدمة البرنامج عما إذا كان قد عُرضت عليه خطط لتحقيق ذلك أجاب بالنفى، لكنه أضاف: «هناك طرق يمكن من خلالها فعل ذلك»، واقترحت «ويلكر» احتمال أن يتصدر نائب الرئيس، جيه دى فانس، بطاقة الترشح فى 2028، ثم يتنازل له عن المنصب بعد الفوز، فردَّ «ترامب» بقوله: «هذه واحدة من الطرق»، قبل أن يضيف: «لكن هناك غيرها من الطرق الأخرى أيضاً»، ورفض الإفصاح عن ماهية هذه «الطرق الأخرى».
الرئيس الـ47 يطلب وضع آليات لتجاوز الحد الأقصى المسموح به فى الدستور: «الكثير من الناس طلبوا منى الترشح لولاية ثالثة.. وأمامنا طريق طويل وأنا فى الوقت الراهن أركز على الحاضر»
ويرى خبراء القانون أن التحايل على التعديل الـ22، حتى من خلال تولى «ترامب» منصب نائب الرئيس، سيصطدم بعقبة التعديل الـ12 من الدستور، الذى ينص على أن «أى شخص غير مؤهل دستورياً لمنصب الرئيس لا يحق له أن يكون نائباً للرئيس»، وقال ديريك مولر، أستاذ القانون فى جامعة «نوتردام»، والمتخصص فى قانون الانتخابات، إن هناك رأياً فقهياً مخالفاً يعتبر أن التعديل الـ22 يحظر الانتخاب لولاية ثالثة، لكنه لا يعالج مسألة الوصول إلى المنصب بطرق أخرى، لكنه أشار إلى أن التعديل الـ12 من الدستور يعقّد هذا الاحتمال، واستبعد «مولر» بشدة إمكانية أن تُفتح هذه الثغرة أمام «ترامب»، قائلاً: «لكى تكون هذه الخطة قابلة للتطبيق عملياً يجب أن تتحقق سلسلة طويلة من الظروف، إلى جانب تعقيدات النظرية القانونية ذاتها».
تصريحات «ترامب» الأخيرة من شأنها أن تفتح فصلاً جديداً من الجدل السياسى فى الولايات المتحدة، ليس فقط بسبب تهديده بتجاوز نصوص دستورية صريحة، وإنما أيضاً بسبب تصعيده اللافت فى السياسة الخارجية، وبينما يرى أنصاره فيه «زعيماً لا يتراجع»، يرى خصومه أن «خطواته تهدد بنسف الأعراف والقيم الديمقراطية الراسخة»، ومع اقتراب الانتخابات المقبلة تبدو الساحة الأمريكية مقبلة على مواجهات سياسية حادة، وسط تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان «ترامب» سيسعى فعلاً للعودة إلى البيت الأبيض بثوب جديد؟ وهل سيسمح له النظام السياسى الأمريكى بذلك؟ كل هذه التساؤلات التى باتت تتردد فى أذهان الكثيرين، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، قد تجيب عليها تطورات الأحداث فى الأيام المقبلة.