أستاذ علوم سياسية: «واشنطن» تجمد المساعدات العسكرية للضغط على «زيلينسكى» للعودة إلى المفاوضات

أستاذ علوم سياسية: «واشنطن» تجمد المساعدات العسكرية للضغط على «زيلينسكى» للعودة إلى المفاوضات
قال د. محمود الأفندى، أستاذ العلوم السياسية بالأكاديمية الروسية فى «موسكو»، إن اتفاقية المعادن، التى أبدى الرئيس الأوكرانى موافقة عليها، هى ضمانات أمنية لـ«كييف»، فلا يمكن لمؤسسة اقتصادية قوية إنتاج أو استخدام المعادن فى ظل الحرب، وبالتالى هى جزء من خطة السلام لا تنفصل عنها، وهذا يجعل من الاتفاقات الاقتصادية والأمنية حجر الزاوية للحفاظ على استقرار أوكرانيا فى المستقبل.
وأوضح «الأفندى»، فى حوار لـ«الوطن»، أن روسيا لن توافق على أى هدنة مع أوكرانيا، حيث إن تطبيق الهدنة يعنى أن تراجع القوات الأوكرانية أمورها وهو ما يوفر وقتاً لتهدئة الجبهة.
■ كيف ترى تداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية على الأمن الأوروبى فى ضوء تصاعد التوتر بين «واشنطن وكييف»؟
- لا بد أن نعلم أن اتفاقية مينسك، الموقعة فى 2015 برعاية فرنسية وألمانية، التى تم تسجيلها فى مجلس الأمن بقرار 2202، كانت هى الاتفاقية الأهم لإنهاء الصراع الأوكرانى - الروسى قبل بدايته، لكن للأسف هذه الاتفاقية كانت بمثابة «تكتيك» سياسى للأوروبيين لكسب الوقت، واعترفوا لاحقاً بأنها كانت تهدف إلى منح أوكرانيا الوقت لتقوية جيشها، لذلك، يمكن القول إن الأمن الأوروبى أصبح فى حالة انهيار، وإن النظام الأوروبى، ومنظومة الاتحاد الأوروبى، والنخبة الحاكمة أصبحوا فى أزمة، فى نهاية المطاف، لا توجد الآن تداعيات حقيقية للأزمة سوى تبريرات لزيادة الدعم لأوكرانيا.
■ ما انعكاسات تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا على مسار الحرب الحالية؟ وهل يمكن أن يؤثر ذلك على ميزان القوى فى المنطقة؟
- تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية أحد أساليب الولايات المتحدة للضغط على «زيلينسكى» للعودة إلى طاولة المفاوضات وإقرار خطة السلام التى وضعتها «واشنطن»، لأن تجميد المساعدات سيؤثر بشكل كبير على الجبهة الأوكرانية، حيث إذا لم تدخل المساعدات العسكرية شبه اليومية لأوكرانيا، فإن الجبهة ستنهار بسرعة، علاوة على ذلك، إيقاف المساعدات اللوجيستية والأقمار الصناعية الأمريكية التى تحدد الأهداف سيجعل الأقمار الأوكرانية «عمياء»، ما يعنى أن أوكرانيا ستواجه صعوبة فى مقاومة الهجمات الروسية، وبالتالى هذا الضغط سيجبر «زيلينسكى» على العودة إلى طاولة المفاوضات فى البيت الأبيض والاعتذار، والالتزام بالخطة الأمريكية.
■ فى سياق الجهود الفرنسية لتقريب وجهات النظر بين أمريكا وأوكرانيا، هل تعتقد أن «باريس» قادرة على لعب دور الوسيط؟
- زيارة «زيلينسكى» لـ«واشنطن» تمت بتنسيق بريطانى - فرنسى، فرنسا وبريطانيا تحاولان التوسط فى الأزمة لأنهما تعلمان أنهما غير قادرتين على دعم أوكرانيا بمفردهما، ورغم محاولاتهما، فإن المشكلة تكمن فى رفض أوكرانيا خطة السلام التى تعرضها «واشنطن»، لذلك، يمكن للوساطة أن تساعد فى تقريب وجهات النظر، لكن من الصعب الوصول إلى اتفاق بين أوروبا والولايات المتحدة بسبب الاختلاف الكبير فى خطط السلام بينهما.
■ ماذا يعنى تصريح «زيلينسكى» بشأن استعداد أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا؟ وهل يمكن أن يسهم ذلك فى إنهاء النزاع قريباً؟
- تصريح «زيلينسكى» كان اضطرارياً بعد توقف المساعدات، ومع ذلك أرى أنه لن يشارك فى صنع القرار، بل سيكون موجوداً على طاولة تطبيق القرارات وليس فى عملية صنعها، حيث إن المفاوضات الحقيقية بين أمريكا وروسيا.
«ترامب» لا يرغب فى اندلاع حرب عالمية ثالثة.. وإيقاف المساعدات اللوجيستية والأقمار الصناعية الأمريكية يجعل نظيرتها الأوكرانية «عمياء»
■ كيف تقيم موقف الرئيس الأمريكى من الوضع الحالى فى أوكرانيا؟ وهل تعتقد أن تحركاته قد تؤثر على السياسة الأمريكية المستقبلية تجاه الأزمة؟
- الرئيس ترامب براجماتى، وهو الوصف الذى وصفه به نظيره الروسى فلاديمير بوتين وهو يقيم الوضع على الأرض، إذا كان هناك تقدم عسكرى أوكرانى، كان من الممكن أن يختلف رأيه حول الأزمة، لكن «ترامب» يحذر من التدخل المباشر، حيث أكد أنه لا يرغب فى اندلاع حرب عالمية ثالثة، ويعتقد أن استمرار الدعم غير المحدود لأوكرانيا قد يؤدى إلى صدام مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، لذلك تبنى «ترامب» نظرة براجماتية تهدف إلى إنهاء الصراع بسرعة.
■ هل تعتقد أن المبادرات مثل اتفاقية المعادن والأمن التى ذكرها «زيلينسكى» يمكن أن تكون خطوة حاسمة فى تأمين مستقبل أوكرانيا فى ظل الضغوط العسكرية والاقتصادية؟
- اتفاقية المعادن هى بمثابة ضمانات أمنية لـ«كييف»، فلا يمكن لمؤسسة اقتصادية قوية إنتاج أو استخدام المعادن فى ظل الحرب، وبالتالى هى جزء من خطة السلام لا تنفصل عنها، وهذا يجعل من الاتفاقات الاقتصادية والأمنية حجر الزاوية للحفاظ على استقرار أوكرانيا فى المستقبل.
■ كيف يمكن أن تؤثر هذه الأزمة على العلاقات الروسية مع دول أوروبا الغربية، خاصة فرنسا وبريطانيا؟ وهل تتوقع أن تشهد العلاقات تغيرات جذرية فى السنوات القادمة؟
استمرار الصراع يخدم مصالح النخب الأوروبية الحالية لأنهم سيواجهون صعوبة فى تبرير التراجع الاقتصادى
- النخب الأوروبية الحالية هى ضد روسيا، إذ إن استمرار الصراع يخدم مصالحهم، إذا انتهى الصراع الأوكرانى - الروسى، سيواجهون صعوبة فى تبرير التراجع الاقتصادى الناتج عن الحرب، وبالتالى من الصعب إعادة العلاقات مع روسيا فى ظل هذه النخب الحاكمة، لكن مع مرور الوقت قد تطرأ تغييرات فى النخب الحاكمة، ما قد يؤدى إلى إعادة العلاقات بين روسيا وأوروبا.
■ بالنظر إلى الوضع العسكرى فى أوكرانيا، هل هناك أى فرص للهدنة بين روسيا وأوكرانيا فى الوقت الحالى؟ وما العقبات الرئيسية التى قد تحول دون ذلك؟
- روسيا لن توافق على أى هدنة مع أوكرانيا، حيث إن تطبيق الهدنة يعنى أن تراجع القوات الأوكرانية أمورها، ما يوفر وقتاً لتهدئة الجبهة، وبالتالى روسيا تفضل استمرار المفاوضات مع استمرار العملية العسكرية، وعليه أنا لا أعتقد أن هناك فرصة لوقف إطلاق النار ونهاية المفاوضات سيكون هناك استمرار أو إنهاء للصراع دون أى حلول وسط.
أزمة «واشنطن وكييف»
أصل المشكلة يكمن فى العملية العسكرية الروسية التى بدأت نتيجة لعدم تطبيق اتفاقية مينسك، وتصريح الرئيس الأوكرانى بأن هذه الاتفاقية لا تعجبه، ما أدى إلى العملية العسكرية الروسية التى نشبت بعد شهر ونصف من اجتماع الوفد الأوكرانى - الروسى فى إسطنبول، حيث تم التوصل إلى اتفاقية تدعم حياد أوكرانيا للحفاظ على المناطق الأربع، لكن فى رأيى قرار الحرب جاء من أمريكا؛ حين قال مبعوث الرئيس الأمريكى جو بايدن إن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا فى الحرب، أما عن الأزمة الأوكرانية - الأمريكية الأخيرة فأنا أرى أنها بسبب ركاكة لغة «زيلينسكى» الإنجليزية، ما أدى إلى مشادة كلامية، وفى كل الأحوال الحرب والسلام فى النهاية هى قرارات أمريكية.