«حداد على الديمقراطية» في تركيا.. أقوى منافسي أردوغان على مقعد الرئاسة خلف القضبان

«حداد على الديمقراطية» في تركيا.. أقوى منافسي أردوغان على مقعد الرئاسة خلف القضبان

«حداد على الديمقراطية» في تركيا.. أقوى منافسي أردوغان على مقعد الرئاسة خلف القضبان

على مدار الـ20 عاماً الماضية، لم يتعرض الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لهذا القدر من الانتقادات والمشكلات على الصعيد السياسى، إذ يواجه هذه الأيام أزمة غير مسبوقة، بعد تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إثر اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أقوى منافسيه على مقعد الرئاسة، ما أدى إلى التفاف عدد كبير من الناخبين الغاضبين حول الزعيم المعارض، مرشح حزب «الشعب الجمهورى» للانتخابات الرئاسية فى عام 2028.

وقبل أربعة أيام فقط من تعيين رئيس بلدية إسطنبول، كمرشح المعارضة السياسية للرئاسة، شنت الشرطة التركية حملة مداهمات واسعة، بمشاركة العشرات من أفراد الأمن، على منزل «أوغلو»، الذى جرى اعتقاله بعدة اتهامات، منها «الفساد والإرهاب»، إلا أن الخصوم السياسيين للرئيس التركى «أردوغان» وصفوا عملية اعتقال القيادى فى حزب «الشعب الجمهورى»، ومرشح الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة، بأنها «حيلة مكشوفة لإجهاض حملة أوغلو الرئاسية قبل أن تبدأ»، فيما دعا معارضون إلى إعلان حالة «الحداد» على التجربة الديمقراطية فى تركيا.

إلا أن عدداً من المحللين السياسيين وزعماء فى المعارضة التركية، بالإضافة إلى مسئولين ومراقبين أجانب، أكدوا أن الأزمة السياسية الراهنة فى تركيا لا تقتصر فقط على مَن سيكون الرئيس المقبل للجمهورية التركية، فى ظل تراجع شعبية أردوغان وحزب «العدالة والتنمية»، فى الوقت الذى يكتسب فيه حزب «الشعب الجمهورى» المزيد من التأييد بين الناخبين، وإنما تمتد الأزمة لتكشف إلى أى مدى ستبقى تركيا دولة ديمقراطية، خاصةً أنها تأتى ضمن أكبر 20 قوة اقتصادية على مستوى العالم، بالإضافة إلى كونها أحد أقوى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية فى حلف شمال الأطلسى «الناتو».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن عريفة كوسى، طالبة دكتوراه تدرس السياسة التركية فى جامعة «إيست أنجليا» البريطانية، قولها: «لم تكن تركيا يوماً تتمتع بالديمقراطية الكاملة، واعتقال مرشح رئاسى يناقض الأمر، إذ إن استخدام سلطة الدولة لمنع إجراء انتخابات تنافسية يعنى أنها تقترب من دولة استبدادية بالكامل»، وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن «أردوغان» يهيمن على السياسة التركية منذ عام 2003، فى البداية، كرئيس للوزراء، ثم كرئيس للجمهورية، منذ عام 2014، وخلال تلك الفترة، أشرف على نمو اقتصادى هائل، وقاد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم إلى الفوز فى الانتخابات مراراً وتكراراً، ولكنه على مدى العقد الماضى، سعى إلى تعزيز سيطرته على مقاليد الدولة التركية، عبر «تآكل» هامش الديمقراطية، وزيادة البيروقراطية من خلال الموالين له، واستمالة وسائل الإعلام للحد من التغطيات السلبية، وزرع المدعين العامين والقضاة فى الدولة، لمعاقبة خصومه السياسيين عبر معارك قانونية.

وقال حسن سينار، أستاذ القانون الجنائى فى جامعة «ألتنباش» بإسطنبول، إنّ استبعاد «أوغلو» من السباق الرئاسى، سيضع تركيا فى مصاف دول مثل روسيا أو بيلاروسيا أو أذربيجان، حيث تجرى الانتخابات، لكنها لا تحدث فرقاً كبيراً، وأضاف: «لديهم انتخابات، لكنها مزعومة، لأن الرئيس نفسه هو من يصمم المعارضة، ويقرر من سيترشح ضده»، مشيراً إلى أن الرئيس «أردوغان» سبق واتهم المعارضة بـ«محاولة تخريب النظام القانونى»، كما انتقد دعوات المعارضة للتظاهر ضد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، وتوعد بأنه «لن يسمح بالإضرار بالنظام العام، ولن يستسلم لإرهاب الشوارع، أو يجعل تركيا تركع للتخريب»، على حد وصفه. وعلى مدار الأسبوع الماضى، تحدى آلاف المحتجين الحظر الذى فرضته الحكومة على التظاهر، وتجمعوا فى أكبر ثلاث مدن تركية، وهى إسطنبول وأنقرة وإزمير، إضافة إلى مدن أخرى، ما أدى إلى وقوع مصادمات مع الشرطة، التى لجأت إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطى لتفريق المتظاهرين، فيما أعلنت وزارة الداخلية اعتقال ما يزيد على 343 شخصاً على خلفية تلك المصادمات.

تأتى الاضطرابات السياسية فى الوقت الذى وجدت فيه تركيا نفسها فى «وضع جيد» للاستفادة من الأحداث العالمية الأخيرة، خاصةً بعد صعود «جبهة تحرير الشام»، وهى إحدى الجماعات المسلحة التى كانت تدعمها تركيا بقوة، لتصبح على رأس السلطة فى سوريا. وقال المحللون إنّ هذه المصالح قد تخفف من حدة الانتقادات الخارجية لحكم «أردوغان»، ولم يصرح المسئولون الأمريكيون بالكثير عن اعتقال «أوغلو»، لكن بعض القادة الأوروبيين أعربوا عن قلقهم، إذ وصف المستشار الألمانى، أولاف شولتس، اعتقال مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية المقبلة، فى مواجهة أردوغان، بأنه «علامة سيئة للغاية» لعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبى. ومن المقرر أن تنتهى الفترة الرئاسية الثانية الحالية لأردوغان فى عام 2028، ويسمح الدستور التركى بفترتين رئاسيتين فقط، لكن يمكنه الترشح مرة أخرى بشكل قانونى إذا دعا البرلمان إلى انتخابات مبكرة، وهو أمر متوقع على نطاق واسع، وقد يضع ذلك «أردوغان»، البالغ من العمر 71 عاماً، فى مواجهة مع «أوغلو»، البالغ من العمر 54 عاماً، خاصةً وأن اعتقال الأخير جاء فى أعقاب سلسلة من التحركات الحكومية ضد عدد ممن وصفتهم وسائل إعلام تركية بـ«الخصوم السياسيين».


مواضيع متعلقة