وكيل الأزهر: نكافح التطرف ونصحح المفاهيم المغلوطة باستراتيجيات حديثة تواكب التحولات الرقمية (حوار)

وكيل الأزهر: نكافح التطرف ونصحح المفاهيم المغلوطة باستراتيجيات حديثة تواكب التحولات الرقمية (حوار)
أكد الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر الشريف، أن هناك رؤية شاملة ومنهجاً متكاملاً فى إدارة الأزهر بمختلف مؤسساته، تقوم بشكل أساسى على المنهج الوسطى، بالتعاون مع مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدنى، ويعتمد المنهج فيها على التكامل بين الوعى الدينى والتنمية المجتمعية، مشيراً إلى أن الأزهر يقوم بدور كبير فى مواجهة الفكر المتطرف والمتشدد. وقال «الضوينى»، فى حوار مع «الوطن»، إنّ الأزهر يؤدى دوراً محورياً فى تعزيز حقوق الإنسان، من منظور الشريعة الإسلامية، التى تؤكد كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، مثل العدل والمساواة والحرية وحماية الأسرة والتعليم، كما يحرص الأزهر على ترسيخ هذه القيم، من خلال مناهجه التعليمية، التى تجمع بين الفهم الصحيح للدين، ومتطلبات العصر، إلى جانب تنظيم الندوات والمؤتمرات التى تناقش القضايا الحقوقية من منظور إسلامى وسطى، وفيما يلى تفاصيل الحوار.
■ كيف ترون دور المؤسسات الدينية، خاصة الأزهر الشريف، فى تعزيز القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية فى المجتمع المصرى؟
- الأزهر الشريف، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يقود رؤيةً شاملةً، تهدف إلى بناء مجتمع متكامل أخلاقياً وإنسانياً، مستنداً إلى تراثه العريق، ونهجه الوسطى القائم على التجديد، دون تفريط أو إفراط، ويأتى هذا الدور امتداداً لمسيرة تجاوزت الألف عام، جعلت من الأزهر منارةً علميةً ودينيةً رائدةً فى تعزيز القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، سواء داخل المجتمع المصرى أو فى العالم الإسلامى، وتتجلى هذه الرسالة فى أدواره المتعددة، حيث يحرص على غرس القيم الإسلامية السمحة فى مناهجه التعليمية، بدءاً من التعليم الأساسى وحتى الجامعى، مع التركيز على مفاهيم العدل والتسامح والرحمة واحترام الإنسان دون تمييز، كما يضطلع الأزهر بدور إرشادى ودعوى فعال، يسهم فى تصحيح المفاهيم المغلوطة، ونبذ التطرف، من خلال الندوات والدروس الدينية والفتاوى، التى تواكب المستجدات، دون الإخلال بالثوابت الشرعية.
■ وماذا عن دور الأزهر بمؤسساته المختلفة على الصعيد المجتمعى؟
- على هذا الصعيد، يشارك الأزهر فى حملات مكافحة الفقر والجهل والأمية، انطلاقاً من مبدأ التكافل الاجتماعى فى الإسلام، كما يتصدى للتحديات الفكرية، بمواجهة الخطابات المتشددة التى تهدد السلم المجتمعى، من خلال نشر الفهم الوسطى للإسلام، القائم على الاعتدال واحترام العقل، كما يسهم الأزهر بفاعلية فى المؤتمرات الدولية لنشر ثقافة السلام والتعايش، إذ يؤكد أن الإسلام دين يحترم الحياة والحرية والمساواة، وإيماناً منه بأهمية العمل المشترك، يتعاون الأزهر مع مؤسسات الدولة المختلفة، ومع منظمات المجتمع المدنى، لوضع سياسات تعزز الأخلاق العامة، مثل مكافحة الفساد، وحماية الأسرة، وتمكين المرأة، بما يحقق توازناً بين القيم الدينية ومتطلبات العصر.
التوسع فى التعليم الإلكترونى بإطلاق منصات رقمية تقدم محتوى متميزاً.. ونسعى لعقد شراكات محلية ودولية لتأهيل الأئمة والوعاظ
■ ما الاستراتيجيات التى يعتمدها الأزهر الشريف فى تعزيز الوعى الدينى الصحيح ومكافحة الفكر المتطرف؟
- يعتمد منهج الأزهر الشريف على تحقيق التكامل بين الوعى الدينى والتنمية المجتمعية، من خلال تبنِّى استراتيجيات حديثة تواكب التحولات الرقمية، وتتصدى لأساليب الجماعات المتطرفة، ويولى الأزهر اهتماماً خاصاً بتعزيز الفكر الوسطى، عبر تطوير التعليم الدينى، حيث تتم مراجعة المناهج بشكل مستمر، لضمان الجمع بين الأصالة والمعاصرة، من خلال دمج العلوم الشرعية مع العلوم الحديثة، وتأهيل الدعاة بطرق علمية حديثة، تلبى احتياجات العصر، كما يركز الأزهر على إطلاق حملات إعلامية وتوعوية شاملة، تعتمد على المنصات الرقمية، وعقد المؤتمرات الدولية، وإصدار الفتاوى التى تؤكد قيم التسامح، وترفض العنف والتطرف، وتدعو إلى الحوار والانفتاح على الآخر.
■ وماذا عن دعم الشباب وتعزيز الحوار المجتمعى؟
- يعمل الأزهر على إنشاء فعاليات تجمع بين الأنشطة التثقيفية والفنية والرياضية، بالتعاون مع وزارات التربية والتعليم والشباب والرياضة والثقافة، كما يدعم المشروعات الشبابية الابتكارية، التى تسهم فى تنمية المجتمع، ويوفر منصات للحوار البناء، تتيح للشباب التعبير عن آرائهم والمشاركة فى بناء مستقبلهم، وفى الجانب البحثى، أنشأ الأزهر مراكز متخصصة لتحليل الخطاب المتطرف، مثل «مرصد الأزهر العالمى لمكافحة التطرف»، الذى يراقب الأفكار المتشددة، ويفندها بأساليب علمية حديثة، إلى جانب التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات، وتطوير استراتيجيات فعالة فى نشر الفكر المعتدل، وكذلك يسعى الأزهر إلى إقامة شراكات محلية ودولية لتأهيل الأئمة والوعاظ فى المناطق المتضررة من التطرف والإرهاب.
■ كيف يسهم الأزهر فى تعزيز ثقافة التسامح والعيش المشترك فى ظل التنوع الثقافى والدينى فى مصر؟
- يلعب الأزهر دوراً محورياً فى ترسيخ ثقافة التسامح والعيش المشترك، من خلال تبنّى خطاب معتدل، يستند إلى مبادئ الإسلام الصحيحة، ويركز على قيم التسامح، ونبذ العنف والتطرف، واحترام التعددية الدينية والثقافية، كما تعكس مناهج الأزهر هذا التوجه، حيث تُعنى بتعزيز قيم الحوار والتعايش، لاسيما فى كلياته ومعاهده، وفى هذا السياق، يضطلع مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية بدور بارز فى تصحيح المفاهيم المغلوطة، والرد على الفتاوى المتشددة، وتقديم فتاوى معتدلة تدعو للتسامح والتعايش السلمى، كما يُعد بيت العائلة المصرية نموذجاً فريداً للشراكة بين الأزهر والكنيسة المصرية، حيث يعمل على ترسيخ مبادئ المواطنة والتسامح، وحل النزاعات الطائفية، ونشر ثقافة العيش المشترك، إضافةً إلى ذلك، يحرص الأزهر على إطلاق العديد من المبادرات والقوافل التوعوية فى القرى والمناطق النائية، لترسيخ قيم الأخوة والمحبة والمواطنة، وتعزيز السلم المجتمعى.
■ ما الجهود التى يبذلها الأزهر للتعامل مع التحديات المعاصرة، مثل العولمة والثورة الرقمية، فى بناء الإنسان؟
- الأزهر الشريف، باعتباره المؤسسة الإسلامية الأعرق، يواكب متغيرات العصر، ويواجه تحديات العولمة والثورة الرقمية، من خلال رؤية متكاملة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، ومن هذا المنطلق، يعمل الأزهر على تعزيز الهوية الثقافية والدينية للإنسان، مع الانفتاح الواعى على المستجدات العالمية، بما يحقق التوازن بين التمسك بالقيم الإسلامية والانخراط الإيجابى فى العصر الرقمى، ولتحقيق تلك الرؤية، قمنا خلال السنوات الماضية بتطوير مناهجنا التعليمية، لتشمل مقررات تعزز التفكير النقدى، وتحصن الشباب ضد الأفكار الهدامة، التى قد تنتشر عبر الفضاء الرقمى، بالإضافة إلى أنه تم إنشاء مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذى يعمل بـ12 لغة، لرصد وتحليل الخطابات المتطرفة، والرد عليها بطرح علمى معتدل، إلى جانب نشر الوعى بمخاطر الاستغلال السلبى للتكنولوجيا، فضلاً عن توسع الأزهر فى التعليم الإلكترونى، من خلال إطلاق المنصات الرقمية، التى توفر محتوى تعليمياً متميزاً، يراعى خصوصية الطلاب فى مختلف أنحاء العالم.
■ وماذا عن تطوير أساليب الخطاب الدينى؟
- يتبنى الأزهر نهجاً متجدداً فى الدعوة والإرشاد، من خلال برامج إعلامية، ووسائل تواصل رقمية، لضمان وصول الفكر الوسطى إلى الشباب ومخاطبتهم بلغتهم وأدواتهم المفضلة، كما أن الأزهر يعمل على بناء الإنسان بشكل متكامل، عبر مبادرات تربوية وتعليمية ودعوية، تهدف إلى تعزيز قيم المواطنة والتسامح، والتفاعل الإيجابى مع الثقافات المختلفة، دون تفريط فى الثوابت الدينية، أو الانسياق خلف تيارات العولمة، التى تسعى لطمس الهوية الدينية والثقافية.
■ كيف يعزز الأزهر مفهوم المواطنة ويحقق التوازن بين الانتماء الدينى والوطنى دون تعارض؟
- ينطلق الأزهر الشريف من رؤية واضحة، تؤكد أن «المواطنة الكاملة» هى الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات، حيث تتكامل مع الانتماء الدينى ولا تتعارض معه، ولهذا، يرفض الأزهر استخدام مصطلح «الأقليات»، لما له من دلالات تُكرس للتمييز والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وقد أكد الأزهر هذا المبدأ فى العديد من المؤتمرات، كان أبرزها مؤتمر الأزهر العالمى عام 2017 بعنوان «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة، حيث شدد على أن المواطنة تقوم على المساواة فى الحقوق والواجبات، واحترام التنوع الدينى والثقافى، وتعزيز التعايش السلمى، ويعمل الأزهر على ترسيخ مفهوم المواطنة عبر مناهجه التعليمية، وخطابه الدعوى، ومبادراته المجتمعية، لضمان بناء مجتمع متماسك، يقوم على قيم العدالة والتسامح، كما يحرص على تصحيح المفاهيم المغلوطة، التى تروج للفصل بين الدين والوطنية، والتأكيد على أن حب الوطن جزء من الإيمان، وأن الانتماء الدينى يعزز الولاء للوطن، إضافةً إلى ذلك، يطلق الأزهر برامج ومبادرات توعوية فى المدارس والجامعات والمراكز الثقافية والشبابية، ويستخدم وسائل الإعلام الحديثة لنشر خطابه الوسطى، الذى يؤكد أن الدفاع عن الوطن، والعمل على نهضته، واجب دينى وأخلاقى، مما يعزز الشعور بالمسئولية والانتماء لدى جميع المواطنين.
-
«مرصد التطرف» يرصد «الأفكار الضالة».. و«بيت العائلة» نموذج فريد للشراكة بين الأزهر والكنيسة
■ هل هناك برامج أو مبادرات للأزهر تستهدف تنمية مهارات الشباب وبناء شخصيتهم على أسس أخلاقية ودينية سليمة؟
- بالطبع، يُولى الأزهر الشريف اهتماماً بالغاً بالشباب، ويضعهم فى مقدمة أولوياته، إدراكاً لأهمية دورهم فى بناء الوطن وتعزيز القيم الأخلاقية والمجتمعية، ومن هذا المنطلق، يعمل الأزهر، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، على إطلاق مشروعات ومبادرات شبابية تستهدف تنمية مهارات الشباب وبناء شخصيتهم على أسس دينية وأخلاقية سليمة، نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، فى عام 2021، جاء لقاء تدشين 4 مشروعات شبابية بالتعاون بين مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية ووزارة الشباب والرياضة، ليكون محطة مهمة فى هذا المسار، حيث تضمنت هذه المشروعات برامج ومبادرات تسهم فى دعم الأخلاق الحميدة، وترسيخ القيم الإيجابية فى المجتمع، وأيضاً البرنامج القومى لمواجهة الظواهر السلبية، الذى انطلق تحت شعار «بالأخلاق تستقيم الحياة»، وهو برنامج يهدف إلى معالجة السلوكيات غير السوية فى المجتمع، من خلال توعية الشباب بأهمية الأخلاق فى استقامة الحياة الفردية والمجتمعية، وكذلك أطلق الأزهر برنامج «مصر أولاً.. لا للتعصب»، الذى يهدف إلى نشر ثقافة التسامح ونبذ التعصب بكافة أشكاله، لاسيما فى المجال الرياضى، بما يعزز روح المنافسة الشريفة والانتماء للوطن، كما جاء برنامج «رسولنا قدوتنا» ليعزز الاقتداء بالسيرة النبوية فى التعاملات الحياتية، من خلال تسليط الضوء على القيم النبوية التى تسهم فى بناء مجتمع متماسك ومتوازن، ولم يقتصر دور الأزهر على الجانب التوعوى فقط، بل امتد إلى الجانب التأهيلى، عبر برنامج تأهيل الشباب المقبلين على الزواج، الذى يعقده مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، حيث يقدم دورات تدريبية متخصصة تجمع بين الجوانب النفسية والاجتماعية والدينية والتربوية، لضمان بناء أسر مستقرة قادرة على المساهمة فى نهضة الوطن.
■ كيف يتعاون الأزهر مع المؤسسات الحكومية والمدنية فى مواجهة التحديات الاجتماعية مثل الفقر والأمية والتفكك الأسرى؟
- الأزهر الشريف مؤسسة علمية ودعوية ذات رسالة مجتمعية متكاملة، ويحرص الأزهر دائماً على التعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية والمدنية لمواجهة التحديات الاجتماعية التى تعوق استقرار المجتمع وتنميته، مثل الفقر، الأمية، والتفكك الأسرى، وفى مجال مكافحة الفقر، يقوم بيت الزكاة والصدقات المصرى، تحت إشراف الإمام الأكبر شيخ الأزهر، بدور كبير فى تقديم الدعم المالى والعينى للأسر الأكثر احتياجاً، من خلال برامج تشمل كفالة الأيتام، وتوفير المساعدات الشهرية، ودعم زواج الفتيات اليتيمات، ومساعدة المرضى المحتاجين من خلال توفير العلاج والمساهمة فى علاج الحالات الحرجة، مما يسهم فى تحسين الظروف المعيشية لآلاف الأسر المصرية.
■ وماذا عن مجالات الرعاية الصحية ومحو الأمية؟
- فى مجال الرعاية الصحية والتنموية، فقد أطلق الأزهر العديد من القوافل الطبية والعلاجية والاجتماعية إلى المناطق الحدودية والقرى الأكثر احتياجاً، بالتعاون مع وزارات التنمية المحلية، والصحة، والتضامن الاجتماعى. تقدم هذه القوافل خدمات طبية وعلاجية مجانية، بالإضافة إلى توعية المواطنين بالقيم الأخلاقية والدينية التى تعزز الاستقرار الاجتماعى، وتقديم الدعم النفسى للأسر والأطفال فى المناطق النائية. وفى مجال محو الأمية، أبرم الأزهر بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار، يتيح لطلاب جامعة الأزهر المشاركة فى محو أمية الفئات الأكثر احتياجاً، خصوصاً فى المناطق الريفية، مما يعكس دور الأزهر فى تعزيز التعليم كوسيلة لمواجهة الفقر وتحقيق التنمية، كما ينظم الأزهر دورات تدريبية، لضمان تقديم محتوى تعليمى فعال يناسب احتياجات الدارسين. ويسهم هذا التعاون فى تمكين الأفراد من تحسين ظروفهم المعيشية، وزيادة فرصهم فى سوق العمل.
■ ما دور الأزهر فى تعزيز حقوق الإنسان وفقاً للشريعة الإسلامية، وكيف يتم تعزيز هذا المفهوم فى المجتمع؟
- يؤدى الأزهر الشريف دوراً محورياً فى تعزيز حقوق الإنسان من منظور الشريعة الإسلامية، التى أكدت كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، مثل العدل والمساواة والحرية وحماية الأسرة والتعليم، ويحرص الأزهر على ترسيخ هذه القيم من خلال مناهجه التعليمية، التى تجمع بين الفهم الصحيح للدين ومتطلبات العصر، إلى جانب تنظيمه ندوات ومؤتمرات تناقش القضايا الحقوقية من منظور إسلامى وسطى. كما لعب الأزهر دوراً عالمياً فى هذا المجال من خلال وثيقة الأخوة الإنسانية، التى وقَّعها الإمام الأكبر شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان، لتعزيز قيم التسامح والتعايش بين البشر، وفى هذا الصدد يتعاون الأزهر مع مختلف المؤسسات الوطنية والدولية، مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى، لنشر ثقافة العدل والمواطنة، والتصدى للأفكار المغلوطة التى تروج لانتهاك الحقوق باسم الدين. كما يقدم مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية استشارات دينية تهدف إلى تصحيح المفاهيم المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة فيما يخص قضايا المرأة، والطفل، والعلاقات الأسرية، مما يعزز الوعى المجتمعى بضرورة احترام هذه الحقوق وفق تعاليم الإسلام السمحة، كما يشارك علماء الأزهر فى الحملات الإعلامية والندوات العامة التى تدعو إلى احترام حقوق الإنسان، ونبذ العنف، ونشر قيم الرحمة والتسامح، بما يُرسّخ هذا المفهوم فى وعى الأفراد والمؤسسات على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك، يُصدر الأزهر مطبوعات ودراسات علمية توضح الأسس الإسلامية لحقوق الإنسان، وتفنّد الادعاءات الخاطئة التى تربط الإسلام بانتهاك الحريات، وتسهم هذه الجهود فى بناء وعى مجتمعى مستنير يدعم العدل والمساواة وفق تعاليم الإسلام السمحة.
■ كيف تنظرون إلى دور التعليم الأزهرى فى تشكيل الهوية المصرية والمساهمة فى بناء الإنسان المتكامل؟
- يؤدى التعليم الأزهرى دوراً أساسياً فى تشكيل الهوية المصرية وتعزيز القيم التى تقوم عليها الشخصية الوطنية، حيث يجمع بين العلوم الدينية والعلوم الحديثة، مما يؤهل الطالب ليكون مواطناً صالحاً، واعياً بتاريخه وهويته، وقادراً على الإسهام فى نهضة وطنه. فالأزهر الشريف، باعتباره مؤسسة علمية ودعوية، يعمل منذ قرون على ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال، التى تعدّ جزءاً أصيلاً من الشخصية المصرية، ويحافظ على التوازن بين الأصالة والمعاصرة فى مناهجه التعليمية، بما يعزز الانتماء الوطنى والوعى الحضارى لدى الطلاب، كما يسهم التعليم الأزهرى فى بناء الإنسان المصرى من خلال تنمية قدراته الفكرية والأخلاقية، حيث يحرص على غرس القيم الدينية الصحيحة، القائمة على التسامح وقبول الآخر، مما يساعد فى مواجهة الفكر المتطرف والانحرافات الأخلاقية.
■ وماذا عن المناهج فى التعليم الأزهرى؟
- المناهج الأزهرية تواكب التطورات العلمية والثقافية، بما يمكّن الطلاب من اكتساب مهارات عملية تؤهلهم للمنافسة فى سوق العمل، مع الحفاظ على ثوابتهم الدينية والوطنية. ويعزز الأزهر هذا الدور من خلال التعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، حيث يسهم فى نشر الوعى المجتمعى عبر أنشطته التعليمية والدعوية، ويدعم مبادرات تطوير التعليم التى تركز على بناء الشخصية المصرية المتكاملة. كما يشارك طلابه وخريجوه فى مختلف المجالات الأكاديمية والمهنية، حاملين رسالة الأزهر فى نشر العلم والقيم الأخلاقية، مما يعزز مكانة مصر الحضارية ويؤكد دورها الرائد فى العالمين العربى والإسلامى.
■ ما رسالتكم للشباب المصرى فى ظل التحديات الراهنة؟
- فى ظل التحديات الراهنة، رسالتنا لشباب مصر هى: «أنتم القوة الحقيقية لوطنكم، وحاضره ومستقبله، وعليكم دور محورى فى مواجهة الصعوبات وتحقيق التنمية. ندعوكم إلى التحلى بروح المسئولية والاجتهاد، والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية التى تشكل هوية المجتمع، مع الانفتاح الواعى على العلوم الحديثة والتطورات التكنولوجية. إن التحديات، مهما كانت صعبة، تظل فرصاً للنمو والابتكار، ولا ينهض وطن إلا بشبابه الطموح الذى يسعى للعلم والعمل، ويبنى مستقبله بإرادته وعزيمته».
■ وكيف يمكن للمؤسسات الدينية أن تكون مصدر إلهام للشباب لبناء مستقبل أفضل؟
- من المؤكد أن هناك دوراً مهماً وبارزاً للمؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، فيتمثل فى تقديم الدعم الفكرى والروحى للشباب، من خلال نشر الفكر الوسطى الذى يحميهم من التطرف والانحراف، وتعزيز ثقافة الحوار والانفتاح على العصر دون التفريط فى الثوابت، وتزويد الشباب بالعلم النافع، وتقديم المبادرات التوعوية والتدريبية، ومشروعات دعم ريادة الأعمال، فضلاً عن الاستماع إلى أفكارهم وأطروحاتهم وتطلعاتهم، وإشراكهم فى وضع الحلول للمشكلات التى تواجه المجتمع، مما يعزز لديهم روح الانتماء والمشاركة الفاعلة. ونحن ندعو شباب مصر إلى الاستفادة من هذه الفرص، والمشاركة بفاعلية فى بناء مجتمعهم، والتمسك بالأمل رغم التحديات، فكل مرحلة من التاريخ تحمل صعوباتها، لكن الشباب الواعى، المدرك لمسئوليته تجاه وطنه، هو القادر على تحويل الأزمات إلى فرص، وتحقيق نهضة تليق بمصر وتاريخها العريق.