أولاً، يجب علينا فورًا تقديم خطة إنسانية شاملة ودقيقة تُخفف معاناة الفلسطينيين وتُعيد الحياة إلى غزة من خلال برامج الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار.
ثانيًا، من الضروري أن نطرح خارطة طريق سياسية تُنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي نهائيًا، وتُفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتضمن أن تكون هذه الجولة الأخيرة من العنف المروعة هي الأخيرة.. دعوني أتناول هاتين الخطوتين.
وعن الخطوات، قال وزير الخارجية: وضعت مصر خطةً متعددة المراحل ومحددة زمنيًا لإعادة إعمار غزة، تتضمن ثلاث مراحل رئيسية بإطار زمني يمتد من عام 2025 إلى عام 2030 وقد حظيت الخطة بتأييد كامل من 22 دولة عربية.
وستشمل في مرحلتها الأولى برنامجًا أوليًا للإنعاش المبكر يمتد لستة أشهر، يقدم إغاثة عاجلة للفلسطينيين في غزة من خلال توفير آلاف الوحدات السكنية المؤقتة على شكل كرفانات ومنازل جاهزة وخيام لإيواء 1.2 مليون فلسطيني في غزة مؤقتًا.
كما ستشمل برامج مكثفة لإزالة وإعادة تدوير حوالي 50 مليون طن من الأنقاض، وإزالة الذخائر والذخائر غير المنفجرة.
ستركز المرحلتان المتبقيتان بالكامل على إعادة الإعمار وستشملان بناء 400 ألف وحدة سكنية دائمة تستوعب 2.7 مليون فلسطيني، وإعادة تأهيل شبكات الطرق، واستصلاح 20 ألف فدان زراعيًا.
كما ستشمل مراحل إعادة الإعمار بناء ميناءين، ومطار، ومحطات طاقة شمسية، ومركز خدمات حكومي، ومرافق تعليمية وطبية وبمجرد اكتمال البنية التحتية الأساسية والمرافق الضرورية، ستكون غزة جاهزة للاستثمارات العالمية في قطاعات مختلفة، بما في ذلك السياحة والطاقة والخدمات اللوجستية.
وصُممت الخطة بما يتوافق تمامًا مع المبادئ الأساسية للتخطيط الحضري المنصوص عليها في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
واستكمل المقال: تتمتع مصر بخبرة واسعة وقيّمة من دورات إعادة الإعمار السابقة في غزة التي أعقبت جولات عنف متكررة بين إسرائيل وحماس وكون غزة حدودية مع مصر، يضع مصر في صدارة التخطيط اللوجستي والتنفيذ التشغيلي لإعادة الإعمار والتأهيل، وُضعت الخطة لضمان بقاء فلسطينيي غزة في وطنهم.
ويعارض الفلسطينيون الأفكار التي تُشير إلى تهجيرهم من أرضهم، ذاكرتهم الجماعية مليئة بالحزن، نظرًا للظلم التاريخي المأساوي الذي لحق بشعبهم الذي طردته إسرائيل قسرًا من وطنه في منتصف القرن العشرين ولم يتمكنوا من العودة منذ ذلك الحين ولذلك، يُبدي الفلسطينيون حساسية استثنائية تجاه محاولات فصلهم عن وطنهم.
لكن التحدي الهائل المتمثل في إعادة إعمار غزة أكبر بلا شك من أن تتحمله دولة واحدة، يتطلب هذا جهدًا دوليًا جماعيًا بمشاركة عدد كبير من الشركات المشاركة في جميع مراحل إعادة الإعمار، بما في ذلك شركات أمريكية متعددة.
ولهذا السبب، ستستضيف مصر مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وسيسعى هذا التجمع العالمي إلى جمع التمويل من الدول المانحة والمؤسسات المالية لتنفيذ الخطة الخمسية التي ستتطلب حوالي 53 مليار دولار.
في الوقت نفسه، ستُشكّل لجنة فلسطينية جديدة لإدارة غزة، سيدير هذه اللجنة حصريًا تكنوقراط فلسطينيون غير منتمين لأي فصيل، وستكون مهامها الرئيسية حكم غزة، وإدارة المساعدات الإنسانية، والعمل خلال فترة انتقالية تُمهّد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة.
ولن يكون هناك مجال لأي فصيل لحكم غزة خلال هذه الفترة الانتقالية، في غضون ذلك، يجب علينا العمل بسرعة لاستعادة القانون والنظام في غزة، ولذلك، ستبدأ مصر فورًا بتدريب آلاف من ضباط الشرطة الفلسطينية لتعزيز الأمن، ومكافحة الفوضى، واستعادة ثقة المواطنين.
بينما نعمل على معالجة القضايا الإنسانية والأمنية وقضايا الحوكمة في غزة، يقع على عاتقنا أيضًا واجبٌ كبيرٌ يتمثل في توفير أفق سياسيٍّ يُولّد الأمل ويُحقّق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وينبغي أن تُتوّج هذه الخريطة الطريق بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، ليتمكن الفلسطينيون أخيرًا من العيش فيها أحرارًا من الاحتلال الإسرائيلي.
علينا أن نوفر للفلسطينيين مستقبلاً يرتكز على الأمل لا اليأس، والحرية لا الأسر، والاستقلال لا القهر، فقط عندما يتحرر الفلسطينيون، سننجح في إبعادهم عن فخ التطرف والراديكالية.
لهذا السبب، تُعد قيادة الرئيس ترامب أمرًا بالغ الأهمية في هذه المرحلة التاريخية، فقد عكس خطابه الافتتاحي رغبته الراسخة في تحقيق السلام العالمي ووقف الحروب التي لا تنتهي والتي عصفت بمناطق عديدة ولم تجلب سوى الألم والحزن لشعوبها، ونرحب بتصريحات ترامب الأخيرة بشأن عدم تهجير الفلسطينيين من غزة.
واختتم وزير الخارجية: نحن نتطلع إلى العمل مع ترامب للتوصل إلى اتفاق تاريخي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إغلاق هذا الصراع وتحقيق السلام والأمن والازدهار لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.