أستاذ علوم سياسية أردني: الخطة المصرية لإعمار غزة أحبطت مخططات التهجير

أستاذ علوم سياسية أردني: الخطة المصرية لإعمار غزة أحبطت مخططات التهجير
أكد الدكتور عبدالحكيم القرالة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأردنية، أن الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة، التى أصبحت فيما بعد خطة عربية، تم تبنيها باعتبارها خطة الدول العربية، لإحباط مخططات تهجير الفلسطينيين، وكذلك إجهاض الأطروحات والأجندات التى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها وكليتها وحلها على حساب الغير، كما أوضح أن هذه الخطة اتسمت أيضاً بالشمولية والواقعية.
وقال أستاذ العلوم السياسية الأردنى، فى حوار مع «الوطن»، إن مواقف القاهرة وعمان تجاه القضية الفلسطينية راسخة وقوية، وتنطلق من ثوابت الخارجية المصرية والأردنية فى التعاطى مع القضية المركزية للعرب، لافتاً إلى أن مصر والأردن هما أكثر دولتين منغمستين فى هذه القضية، والأكثر اطلاعاً على ما يحدث فى فلسطين‘ وإلى نص الحوار.
*حدثنا عن رؤيتك للخطة العربية المطروحة فى القمة العربية الاستثنائية؟
- بالتأكيد الخطة المصرية، التى أصبحت فيما بعد خطة عربية، تم تبنيها باعتبارها خطة الدول العربية، لإحباط مخططات تهجير الفلسطينيين، وإجهاض كافة الأطروحات والأجندات التى ترمى إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها وكليتها، وحلها على حساب الغير، وكانت كل من مصر والأردن مستهدفتين من هذا الأمر، عبر الحديث أو أطروحات رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، التى كانت تهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر.
* كيف تقيّم ملامح تلك الخطة؟
الخطة العربية اتسمت بالشمولية والواقعية، ولامست الواقع، على النقيض من أطروحات الرئيس الأمريكى، التى كانت لا تمت للواقع بصلة، وغير منطقية، ولا يمكن بأى حال من الأحوال تنفيذ الخطة الأمريكية - الإسرائيلية، أو أى طرح متعلق بها، ولذلك اشتبكت القمة العربية الاستثنائية «قمة فلسطين»، التي عقدت فى القاهرة، مع جميع الملفات السياسية والترتيبات لإعادة إعمار القطاع الفلسطينى، دون تفريغ أو تهجير أهله، منه عبر مراحل متعددة مجدولة ومحددة زمنياً، وبالتالى اتسمت الخطة العربية بالموضوعية، والقدرة على الإنجاز، ومن الممكن أن نصفها بخارطة طريق، أو خطوة أولى فى إطار الوصول لتجازو هذا التحدى وما يحدث فى قطاع غزة، إضافة إلى ممارسات اليمين الإسرائيلى المتطرف، الذى طالما يذهب فى اتجاه تصفية القضية الفلسطينية ولا يستخدم سوى لغة العنف والإجرام. وهناك شواهد كثيرة على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد الأشقاء فى قطاع غزة وفى الضفة الغربية أيضاً، كما أن الخطة العربية ذهبت فى الاتجاه للحديث عن اليوم التالى، ووقت مستدام لإنهاء الحرب بشكل كامل، والترتيبات الأمنية والحوكمة ولجنة من التكنوقراط، بعيداً عن أى فصائل، لذلك تعد الخطة المصرية محكمة وذات طابع شمولى، واتسمت بالقوة والمتانة، ولم يكن فيها نقاط ضعف، وقطعت الطريق على الذرائع التى طرحتها الأطراف الأخرى.
* ماذا عن الدور المصرى؟
- مصر كان لها دور كبير، وأيضاً الأردن، وهناك تنسيق كبير بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله الثانى، لتبنى الخطة العربية، التى يعقد العرب الآمال عليها، والمطلوب اليوم الالتفاف حولها ودعمها من كل الأطراف الأخرى من المجتمع الدولى، بدءاً من الولايات المتحدة، فى إطار إطلاق ورعاية عملية سلام شامل، تعيد حقوق الفلسطينيين، ويمكن فيها الحل، فالخطة تعاملت مع الواقع المؤلم الذى يعيشه القطاع، وحاولت بكل تفاصيلها أن تشمل الحل لانتشال المنطقة من براثن العنف، لأن أى أطروحات أخرى سينتج عنها عدم استقرار فى الشرق الأوسط.
* كيف تصدت كل من مصر والأردن لمخططات تهجير الفلسطينيين؟
- عندما نتحدث عن مصر والأردن، فيما يتعلق بالتهجير، وأطروحات ترحيل سكان غزة قسراً، لم تتردد كل من الدولتين فى الدفاع عن حق الفلسطينيين فى أرضهم، إضافة إلى تأكيد القيادتين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والملك عبدالله الثانى، على أن هذا الطرح يعد خطاً أحمر، ولن يتم تنفيذه، ومرفوض، ولا يمكن بأى حال من الأحوال القبول بهذا السيناريو نهائياً، وموقف مصر والأردن زاد من قوة الموقف الفلسطينى، حيث كان أداة ناجعة فى مقاومة تلك الأطروحات، وصولاً لإجهاض المخطط الأمريكى - الإسرائيلى، كما تعتبر الخطة المصرية العربية سلاحاً قوياً أمام العالم بأسره، لأن العرب أصبح لديهم خطة يمكن البناء عليها، وتقديم حلول لجميع التحديات والعوائق فى القطاع الفلسطينى، دون تهجير أهل غزة، كما أن مصر والأردن، نجحتا عبر الدبلوماسية المكوكية، فى التأثير على الرأى العام العالمى، وبالتالى فإن ثبات الموقف ورسوخه كان أحد أهم الأسباب التى آلت إلى إفشال المخططات الإسرائيلية والأمريكية، ويجب التأكيد هنا على أن مواقف القاهرة وعمان تجاه القضية الفلسطينية راسخة وقوية، وتنطلق من ثوابت الخارجية المصرية والأردنية فى التعاطى مع القضية المركزية للعرب، فالقاهرة وعمان هما أكثر دولتين منغمستين فى هذه القضية، والأكثر اطلاعاً على ما يحدث فى فلسطين، ودائماً ما كانت الرؤية المصرية والأردنية ترفع راية الحق الفلسطينى، وعدالة القضية الفلسطينية، وأن الحل يكمن فقط فى السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وإعادة الحقوق المسلوبة للأشقاء الفلسطينيين.
* السيد الرئيس السيسى حذر من اتساع دائرة الصراع، كيف استغلت بعض الأطراف هذا الصراع، وما رؤيتك للتقدير المصرى فى هذا الشأن؟
- بالفعل، السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حذر مراراً وتكراراً من اتساع دائرة الصراع، نظراً لأنه يُدخل المنطقة فى ضرر كبير، ودوامة من العنف ينعكس على الأمن والسلم الإقليمى، وله تبعات على الاستقرار الدولى، وهذا يتطابق تماماً مع الدبلوماسية الأردنية، التى قادها الملك عبدالله الثانى، ورأينا أن هناك بعض الأطراف فى الإقليم مارست ما يسمى بـ«حروب الوكالة»، بالإضافة إلى اليمين الإسرائيلى المتطرف، الذى تتميز مواقفه بالشطط، ولديه أجندات خبيثة، ترمى لتصفية القضية الفلسطينية.
* لماذا يرفض الرئيس الأمريكى أى مقترح عربى لإعادة إعمار غزة؟
- «ترامب» اقترح خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتمسك بها فى البداية، ثم مع الضغط العربى، الذى تمثل فى مصر والأردن، والتصدى بحزم له، تنصل «ترامب» من هذا الطرح، وتراجع قائلاً: «هذه مجرد اقتراحات ليس أكثر ولن أجبر أحداً»، وهذا تحول كبير فى موقف الرئيس الأمريكى، رغم أن مخططه يتماشى مع مخططات اليمين الإسرائيلى المتطرف، ولا يخفى على أحد العلاقة الاستراتيجية الوثيقة والمتينة بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلى، وهذا أحد ثوابت السياسة الأمريكية، كما أن العلاقة وطيدة بين «ترامب» و«نتنياهو»، وهذا يأتى فى إطار الدعم اللا محدود من قبل البيت الأبيض للأجندات الخبيثة لليمين المتطرف الإسرائيلى.