المصريون في الخارج أعمال تطوعية وأكلات تراثية ومحبة تربط المسلمين والمسيحيين

المصريون في الخارج أعمال تطوعية وأكلات تراثية ومحبة تربط المسلمين والمسيحيين

المصريون في الخارج أعمال تطوعية وأكلات تراثية ومحبة تربط المسلمين والمسيحيين

يمر شهر رمضان على المغتربين بوقع ثقيل، حيث لا صوت مدفع الإفطار، ولا الشوارع المضاءة بفوانيس وزينة تمتد بين البلكونات، يصبح رمضان اختباراً للحنين، ومساحة واسعة من الذكريات التى تتجدد مع كل أذان مغرب الذى اعتدنا عليه فى بيوت أمهاتنا وجداتنا، وعلى الرغم من البعد لا يستسلم المصريون فى الغربة لفكرة فقدان أجواء الشهر الكريم، بل يحاولون خلقها بأبسط الوسائل الممكنة، وتجدهم يشترون الزينة ويعلقونها فى شققهم الصغيرة، ويبحثون عن أقرب مسجد ليعيشوا لحظات التراويح وسط جالية تشاركهم الشعور ذاته.

......

لكن كيف يعيش المصريون هذه الأجواء وهم بعيدون عن وطنهم؟ فالغربة تفرض تحديات عديدة، لكن المصريين لا يفوتون فرصة إحياء الشهر الكريم فى أى مكان حول العالم، سواء بتعليق الزينة فى بيوتهم، أو إعداد الموائد التى تحمل عبق المطبخ المصرى، أو حتى بتكوين مجتمعات صغيرة تجمعهم على الإفطار والتراويح. وخلال حديث «الوطن» مع مختلف الجاليات المصرية بالخارج نستعرض كيف يحافظ المصريون فى الخارج على طقوس رمضان، وكيف يتغلبون على الحنين للوطن وسط الغربة.

تقول الدكتورة داليا البيلى، رئيس اختصاصى صيدلى فى الرقابة الدوائية فى دولة الكويت، إن شهر رمضان فى الكويت يكون له طابع خاص، وبخاصة الجالية المصرية، إذ يجسد روح الإخاء بين المصريين فى الغربة من خلال موائد الإفطار الجماعية، وتبادل الأكلات التراثية، إلى جانب المشاركة فى صلوات التراويح، بالإضافة إلى الاشتراك فى المبادرات الخيرية، مثل توزيع وجبات الإفطار على المحتاجين، ما يعزز قيم العطاء والتكافل، ويعكس عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين.

ويحرص العديد من المصريين على تزيين منازلهم بزينة رمضان المصرية مثل الفوانيس، التى تضفى على الأجواء بهجة ودفئاً يعبران عن روح الشهر الفضيل. ويتجلى تلاحم المصريين، مسلمين ومسيحيين، خلال الشهر المبارك، حيث تعكس فعاليات مثل «غبقة المحبة» التى تنظمها الكنيسة المصرية فى الكويت منذ سنوات فى الشهر الكريم تحت شعار روح الوحدة الوطنية والتسامح، ويجتمع المصريون والكويتيون، مسلمين ومسيحيين، فى أجواء مفعمة بالمحبة والإخاء، معبرين عن الروح المصرية التى توحدهم فى المناسبات الدينية والوطنية.

وبما أن الشهر الفضيل يجمع القلوب على المحبة والسلام ويعزز القيم الإنسانية التى توحد الشعوب وتبنى جسور التآخى والتراحم، يطلق فريق الهلال الأحمر أنشطة مبادرات الخير فى رمضان لتوزيع وجبات إفطار الصائم فى مختلف مناطق الكويت.

يقول محمد عبدالرازق، مستشار مالى بالإمارات، عضو مجلس إدارة صندوق التكافل المصرى بإمارة دبى، إن شهر رمضان له طقوس خاصة فى الإمارات، إذ تستوجب الإجراءات بالدولة المستضيفة الالتزام بالقوانين والإجراءات المنظمة للحياة هناك، موضحاً: «بنعيش أجواء رمضان بتطوعنا فى الجهات المرخصة بالدولة زى الهلال الأحمر الإماراتى، ومنصة متطوعى الإمارات، وقبل مدفع الإفطار بنوزع وجبات رمضانية فى الأماكن اللى المنظمين بيحددوها بروح من البهجة والسرور».

وبخلاف تجمُّع الجالية المصرية والجاليات الأخرى وسكان دبى فى صلاة التراويح والقيام فى آخر أيام رمضان، تجذب أجواء المطاعم المصرية الجميع خلال السحور والإفطار: «بتكون ممتعة جداً، فبيكون لينا يوم ننسق فيه ونفطر فيه مع بعض فى الكافيه، ومن الأجواء الأسرية الجميلة بنعزم أهلنا وأصحابنا على الفطار».

وفى السعودية، يقول سيف الشيخ، أحد أعضاء الجالية المصرية بالمملكة، إن الجالية تحتفل بشهر رمضان بطريقة مميزة بتجمع العائلات وممارسة العادات والتقاليد المصرية مع الأجواء الروحانية للمملكة: «المصريون يزينون منازلهم بفوانيس رمضان والزينة التقليدية، ويقيمون تجمعات عائلية كبيرة، خاصة فى العشر الأواخر من الشهر، حيث يستعدون للاعتكاف أو أداء العمرة»، ويحرص المصريون فى السعودية على تنظيم موائد إفطار جماعية تجمع العائلات والأصدقاء، بخاصة فى المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ومكة، ويشاركون فى موائد الرحمن التى تُقام بالقرب من المساجد، حيث يتطوع المصريون لإعداد الطعام وتوزيعه.

...

«لندن»: حفلات إفطار فى شوارع العاصمة بمشاركة الشرطة والبلدية والكنائس

أما فى العاصمة البريطانية لندن، فيقول مصطفى رجب، مدير بيت العائلة المصرية، إن الجالية المصرية تقضى شهر رمضان الكريم فى العاصمة بكل تآخٍ وحب، حيث يجتمعون فى الجمعيات وجالية النوبة وجمعية الأطباء وبيت العائلة المصرية والكنيسة، ويتم تنظيم موائد رمضان بدعوة الجاليات الأخرى، فضلاً عن حفلات الإفطار التى بدأ إقامتها فى شوارع لندن منذ عامين، ويشارك فيها الشرطة والبلدية والبرلمان والكنائس، أما على المستوى العائلى فقد انتشر العديد من الأشخاص فى لندن يصنعون ويبيعون زينة رمضان بمختلف أنواعها «وطبعاً كل المصريين بيشتروها ويزينوا البيوت والناس بتعزم بعض طول الشهر الكريم».

وفى العاصمة الألمانية برلين، يقول سيد منصور أحد أبناء الجالية المصرية، إن بيت العائلة المصرية يقوم بتزيين مقره بزينة رمضان والفوانيس التى تملأ منازل المصريين، حيث ينظمون موائد إفطار جماعية تجمع أبناء الجالية المصرية والجاليات الأخرى، وينظمون سهرات رمضانية تتضمن الأكلات المصرية الشهيرة، وأضاف «منصور» أن المصريين فى ألمانيا طول الشهر يوزعون هدايا على الأطفال لتعريفهم بطقوس رمضان وغرس حب الشهر الكريم فى نفوس الأجيال الجديدة، فضلاً عن تنظيم ندوات ولقاءات دينية لتعويض أجواء رمضان فى مصر.

يحرص أبناء الجالية المصرية فى النمسا على إحياء طقوس شهر رمضان من تعليق الزينة قبل بداية الشهر بفترة، علاوة على المواظبة على صلاة التراويح، وغرس القيم الدينية فى نفوس أبنائهم، خاصةً الذين وُلدوا هناك بعيداً عن مصر، واعتاد المصريون فى النمسا على إقامة موائد الإفطار الجماعية، وتعليق الزينة والفوانيس فى المنازل والمقار الخاصة بالروابط المصرية، فضلاً عن تشجيع الأطفال على المشاركة فى الطقوس الرمضانية، واصطحابهم إلى المساجد لأداء صلاة التراويح وحفظ القرآن.


مواضيع متعلقة