أسامة الأزهري: نعد شات جي بي تي للمحتوى الديني.. ومنصة رقمية لمواكبة التغيرات

أسامة الأزهري: نعد شات جي بي تي للمحتوى الديني.. ومنصة رقمية لمواكبة التغيرات
أكد الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، أن مخاطبة الأجيال الحالية باللغة التى يفهمونها من ضمن أولويات الوزارة، معرباً عن أمله فى أن تصبح المساجد مؤسسات مجتمعية متكاملة، ولفت إلى أنه يجرى حالياً الإعداد لتقديم محتوى دينى موثق لتطبيقات الدردشة الذكية، وغيرها من الوسائل التكنولوجية، وبعد نحو 9 أشهر من توليه منصب وزير الأوقاف، قال الدكتور الأزهرى، فى حوار مع «الوطن»، إنه عمل منذ اليوم الأول على تولى مسئولية الوزارة على إطلاق منظومة الشكاوى، للنظر فيها بشكل عاجل، وأضاف فى الحوار، الذى تميز بالمصارحة والمكاشفة، أنه يحرص على البحث عن شباب الأئمة المتميزين، لتأهيلهم وتدريبهم بشكل مكثف، ليصبحوا من الأئمة العلماء، الذين يكون لديهم قدر من العلم والمعارف الحياتية، للتعامل بصورة أكثر إيجابية مع مختلف القضايا التى تهم الناس.. وإلى نص الحوار:
■ عادةً ما تستعد المساجد لشهر رمضان بخطة دعوية شاملة.. ما رؤية الوزارة فى هذا الصدد؟
- هناك خطة شاملة موسعة تنفذها وزارة الأوقاف على مدار شهر رمضان المعظم، وقد حرصنا منذ اليوم الأول على أن تتزين المساجد لاستقبال المصلين، وأن تكون هناك حملات نظافة، وأن توضع الزينة عليها من الخارج، وأن يشعر رواد المساجد بأجواء رمضان، كما تعودنا عليها زمان، بجانب خطة موسعة على الجانب الدعوى، تتضمن العديد من الملتقيات الفكرية، التى تُعقد فى المساجد الكبرى بمختلف المحافظات، ثم ملتقى للواعظات، وهو الجديد هذا العام، ودرسنا التوقيت الأنسب لحضور المرأة إلى المسجد، فوجدناه بعد الظهر، كما ننظم الملتقى المخصص للطلاب الوافدين، وهو ما يعد امتداداً لقوة مصر الناعمة، وفق فهمها السمح للدين، ومنهجها الأزهرى القويم، وحرصنا على أن يتم تخصيص ملتقى لذوى الهمم، ويتم عقده فى مسجد السيدة زينب، بعد عصر كل خميس فى رمضان، مصحوباً بترجمة إلى لغة الإشارة وبتوزيع إصدارات بلغة «برايل» لذوى البصيرة.
■ وماذا عن حملة «رمضانك أجمل»؟
- أطلقت وزارة الأوقاف حملة «رمضانك أجمل» للتوعية المجتمعية خلال الشهر المبارك، بهدف تصحيح بعض السلوكيات الخاطئة المنتشرة خلال الشهر الكريم، وتعزيز القيم الإيجابية بين أفراد المجتمع، وبخاصة الشباب، ليكون رمضان فرصةً للارتقاء بالأخلاق والسلوك، إلى جانب تكثيف الأنشطة الدعوية اليومية والقوافل والمنابر الثابتة وغيرها، لضمان وصول الرسالة الدينية إلى أكبر عدد من المصلين، فضلاً عن إقامة جميع الشعائر، علاوة على تنظيم نحو ٣٤٤٩ قافلة طوال شهر رمضان، بما يضمن وصول الرسالة التوعوية إلى قطاع عريض من الشباب، ونجد كثافة فى العشر الأواخر من رمضان داخل المساجد سواء للاعتكاف أو التهجد.
■ ما ضوابط الاعتكاف لهذا العام؟
- وضعت الوزارة عدة ضوابط للاعتكاف داخل المساجد المحدد لها السماح بالاعتكاف أو التهجد، منها ضرورة تخصيص أماكن مناسبة لراحة المعتكفين مع توفير الأجواء التى تعينهم على العبادة، كما شكلت الوزارة فرق متابعة ميدانية للتأكد من حسن سير العمل، وضمان توفير الأجواء الروحانية الهادئة التى تساعد رواد المساجد فى أداء عباداتهم فى أجواء آمنة ومنضبطة، فقد حددنا ٥١٤٣ مسجداً للاعتكاف، و٩٣٧٦ مسجداً لصلاة التهجد، مع اختيار مجموعة متميزة من الأئمة لإمامة المصلين فى المساجد الكبرى، بما يضمن تقديم مستوى رفيع من التلاوة والخشوع، وكذلك تشمل ضوابط الاعتكاف عدة محاور، منها الجانب الروحانى وهى أن تكون أى دروس أو خواطر دعوية داخل المسجد مقتصرة على الإمام المعين أو من يُكلف رسمياً بخطاب معتمد من الوزارة، منعاً لأى تجاوزات أو سوء استغلال للاعتكاف.
■ وماذا عن الأئمة المبتعثين للخارج فى شهر رمضان؟
- لدينا أكثر من ٨٩ إماماً وقارئاً، ينتشرون فى أكثر من ١٨ دولة، فى الأمريكتين وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وتحظى هذه الجهود بإشادات دولية تعبر عن تقدير الدور الريادى لمصر فى نشر الخطاب الدينى الوسطى.
■ الوزارة تقدمت بمشروع قانون لتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، فما الهدف منه وأهم بنوده؟
- بالفعل تقدمت الوزارة إلى مجلس الوزراء بمشروع قانون لتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، وهو يمثل خطوة مهمة فى تنظيم الإفتاء الشرعى وضبط الخطاب الدينى، بما يحفظ مكانة الفتوى ويمنع استغلالها لأغراض غير علمية، ويهدف لضبط عملية الإفتاء الشرعى، وتحديد الجهات المختصة به، مع ضمان عدم الإخلال بالإرشاد الدينى والاجتهادات الفقهية فى البحوث والدراسات الشرعية، على أن تكون جهة الاختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بإصدار الفتاوى الشرعية العامة المتعلقة بالقضايا المجتمعية، فيما تتولى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء المصرية، ولجان الفتوى بوزارة الأوقاف إصدار الفتاوى الخاصة بالأفراد، كما نص القانون على إنشاء لجان فتوى شرعية خاصة داخل وزارة الأوقاف بقرار من الوزير المختص، مع تحديد شروط وضوابط عملها، على أن يُرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى حال تعارض الفتاوى، ويؤكد مشروع القانون حق الأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف فى أداء مهام الإرشاد الدينى وبيان الأحكام الشرعية للمسلمين، دون أن يُعد ذلك تعرضاً للفتوى الشرعية، مع الالتزام بأحكام قانون تنظيم الخطابة والدروس الدينية.
■ منذ توليكم المسئولية، قدمتم استراتيجية موسعة لعمل وزارة الأوقاف، ماذا تحقق منها؟
- العمل منقسم حالياً إلى مسارين، إدارى ودعوى، فمنذ اليوم الأول وصلنا العديد من الشكاوى وتشابكات مع العديد من الوزارات وأوضاع للأئمة تريد تصحيحاً بعض الشىء، فحرصاً منا على استمرار دولاب العمل دون تعطيل، أطلقنا لأول مرة منظومة الشكاوى للنظر فيها بشكل سريع وعاجل، لإحالتها للمختص ومعرفة الرد فيها والحسم فيها بشكل عاجل، ونعمل فى عدة محاور منها فرز وضم الأئمة والشباب المتميزين داخل الوزارة، والتقيت بعدد كبير من السادة مديرى المديريات وطلبت منهم بشكل عاجل موافاة الوزارة بالشباب الأكثر تميزاً فى مديرياتهم، على أن يشمل التقييم عدة معايير منها أن يكون هذا الشاب منشغلاً بالعلم، ويكون حاصلاً على ماجستير أو دكتوراه أو باحثاً فيهم، وأن يكون خطيباً مفوهاً ولديه العلم والمعرفة وصاحب بيان، وأن يكون لديه لغة ثانية، وأن يكون مؤثراً فى جمهور مسجده وله رسالة يؤديها، لكى يكون لدى 3 أو 4 آلاف إمام شاب يكونون البذرة والنواة التى سأعمل على تأهيلهم بشكل أكبر وأوسع ليكون هناك إمام عالم ملم بالعلم والمعرفة والجوانب الحياتية، ومشتبك مع القضايا التى تهم الناس دائماً، وذلك من خلال جرعة تدريبية مكثفة عالية الجودة فى الذكاء الاصطناعى وفى التراث وقراءته، وصقل المهارات اللغوية.
■ وماذا عن تطوير عمل أكاديمية الأوقاف كجزء من تلك الاستراتيجية؟
- فوجئت أن الأكاديمية نفسها تحتاج إلى تطوير جذرى، ووجدتها مبانى مهجورة، وهناك تعطل كبير للعمل فيها لأسباب كثيرة لا داعى لذكرها الآن، ولكننا بدأنا فى عملية التطوير فيها، وبدأت أبحث عن خبير اقتصادى يعمل على تطوير شركة المحمودية، حتى يعمل على المشكلات الكثيرة التى تعانى منها، بما يتناسب مع قدرات الوزارة، وهنا أدركت أن الطريق للتطوير طويل، وكان لا بد أن أسير فى مسارات أخرى سريعة أيضاً، حتى ننجز ملف الأكاديمية، وبدأت أيضاً البحث عن مفتشين للمساجد، ووجدت عددهم 60 فقط، فتواصلت مع النائب العام، وأعددنا برنامجاً لهم لكى يتم تدريبهم على دفعتين حتى يكون أداء المفتش مختلفاً، وتطوير قدرات المفتشين بالوزارة، وزيادة الوعى والمعرفة القانونية لديهم؛ لتعزيز قدراتهم ومهاراتهم القانونية التى تمكنهم من أداء أدوارهم بكفاءة واقتدار، حتى يتجلى ذلك فى عمل المتدربين فى أعمالهم عقب الدورة، بما يرقى بالانضباط فى كل أعمال الوزارة وفى سلوكيات منسوبيها؛ وهنا أؤكد أن التعاون البنَّاء بين النيابة العامة ووزارة الأوقاف يعد مثالاً حياً على التكامل المؤسسى، الذى يمثل الأساس لبناء دولة قوية ومتماسكة قوامها سيادة القانون واحترام الحقوق والواجبات، وهو ما يؤكد أن خطوات الإصلاح الإدارى تسير بخطى واثقة متتابعة، إذ شهدت الوزارة حركة للتنقلات بين المديريات لأول مرة فى تاريخ الوزارة، وجهوداً لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة إعداداً علمياً ومهارياً، وتنميةً لمهارات الأداء الإعلامى، وغير ذلك من خطوات برامج الإصلاح الإدارى.
■ بالعودة إلى التأثير فى الشارع المصرى وتحديداً الشباب، ماذا ستقدم الوزارة لمواكبة التطور التكنولوجى السريع فى الفترة الأخيرة؟
- منذ الأيام الأولى لتولى الوزارة وتحمُّل الأمانة، كنت حريصاً على عقد لقاء مع وزير الاتصالات للاتفاق على أوجه التعاون، وأسفرت المناقشات عن إطلاق وتأسيس منصة رقمية شاملة لكل ملفات الوزارة، وهى تحتاج من 6 إلى 9 شهور بحيث تتيح المنصة نشر تاريخ الوزارة والمساجد الكبرى وخدمات وزارة الأوقاف ومستشفى الدعاة، وأن يدرك المواطن أن وزارة الأوقاف عريقة وخدماتها متاحة أمامه، علاوة على أننا نعد «شات جى بى تى» خاصاً بالمحتوى الدينى موثقاً، علاوة على نشر محتوى دينى موثوق بلغات متعددة، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية فى الرقمنة والتطوير التقنى، على هدى من المحاور الاستراتيجية لعمل الوزارة، علاوة على ذلك تركز الوزارة على تدريب الأئمة والخطباء على مهارات التواصل الحديثة، بحيث يكون لديهم حضور قوى عبر المنصات الرقمية، مع الحرص على تقديم رسائل قصيرة وواضحة تعالج القضايا الفكرية التى تشغل عقول الشباب، وتتصدى للشبهات التى يروج لها أصحاب الفكر المتطرف، وتعمل الوزارة على تطوير المحتوى الدعوى ليكون أكثر تفاعلاً، سواء من خلال المقالات، أو الفيديوهات القصيرة، أو البرامج الحوارية، بحيث يجد الشباب إجابات شافية لأسئلتهم فى إطار علمى ومنهجى رصين، ولا تقتصر المواجهة على الجانب التوعوى فقط، بل تمتد إلى تعزيز الأنشطة الشبابية داخل المساجد، بحيث يشعر الشباب أن المؤسسة الدينية ليست مكاناً للعبادة فقط، بل هى أيضاً فضاء للحوار والتفاعل الفكرى والمجتمعى، حيث نعمل على أن الهدف ليس فقط استعادة ثقة الشباب بالمؤسسات الدينية، ولكن أيضاً تقديم خطاب دينى قادر على بناء وعيهم الدينى الصحيح، بعيداً عن التطرف أو التشدد، وبما يتناسب مع متغيرات العصر وتحدياته.
■ وماذا عن مواجهة الفكر المتطرف سواء الدينى أو اللادينى؟
- أود أن أذكر أن المنصة الرقمية فور إطلاقها ستكون بها نافذة لمواجهة الفكر المتطرف وسيتم إعداد جيل من الأئمة الذين يجيدون الرد على كافة الشبهات وتفنيد الأفكار المتطرفة، ورصد كافة القضايا الموجودة فى المجتمع، كما ستكون هناك نافذة لمواجهة التطرف اللادينى من خلال أئمة يحسنون فهم تلك القضية، ويستطيعون الاشتباك مع هذا الملف، بما يحقق وجود وزارة الأوقاف فى الفضاء الإلكترونى، وسيكون هناك رصد يومى للمشاكل التى يحتاجها الشارع المصرى، حتى يكون هناك بها تحميل لكل المحتوى الخاص بالوزارة، والمبادرات التى ستنفذها الوزارة، بحيث تكون «الأوقاف» فى صورتها المثلى، وأنا حريص كل الحرص على إطلاقها بشكل عاجل وسريع لتخرج للنور على أعلى مستوى، وستكون بها نافذة لتدريب الأئمة عن بعد.
■ وماذا عن ملف تطوير المساجد والاستفادة منها بشكل أمثل؟
- نسعى فى هذا الملف بشكل كبير إلى افتتاح مساجد جديدة وتطوير وإحلال مساجد أخرى، كما نعمل على حصر المساجد التى بها دور مناسبات وملاحق يمكن استغلالها خلال الفترة المقبلة، وسيتم طرح الخريطة لدور المناسبات والقاعات عبر المنصة الإلكترونية للأوقاف حتى تكون متاحة لكل مواطن مصرى يمكن استغلالها، وسنعرف منها ما هو الذى يصلح لأن يكون مستشفى طبياً، وما الذى يمكن أن يكون مكاناً لتلقّى العلم أو للمناسبات.
■ وما العلاج لظاهرة «شيوخ التريند» وعلى الجانب الآخر «شيوخ الدم» والتكفير؟
- الحل يكمن فى إعادة الصناعة الثقيلة للعالم صاحب العلم الممتلئ بفهم طبيعة المجتمع الذى يعيش فيه، القادر على أن يكتسب ثقة الناس، ويستطيع أن يقوم بدوره الكامل، وهو ما أسعى إليه فى الوزارة من تدريب شباب الأئمة، وإخراجهم ليكونوا النواة التى تبنى عليها أنشطة الوزارة الدعوية، وأشارك معهم أفكارهم وأطروحاتهم، حتى يكونوا فى الصدارة دائماً.
■ وماذا عن عودة الريادة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية؟
- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عمره 65 عاماً، وكانت من روافده مجلة منبر الإسلام، والتى تعتبر مهمة وتراثاً كبيراً داخل المجلس، وبدأنا رحلة جمع تراث المجلة وأرشيفها، وهو ما يستلزم الكثير من الجهد والوقت حتى تتم إتاحتها لكل مواطن مصرى، ويتم تقديمها هدية للمكاتب الكبرى، ورصد المقالات المهمة التى كانت ترد فيها معالجات لقضايا المجتمع، ليس هذا فحسب، بل نسعى إلى تطوير نسخها الحالية لتعود إلى دورها السابق، واستكتاب العديد من المفكرين وكبار الكتاب فيها مرة أخرى، ونعمل فى المجلس على عودة ريادته فى الخارج ودوره المؤثر كما كان عليه من قبل، كما أطلقنا برنامج «شموس أزهرية فى سماء العالم»، بهدف إبراز دور العلماء الأزهريين الوافدين الذين تلقوا تعليمهم فى الأزهر الشريف، ثم عادوا إلى أوطانهم ليسهموا فى النهضة العلمية والتربوية والوطنية، وليتركوا أثراً راسخاً فى مجتمعاتهم؛ فقد أسهم هؤلاء العلماء فى توطيد العلاقات بين مصر والدول الشقيقة، ومدوا جسور التعاون والنهضة والتعليم، لا سيما فى العمق الأفريقى، من خلال نشر العلوم الأزهرية وبناء جسور التواصل الحضارى، وخُصِّصت أولى ندوات البرنامج لتكريم الشيخ محمد عليش عوضة، رحمه الله، أحد أبرز علماء تشاد فى القرن العشرين، الذى تلقى تعليمه فى الأزهر الشريف بمصر، وكان له دور رائد فى تطوير التعليم العربى النظامى فى تشاد، إذ نقل إليها التجربة الأزهرية وأسهم فى ترسيخها، فأسس أول معهد علمى فى مدينة أبشة على غرار المعاهد الأزهرية، ووضع مناهج متكاملة تسهل دراسة العلوم، ومنها علم النحو، وكان لجهوده بالغ الأثر فى إدراج العربية لغةً رسمية إلى جانب الفرنسية فى تشاد.
■ البعض هاجم مبادرة «عودة الكتاتيب».. كيف تابعتم تلك الحملة؟
- مبادرة «عودة الكتاتيب» تأتى فى إطار حرص الوزارة على تعزيز دور المسجد فى نشر العلم وتحفيظ القرآن الكريم بأسلوب تربوى سليم، لنعيد إحياء إحدى أقدم وأهم المؤسسات التعليمية فى تاريخ الأمة الإسلامية، فالكتاتيب لم تكن مجرد أماكن لتحفيظ القرآن، بل كانت مدارس تربوية تغرس فيها القيم والأخلاق إلى جانب التعليم الدينى، وهو ما تسعى الوزارة إلى إحيائه بأسلوب عصرى يواكب احتياجات المجتمع، وأؤكد أن الوزارة لا تهدف أبداً إلى أن تكون الكتاتيب بديلاً عن المدرسة، بل مكملاً لها، بحيث يحصل الطفل على تعليم متكامل يجمع بين العلوم الدينية والقيم الأخلاقية، إلى جانب التعليم النظامى، ولذلك، يتم تطوير مناهج التحفيظ والتدريس داخل الكتاتيب، مع الحرص على تأهيل المعلمين، لضمان أن يكون المحتوى المقدم للأطفال فى إطار علمى وتربوى يراعى احتياجاتهم النفسية والفكرية، كما أن المبادرة لا تقتصر على التحفيظ فقط، بل تسعى إلى أن تكون بيئة تعليمية متكاملة، تقدم للطفل تجربة تربوية تساعده على بناء شخصيته بطريقة متوازنة، وتحصنه من الأفكار المتطرفة، وتغرس فيه قيم التسامح والانتماء، كما أن الوزارة تعمل أيضاً على نشر هذه التجربة على نطاق أوسع، بالتعاون مع المؤسسات التعليمية المختلفة، لضمان أن تحقق المبادرة أهدافها فى بناء جيل يحفظ القرآن بفهم ووعى، ويكون قادراً على استيعاب معانيه وتطبيق قيمه فى حياته اليومية.
■ منذ اليوم الأول وأنتم تسعون لعودة التكامل بين المؤسسات الدينية؟
- التنسيق بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية قائم على التكامل فى الأدوار، بحيث يؤدى كل طرف مهامه فى إطار رؤية موحدة لنشر الفكر الوسطى والتصدى لأى محاولات لاختطاف الخطاب الدينى، فالأزهر الشريف هو المرجعية الدينية الكبرى التى تضطلع بمسئولية التعليم الدينى وإعداد العلماء وتأهيلهم، بينما تتولى وزارة الأوقاف مسئولية إدارة المساجد وتنظيم العمل الدعوى، فى حين تختص دار الإفتاء بالإجابة عن التساؤلات الشرعية وإصدار الفتاوى المبنية على الاجتهاد الصحيح، وهذا التكامل يترجم عملياً من خلال التنسيق المستمر فى القضايا الكبرى المتعلقة بالشأن الدينى، وعقد لقاءات دورية لضبط المفاهيم الشرعية، وضمان عدم وجود أى تعارض فى الخطاب الموجه إلى المجتمع.
■ كانت لك العديد من الجولات الخارجية، فماذا أسفر عنها من جهود تعاون مشترك وانتشار الأئمة حول العالم؟
- نعم كان لنا عدد من المحطات بالخارج حول العالم، بهدف تبادل الرؤى حول سبل تعزيز الاستفادة من «الأوقاف»، ودورها فى دعم المشروعات التعليمية والتنموية، إلى جانب بحث آليات تدريب الأئمة بالخارج ضمن برامج علمية متخصصة فى مصر، بهدف تأهيلهم لنشر الخطاب الإسلامى الوسطى ومواجهة التحديات الفكرية الراهنة.
■ وماذا عن مستشفى الدعاة التابع لوزارة الأوقاف؟
- المستشفى كان يعانى من الإهمال، ويحتاج إلى جهد كبير لتطويره، فعملنا على اختيار رئيس مجلس إدارة جديد، يمتلك الكفاءة والقدرة على إعادة تطوير وتأهيل المستشفى وإدخال أحدث التقنيات فيه، إضافة إلى تطوير أقسام المستشفى، وتحديث الأجهزة الطبية فى المعامل ووحدة المناظير وقسم العلاج الطبيعى، ضماناً لتقديم خدمات طبية متميزة وفق المعايير العالمية، ويجرى الاستمرار فى تحسين الأداء ومتابعة تنفيذ خطط التطوير، مع تعزيز كفاءة الكوادر الطبية والإدارية عبر التدريب المستمر، مع توفير بيئة علاجية مريحة تضمن تقديم خدمات شاملة تلبى احتياجات المستفيدين، فقد تم التوسع فى قسم العناية المركزة للأطفال بإضافة ثلاث حضانات جديدة، وجهاز تدفئة متطور للأطفال المبتسرين؛ ما أسهم فى توفير بيئة آمنة لدعم نموهم، وتم تحقيق هذا الإنجاز بالتعاون مع هيئة الشراء الموحد، كما تم تحسين وحدات العناية بالمستشفى عبر إضافة 39 سريراً كهربائياً جديداً و8 أجهزة ضغط متحركة حديثة؛ ما يعزز راحة المرضى ورفع مستوى الخدمة، واستحدث المستشفى وحدة أسنان جديدة تضم أجهزة متطورة، إضافة إلى جهاز أشعة حديث؛ لتطوير خدمات الرعاية الصحية الفموية، كما تم تطوير وحدة المناظير بإضافة جهاز منظار القنوات المرارية؛ ما أسهم فى تحسين جودة الإجراءات الطبية المتعلقة بالجهاز الهضمى، كما تم إطلاق قسم رعاية السكتة الدماغية، فى خطوة نوعية تهدف إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية، وتقديم خدمات طبية متطورة للمرضى فى حالات الطوارئ الحرجة.
■ وماذا عن تطوير خطبة الجمعة فى المساجد؟
- خطبة الجمعة تعد من أهم الأدوات التى تعتمدها وزارة الأوقاف لتوحيد المفاهيم الدينية الصحيحة، وترسيخ الخطاب الوسطى، خاصة فى ظل ما نشهده من محاولات لتوجيه الخطاب الدينى لأغراض غير دعوية، والهدف الأساسى من الخطبة الموحدة هو ضبط الرسالة الدعوية، بحيث تقدم للمجتمع فكراً دينياً مستنيراً، بعيداً عن الاجتهادات غير المنضبطة أو الخطاب العاطفى غير المؤصل علمياً، كما أن توحيد موضوع الخطبة يساعد فى تركيز الجهود الدعوية على القضايا ذات الأولوية فى المجتمع، مثل نشر الأخلاق، وتعزيز قيم العمل والإنتاج، وترسيخ مبادئ المواطنة والتسامح، وهو ما يسهم فى بناء وعى دينى متزن لدى المواطنين، خاصة أن الوزارة تحرص على اختيار موضوعات الخطبة بناءً على احتياجات المجتمع وتحديات المرحلة، لكن هنا لا بد من التأكيد على أن ذلك لا يعنى أن توحيد الخطبة هو تقييد للإبداع الدعوى، بل يظل لكل خطيب مساحته فى تقديم الخطبة بأسلوبه الخاص، مع الالتزام بالإطار العام الذى يضمن وصول الرسالة الدينية بشكل واضح وسليم، وقد أثبتت التجربة أن الخطبة الموحدة أسهمت بشكل كبير فى منع استغلال المنابر، وتعزيز الفكر المعتدل، والتصدى لمحاولات التشدد والتطرف.