إدارة ترامب تكسر «المحظور» في أول مفاوضات مع حماس

إدارة ترامب تكسر «المحظور» في أول مفاوضات مع حماس

إدارة ترامب تكسر «المحظور» في أول مفاوضات مع حماس

فى خطوة تمثل خروجاً على المحظورات التى وضعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بمنع إجراء أى مفاوضات مع أى جماعة أجنبية تصنفها واشنطن ضمن قوائم «المنظمات الإرهابية»، شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعاً سرياً بين أحد كبار المسئولين فى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ومسئول قيادى كبير فى حركة «حماس» لبحث سبل الإفراج عن أحد الأمريكيين المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية فى قطاع غزة، بالإضافة إلى تسليم جثامين 4 أمريكيين آخرين.

واشنطن بوست: مباحثات بويلر وحماس تحول في سياسة أمريكا

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الاجتماع، الذى تم الإعداد له بصورة سرية، بين المبعوث الأمريكى الخاص لشئون المحتجزين، آدم بويلر، وممثل عن حركة «حماس»، لم يتم الكشف عن هويته، يأتى فى وقت يعمل فيه الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق يُنهى الحرب فى غزة، وتأمين الإفراج عن المحتجزين المتبقين لدى الحركة الفلسطينية، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وفى ظل تعثر بداية مفاوضات المرحلة الثانية. واعتبرت الصحيفة أن اجتماع الدوحة يمثل تحولاً فى السياسة الأمريكية، من جانب إدارة ترامب، مقارنةً بالرئيس السابق جو بايدن، حيث كانت واشنطن تعتمد بشكل أساسى على وسطاء خارجيين للتواصل مع «حماس» دون الدخول فى مفاوضات مباشرة.

الاجتماع تناول تأمين الإفراج عن محتجز إسرائيلى أمريكى

ورغم السرية الشديدة التى أحاطت بترتيبات وتفاصيل اللقاء، فوجئت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بسؤال حول صحة تقارير أشارت إلى عقد اجتماع بين المبعوث الأمريكى ومسئول «حماس»، فأجابت بقولها إن «بويلر لديه الصلاحية للتحدث مع أى طرف»، دون أن تكشف صراحةً عن إجراء مفاوضات مباشرة مع «حماس» التى تصنفها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفى أول رد فعل من جانب حكومة الاحتلال الإسرائيلى على التقارير التى كشفت عن هذا الاجتماع، أصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بياناً مقتضباً، جاء فيه أن «رئيس الحكومة عبّر عن موقفه بشأن هذه المحادثات للولايات المتحدة بشكل خاص»، ونقلت «واشنطن بوست» عن «مصدر إسرائيلى مطلع» قوله إنه لم يتم إبلاغ نتنياهو رسمياً بهذه المحادثات، وإنه فوجئ بعقد اجتماع بين مسئولين أمريكيين وممثلين عن «حماس» فى الدوحة، فيما قال مسئول إسرائيلى آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه «إذا تمكن ترامب من الإفراج عن الرهائن الأمريكيين، دون الإسرائيليين، فقد يتسبب ذلك فى إحراج نتنياهو داخلياً».

وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن المحادثات الأمريكية مع «حماس» فى الدوحة ركزت بشكل أساسى على تأمين الإفراج عن المحتجز الإسرائيلى الأمريكى «إيدان ألكسندر»، الذى يُعتقد أنه المحتجز الإسرائيلى الوحيد الذى لا يزال على قيد الحياة، بالإضافة إلى استعادة جثث 4 آخرين من الإسرائيليين الأمريكيين، وهم «إيتاى تشين، وعومر نيوترا، وجاد حغاى، وجودى وايتستين»، الذين تم اختطافهم خلال هجوم «طوفان الأقصى»، الذى شنته «حماس» على مستوطنات غلاف غزة، فى السابع من أكتوبر 2023، وبينما أقر الرئيس ترامب بإجراء مفاوضات مباشرة مع «حماس» فقد أكد أن الولايات المتحدة تتحدث أيضاً مع الحركة الفلسطينية بشأن المحتجزين الإسرائيليين.

وبحسب «واشنطن بوست» فإن أعداد المحتجزين الذين ما زالوا على قيد الحياة لدى حركة «حماس» والفصائل الأخرى فى قطاع غزة، تقدَّر بنحو 24 شخصاً، إضافة إلى جثث 34 آخرين لقوا مصرعهم أثناء هجوم 7 أكتوبر 2023، أو أثناء احتجازهم، نتيجة القصف الإسرائيلى على قطاع غزة. وبعد لقاء قصير مع مجموعة من المحتجزين، الذين تم الإفراج عنهم مؤخراً، فى البيت الأبيض، كتب الرئيس الأمريكى عبر منصة «تروث سوشيال»، المملوكة له، إنه «يجب الإفراج عن جميع الرهائن الآن وليس لاحقاً»، وجدَّد «ترامب» تهديداته لـ«حماس» بقوله: «سيكون هناك جحيم يجب دفع ثمنه إذا لم تفعل ذلك».

وأثارت التقارير حول عقد مفاوضات مباشرة بين إدارة ترامب وحركة «حماس» ردود فعل متباينة، فبينما قال السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام، فى تصريح لشبكة «فوكس نيوز» الأمريكية: «أنا أثق فى ترامب»، رأى بعض المحللين أن «القرار قد يضر بإسرائيل». وقال كوبى مايكل، الرئيس السابق لقسم الشئون الفلسطينية فى وزارة الشئون الاستراتيجية الإسرائيلية والباحث البارز فى معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب: «أى مفاوضات، خاصة المفاوضات المباشرة، تمنح حماس مساحة أوسع للمناورة، وتُضفى عليها شرعية، علاوة على ذلك تتيح لحماس استغلال الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة».

ترامب: المفاوضات تشمل جميع المحتجزين

وعلى مدار عقود، تمسكت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بسياسة «غير رسمية» تمنع الدخول فى مفاوضات مباشرة مع «الجماعات الإرهابية»، وعادةً ما كان يتم تطبيق هذه القاعدة بشكل «أكثر صرامة» عندما يتعلق الأمر باختطاف مواطنين أمريكيين، ويعود تاريخ هذه السياسة إلى عام 1973، عندما احتجزت إحدى الجماعات الفلسطينية اثنين من الدبلوماسيين الأمريكيين، ضمن مجموعة أخرى من الرهائن، فى العاصمة السودانية الخرطوم، وأعلن الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت، ريتشارد نيكسون، أن الولايات المتحدة ترفض الاستجابة لمطالب الخاطفين، واعتبر أن ذلك سيكون بمثابة «رضوخ للابتزاز»، ولكن فى اليوم التالى، تم قتل الرهائن.

وأشارت «واشنطن بوست» إلى أنه فى واقع الأمر كانت هذه السياسة تتسم بقدر من المرونة، حيث قادت إدارة رونالد ريجان مفاوضات مع إيران للإفراج عن مجموعة من الرهائن تم احتجازهم فى هجوم على السفارة الأمريكية فى طهران عام 1979، كما دخلت إدارة باراك أوباما فى مفاوضات مع حركة «طالبان» الأفغانية، للإفراج عن الجندى الأمريكى، بوى بيرجدال، الذى كان محتجزاً لدى جماعة «حقانى»، التى كانت تصنفها الولايات المتحدة «منظمة إرهابية» حليفة لحركة «طالبان»، كما تم الخروج عن هذه السياسة فى بعض الحالات التى لا تشمل رهائن أمريكيين، منها موافقة الرئيس بيل كلينتون على منح تأشيرة لجيرى آدامز، زعيم حزب «شين فين» والقيادى البارز فى «الجيش الجمهورى الأيرلندى»، فى عام 1994، رغم قيود قانونية ظل معمولاً بها لنحو 20 عاماً، تحظر منح تأشيرات لأى شخص مرتبط بـ«جماعة إرهابية».

من جانبها، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، فى تقرير لها، إلى أنه رغم أن أول مفاوضات مباشرة بين واشنطن و«حماس» لم تُسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، إلا أن مسئولين أمريكيين يعتبرونها خطوة واعدة نحو فتح قنوات اتصال مع الحركة الفلسطينية، فى سياق الأزمة الإنسانية العميقة التى خلفتها الحرب، ومع تصاعد الضغوط الدولية على الجانبين، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن المفاوضات كانت ضرورية، فى إطار السعى لتحقيق المصالح الأمريكية، وحماية أرواح المواطنين الأمريكيين.


مواضيع متعلقة