عائد من سجون الميليشيات بالسودان: مصر لا تتخلى عن أولادها.. وأشكر الرئيس السيسي

عائد من سجون الميليشيات بالسودان: مصر لا تتخلى عن أولادها.. وأشكر الرئيس السيسي
وسط معارك دامية بين الجيش السوداني والميليشيات المسلحة في مختلف أنحاء السودان الشقيق، شاء القدر أن يُحاصَر مجموعة من المصريين بالقرب من العاصمة الخرطوم في أحد المباني السكنية لعدة أيام، قبل أن تسيطر الميليشيات على منطقتهم بالكامل وتلقى بهم في أحد المعتقلات غير الآدمية.
بدأت رحلة مجموعة شباب من أبناء محافظة الفيوم منذ 20 عاما في مجال التجارة والاستيراد والتصدير للأدوات المنزلية ومستلزمات المعيشة، وكان الطريق من مصر للسودان هو طريقهم المعتاد ينقلون البضائع المحلية والمستوردة من القاهرة إلى الخرطوم، واستمر عملهم حتى بعد بدء حرب السودان بـ 40 يوما، إلى أن تحوَّل السودان إلى ساحة معارك ساخنة ومنطقة صراع غير صالحة للعيش الآمن.
بداية رحلة شباب الفيوم إلى السودان
أصبح مصير الشباب المصريين مجهولا بالنسبة لذويهم، الذين سرعان ما اتجهوا إلى وزارة الخارجية يطلبون النجدة والغوث لإحضار أبنائهم من أرض المعركة، ولكن الميليشيات كانت تعلم جيدا اهتمام وسرعة تحرك الدولة المصرية من أجل أبنائها، فكانت خطتها هي الإخفاء والتنقل المستمر لإطالة مدة اختطافهم.
ويحكي المحاسب أحمد عزيز مصري- 44 عاما، ابن محافظة الفيوم وأحد المحتجزين السابقين- المعاناة التي شهدها قائلا: «منذ عام 2004 وأنا أعمل بالتجارة مع أبناء قريتي وأقاربي في الخرطوم، إلى أن قامت المعركة وتحوَّل السودان إلى كتلة نار ونحن داخلها وتم القبض علينا جميعا من بيت سكني وألقوا بنا في أحد المعتقلات ومنها إلى عدة سجون وسط سوء معاملة لم نعرفها من قبل، وكأنهم يريدون إخفاءنا عن الأعين ومنع ترصدنا أو معرفة مكان احتجازنا واستمر الحال لمدة 21 شهرا لا نعرف مصيرنا ولكن كان أملنا في الله وفي دولتنا كبيرا وكنا على يقين أنه سيأتي يوم ونعود لوطننا».
قبل الخروج من سجن الميليشيات المسلحة
«دخل علينا أحد القادة الكبار في محل سجننا وسلمنا هاتفا محمولا قال إنه من القيادة السياسية المصرية، وتحدثت خلاله مع مسؤول مصري وسألني عدة أسئلة شخصية حتى تأكد من شخصيتي ومن معي، وطمأننا بأن خروجنا منتهي، وخلال أسابيع ستكون عودتنا للقاهرة، وتلى ذلك مكالمات مستمرة للاطمئنان علينا، ولم تمضِ هذه الأيام كغيرها بل كانت أطول فترة قضيتها وأنا أنتظر الخروج بعدما عرفت أن الدولة المصرية قد عرفت مكان احتجازنا بالتفصيل وعادت لنا الحياة من جديد، وفي صباح يوم خروجنا أخرجونا لطريقنا وتسلمنا بعض المسؤولين عنا وتم نقلنا إلى السفارة المصرية في بورسودان»، هكذا قال أحمد عزيز في حديثه لـ«الوطن».
ويستكمل حديثه قائلا: «منذ أن وصلنا السفارة المصرية في بورسودان ورأينا العلم المصري سجدنا شكرا لله بعد ما عرفنا طعم الأمان والسلام من جديد وشعرت إنه يوم ميلادنا من جديد، لأننا كنا في تعداد المفقودين، وكان في استقبالنا طاقم كامل مجهز على أعلى مستوى بالدعم الطبي والصحي والنفسي، خاصة إننا كنا خارجين في حالة سيئة جدا، قدموا لنا كل اللى كنا محتاجينه لحد ما حالتنا النفسية والصحية أصبحت مستقرة وشكلنا مناسب لأن أهلنا هيكونوا في استقبالنا، وحجزوا لنا على مصر للطيران».
ميليشيات بلا دين ولا معتقدات ولا وطن
وأضاف عزيز مصري: «الميليشيات الموجودة في السودان هي أبشع ما يمكن تخيله، وعبارة عن عصابات لا أصل ولا معتقدات دينية أو أخلاقية أو إنسانية لديهم، وعاملونا معاملة سيئة للغاية، ولكن بفضل الله ودعم القيادة السياسية خرجنا ورجعنا وطننا وكنا في استقبالنا كل أجهزة الدولة في المطار، ووصولنا لحد منازلنا وعرضوا كل خدمات الدعم الطبي لنا».
«إحنا 7 من الفيوم وكان أكبر من 3 وأصغر من 3 أفراد أكبرنا كان عنده 57 سنة وأصغرنا 35 سنة منهم أشقاء وجيران و3 من محافظات أخرى، وكلنا كان حلمنا نشوف أولادنا، وبمجرد ما وصلت بلدي وشوفت أولادي بكيت من دموع الفرحة والشوق لأبنائنا وأسرنا وأهلنا»، بحسب عزيز.
ووجَّه أحمد عزيز مصري عبدالقادر رسالة شكر خاصة قائلا: «كنت متوقع إن مصر الكبيرة العريقة لن تسمح بضياع أولادها مهما طال الوقت، ومع الوقت اكتشفت إنهم بينقلونا بين 5 سجون لعدم تحديد مكاننا، وعلى مدار الفترة بالكامل تأكدنا أن الدولة كانت تبحث عنا وسط المعارك إلى أن وصلت لمكاننا، ولازم نقدم شكرنا للرئيس عبدالفتاح السيسي وللدولة، على دعمهم واهتمامهم، وحقيقي الدولة المصرية أنقذتنا من قلب النار في السودان، وأي مصري قدامه فرصة سفر أو مسافر بالفعل في دولة وضعها الأمني صعب لازم يرجع ويخليه في مصر ويشتغل هنا».
وأضاف عزيز: «رسالتنا للإعلام الخارجي إن الدولة المصرية قدمت لنا الدعم والاهتمام بشكل أكثر مما نتخيل، ونثق تماما في اهتمام الدولة وحرصها على استعادتنا، ولكن ظروف الحرب كانت شرسة، وكان معانا في السجن جنسيات مختلفة من سوريا واليمن وعدة دول عربية، ومع الوقت وأول ما أتيحت لنا الفرصة الدولة خرجتنا من هناك بالسلامة، بعد أن تحول السودان إلى منطقة منهوبة ومسروقة».
ووجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي باتخاذ كل الإجراءات التنفيذية اللازمة لاستعادة المصريين المختطفين في السودان، وتمكنت الأجهزة المعنية في مصر بالتنسيق مع نظيرتها بـ جمهورية السودان الشقيق من تحرير المصريين المختطفين ونقلهم من مناطق الاشتباكات بوسط الخرطوم إلى مدينة بورسودان وإعادتهم سالمين إلى أرض الوطن.